اُفتُتِح مهرجان الفيلم العربي في برلين (الفيلم)، في نسخته الثالثة عشرة باللغات العربية والإنجليزية والألمانية، بعرض فيلم ريش للمخرج المصري عمر الزهيري، في أجواء حافظت على التباعد وارتداء الكمامات تبعاً للإجراءات المفروضة في مواجهة جائحة كورونا التي أثرت على سير عمل المهرجان العام الماضي، فتحوّل إلى منصات الإنترنت على غرار أغلب المهرجانات والفعاليات الثقافية في أنحاء العالم العام الفائت.
تنظم المهرجان مؤسسة مكان ومركز فنون الفيلم والثقافة العربية. ويعتبر هذا المهرجان الأكبر من نوعه في ألمانيا، وتستضيف عروضَه قاعات سينمائية مهمة في برلين مثل أرسنال وسيتي كينو فيدينغ، كما أنه عضو مؤسس في شبكة فستيفلت المستقلة للمهرجانات السينمائية في برلين.
"استطاع المهرجان الاستمرار 13 عاماً من دون انقطاع. في فترة الجائحة تحول إلى منصات الإنترنت. نحن سعداء جداً بأننا سنكون هذا العام مع جمهور السينما وجمهور مهرجان الفيلم العربي في برلين، بعدما تمكنا من العودة إلي المضمار الثقافي البرليني" قالت الدكتورة نجاة عبد الحق، المتحدثة الرسمية للصحافة العربية في المهرجان.
مهرجان جماهيري
خلال حديثها مع رصيف22 أكدت عبد الحق أن المهرجان استطاع تحقيق الأهداف التي أُنشئ من أجلها: "أصبح المهرجان في عداد الفعاليات العربية الثقافية الأساسية في برلين، وهو يصل إلى الجمهور العربي والجمهور الألماني والأجنبي والدولي المقيم في برلين. وهذا هام جداً. كما تمكن المهرجان من الوصول إلى جميع صانعي الأفلام العربية، إذ نعرض كل عام باقة جديدة من الأفلام التي صنعت في العالم العربي للجمهور البرليني".استطاع المهرجان الاستمرار 13 عاماً متتالية، ويعتبر الأكبر من نوعه في ألمانيا، وتستضيف عروضَه قاعات سينمائية مهمة في برلين، كما أنه عضو مؤسس في شبكة فستيفلت المستقلة للمهرجانات السينمائية في برلين.
تقدم الدورة 13 من المهرجان 45 فيلماً روائياً طويلاً ووثائقياً وقصيراً من الصومال، المغرب، فلسطين، اليمن، الجزائر، مصر، لبنان، المغرب، سوريا، الأردن، العراق، ليبيا، قطر، السودان. غالبيتها تلقي نظرة ناقدة على الأوضاع السياسية والاجتماعية المعاصرة في البلدان العربية، وعلى قضايا الهوية وعلاقتها بالهجرة.وأشارت إلى أن المهرجان ركيزة هامة في هذه الساحة لأنه للجمهور وليس مهرجان جوائز. وأضافت: "هو مهرجان موجه للجمهور العام، وليس للمختصين فقط، كالمهرجانات المعروفة الأخرى في أوروبا. وتكمن أهميته في أنه يقدم مجموعة أفلام لا بأس بها لا يمكن عرضها في صالات السينما في العالم العربي، فقد شكّل المهرجان في برلين مساحة لجميع الأفلام التي قد لا تجد طريقها للجمهور في العالم العربي ولكنها تصل إلى الجمهور العربي في برلين إلى جانب الجمهور الألماني والأجنبي والدولي الموجود في المدينة. لذلك يكوّن هذا المهرجان مساحة حرية قد لا نجدها في سينمات أو مهرجانات العالم العربي".
بقعة ضوء على لبنان
ضمن باقة الأفلام المختارة يعرض المهرجان 24 فيلماً، ويستضيف في فئة بقعة ضوء، 21 فيلماً من لبنان. عن ذلك قالت باسكال فخري، المديرة الفنية للمهرجان: "في بقعة ضوء، نلقي الضوء على موضوع معين في مسار تاريخي معين، وهي هذا العام مسلطة على لبنان تحت عنوان: من الحرب الأهلية إلى الفوضى: سينما المقاومة تحت الضوء، لنعيد لبنان إلى الواجهة ونسلط الضوء عليه في ألمانيا وأوروبا، حيث اختفى الاهتمام به بعد انفجار 4 آب/أغسطس، مع أن الوضع في لبنان سيئ جداً. ولأن التاريخ السينمائي في لبنان غني جداً، وأعمال السينمائيين اللبنانيين تعيد النظر في النقاشات الدائرة حول الحرب الأهلية، منحناه بقعة الضوء لنبين أن هناك دائماً مقاومة لدى المخرجين/ات اللبنانيين/ات ضد الحالة التي يعيشونها، وحتى نستطيع أن نفهم لماذا وصل لبنان إلى ما وصل إليه من خلال هذه الأعمال، عبر إلقاء الضوء على تاريخ البلد وما يحدث فيه عن طريق السينما"."إن التاريخ السينمائي في لبنان غني ، وأعمال السينمائيين اللبنانيين تعيد النظر في النقاشات الدائرة حول الحرب الأهلية، لهذا منحناه (بقعة الضوء) لنبين أن هناك دائماً مقاومة لدى المخرجين/ات اللبنانيين/ات ضد الحالة التي يعيشونها"
سيعرض في هذه الفئة العديد من الأفلام، منها فيلم برهان علوية بيروت اللقاء، من إنتاج عام 1981 تم تصويره في أثناء الحرب الأهلية، وأيضاً فيلم مونيا عقل كوستا برافا من إنتاج عام 2021، وهو يتناول التأثيرات العاطفية والمجتمعية للأزمة اللبنانية المعاصرة على حياة أسرة لبنانية. أما فيلم أرض مجهولة لغسان سلهب، من إنتاج عام 2002 فيناقش ما تعرضت له مدينة بيروت تحديداً من دمار وما عاشته في ظل المشاريع لإعادة إعمارها وكيف ترك ذلك آثاره على حياة سكان المدينة عبر مختلف الأجيال. ويكشف فيلم سيمون الهبر الوثائقي إعادة تدمير، من إنتاج عام 2021، عن الأضرار التي جاءت بها سياسات إعادة الإعمار الفاسدة في بعض الأحياء القريبة من المرفأ.
تمويل مشروط
وتشير فخري خلال حديثها لرصيف22 إلى أن الدعم من الدول العربية للفنون والسينما غائب تقريباً، ولكنه في تطور منذ بداية الألفية الجديدة بوجود صناديق تمويل سينمائية عربية من دبي، وأبوظبي، والبحر الأحمر، والقاهرة، والجونة، إذ حصلت السينما المستقلة على الدعم، إلى جانب الدعم الأوروبي خلال العشرين عاماً الماضية مما ساهم في تطورها في العالم العربي.وتضيف: "لكن الدعم، خصوصاً القادم من أوروبا، جاء بشروط معينة تتعلق بالموضوعات المطروحة في الأفلام وأنواع الأفلام، مما قلل من استقلالية السينمائيين العرب. فحتى وقت قريب، ليس هناك أفلام خيالية كأفلام الرعب، وأفلام العصابات، وأفلام الإثارة. هناك فقط أفلام للواقعية الاجتماعية التي تسلط الضوء على الصعوبات التي تواجه الناس في حياتها من زاوية معينة، فالجهات المانحة ليست مهتمة بأنواع أخرى".
وتواصل فخري: "هناك موضوعات دائماً تلفت انتباه الممولين، كالأزمات والواقع السياسي والحياة الصعبة، فيما لا تحصل بقية الموضوعات على التمويل. مثلاً أفلام الإثارة التي لا تتناول موضوعات سياسية من الصعب أن تحصل على تمويل. فيلم السنة (أوروبا) لحيدر رشيد هو فيلم تشويق سياسي اجتماعي، عن قصة شاب عراقي وصل إلى الحدود البلغارية التركية ويريد أن يمر بالغابة للوصول إلى أوروبا الغربية، ووجد نفسه ملاحقاً من اليمين المتطرف الذي يحاول اصطياده. طوال الفيلم يحاول البطل الهروب ويجد طرقاً لحمايه نفسه. وهو يحكي عن موضوع اجتماعي سياسي مهم يتعلق بخوف اللاجئين والمهاجرين القادمين إلى أوروبا من العنصرية، في جو من التشويق. وهذا أمر جديد للسينما العربية".
المشغل
أُضيف إلى مهرجان هذا العام قسم الأتيليه أو المشغل الذي سيضم ورشة عمل على مدى يومين يناقش فيها سينمائيون/ات عرب/يات في المنفى والشتات العديد من التساؤلات حول الهوية، والوطن، والانتماء، واللغة السينمائية، ونظم الإنتاج، وإمكانات وفرص التمويل في ألمانيا بمشاركة 12 فناناً عربياً في ألمانيا وعدد من خبراء الصناعة السينمائية.يسعى المشغل ليكون مساحة للإنصات وتبادل التجارب وتطوير شبكة للسينمائيين/ات العرب/يات في المهجر، يلتقون خلالها مع خبراء ومنتجين، ويطرحون ويجيبون عن أسئلة تتعلق بهويتهم وتطور هذه الهوية في أوروبا.
تتحدث المديرة الفنية فخري عن المشغل: "تُعقد الورشة في أجواء آمنة، يستطيع المشاركون/ات ضمنها الحديث عن تجاربهم/ن الشخصية واحتياجاتهم/ن لتطوير مشاريعهم/ن والحلول المتاحة للتعامل مع المشاكل والتحديات التي تتعرض لها المشاريع السينمائية قيد التنفيذ، إذ يسعى المشغل ليكون مساحة للإنصات للآخر وتبادل الآراء والتجارب وتطوير شبكة جديدة للسينمائيين/ات العرب/يات في المهجر، سيلتقون خلالها مع خبراء ومنتجين في عالم السينما، ويطرحون ويجيبون عن أسئلة ذات علاقة بهويتهم وتطور هذه الهوية بعد وصولهم إلى أوروبا، وكيف يؤثر ذلك على عملهم السينمائي، وكيف يستطيعون استخدام هذا الجانب في أعمالهم السينمائية التي ينفذونها".
وتكمل: "يهمنا أن يتطور هذا الأمر في الأعوام المقبلة وأن نستطيع أن نقدم لهم/ن آليات ومهارات لتطوير أفلامهم/ن، الهدف أن يكون هناك لقاء للسينمائيين/ات العرب/يات وسوق لهذه الأفلام".
يستمر المهرجان حتى السادس والعشرين من الشهر الجاري في عدد من دور السينما المختلفة في برلين، بالإضافة إلى إقامة ندوات تناقش القضايا المتعلقة بالسينما العربية وسينما المهجر والمشاكل الإنتاجية والفرص المتاحة لصناع السينما العربية.
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
مستخدم مجهول -
منذ يومكل التوفيق ومقال رائع
Ahmad Tanany -
منذ 5 أيامتلخيص هايل ودسم لجانب مهم جداً من مسيرة الفكر البشري
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعلا يوجد اله او شئ بعد الموت
Mohammed Liswi -
منذ أسبوعأبدعت
نايف السيف الصقيل -
منذ أسبوعلا اقر ولا انكر الواقع والواقعة فكل الخيوط رمادية ومعقولة فيما يخص هذه القضية... بعيدا عن الحادثة...
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ اسبوعينمقال بديع ومثير للاهتمام، جعلني أفكر في أبعاد تغير صوتنا كعرب في خضم هذه المحن. أين صوت النفس من...