شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

ساهم/ ي في صياغة المستقبل!

"أحد أهرامات الأغنية الكويتية"... محمود الكويتي وموسيقاه التي تؤذن بحلول العيد

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

ثقافة نحن والتاريخ

الخميس 28 أبريل 202203:26 م

العيد هلّ هلاله... كل الطرب يحلاله

يا ربنا زيد النعم... وحسن جميع الحالة

عيد الوطن يا محلاه... هلّ السعد وياه

هذا اللي نتمناه

نتمنى من الله يعيد الخير... يكثّر ويزيد

الأمل أصبح بالإيد

يا لله يا رب البيت... تحفظ حكام الكويت

والشعب وهم حييت، والعيد هلّ هلاله… كل الطرب يحلاله.

ما إن يصدح صوت الفنان محمود الكويتي بهذه الأغنية الخالدة حتى يشعر الكويتيون بحلول العيد، عيد الفطر أو عيد الأضحى أو حتى العيد الوطني للكويت.

ليس بالعيد وحده يرتبط صوت محمود الكويتي بل بالعديد من الذكريات المهمة لدى الكويتيين، فهو صاحب الأغاني التراثية والوطنية التي يرون فيها أصالة الكويت وعراقة ثقافتها. وعلى الرغم من اشتهار محمود الكويتي بفن الصوت والسامري، وهو لون فني شعبي فلكلوري من الشعر النبطي رائج في دول الخليج، فقد كان سبّاقاً إلى الأغنية المتطوّرة وبات رائداً في هذا المجال.

فنان بحكم القدر 

في حين أن تاريخ ميلاده غير مؤكد، فأغلب الظن أنه من مواليد عام 1910 في شرق الكويت، وأنه بدأ الغناء وله من العمر 20 عاماً إذ كان للموسيقى الخليجية والعدنية أكبر الأثر في تشكيل موهبته وصقلها. اسمه الكامل محمود عبدالرزاق علي النقي. وله شقيقان فنانان هما صالح ويعقوب، وابن واحد يُدعى عبدالرزاق وثلاث بنات.

تعلّم الغناء والعزف عن طريق الملاحظة والممارسة وانطلقت شهرته من مومباي… محمود الكويتي أحد أهم أهرامات الأغنية الكويتية وصنّاع مجد الأغنية الطربية الذي ترك ثروة فنية من السامريات والأغاني التراثية والعاطفية

بالبحث في بداياته الفنية، يتضح أنه دخل الفن صدفةً أو بحكم القدر إذ كان جاراً للفنانين الكبيرين الأخوين خالد ويوسف البكر. وكان لشدة حبه للغناء والموسيقى يعطيهما السجائر من محل والده بسعر أقل أو مجاناً مقابل تعلّم مبادئ الغناء والتلحين على أيديهما وعن طريق الملاحظة والاستماع والممارسة.

ولفرط تعلقه بالفن، غيّر محمود الكويتي نشاطه التجاري الذي ورثه عن والده من بيع التبغ إلى بيع وتصليح الآلات الموسيقية، وبخاصة العود.

وخلال عمله على ظهر سفينة تتنقل بين البصرة العراقية وبومباي الهندية، سجّل محمود الكويتي عام 1929 عشراً من الإسطوانات كانت سبباً في بداية شهرته.

وكانت أولى الإسطوانات التي سجّلها في بومباي "يا حمام"، ومن بعدها "البوشية" و"شقول يا أهل الهوى" و"يا الله تجبر خاطري المكسور". لكن "متى يا كرام الحي" هي التي حققت أعلى شهرة آنذاك.

مقتدياً بعزف رياض القصبجي، تتلمذ محمود الكويتي على أيدي فنانين مخضرمين من أمثال خالد ويوسف البكر وناصر وإبراهيم اليعقوب وعلي الناهض ومحمد بن سمحان وغيرهم.

في غضون سنوات قليلة، لمع نجم محمود الكويتي فأصبح أحد أفراد أول فرقة موسيقية للإذاعة الكويتية فور افتتاحها عام 1951، وبات علامةً مميزة للحفلات الساهرة الكبرى بالكويت في مختلف المناسبات الوطنية. وكان يلحن الأغاني للفنانين العرب الذين يزورون الكويت للمشاركة في إحياء الحفلات الوطنية.

وكان له نصيب لافت من الأغاني العاطفية الناجحة، منها: "جلا بالكاس"، و"والله عجبني جمالك"، و"حرك شجوني"، و"يا عوني"، و"سلمو لي على اللي حبهم بالضمير".

وعن جملة أغنياته، صنّفته وزارة الإعلام الكويتية مطرباً وملحناً من "الدرجة الممتازة أ"، مع الفنانين الكبيرين سعود الراشد وعوض دوخي.

ويتفق الكثير من النقاد والفنانين على أن محمود الكويتي هو أحد أهم أهرامات الأغنية الكويتية ومن صنّاع مجد الأغنية الطربية في البلد الخليجي، وصاحب بصمة مميزة على جبين الأغنية الكويتية.

منذ عقود، تحتفظ أغنية "العيد هلّ هلاله"، من تلحين محمود الكويتي وغنائه، بمكانتها كأغنية رسمية للأعياد في الكويت. البعض يعزو ذلك لبساطة الكلمات واللحن، وآخرون لأنها "أول عمل خاص لمناسبة العيد"

بهجة الأعياد

بالعودة إلى "العيد هلّ هلاله"، التي ألّفها إبراهيم السديراوي ولحنها محمود الكويتي، فقد احتفظت منذ إطلاقها في ستينيات القرن الماضي إلى اليوم بمكانتها كأغنية رسمية للأعياد في الكويت.

البعض يعزو ذلك لبساطة الكلمات واللحن، وآخرون يرون في احتفاظها بالهوية والطابع الكويتي الأصيل عاملاً قوياً لبقائها. وقد أعاد التلفزيون الكويتي تصويرها بالألوان لتظل محتفظة برونقها وقدرتها على نشر البهجة في نفوس الكويتيين. علماً أن موسيقاها ليست صاخبة.

وبحسب الموسيقار الكويتي سليمان الديكان، فإن "العيد هلّ هلاله" هي "أول عمل خاص لمناسبة العيد" و"لم يقدم بعدها أي لحن يخص تلك المناسبة، إلا محاولات محددة".

وكانت جلسة محمود الكويتي الشهيرة، وهو بنظارته والبالطو الأزرق، ممسكاً العود، ومن حوله أفراد فرقته، أحد ملامح الأعياد والمناسبات المهمة في الكويت. واعتاد التلفزيون والإذاعة الكويتيان بث الأغنية بانتظام في فترات الأعياد.

ألمت به وعكة صحية شديدة عام 1973، وتركت أثراً عليه حتى قضى في 16 تموز/ يوليو عام 1982، وفي رصيده بين 500 و 1000 لحن وأغنية تمثّل ثروة فنية للمكتبة الإذاعية والتلفزيونية الكويتية. علماً أن محمود الكويتي ظلّ يغني حتى الأيام الأخيرة من حياته، وسجّل آخر أغنياته "روح دور بدالي" قبيل وفاته.

رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

‎من يكتب تاريخنا؟

من يسيطر على ماضيه، هو الذي يقود الحاضر ويشكّل المستقبل. لبرهةٍ زمنيّة تمتد كتثاؤبٍ طويل، لم نكن نكتب تاريخنا بأيدينا، بل تمّت كتابته على يد من تغلّب علينا. تاريخٌ مُشوّه، حيك على قياس الحكّام والسّلطة.

وهنا يأتي دور رصيف22، لعكس الضرر الجسيم الذي أُلحق بثقافاتنا وذاكرتنا الجماعية، واسترجاع حقّنا المشروع في كتابة مستقبلنا ومستقبل منطقتنا العربية جمعاء.

Website by WhiteBeard
Popup Image