شاركت ثلاثة أفلام باللغة العربية من إنتاج عربي في مهرجان برلين السينمائي الدولي "برليناله"، في دورته الثانية والسبعين هذا العام (10-20 شباط/ فبراير 2022)، فيما ضمّ برنامج المهرجان أربعة أفلام أخرى ممولةً من دول عربية، وتدور أحداثها في بلدان أخرى خارج المنطقة، وبلغات أخرى غير العربية.
تأتي هذه الأفلام ضمن 256 فيلماً قصيراً وروائياً من الأفلام الخاصة والمتعددة الأشكال والأقسام، كأفلام (المنافسة، لقاءات، برليناله قصير، بانوراما، فوروم، الأجيال، منظور السينما الألمانية، مسلسلات برليناله، كلاسيكيات برليناله)، وتنافست ثمانية عشر فيلماً على جائزة "الدب الذهبي" في ظل أجواء الوباء الذي تطلّب إعادة النظر في مجمل البرنامج وتخطيط الفعاليات من جديد، وسُمح للحاصلين على اللقاح ضد كورونا، أو الذين تعافوا منه، بالدخول إلى قاعات السينما التي أبقت على نصف مقاعدها خاليةً تقريباً.
سيطرت النساء على أبرز جوائز المهرجان الذي منح جائزته الرئيسة لفيلم "ألكاراس" للمخرجة الإسبانية، كاترلا سيمون، والذي يحكي حكاية عائلة مزارعين أربكت الحداثة حياتهم، من بين 18 فيلماً تنافست على "الدب الذهبي"، فيما فازت الممثلة الألمانية تركية الأصل، ملتم كابتان، بجائزة "الدب الفضي" عن دورها في فيلم "رابي كورناز ضد جورج دبليو بوش". كما نالت كاتبة سيناريو الفيلم، ليلى شتيلر، جائزة "الدب الفضي"، أما جائزة "الدب الفضي" لأفضل إخراج فقد فازت فيها المخرجة الفرنسية كلير دينيس عن فيلمها "أفيك آمور إيه إشارنمون (بمحبة وتصميم)" الذي يحكي قصة امرأة تتعرض حياتها للاضطراب بعد ظهور شريك سابق لها مرةً أخرى.
شاركت ثلاثة أفلام باللغة العربية من إنتاج عربي في مهرجان برلين السينمائي الدولي "برليناله"، في دورته الثانية والسبعين هذا العام، فيما ضمّ برنامج المهرجان أربعة أفلام أخرى ممولةً من دول عربية، وتدور أحداثها في بلدان أخرى خارج المنطقة، وبلغات أخرى غير العربية
وسط هذا كله، تأتي المشاركة العربية خجولةً، في ظل انخفاض عدد أفلام المهرجان بنسبة 20% مقارنةً بعام 2020، وشارك كل من المنتج السينمائي التونسي الفرنسي سعيد بن سعيد، والفنان التشكيلي الجزائري البرازيلي كريم عينوز في لجنة التحكيم الدولية التي ترأسها المخرج الأمريكي الجنوب آسيوي إم. نايت شيامالان.
الأفلام العربية
علاقات جنسية مثلية
وأثار فيلم "بشتقلك ساعات" الذي كتبه وأخرجه المخرج المصري محمد شوقي حسن، وهو فيلم مصري-لبناني-ألماني، الجدل لتناوله موضوع العلاقات الجنسية المثلية، والذي يروي قصة المخرج الشخصية مع مغامراته الجنسية، وقد وضعها في إلقاء سردي يشبه "ألف ليلة وليلة"، وفي سياقه يستعرض الفيلم علاقةً بين شابين، تتطور لتكوّن علاقاتٍ متعددةً مع أشخاص آخرين، يتحدثون عن مواعيدهم الغرامية، وانكسار القلب.
عُرض الفيلم للمرة الأولى في المهرجان، ومدّته 66 دقيقةً، وتجري أحداثه كلها في برلين، وتلعب الفنانة دنيا مسعود دور الراوية، ويلعب بطولته أحمد الجندي وسليم مراد وحسن ديب وأحمد عوض الله.
تأتي المشاركة العربية خجولةً، في ظل انخفاض عدد أفلام المهرجان بنسبة 20% مقارنةً بعام 2020.
نسخة محسّنة
أما فيلم بيروت اللقاء الذي أُنتج في العام 1981 من إنتاج لبناني-تونسي-بلجيكي، والذي يحكي حكاية زينة المسيحية من بيروت الشرقية (نادين أكوري)، وحيدر الشيعي من بيروت الغربية (هيثم الأمين)، اللذين يلتقيان عام 1977، بعد سنوات من الفراق للمرة الأخيرة قبل هجرة زينة إلى الولايات المتحدة الأمريكية، وأبقى المخرج برهان علوي طبيعة علاقتهما غامضةً، إذ تتبع الكاميرا الاثنين لمدة 24 ساعةً، يمرّان خلالها بنقاط التفتيش والأطلال، عالقَين في زحمة المرور.
عرض المهرجان النسخة المحسنة من الفيلم 2K الذي أعاد الأرشيف الملكي البلجيكي للأفلام ترميمها كعرض عالمي أول، إذ عُرض للمرة الأولى قبل 40 عاماً في برليناله عام 1982.
مستقبل كارثي متخيّل
يتحدث فيلم "يحدق... لا يرى"، عن سيناريو مستقبلي بائس: هارب من مدينة مصرية غارقة في الفيضانات يروي قصة سيطرة الحكومة والشركات في أعقاب كارثة طبيعية، من خلال المواقف المختلفة والمنعطفات الأيديولوجية والأسئلة المتعلقة بالسيادة الاقتصادية، ويتناول الفيلم مستقبل علاقات البيئيين والحكومات والقطاع الخاص بالبنية التحتية والخصخصة والبيئة والمراقبة والهجرة.
يتخيل كاتب الفيلم ومخرجه محمد عبد الكريم، مستقبلاً كارثياً "متخيلاً تماماً"، ويقول في حديث إلى رصيف22: "الفيلم يتخيل أو يخمّن، لكن العناصر التي يتعامل معها من مكونات سياسية وجغرافية هي عناصر مستمدة من الواقع، لكنه واقع غير محصور في مكان معيّن، فعلى الرغم من أن غالبية التصوير تمت في مصر، لكن عناصر الفيلم غير محصورة في مصر أو في منطقة بعينها، خصوصاً إذا كنا بصدد الحديث عن مستقبل المناخ، أو مستقبل ناشطي البيئة أو الخصخصة أو إخفاقات الأنظمة السياسية، فهي شيء عالمي تماماً، غير محصور في مكان محدد".
أثار فيلم "بشتقلك ساعات" الذي كتبه وأخرجه المخرج المصري محمد شوقي حسن، وهو فيلم مصري-لبناني-ألماني، الجدل لتناوله موضوع العلاقات الجنسية المثلية، والذي يروي قصة المخرج الشخصية مع مغامراته الجنسية، وقد وضعها في إلقاء سردي يشبه "ألف ليلة وليلة"
صوّر عبد الكريم أغلبية المقاطع خلال جائحة كوفيد19، وأكد أنه تم إنتاج الفيلم على مراحل طويلة متقطعة خلال عامي 2020 و2021، ويوضح: "معظم المشاهد التقطتها في مصر من بلكونة منزلي في وسط القاهرة، خلال مراحل تصوير يومية في أوقات مختلفة، وفي منتصف 2020 حصلت على منحة صغيرة من 'مفردات' لإنتاج الفيلم، فبدأت بالكتابة والعمل على مراحل الإنتاج، والعمل مع الممثل المؤدي للصوت بكر محمد علي".
ويختم: "المختلف هو أن هذا الفيلم، جاء للتصوير قبل الكتابة، ومن ثم أصبحت الكتابة موازيةً للمشاهد، وجاء العمل على الفيلم بشكل فردي ككتابة شريط الصوت والمونتاج وإنتاجه، بما أنني أعمل غالباً في سياق الفن البصري، وأنخرط في وسائط متعددة".
بتمويل جزئي عربي
الاحتلال الفرنسي لجزر الهند الغربية
يُعرض فيلم "جزر الهند الغربية" ضمن العروض الخاصة في المهرجان للمخرج الموريتاني-الفرنسي، ميد هوندو، الذي يتناول في فيلمه المنتَج عام 1979، 400 عام من الاحتلال الفرنسي لجزر الهند الغربية، فتتحول المشاهد المسرحية إلى سفينة عبيد تتشابك فيها إفريقيا وأوروبا ومنطقة البحر الكاريبي. ساهم في إنتاج هذا الفيلم المكتب الوطني للسينما الموريتانية، وراديو وتلفزيون الجزائر، وشركة إنتاج الأفلام الإفريقية، ويانيك فيلمز.
يعود هذا الفيلم الكلاسيكي إلى الشاشة الكبيرة في عملية ترميم جديدة، ليروي قصةً بشعةً عن الاستعمار والعبودية والنضال من أجل الاستقلال في جزر الهند الغربية الفرنسية. يسلّط هوندو الضوء خلال 115 دقيقةً على الزواج، والإلغاء، وتاريخ هجرة العمالة إلى فرنسا. مع استعراض مسرحي موسيقي، إذ يتنقل الفيلم بين فترات زمنية مختلفة متناولاً النقاط المرجعية الجغرافية، وتأثير الاغتراب الناتج عن برودة الجو.
معروف أن أعمال المخرج الموريتاني الأصل تجذب الاهتمام الدولي، فقد عُرض عمله الأول الطويل (الشمس) في مهرجان برليناله 1971، وتتناول أفلامه تاريخ القارة الإفريقية وشتاتها.
تكنولوجيا القرن الواحد والعشرين للتواصل
فيلم "أراك الجمعة، روبنسون"، من إنتاج فرنسي-إيراني-لبناني، للمخرجة الإيرانية ميترا فرحاني، ويُعرض على مدار 96 دقيقةً دعت خلالها المخرجة كلاً من المخرج السويسري جان لوك غودار، والمخرج الإيراني إبراهيم غولستان اللذين يجمعهما جيل واحد، ولكنهما لم يلتقيا في الحياة، وهما اثنان من محدّثي الثورة التقنية والسياسية في عالم السينما.
يبدو الاجتماع بين الاثنين صعباً وغير وارد، ولكنهما يبدآن بتبادل رسائل عبر البريد الإلكتروني كل يوم جمعة، لمدة 29 أسبوعاً، ويستخدم فنانان من القرن العشرين، تكنولوجيا القرن الواحد والعشرين للتواصل، ويواجه البطلان الذين يريان الموت احتمالاً ملموساً، ببصيرة حادة وبالدعابة، وكأنهما على جزيرة روبنسون النائية.
توثيق الحياة بالكاميرا
يروي فيلم "نحن طلبة" المنتَج من قبل جمهورية إفريقيا الوسطى، وفرنسا، وجمهورية الكونغو الديمقراطية، والسعودية، هذا العام 2022، قصة أربعة من طلاب الاقتصاد في جامعة بانغي، يبدي أحدهم رغبته في صنع الأفلام ليبدأ في توثيق حياتهم بالكاميرا، إذ يجتمعون بعد المحاضرات، ويتسكعون أمام الجامعة أو في سكن الطلاب، ويتبادلون الأفكار عن مستقبل وطنهم في جمهورية إفريقيا الوسطى، وكذلك عن حياتهم العاطفية والعمل، ويسألون أنفسهم كيف يُفترَض أن تستمر الأمور.
فيلم "نحن طلبة" من كتابة رفيقي فاريالا وإخراجه وتمثيله، ويظهر في الفيلم وهو يدرس على ضوء مصباح الشارع، وينفجر في نوبات عفوية من الرقص، وهو الفيلم الروائي الأول الطويل له، ويسلط الضوء على الحياة اليومية الحقيقية لجيل الألفية في بانغي.
رغم عودة المهرجان هذا العام حضورياً وحصوله على الزخم الذي اعتاد عليه، إلا إنه من الواضح أن وباء كورونا أثر على مستوى المشاركات، وعلى حضور الفنانين والممثلين وأيضاً على كمية الإنتاج السينمائي خلال العامين الماضيين
الحياة في إيران اليوم
يحكي فيلم "حتى الغد" الإيراني-الفرنسي-القطري، للمخرج علي أصغري، حكاية أم عازبة تدرس وتعمل في مطابع في طهران، وتريد الهجرة إلى الولايات المتحدة لأن لديها طفل، خارج منظومة الزواج، يبلغ من العمر شهرين، إلا أنها لا تجد الوقت لحضور دورة اللغة الإنكليزية من أجل ذلك. وعندما أخبرها والداها بأنهما قادمان لزيارتها، كان عليها أن تجد مكاناً لتخفي فيه ابنها لليلة واحدة فقط، وهو ما تحول إلى مهمة صعبة.
بصحبة صديقتها، تجوب "فرشته" المدينة، في ظل خيارات قليلة في مجتمع لا يمنح الجميع الحقوق نفسها، فيتعين على الشابتين أن تبحثا بعناية عن حلفائهما، ويصوّر الفيلم كيفية الحياة في إيران اليوم خارج الهياكل العائلية التقليدية، ومدى تأثير هذه الهياكل في تشكيل المجتمع الإيراني.
رغم عودة المهرجان هذا العام حضورياً وحصوله على الزخم الذي اعتاد عليه، إلا إنه من الواضح أن وباء كورونا أثر على مستوى المشاركات، وعلى حضور الفنانين والممثلين وأيضاً على كمية الإنتاج السينمائي خلال العامين الماضيين، إلا أنه يبقى إقامة المهرجان هذا العام بنجاح هو تحد فاز به القائمون عليه من إدارة وفريق تنفيذي.
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
Mohammed Liswi -
منذ يومأبدعت بكل المقال والخاتمة أكثر من رائعة.
Eslam Abuelgasim (اسلام ابوالقاسم) -
منذ يومحمدالله على السلامة يا أستاذة
سلامة قلبك ❤️ و سلامة معدتك
و سلامك الداخلي ??
مستخدم مجهول -
منذ 3 أياممتى سوف تحصل النساء في إيران على حقوقهم ؟!
مستخدم مجهول -
منذ 4 أيامفاشيه دينيه التقدم عندهم هو التمسك بالتخلف
مستخدم مجهول -
منذ 4 أيامعظيم
Tester WhiteBeard -
منذ 4 أيامtester.whitebeard@gmail.com