أصبح التعليم الخاص في واقعنا العربي الحديث وسيلة للتمايز والاستعلاء الطبقي، فمن يتعلم في المدارس الحكومية المجانية ليس كمن يتعلم في المدارس الخاصة ذات الرسوم العالية، أو المدارس الدولية ذات الرسوم الأعلى. هذا التمايز ربما ليس بجديد على الواقع العربي، إذا ما عدنا إلى القرون الإسلامية الأولى والوسيطة، حين كان لأبناء الخلفاء ومن ثم الملوك والولاة ورجال الدولة والأثرياء، تعليماً يختلف عن تعليم أبناء عامة الناس.
سابقاً، كان هناك "مُؤَدِّب" يعلم أبناء الخلفاء والطبقات الاجتماعية العليا في قصورهم، و"مُعَلِّم" ينقل المعارف إلى العامة في المساجد والكتاتيب ثم المدارس العامة، حسبما يميز محمد عيسى الصالحية في دراسته "مؤدبو الخلفاء في العصر العباسي الأول"، فالمؤدب والمعلم يقومان تقريباً بنفس العمل وهو التدريس مع التربية، وكثيراً ما يحدث خلط لدى المؤرخين بين الوظيفتين، إلا أن شيئاً من التركيز يجعلنا نلاحظ الفرق بينهما.
يشغل الشق التربوي مع "المُؤدِّب" حيزاً أكبر من "المُعلِّم"، باعتبار أن المؤدب كان يقيم في المنزل مع أبناء الخلفاء والطبقات العليا، يراقب حركات تلميذه ويعيش معه حياته بشكل شبه كامل، بخلاف "المُعلّم" الذي يرى تلميذه لبضع ساعات في المسجد أو الكُتاب أو المدرسة أو مراكز التعليم العامة عموماً.
وجود "مؤدِّب" في بيت الخلافة يُدرّس ابن الخليفة الذي قد يجلس بعد ذلك مكان أبيه في أعلى سلطة -ربما في العالم كله في القرون الإسلامية الأولى- مسألة غاية في الحساسية والتأثير، فهذا المؤدب سيكون له تأثير على مستقبل أمة بأكملها، باعتبار تأثيره على تلميذه الذي سيصير خليفة فيما بعد.
متى ظهرت مهنة المؤدب؟ وكيف تعامل المؤدبون مع أبناء الخلفاء والملوك والأثرياء في زمن كان الضرب والتقريع من وسائل التعليم؟ وهل كان للخلفاء مطالب أو معايير يملونها على المؤدبين لتعليم أبنائهم؟
هذا التأثير يجعلنا نتساءل: متى ظهرت مهنة المؤدب؟ كيف تعامل المؤدبون مع أبناء الخلفاء والملوك والأثرياء في زمن كان الضرب والتقريع من وسائل التعليم؟ هل كان للخلفاء مطالب أو معايير يملونها على المؤدبين لتعليم أبنائهم؟ كيف ساعد التأديب الكثير من المؤدبين على الصعود الطبقي؟ وفي المقابل: من أشهر من اعترض على وظيفة "المؤدِّب" أو زَهَد فيها، ولماذا اعترض عليها؟
بداية مهنة "المؤدب" وتطورها
أشهر نموذج هو أرسطو، الفيلسوف اليوناني الذي كان مؤدباً للإمبراطور الإسكندر الأكبر المقدوني، أما في المجتمع الإسلامي، فظهر المؤدب منذ بداية العهد الأموي، فقد كانت الدولة الأموية أول انتقال إسلامي واضح لمحاكاة التقاليد الأجنبية، ثم توسع الأمر أكثر مع الدولة العباسية التي ورثت الدولة الأموية.
أول مؤدِّب في الحضارة الإسلامية بالشكل المصطلح عليه هو دغفل بن حنظلة الشيباني الذي كلفه الخليفة معاوية بن أبي سفيان بتأديب ابنه يزيد، حسبما يرصد ابن أبي الدنيا في "كتاب العيال"، إذ أمره معاوية بتعليم يزيد "الأنساب، والنجوم والعربيّة"، لكن لا نعلم إلى أحد نجح في "تأديب" يزيد بن معاويّة، لكن ما يهمنا تحول المؤدب إلى شخصية في البلاد، وتنوّع اختصاصات المؤدب، كالنحو والحساب وغيرها من الشؤون.
الملفت أن التأديب في البداية كان مسألة اجتهادية، فلم يكن مهنة متماسكة، وإنما كان الخلفاء يجلبون علماء معروفين ويوكلون إليهم تعليم أبنائهم، ولكن مع الوقت تحول "التأديب" إلى صناعة ومهنة في حد ذاته، بل أصبح هناك من يقومون على إعداد المؤدبين حسبما يتبين من صياغات كتاب "التراجم". فأحمد بن محمد بن مالك السهلي كان يدرس لمؤدبي نيسابور و"يخرجهم في هذه الصنعة ليكونوا صالحين لممارستها"، والحسن بن مهرجان كان "من أعرف المؤدبين بأسرار التأديب والتدريس، وأعلمهم بطرق التدريج إلى التخريج"، بحسب صياغة ياقوت الحموي في "معجم الأدباء".
أول مؤدِّب لخليفة في الحضارة الإسلامية هو دغفل بن حنظلة الشيباني الذي كلّفه الخليفة معاوية بن أبي سفيان بتأديب ابنه يزيد
رغم قسوة المؤدب حملوا نعليه
تأديب ابن الخليفة الذي سيكون يوماً ما مكان أبيه، يحكم العالم الإسلامي كله بسلطة دنيوية مدعومة بسلطة دينية، مسألة شاقة على "المؤَدِّب"، لكن اللافت أن الخلفاء أنفسهم كانوا يدعمون المؤدب في الشدة على أبنائهم، وهؤلاء الأبناء حين كبروا لم يجدوا غضاضة في ذلك، بل كانوا يُبَجِّلون مؤدبيهم ويعترفون بفضلهم، بل ويوكلون إليهم تعليم أبنائهم، مثل عمر بن عبدالعزيز الذي أوكل إلى مؤدبه صالح بن كيسان مهمة تأديب أبنائه. وأوصى الخليفة هارون الرشيد مؤدب ابنه الأمين، أبا الحسن الأحمر النحوي، بالشدّة على ابنه، وقال له: "قَوِّمْه ما استطعت بالقرب والملاينة، فإن أباهما فعليك بالشدة والغلظة".
يقول الأحمر إنه كان يعاقب الأمين بحرمانه من اللعب: "كنت كثيراً ما أشدد عليه في التأديب وأمنعه الساعات التي يتفرغ فيها للهو واللعب". ويحكى أن أبا مريم، مُؤدِّب الأمين، ضربه وجرح ذراعه ذات مرة لشدة مشاكسته، وعندما علم الخليفة الرشيد بالأمر وافق المؤدِّب على عمله، وأكد عليه أن يشدد العقوبة على ابنه، قائلاً: "اقتله فلأن يموت خير من أن يموق"، أي خير من أن يفسد ويصبح بلا سعر!
أما المأمون فيُحكَى أن مؤدِّبه يحيى بن مبارك "اليزيدي" ضربه ذات مرة حتى بكى، فبحسب ما نقل البيهقي: "ضربه تسع درر حتى أنه أخذ يدلك عينيه من شدة الضرب".
أوصى الخليفة هارون الرشيد مؤدب ابنه الأمين، أبا الحسن الأحمر النحوي بالشدة على ابنه، وقال له: "قَوِّمْه ما استطعت بالقرب والملاينة، فإن أباهما فعليك بالشدة والغلظة"
أحيانا كان الصبي يشتم مؤدبه ويتمرد عليه كما فعل الواثق (الخليفة فيما بعد) ابن الخليفة المعتصم، وحين علم المعتصم بذلك أمر وزيره محمد بن الزيات بضربه أربع مقارع، عقاباً له على سوء أدبه مع معلمه، ولشدة الضرب مرِض الواثق. ولتجنب قسوة المؤدب والاحتكاك بينه وبين ابن الخليفة، أمر الخليفة المتوكل أحد خدمه بتولي عقاب ولي عهده بدلاً من المؤدب.
إلا أن الأمر لم يكن كذلك على طول الخط، فكثيراً ما كان الاحترام والمحبة أمراً متبادلاً بين المؤدب وتلاميذه من أبناء الخلفاء، فرغم أن عالم اللغة الشهير أبا الحسن الكسائي كان "يشدد على الأمين والمأمون في الأدب ويأخذهما به أخذاً شديداً"، نرصد موقفاً يعبر عن مدى تبجيل وَلَدَي الخليفة هارون الرشيد له كمؤدب لهما.
كان الرشيد يراقب الكسائي خلال مكوثه معهما، وفي مرة شاهد ولديه وهما يحملان نعله ويضعانه بين قدميه، فقَبَّل الكسائي رأسيهما ويديهما، وأقسم عليهما ألا يفعلا ذلك مرة ثانية، بعدها استدعاه الرشيد وسأله: أيُّ الناس أكْرَمُ خَدَماً؟ فرد الكسائى: أمير المؤمنين. قال: بل الكسائي يخدمه الأمين والمأمون!
حكاية شبيهة تكاد تتطابق مع هذه الحكاية وقعت بين وَلَدَي الخليفة المأمون ومؤدبهما الإمام أبي زكريا الفراء (اللغوي والفقيه الشهير)، حيث تسابقا على تقديم نعله له، ولحل الخلاف اتفقا على أن يقدم كل واحد منهما فرداً من النعل للفراء.
"علمهم الصدق كما تعلمهم القرآن وجنبهم السفلة"
كان المؤدب من أكثر الشخصيات تأثيراً في حياة الصبي، ولذلك حرص الخلفاء على مراقبة مؤدبي أولادهم، وتوصيتهم بأهم ما يريدون أن يغرسوه في أبنائهم، ولعل هذه الوصايا تكشف عن ميول الخلفاء وأمزجتهم الثقافية والدينية والاجتماعية، والأهم، سلطة المؤدب التي قد تعلو على سلطة الأب، فالمؤدب يمثل سلطة الحكمة والمعرفة، وينوب عن الأب في سلطته التربويّة لانشغال الأب بالحكم، ما يدفعنا للتساؤل حول طبيعة المعارف الذي يجب أن يمتلكها "الخليفة" ومصدرها، الكيد السياسي، أم المعارف العامة، وأيها ينقله لأبنائه، إذ نقرأ مثلاً، وصية الخليفة الأموي عبد الملك بن مروان للشعبي، مؤدب أولاده، وفيها:
"علمهم الصدق كما تعلمهم القرآن وجنبهم السفلة فإنهم أسْوَد الناس رِّعَةً، وأقلهم أدباً. وجنبهم الحشم فإنهم لهم مفسدة. واحف شعورهم تغلظ رقابهم، وأطعمهم اللحم يقووا، وعلمهم الشعر يمجدوا وينجدوا، ومرهم أن يستاكوا عرضاً، ويمصوا الماء مصاً ولا يعبوا عباً، وإذا احتجت أن تتناولهم بأدب فليكن ذلك في سر لا يعلم به أحد من الغاشية فيهونوا عليهم".
مؤدبون يصعدون طبقياً مقابل زهاد مخلصون للعلم
كان ينظر إلى المعلمين في المدارس العامة والكتاتيب كفقراء، أما المؤدبون في بيوت الخلفاء وعلية القوم فكانوا يصعدون طبقياً، يكسبون العطايا المالية الكبيرة من جهة، ويوطدون علاقاتهم بالخلفاء التي قد تؤدي بهم إلى مناصب عليا من جهة أخرى.
كان من عادة خلفاء بني العباس إذا أدخلوا مؤدباً لأولادهم فجلس أول يوم، أمروا بعد قيامه بحمل كل ما في المجلس إلى منزله، مما يوصل به ويوهب له. وحدث أن الأحمر مؤدب الأمين بعد أن أمر بأخذ الفرش وكان كثيراً، تعلل بأن داره لا تقبل هذا الفرش، فأمر الرشيد بشراء دار جديدة وكبيرة له، وجارية لخدمته.
وفي كل الأحوال كان يقيم المؤدب في قصر الخلافة في جناح خاص به على أعلى مستوى، ويحصل على راتب كبير يليق بابن الرجل الذي يؤدبه، حتى خارج قصور الخلافة، إذا هبطنا إلى الطبقة الأقل في الثراء والسلطة، نجد أن المؤدب كان بها مرفهاً أيضاً.
يحكي أبو العباس ثعلب النحوي الشهير، أن أمير بغداد في عهد المتوكل، محمد بن عبد الله بن طاهر، اتفق معه على أن يؤدب ابنه طاهر، فكان في البداية يمكث مع الصبي 4 ساعات، فعلم محمد بن عبدالله بالأمر فزين المنزل وأكرم مجلسه مع الصبي، فوجده ينصرف أيضاً، فاستدعاه وسأله مستنكراً عدم إقامته في قصره: "أبيتك أبرد من بيتنا؟ أو طعامك أطيب من طعامنا؟" وبعد نقاش وافق أبو العباس أن يقيم في قصر ابن طاهر مؤدباً لابنه، وظل هكذا لمدة ثلاث عشرة سنة، مرفّهاً في جناح خاص به يعيش عيش الأثرياء.
من المؤدبين من كانوا يحضرون مجالس الخلفاء، وأشهرهم الكسائي، الذي انتقل من طبقة المؤدبين إلى طبقة ندماء الخليفة الرشيد، بجانب الثروة الكبيرة التي جمعها. أما إسماعيل بن أبي المهاجر المخزومي المؤدب فولاّه عمر بن عبدالعزيز على شمال إفريقيا. كما عين الخليفة المعتز مؤدب ولده قاضياً، وعين الخليفة المقتدر مؤدبه السابق في وظيفة محتسب بغداد، ثم في وظيفة قاض، وكذلك تولى أبوبكر الزبيدي، مؤدب الخليفة الأموي هشام بن عبد الحكم، قضاء إشبيلية.
انتقادات لمهنة المؤدب
ترافقت مهنة المؤدب مع المال والسلطة والجاه والمستقبل السياسيّ، بل إن البعض رأى أن العلم حكر على المدارس ودور الحكمة، لا يحتكر لأحد، ولا يختص شخص بتدريس طالب واحد، وكأن في ذلك محاولة لإعادة النظر في دور المؤدب العلمي من جهة، والسياسي من جهة أخرى، خصوصاً أن استقلال المعلمين عن السلطة ومواجهتهم معها، أكسب المدرسة سلطة سياسة بمواجهة السلطة الرسميّة وما تسمح به من معارف، يتضح ذلك بأسماء من رفضوا دور/ وظيفة المؤدب، إذ نقرأ مثلاً، أن الإمام مالك ابن أنس رفض أن يُدَرّس كتابه "الموطأ" لأولاد الرشيد في قصره، وأبو سليمان الغرناطي السعدي، الذي ترك غرناطة وانتقل إلى مدينة باجة تلبية لدعوة السلطان لتعليم أبنائه، رفض منصب المؤدب وقال: والله لا أهنت العلم ولا مشيت به إلى الديار.
أشهر من رفضوا دور المؤدب هو ابن سينا الذي انتقد الفكرة من بابها، وقال: يجب ألا ينفرد المؤدب الواحد بصبي واحد، لأن ذلك يحملهما كليهما على الضجر، ثم إن وجود أولاد كثار مع المؤدِّب أدعى إلى منافستهم في الخصال الحميدة، وإلى انشراح عقولهم بما يتحدثون فتتهذب أخلاقهم وتتحرك هممهم.
أشهر من رفضوا دور المؤدب هو ابن سينا فانتقد الفكرة من بابها، وقال: يجب ألا ينفرد المؤدب الواحد بصبي واحد، لأن ذلك يحملهما كليهما على الضجر، ثم إن وجود أولاد كثار مع المؤدِّب أدعى إلى منافستهم في الخصال الحميدة، وإلى انشراح عقولهم بما يتحدثون فتتهذب أخلاقهم وتتحرك هممهم
يكمل: "يتحادث الصبيان والمحادثة تفيد انشراح العقول وتحل من عقد الفهم، لأن كل واحد من أولئك إنما يتحدث بأعذب ما رأى وأغرب ما سمعه، فتكون غرابة الحديث سبباً للتعجب، والتعجب منه سبباً لحفظه، وداعياً إلى التحدث به، ثم إنهم يترافقون ويتعارضون، ويتعاوضون الحقوق، وكل ذلك من أسباب المباراة والمباهاة والمساجلة والمحاكاة، وفي ذلك تهذيب لأخلاقهم وتحريك لهممهم وتمرين لعاداتهم".
الواضح أن ابن سينا يمتلك منهجاً في التعليم، ويدافع عن مفهوم "الصف المدرسي"، فعلاقات الطلاب بين بعضهم والمنافسة بينهم تحرك التفكير والحفظ، أما العلاقة الفردية بين "معلم- طالب" فيكتفي ابن سينا بحجة "الضجر"، وكأنه هنا لا يريد الاستطراد في مساوئ هذه العلاقة، لا فقط على المؤدب "الطموح السياسي، ترك العلم لأجل المال، الطمع بالمناصب، صحبة الخلفاء"، بل على الطالب نفسه، إذ يمكن أن يفقد المؤدب سطوته أو قدرته على الإقناع، أو حتى يفشل، ليفقد علمه واسمه في ذات الوقت، وكأن ابن سينا يحاول الدفاع عن استقلالية المؤسسة التعليمية، وتجريد العلم من قصر السلطة بالمعنى الحرفي.
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
مستخدم مجهول -
منذ يومكل التوفيق ومقال رائع
Ahmad Tanany -
منذ 5 أيامتلخيص هايل ودسم لجانب مهم جداً من مسيرة الفكر البشري
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعلا يوجد اله او شئ بعد الموت
Mohammed Liswi -
منذ أسبوعأبدعت
نايف السيف الصقيل -
منذ أسبوعلا اقر ولا انكر الواقع والواقعة فكل الخيوط رمادية ومعقولة فيما يخص هذه القضية... بعيدا عن الحادثة...
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ اسبوعينمقال بديع ومثير للاهتمام، جعلني أفكر في أبعاد تغير صوتنا كعرب في خضم هذه المحن. أين صوت النفس من...