لا شك أن ذائقة السياح حول العالم تختلف، ففي الوقت الذي يبحث فيه الكثيرون عن الآثار القديمة والمتاحف والقصور العريقة، يُفضّل آخرون الطبيعة الساحرة وزيارة الشواطئ للاستجمام، وبينما يختار البعض السياحة الدينية وزيارة دور العبادة التاريخية، نجد أن بعض السياح يبحثون عن المغامرة وروح التحدي عبر زيارة الأماكن الخطيرة أو الغامضة ومنها: المنازل والفنادق التي يُشاع عنها كونها مسكونة بالأشباح أو الجن، والتي تحول العشرات منها إلى مزارات سياحية شهيرة يقصدها السياح من مختلف بقاع العالم، وتعد اليابان والولايات المتحدة وإنكلترا، أشهر البلدان التي تحتوي على تلك الأماكن.
أما في الوطن العربي فتوجد العديد من الأماكن الغامضة والموحشة التي يردد السكان المحليون أساطير حولها تربط بينها وبين الجن وأرواح الموتى، غير أنها لا تملك الشهرة التي تؤهلها لتصبح مزارات سياحية عالمية.
ورغم كون مصر واحدة من الوجهات السياحية الأبرز في الشرق الأوسط وإفريقيا واحتوائها على العديد من الفنادق الفخمة والمريحة، إلا أن هناك عدداً من الفنادق التي بُنيت على طراز معماري جميل وتم تجهيزها لاستقبال النزلاء، لكن أحداثاً مأساوية أصابتها وحولتها إلى مبانٍ مهجورة وبيوت أشباح تتناثر حولها الشائعات والأساطير المخيفة التي ينسجها السكان المحليون. ونستعرض في هذا التقرير، أبرز تلك الفنادق المهجورة والغامضة:
فندق سياج بيراميدز... خمس حرائق وأربع جثث
يعد فندق سياج بيراميدز المهجور، الواقع بمنطقة المريوطية في حي الهرم بمحافظة الجيزة المصرية، مصدراً للرعب والفزع بالنسبة للأهالي القاطنين في المنطقة نفسها، والذي يُعتقد في كونه مسكوناً بالأشباح لاسيما بعد وقوع عدد من الجرائم الخطيرة بداخله، أشهرها العثور على جثث لثلاثة أطفال أشقاء مقتولين، والعثور على جثة لص داخل مصعد الفندق.
ويعد فندق سياج بيراميدز الذي يزيد عمره عن ربع قرن من الزمان، مملوكاً لرجل الأعمال وجيه هو إيلاى جورج سياج، وشقيقه رامى إيلاى سياج، وكان قد بُني على طراز معماري فخم واستقبل السياح والنزلاء لعدة سنوات إلا أن تلالاً من الديون تراكمت على الفندق خلال تسعينيات القرن الماضي، فوصلت إلى 630 مليون جنيه، ليتم رهن الفندق أرضاً ومبني، وينتهي الأمر بإشهار إفلاس سياج وإيداع الفندق في التفليسة رقم 318 لسنة 1997.
لكن الأمور لم تقف عند ذلك الحد فقد شهد شهر تشرين الأول/أكتوبر من عام 2014 نشوب خمس حرائق بفندق سياج، كان أكبرها الحريق الذي وقع في ساعة مبكرة من صباح يوم 11 تشرين الأول/أكتوبر والذي امتد إلى 4 طوابق من الفندق, ليتحول إلى مبنى موحش ومخيف تكسوه جدران طبقات الرماد ويخيم عليه الظلام الدامس، وأرجحت الشرطة وقتها أن المتسبب في الحرائق هم المجرمون ومدمنو المخدرات الذين استوطنوا الفندق المهجور، لكن بعض السكان يعتقدون أنه بات مسكوناً بالأرواح الشريرة خصوصاً بعد جرائم القتل التي شهدها، لذا يتجنبون المرور أمامه.
فندق أنكل سام كايرو ولعنة الغرفة المشؤومة
اكتسب هذا الفندق المهجور سمعة مخيفة بين السكان، بسبب الغرفة رقم 110 التي يعتقد الكثيرون أنها غرفة مشؤومة بها لعنة تصيب من يقوم بالدخول إليها، حتى أنها تحولت لمصدر إلهام بعض كتاب الرعب وصناع المحتوى عبر الإنترنت.
يقع الفندق في شارع أبو المحاسن الشاذلي بحي العجوزة في القاهرة، لكنه مغلق منذ سنوات بعيدة بسبب تراكم الديون على مالكه رجل الأعمال فتوح مختار، والتي بلغت قيمتها 57 مليوناً و281 ألف جنيه.
في الوطن العربي توجد العديد من الأماكن الغامضة والموحشة التي يردد السكان المحليون أساطير حولها تربط بينها وبين الجن وأرواح الموتى، غير أنها لا تملك الشهرة التي تؤهلها لتصبح مزارات سياحية عالمية
المخيلة الشعبية للأهالي راحت تنسج الأساطير حول الفندق الذي بات مهجوراً، وتربط بين واقعة وفاة المطرب عماد عبد الحليم في تسعينيات القرن الماضي وبين اللعنة المزعومة للغرفة 110 بالفندق، والذي اعتبرته الشائعات أول ضحايا الغرفة المشؤومة والتي تسببت بشكل أو بآخر في إغلاق الفندق.
وتتناقض أساطير السكان مع الوقائع المثبتة، والتي تؤكد أن المطرب عماد عبد الحليم توفي في تشرين الأول/أكتوبر عام 1995، بعدما عُثر عليه ميتاً على أحد الأرصفة بجوار منزله في شارع البحر الأعظم وبجواره حقنة مخدرة.
عمارة العفاريت... فندق لم يُفتتح وأشباح تطارد السكان
لا يكاد أحد من أهالي الإسكندرية يجهل عمارة العفاريت المسكونة والواقعة في شارع أبو قير الرئيسى بمنطقة رشدى، إلاّ أن غالبية الناس يجهلون أنه كان قد تم ترخيصها لتكون فندقاً، لكن الأحداث الغامضة المنسوبة للأرواح الشريرة وعفاريت الجن حالت دون استقبال النزلاء.
كانت البداية حين بنى رجل يوناني يدعى بارديس، عمارة مكونة من خمسة أدوار ومرأب للسيارات بالشارع الجانبي عام 1961، ولكنه اختفى بشكل غامض خلال رحلة صيد ليباع بعدها العقار إلى تاجر أخشاب مصري، وحصل المالك على ترخيص بالقرار رقم 344 لسنة 1987 لإنشاء فندق سياحى به مركز تجاري.
لكن لم يتم افتتاح الفندق، وعلى مدار سنوات لم ينجح أحد في السكن داخل المبنى بسبب الأحداث المخيفة التي كانت تقع للسكان وتدفعهم للفرار منه، مثل نزول المياه من الصنابير بلون الدم الأحمر، وسماع أصوات غريبة، ورؤية أطياف مخيفة وقط أسود ضخم. ويحكي السكان المحليون أن شيخاً رفض تصديق وجود أشباح بالمنزل، وأنه أقام به وظل أسبوعاً كاملاً يقرأ القرآن بداخله، ولكن خلال اليوم الثامن وجد نفسه ملقى في الشارع وأثاثه محطم.
يعتبر فندق شبرد من أعرق الفنادق التاريخية في مصر، فقد استضاف العديد من المشاهير والملوك ورؤساء الدول، لكنه من أكثر الفنادق التي واجهها الحظ العاثر على مدار تاريخه الطويل
جعلت الأحداث المخيفة أهاليَ المنطقة يغلقون باب المبنى بواسطة الطوب الأحمر، لمنع دخول أي شخص إليه، لكن بعض الشباب المغامرين تجمعوا أمامه وحاولوا الدخول إليه وقضاء ليلة كاملة إلا أنهم صدموا بوجود أشباح طاردتهم فلاذوا بالفرار، على حد قولهم.
فندق عين الحياة... من قصر للخديوي إلى مبنى مهجور
يعتبر الأهالي أن فندق عين الحياة الواقع في حي حلوان بالقاهرة، أحد الأماكن المخيفة والموحشة، بعدما حوله الزمن إلى أطلال مبنى مهجور تسكنه الخفافيش والفئران والزواحف، تدور الشائعات حول كونه أصبح مسكوناً من الجان، مما جعله مصدر جذب لبعض المغامرين الشباب الذين يبحثون عن القضايا الغامضة والماورائية.
وكان الخديوي توفيق، حاكم مصر آنذاك قد بنى قصر عين الحياة عام 1888 على الطراز الأوروبي، مقاماً على مساحة 24 فداناً، وكان يتكون من 4 طوابق، ويحتوي على غرف بعدد أيام السنة، وكانت تحيط به مساحات واسعة من الحدائق والمتنزهات.
بعد انتهاء حقبة الملكية استخدم القصر كفندق وسُمي فندق عين الحياة، وتحول لمزار سياحي يقصده السياح للاستمتاع بالطقس الدافئ في الشتاء واللاستشفاء في الحمامات الكبريتية بحلوان.
وبمرور الوقت تدهور المبنى ليصبح مجرد أطلال لقصر أثري، لكنه جذب بعض المخرجين ليجري تصوير عدد من أغاني الفيديو كليب بداخله، كما شهد تصوير مشاهد من فيلمي: كده رضا، وكامب.
احتراق فندق شبرد وأشهر عملية اغتيال
يعتبر فندق شبرد من أعرق الفنادق التاريخية في مصر، فقد استضاف العديد من المشاهير والملوك ورؤساء الدول، لكنه من أكثر الفنادق التي واجهها الحظ العاثر على مدار تاريخه الطويل.
في بدايته شهد واحدة من أشهر عمليات الاغتيال في التاريخ، حيث جعل منه الجنرال كليبر، قائد الحملة الفرنسية على مصر، مركزاً للقيادة العامة، حتى قام سليمان الحلبى بقتله داخل حديقة الفندق، ليتم إغلاقه لسنوات قبل أن يتم افتتاحه في نهاية عام 1841، وسُمي بالفندق البريطاني، لكن سرعان ما نشب حريق القاهرة في كانون الثاني/يناير 1952، لتلتهم النيران الفندق ويُدمّر بالكامل.
وعقب ثورة 23 تموز/يوليو 1952، نقلت الحكومة المصرية مكان الفندق إلى منطقة غاردن سيتى أمام النيل، وأعيد بناؤه بعد تنازل مالك الفندق عنه إلى صامويل شبرد، ثم تم افتتاحه عام 1957.
واستمر الفندق التاريخي بالعمل، لكن الحظ السيء لم يتركه، حيث تعرض للتخريب الشديد في أحداث جمعة الغضب أثناء ثورة كانون الثاني/يناير 2011، وقدرت وقتها خسائر الفندق بأكثر من 700 ألف جنيه، وما كاد الفندق يستعيد عافيته حتى تعرض لاعتداءات أخرى في الأحداث التي وقعت تزامناً مع عزل الرئيس الأسبق محمد مرسي في عام 2013.
وعقب ذلك تظهر تصدعات وشروخ واضحة في جدرانه، أصبحت تُشكّل خطراً على حياة النزلاء فأضطرت الحكومة لإغلاقه منذ عام 2013 وحتى الآن، وليصبح الفندق المملوك لشركة إيجوثمهجوراً يبدو عليه الإهمال. وفي الوقت الراهن تتعاون وزارة السياحة المصرية مع شركات سعودية لتطويره آملين أن يعود من جديد للعمل خلال عام 2024.
لوكاندة بنغستيون وشبح المرأة ذات الثوب الأبيض
تحدث مدونون وعدد من رواد مواقع التواصل الاجتماعي عن فندق صغير مهجور يدعى لوكاندة (بنغستيون) يقع بأحد أحياء القاهرة القديمة، ويعود تاريخه لعصر الاحتلال البريطاني، ويطلق عليه اسم "فندق الشرّ المسكون"، وهو مبنى قديم مكون من طابقين ومغلق منذ ستينيات القرن المنصرم بسبب إفلاسه وتراكم الضرائب على مالكيه الذين لا يُعرف شيء عن مصيرهم.
هناك عدد من الفنادق التي بُنيت على طراز معماري جميل وتم تجهيزها لاستقبال النزلاء، لكن أحداثاً مأساوية أصابتها وحولتها إلى مبانٍ مهجورة وبيوت أشباح تتناثر حولها الشائعات والأساطير المخيفة
ووفقاً لمدونين فإن الأهالي كانوا على مدار عقود يتحدثون عن شبح امرأة ترتدي ثوباً أبيض وتظهر كل ليلة في الفندق وهي تحمل في يدها مصباحاً، ولا أحد من السكان يعرف حقيقة تلك المرأة. كما يحكي بعض المسنين أن زبائن الفندق كانوا يشكون من أمور غريبة تحدث بداخله واختفاء أغراضهم وسماع أصوات ضجيج مجهول مما كان يجعلهم يفرون من الفندق، وانتهى الأمر بإفلاسه وإغلاقه، إلاّ أن السكان لازالوا يعتقدون أن الأمور الغامضة والمخيفة انتقلت بدورها إلى العمارة السكنية المقابلة للفندق.
فندق الأشباح... حُلم السادات الذي لم ير النور
رغم تسمية الأهالي ووسائل الإعلام لبرج الزمالك الغامض بفندق الأشباح، إلاّ أنه لم يشهد تسجيل حوادث غامضة أو جرائم قتل، لكنه مع ذلك لم يستقبل النزلاء إطلاقاً على مدار أكثر من 40 عاماً.
في الواقع يعد هذا البرج الضخم، الذي يتعدى ارتفاعه 50 طابقاً و يحتوي على مطعم دوار تُرى من داخله جميع معالم القاهرة، جزءاً من مشروع مانهاتن الجديدة، الذي حلم بتنفيذه الرئيس المصري الأسبق محمد أنور السادات، وهو يتكون من مجموعة ناطحات سحاب في وسط النيل، ورغم فخامة الفندق وتجهيزه بالكامل إلا أن الروتين الحكومي منع تشغيله وحوله لفندق أشباح بسبب عدم وجود جراج للسيارات أسفله.
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
Ahmad Tanany -
منذ يومينتلخيص هايل ودسم لجانب مهم جداً من مسيرة الفكر البشري
مستخدم مجهول -
منذ 4 أياملا يوجد اله او شئ بعد الموت
Mohammed Liswi -
منذ 6 أيامأبدعت
نايف السيف الصقيل -
منذ أسبوعلا اقر ولا انكر الواقع والواقعة فكل الخيوط رمادية ومعقولة فيما يخص هذه القضية... بعيدا عن الحادثة...
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ أسبوعمقال بديع ومثير للاهتمام، جعلني أفكر في أبعاد تغير صوتنا كعرب في خضم هذه المحن. أين صوت النفس من...
Nahidh Al-Rawi -
منذ أسبوعتقول الزهراء كان الامام علي متنمرا في ذات الله ابحث عن المعلومه