أكد المتحدث الرسمي باسم وزارة الحج والعمرة في السعودية، هشام بن سعيد، لصحيفة "سبق" المحلية أنه أصبح بإمكان المرأة إصدار تأشيرة عمرة "دون وجود محرم، أو عُصبة (جماعة من) النساء"، نافياً وجود أية قيود على أداء النساء العمرة راهناً.

لعقود طويلة، كان "المحرم" - الأب أو الأخ أو الزوج أو الابن أو الخال أو العم - شرطاً أساسياً لإصدار تأشيرة العمرة للنساء. ومنذ عام 2019، سعت المملكة إلى تخفيف هذا القيد، فألغته أولاً لمن هن ما فوق الـ45 عاماً بشرط خروجهن إلى العمرة في "عُصبة من النساء". ثم أُلغي لهذه الفئات العمرية تماماً حتى بدون عُصبة.

وتأخر إلغاء هذا الشرط للنساء اللواتي هن دون الـ45 عاماً حتى سُمح لهن في العام الماضي بالحصول على تأشيرة العمرة بدون محرم بشرط وجودهن في جماعة من النساء. 

وعُدّ إلغاء شرط "المحرم" قراراً تاريخياً كان أشبه بـ"الحلم" و"المعجزة" للكثيرات ممن كان يتعذر عليهن اصطحاب محرم لزيارة الكعبة وأردن القيام بذلك في سن الشباب. أما إلغاء جميع القيود على أداء المرأة العمرة والحج فهو غير مسبوق تماماً.

لا محرم ولا عصبة نساء… السعودية تُلغي جميع القيود على زيارة النساء من شتى الفئات العمرية إلى الحرم لأداء الحج والعمرة بشكل غير مسبوق، وسعوديون يسألون عن "الدليل الفقهي" على جواز ذلك

ومن شأن هذا القرار أن يزيد عدد النساء اللواتي يُقبلن على طلب تأشيرة الحج والعمرة بينما تسعى البلاد إلى زيادة أعدادهن ضمن مخطط تنويع الاقتصاد والتعافي من آثار جائحة الفيروس التاجي.

يُذكر أن مسؤولاً سعودياً صرّح لوكالة "فرانس برس" حديثاً بأن النساء شكّلن 40% من مجموع الذين توافدوا إلى المملكة لأداء الحج والعمرة العام الماضي. 

بمَ أفتى ابن باز؟

عبر مواقع التواصل الاجتماعي، أثار القرار سجالاً واسعاً بين مرحب به ومنتقد له. وقال الكثير من المعلقين إن وجود المحرم "واجب شرعاً"، فيما سألت إحدى المغردات: "طيب واللي تعلمناه في كتاب الفقة طول  السنوات في المدرسة؟"، وطلب آخرون "الدليل الفقهي" على جواز أداء المرأة للعمرة دون محرم.

رداً على ذلك، استشهد مغردون بفتوى سابقة للفقيه والقاضي السعودي الراحل عبد العزيز بن باز، أوضح فيها أنه لا يشترط وجود المحرم مع المرأة خلال أداء العمرة، في الطواف والسعي، وإنما يُشترط وجوده "في السفر بس".

أوضح ابن باز أن وجود "محرم" شرط واجب في "سفر" المرأة للعمرة والحج وليس مرافقتها في أداء المناسك. أما علي جمعة، مفتي مصر الأسبق، فأجاز حتى سفر المرأة دون محرم إذا اطمأنت على نفسها ودينها

وكان مفتي مصر الأسبق، علي جمعة، قد أفتى بجواز سفر المرأة للحج والعمرة "دون مَحرَم، بشرط اطمئنانها على الأمان في سفرها وإقامتها وعودتها وعدم تعرضها لمضايقات في شخصها أو دِينها".

ودلّل جمعة على صحة فتواه قائلاً إن جمهور الفقهاء أجاز للمرأة في حج الفريضة السفر دون محرم "إذا كانت مع نساء ثِقات أو رفقة مأمونة"، مستندين في ذلك إلى خروج زوجات النبي محمد للحج، عقب وفاته، تحديداً في عهد خلافة عمر بن الخطاب، في حماية عثمان بن عفان.

واعتبر جمعة أن هناك أحاديث نبوية تُشير إلى جواز سفر المرأة بمفردها إذا توفر الأمن، ومنها: "فإن طالَت بكَ حَياةٌ لَتَرَيَنَّ الظَّعِينةَ -أي المسافرةَ- تَرتَحِلُ مِنَ الحِيرةِ حتى تَطُوفَ بالكَعبةِ لا تَخافُ أَحَدًا إلَّا اللهَ" و"فوالذي نَفسِي بيَدِه لَيُتِمَّنَّ اللهُ هذا الأمرَ حتى تَخرُجَ الظَّعِينةُ مِن الحِيرةِ حتى تَطُوفَ بالبَيتِ في غَيرِ جِوارِ أَحَدٍ"، مشدداً على أن التحريم كان مرتبطاً بغياب الأمن فقط.

قبل أيام، أعلنت وزارة الحج والعمرة عن رفع عدد الحجاج هذا العام إلى مليون حاج من داخل المملكة وخارجها، وذلك في إطار حرصها على "تمكين أكبر عدد من المسلمين في أنحاء العالم من أداء مناسك الحج والعمرة" و"الحفاظ على المكتسبات الصحية التي حققتها المملكة في مواجهة جائحة فيروس كورونا المستجد".

واشترطت أن يكون جميع الحجاج والمعتمرين ممن هم دون الـ65 عاماً محصنين بشكل كامل ضد كورونا.