شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

ساهم/ ي في صياغة المستقبل!
ماذا يخبرنا الطعام عن حالتنا النفسية وشخصيّتنا؟

ماذا يخبرنا الطعام عن حالتنا النفسية وشخصيّتنا؟

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

حياة

الخميس 28 أبريل 202203:00 م

ينتابني الغضب تارةً ، فأذهب لتناول الطعام بنهم. تارةً أخرى أشعر بالسعادة فلا آكل كثيراً، ولا أميل حينها إلى الأطعمة المالحة أو المحلّاة. أما في لحظات اكتئابي، فينتابني إقبال مفرط على أنواع محددة من الأطعمة.

لماذا تتغير شهيتنا؟ وهل للحالة النفسية دور في اختيارنا للطعام؟ وهل تختلف تفضيلاتنا للطعام تبعاً لشخصيتنا؟

كيف تؤثر الحالة النفسية على اختيار الطعام؟

ليست الحالة النفسية ثابتةً عموماً، فاليوم قد تحلق في سماء من السعادة، أما غداً فقد يصيبك الغضب أو الحزن أو الاكتئاب، سواء لسبب واضح أو من دون أي أسباب، فينعكس ذلك على رغبتك في تناول الطعام تبعاً لحالتك المزاجية.

يكون الأكل أحياناً وسيلةً للمكافأة والإشباع الذاتي، لأن تناول الطعام مرتبط بإنتاج الدوبامين، وهو هرمون مسؤول عن تنشيط مراكز السعادة والمكافأة في المخ، لذلك قد تجد شخصاً مقبلاً على تناول طعام محدد في أوقات حزنه، وطعام آخر عند توتره، لأن هذا الطعام يمنحه بعض المشاعر الإيجابية كأن:

• يوفر له السعادة الفورية والمؤقتة.

• يوازن هرموناته الداخلية.

• يقلل من وطأة التوتر أو الموقف العصيب الذي يمر به.



يميل بعض الأشخاص إلى تناول أطعمة محددة وبكميات كبيرة في فترات السعادة، في محاولة منهم لمكافأة الذات على ما أنجزوه، الأمر الذي يسبب السمنة أحياناً، خصوصاً إذا كانت الأطعمة غير صحية.

تقول أشرقت، وهي مترجمة تبلغ من العمر 27 سنةً، إنها تفضل تناول الطعام عندما تكون سعيدةً، تحديداً الأطعمة السريعة والمليئة بالدهون، أما في حالات الحزن فهي لا تتناول أي طعام لأن القولون العصبي يكون في أشد توهّجه، فلا تتمكّن من تناول غير أطعمة بسيطة لا تزيد من حدة مرضها، حسب ما تخبر رصيف22.

أما رنا، وهي طالبة في العشرين من عمرها، فتقول إنها تفضّل النكهات الحلوة كالشوكولا والعصائر في أوقات حزنها، وتتناول في فترة الاكتئاب والضيق كميات أكبر من الطعام، على عكس رغبتها وقت سعادتها الذي لا تميل خلاله إلى الأكل كثيراً.

يميل بعض الأشخاص إلى تناول أطعمة محددة وبكميات كبيرة في فترات السعادة، في محاولة منهم لمكافأة الذات على ما أنجزوه

الحالة المزاجية والسمنة

تتبدّل ذائقة الفرد وقدرته على الإحساس بأنواع الطعام تبعاً للاضطراب النفسي الذي يمر به:

1. يختلف الحد الأقصى للشعور بمذاق الأكل عندما تتغير الحالة النفسية، فمن يعاني من اضطرابات في الحالة المزاجية كالاكتئاب، يكون شعوره بالأطعمة الحلوة أقل من شعوره بها في الحالة الطبيعية، أو أقل من قدرة تذوق الأشخاص الآخرين. أما إذا كان الشخص في مرحلة متطوّرة من الاكتئاب، ففي الغالب يكون إحساسه قليلاً جداً بالنكهات كافةً، خصوصاً الحلويات.

2. من يعاني من اضطرابات الهلع مثل القلق، يكون معدّل إحساسه بالأطعمة المُرة أو المالحة أقل، وذلك بسبب النواقل العصبية التي تسري في جسده في ذلك الوقت، إذ يكون هرمون النورأدرينالين هو المهيمن في فترات القلق والتوتر، وهو مرتبط بالحد الأقصى لقدرتنا على تذوق الأطعمة الحامضة والمرة. 



تشير الأبحاث إلى أن تناول الطعام الناتج عن التغيرات العاطفية يؤدي إلى تغيير اختيارنا لنوع الطعام وكميته، ما قد يؤدي إلى الشراهة ومن ثم الإصابة بالسمنة.

يرتبط انتقاء الأفراد أطعمةً محددةً دون غيرها، بكونها تنشّط مراكز المكافأة داخل المخ لإنتاج الدوبامين، فالأطعمة ذات النكهات القوية والجذابة تثير مراكز الشهية في المخ، وهي مراكز السعادة والمكافأة نفسها التي تنشط في حالة الإدمان! لذلك فإنّ الإفراط في الطعام خلال الأزمات النفسية والعاطفية قد يتحول إلى إدمان.

عندما يحلّ الطعام مكان المهدّئات 

لعلك تتساءل: لماذا ننجذب تحديداً إلى الأطعمة غير الصحية والغنية بالدهون المشبعة كالبرغر، والجبن، وغيرها من الأطعمة السريعة، والسكريات؟ ذلك لأنها تعمل كمخدّر سريع لآلامنا، وتمنحنا شعوراً فورياً بالسعادة وتخفّف القلق والتوتّر، لهذا يلجأ إليها الأفراد عند تغير حالتهم المزاجية، وقد لا يتعلق الأمر بحاجتهم الفيزيولوجية، إذ إنهم قد لا يشعرون بالجوع مطلقاً، إنما هي رغبة نفسية في الأكل حتى في حالة الشبع.

تخبرنا إسراء (31 سنةً)، وهي ربة منزل، بأنها لا تجد مفراً من متاعب الحياة ومشكلات الأطفال إلا بالطعام، فتَناولُه يقلل من الضغوط والأعباء المُلقاة على كاهلها.

 لماذا ننجذب تحديداً إلى الأطعمة غير الصحية والغنية بالدهون المشبعة كالبرغر، والجبن، وغيرها من الأطعمة السريعة، والسكريات؟ ذلك لأنها تعمل كمخدّر سريع لآلامنا

ما علاقة اختيار أنواع الطعام بالشخصية؟

لكل شخصٍ طعامه المفضّل، سواء كان حلواً أو مراً أو حامضاً أو حاراً... كل نوع يخبرنا عن طبيعة شخصية مختلفة، فبحسب اختلاف أطباعنا نختار ما يدخل إلى بطوننا.

تقسم إحدى الدراسات الأشخاص، تبعاً لحاسة الذوق لديهم، إلى ثلاثة أنواع:

1. المتذوق الفائق: غالباً ما يجد هذا الشخص أن القهوة والملفوف مثلاً، في غاية المرارة ولا يحتمل مذاقهما. يُطلَق عليه لقب "صاحب البصيرة" الذي يتبع إلهامه الخاص، ويكون أكثر خوفاً وتوتراً وإبداعاً، وأقلّ عرضةً للاكتئاب (انخفاض القدرة على التذوق مرتبط بعدم القدرة على الاستمتاع، وهي من أعراض الاكتئاب).

2. المتذوق المتوسط: قد يجد في القهوة والملفوف بعض المرارة.

3. غير المتذوق: لا يشعر بأي مرارة على الإطلاق من القهوة أو الملفوف، وغالباً يُطلَق عليه لقب "المنظّم الواقعي"، إذ يتّصف بالعملية والهدوء.

أما الشخص الذي يعشق الأطعمة المُرة، فقد يميل إلى المرض النفسي وحتى الساديّة، على عكس عاشق السكّريات الذي يكون إجمالاً أكثر لُطفاً وسلاسةً. 



قسّم العلماء الشخصيات إلى خمسة أنواع رئيسية، ووجد أن لكل شخصية طعامها المفضل وعاداتها الغذائية الخاصة ومنها:

1. الشخصيات المنفتحة اجتماعياً Extroverts: يميل هؤلاء الأشخاص إلى تناول الأكل الحلو، والمالح، واللحوم، والمشروبات الغازية.

2. الشخصيات الودودة: يتصف هؤلاء الأشخاص بالتعاطف واللين ويقللون من تناول اللحوم.

3. الشخصيات المنفتحة على التجربة: هذا النوع من الشخصيات يفضّل تناول الفاكهة، والخضروات، والسلطة.

4. الشخصيات العصبية والحساسة هم الأكثر ميلاً إلى اختيار الأطعمة غير الصحية، ويندفعون تجاه تناول كميات كبيرة من الطعام المالح أو الحلو وفقاً لحالتهم العاطفية.

5. الشخصيات المجتهدة الواعية conscientious: يفضّلون تناول الفاكهة والأكل الصحي، ويقللون من تناول اللحوم، والحلويات، والأطعمة المالحة. 

  


رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

Website by WhiteBeard
Popup Image