شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

انضمّ/ ي إلى ناسك!
الفنانة الكويتية شروق أمين لرصيف22:

الفنانة الكويتية شروق أمين لرصيف22: "يتهمونني بأنني أشيع الرذيلة والخطيئة، وهذا نقيض ما أقوم به"

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

ثقافة

الجمعة 11 فبراير 202210:56 ص

كان "فينيس بينالي" حلمها ووجهتها، فحققته بعد أن وهبت حياتها للفن. تمت محاربتها في بلدها الأم، كما تم إغلاق المعارض التي أقامتها، والتحقيق معها، بحجة أن لوحاتها مخلة بالآداب وجريئة أكثر مما ينبغي. لكن الدكتورة شروق أمين التي دمجت الفن التشكيلي بالشعر تحلّق اليوم عالمياً، ولا تتوقف عن سبر الجديد في عالم الفن.

درست شروق أمين، وهي فنانة تشكيلية كويتية، الأدب الإنكليزي في الكويت، ثم الماجستير في الأدب الحديث في جامعة كينت 1989، ومن ثم شهادة الدكتوراة في الكتابة الإبداعية في كلية وارنبورغ عام 2007، وتعمل في مجال الفن منذ أكثر من ثلاثين عاماً.

درست شروق أمين، وهي فنانة تشكيلية كويتية، الأدب الإنكليزي في الكويت، ثم الماجستير في الأدب الحديث في جامعة كينت 1989، ومن ثم شهادة الدكتوراة في الكتابة الإبداعية في كلية وارنبورغ عام 2007، وتعمل في مجال الفن منذ أكثر من ثلاثين عاماً.

"بالنسبة لي كانت الدراسة في الخارج هدفاً، لأنني كنت أريد الحرية، والتحرر من المجتمع الذي وجدت فيه الكثير من النفاق الاجتماعي، والذي بدأ بالتأثير على حياتي، أنا التي اخترت أن أعيش بشفافية، من دون أن أخفي من أنا أو أتستر وراء ما يريده المجتمع"؛ هكذا بدأت أمين أولى خطواتها نحو الحرية، حسب حديثها إلى رصيف22.

وأوضحت: "أبتُعِثتُ إلى بريطانيا لدراسة الأدب الإنكليزي، ولكنني فنانة وأحب الفن، لذلك دمجت دراسة الفن والشعر في شهادة الدكتوراه، وهو مجال ليس شائعاً، فلا أحد كان يرى الفن مهنةً في التسعينيات من القرن الماضي، حتى أننا درسنا الفن في المدارس كمادة ترفيهية، فدرست العلاقة بين القصيدة واللوحة، وعدت بعدها للتدريس في وحدة اللغة الإنكليزية في كلية إدارة الأعمال في جامعة الكويت. ولأنني فنانة قبل أن أكون أكاديميةً، عندما أُتيحت لي الفرصة للتقاعد للتركيز على فني بنسبة 100%، قمت بذلك مباشرة، وذلك قبل سنوات عدة".

تكتب شروق أمين وتنشر الشعر باللغة الإنكليزية التي تراها الأقرب إلى قلبها: "أعرف أن هناك روائع من الشعر باللغة العربية، ولكنني للأسف لا أفهمها جميعها، فأقرأ ترجماتها إلى اللغة الإنكليزية. أحب الشعر الذي يحثني على التفكير، وأن تكون القصيدة غير متوقعة، سواء أكانت جميلةً أو مخيفةً أو غريبة. ثمة شيء يجعلني أفكر بعد الانتهاء من القصيدة، وكذلك بالنسبة إلى اللوحة".

المنع ليس حلاً

في ردها على سؤال حول ما إذا كانت تتحدى تابوهات المجتمع، قالت: "أنا أحب تناول الموضوعات التي لا يريد أحد الحديث عنها، وكل ما أتناوله في لوحاتي موجود في مجتمعاتنا: الجنس، والنفاق الديني، والنفاق الاجتماعي، والسرقة، وخيانة الأزواج والزوجات، والعنف والضرب، وإدمان الكحول والمخدرات، ولكن المجتمع يريد أن يدفن رأسه في التراب، ولا يريد أن يرى المشكلات، ولا إيجاد الحلول لها، إذ هو ينكر وجودها".

وتضيف: "يتهمونني بأنني أشيع الرذيلة والخطيئة، وهذا نقيض ما أقوم به، فأنا أكشف عن الأخطاء في المجتمع التي يجب أن نراها ونسلط الضوء عليها ونعترف بها، فالمنع ليس حلاً؛ منع البكيني، ومنع الكحول، ومنع اليوغا... المجتمع يمثّل ويخفي ويكذب، لذا يجب أن نتحدث عنها لنجد حلولاً للمشكلات منها".

شروق أمين لرصيف22: "أنا فنانة مفكرة، وأنتج العديد من الأعمال الفنية، ولي تاريخ طويل في مجال الفن، يجب أن يكون المفكر والفنان هو واجهة الدولة، إلا في الكويت، حيث أنا محاربة وأعمالي ممنوعة"

ممنوعة في الكويت

في العام 2012، تم إغلاق معرض "إنه عالم الرجال" في الكويت، بعد ثلاث ساعات فقط من افتتاحه، إذ قدم إلى المكان رجال من المباحث والشرطة، وبدأوا بإزالة اللوحات عن الحائط، وطردوا كل من في المكان، وأغلقوا الأبواب واستجوبوا شروق أمين. عن هذا تقول: "كنت خائفةً جداً، إذ كانت هذه هي المرة الأولى التي يحدث لي فيها شيء من هذا القبيل، وكنت مصدومةً وأرتجف، فأنا لست سياسيةً، أنا فنانة".

وتضيف: "الإغلاق تسبب في لفت الانتباه إلى المعرض واللوحات، فتحدث عنه الإعلام لأشهر عدة، كما كان هناك تفاعل كبير من أنحاء العالم كافة، منهم الداعمون من فنانين ومتاحف عالمية، ومنهم الكارهون الذين يهددون ويتوعدون".

امتنعت شروق أمين عن العرض في الكويت بعد ذلك، ولكنها عرضت أعمالها في دبي وإيطاليا وبريطانيا وفرنسا والولايات المتحدة، إلى أن عادت في كانون الثاني/ يناير 2020، بطلب من أحد المعارض، لتعرض أعمالها في الكويت تحت عنوان "الدمى الروسية"، وتكرر منع السلطات للمعرض، وتم إغلاقه أمام الزوار. تقول أمين: "أحسّ بحزن شديد، لأنه في البلدان الأخرى يتم تبنّي الفنانين/ ات من قبل الدولة، ومن قبل المنظمات، ويدعمونهم/ ن لأنهم/ ن يمثلون/ ن البلد، ويفتخرون بهم/ ن. أنا فنانة مفكرة، وأنتج العديد من الأعمال الفنية، ولي تاريخ طويل في مجال الفن، يجب أن يكون المفكر والفنان هو واجهة الدولة، إلا في الكويت، حيث أنا محاربة وأعمالي ممنوعة".

تفخر شروق أمين بأنه تم ترشيحها لأكثر من جائزة، وبأنها حاصلة على لقب فنان العام من جوائز المرأة العربية 2013، كما تم اختيارها كواحدة من 46 شخصيةً ملهمةً في الكويت.

في حديثها عن لوحاتها، تقول: "قالوا إن اللوحات إباحية ومخلة بالآداب وضد الإسلام، وهذا كله غير صحيح. لوحاتي تعكس الواقع، وهناك رسالة في العمل الفني، ولا يمكن أخذ اللوحة بما يظهر فيها فحسب. عليهم أن يطلبوا مساعدة النقّاد الفنيين، فأعمالي الفنية تحتوي على العديد من الرموز، وطبقات من الرسائل المتقاطعة، ولا يمكن أن تُفهم هكذا بشكل سطحي، فاللوحة تعكس خلفيتي الثقافية والفنية والأدبية، فحتى عنوان اللوحة يكمل قصة اللوحة، والرسالة التي تحملها".

وتُبيّن الفنانة أمين أن وزارة الإعلام منعت نشر كتاب لناشرة إسبانية حول المؤثرين في المجتمع في الكويت، كجزء من سلسلة كتب لعدد من البلدان في المنطقة، "فاختارتني لأكون إحدى هذه الشخصيات في كتابها، وقابلتني وكتبت المقابلة. عند النشر، طلبت منها وزارة الإعلام إزالة اسمي من الكتاب حتى يُنشر، وهو ما حدث".

التحليق عالمياً

تفخر شروق أمين بأنه تم ترشيحها لأكثر من جائزة، وبأنها حاصلة على لقب فنان العام من جوائز المرأة العربية 2013، كما تم اختيارها كواحدة من 46 شخصيةً ملهمةً في الكويت، في كتاب الشيخة انتصار الصباح. وبيعت لوحتان لها في مزاد كريستيز 2012 و2013 ، كأول فنانة كويتية تباع لوحاتها في هذا مزاد، كما دُعيت للمشاركة في برنامج "هارد تووك" عبر قناة "بي بي سي"، الذي ظهر فيه رؤساء دول، وكبار السياسيين من أنحاء العالم كلها، وذلك للحديث عن فنها والمنع الذي تعرضت له؛ "هذه كلها إنجازات وأنا فخورة بها كفنانة كويتية، وهذا إنجاز للكويت، فالكويت بلد صغير، ولكن بلدي لا يعترف بي ويحاربني، على الرغم من ذلك أنا معروفة على مستوى العالم، ومع هذا، هناك في البلد داعمون لي، وأنا ممتنة لهم، ولكن الأغلبية من الكارهين".

حلم تحقق

في حديثها عن حلمها الذي تحقق، تقول شروق أمين: "عندما كنت في التاسعة من عمري، سألت والدي المرحوم، ماذا يعني "فينيس بينالي"؟ فقال لي إنه مثل حفل جوائز الأوسكار بالنسبة إلى الفنانين التشكيليين، وبقي ذلك هاجساً بالنسبة لي، حتى جاءتني مكالمة في يوم من الأيام، تخبرني بأنه تم اختياري لعرض أعمالي في فينيس بينالي الـ56 في العام 2015، فكان الموضوع صادماً وسعيداً جداً، فحلم الطفولة تحقق، كما أنني أول فنانة كويتية تعرض في هذا المهرجان الفني العريق".

الفنانة الكويتية شروق أمين لرصيف22: "قالوا إن اللوحات إباحية ومخلة بالآداب وضد الإسلام، وهذا كله غير صحيح. لوحاتي تعكس الواقع، وهناك رسالة في العمل الفني، ولا يمكن أخذ اللوحة بما يظهر فيها فحسب"

عالم المستقبل

قبل عام تقريباً، دخلت شروق أمين مجال الفن الرقمي NFT، وهو عالم يحوّل الأعمال الفنية، كالصور ومقاطع الفيديو والصوت، إلى وحدة بيانات مخزنة Non-Fungible أو NFT في (blockchain)، ويمكن بيعها وتداولها، بحيث تظل ملكيته الفكرية للفنان.

عن هذا تقول: "أعطاني هذا العالم الحرية، لعرض لوحاتي في هيئة الـNFT، وعلى مواقع الـNFT. هذا بالنسبة لي كأنني وجدت أوكسجين جديداً كفنانة ممنوعة في بلدي، لأن لا أحد يستطيع إغلاق هذا النوع من المواد أو منعه أو مراقبته، الأعمال الفنية موجودة بصيغة الـNFT على المواقع المخصصة لذلك، ولا أحد يستطيع الوصول إليها أو إغلاقها".

كما تتواجد أمين على مواقع التواصل الاجتماعي بنشاط، وتدير النقاشات، وتنشر صورها وأفكارها، وعن ذلك قالت: "هذه المواقع مهمة بالنسبة لي للوصول إلى متابعين/ ات، وإلى جمهور عالمي، وللوصول إلى أناس يسمعونني قبل أن يسدوا آذانهم. أحب أن أعرض لوحاتي وأتكلم في موضوعات اجتماعية شبه سياسية تخص ثقافتنا، وأحلى شيء في هذه المواقع أنه إذا تعدى عليّ أحد، أمنعه من متابعتي block".

المشاريع المستقبلية

تعمل شروق أمين على أعمال لعرضها في معرض مقبل بعنوان "يريدون الجِمال، أعطيتهم الجِمال". وفي حديثها عنه، قالت: "هو عنوان ساخر يرد على المهاجمين والنقاد الذين يسألون: لماذا لا تعكس أعمالي بيئتنا ومجتمعنا؟ المعرض مكوّن من 16 لوحةً زيتيةً، و66 لوحةً رقميةً NFT"، كما تمت دعوتها للمشاركة في متحف للشرق الأوسط للـNFT.

بالإضافة إلى ذلك، دُعيت شروق أمين للمشاركة في متحف الشرق الأوسط للـNFT، وهي في هذه الأثناء تنتج أعمالاً فنيةً بالصيغة نفسها لمشروع "كيبل"، المحفظة الرقمية، وعلى أعمال جديدة للمشاركة في معرض العام المقبل في برلين، كما أنها تعمل على مشروع معرض في العالم الافتراضي، وتعمل على رسومات لأحد ألعاب الفيديو، وعنه تقول: "متحمسة للعمل على مشروع من هذا النوع، وسعيدة بأن أدخل مجالات جديدةً، وأطور فنّي، وأطور نفسي في المجالات كلها".

إنضمّ/ي إنضمّ/ي

رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

Website by WhiteBeard