شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

قدّم/ ي دعمك!

"معارضو التغيير تشرّبوا رواية ولاية الرجل على المرأة"... سعوديات يتحدثن عن تغيّر أحوالهنّ

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

حياة

السبت 5 فبراير 202204:23 م
Read in English:

Male guardianship over women is deeply rooted, Saudi women discussing change

في 26 أيلول/ سبتمبر 2017، صدر قرار كان فاتحةً لسلسلة قرارات ستُحدث نقلةً نوعيةً في حياة النساء السعوديات. يومها، أصدر الملك سلمان بن عبد العزيز، قراراً بالسماح للمرأة بقيادة السيارة.

وكان 24 حزيران/ يونيو 2018، أول يوم تقود فيه المرأة السعودية السيارة. ضجّت الصحف بهذا التغيير، وعدّه البعض نقلةً نوعيةً في تاريخ المرأة السعودية، كما عدّه آخرون شرارة انفتاح ثقافي اجتماعي ستؤثر على المرأة إيجابياً.

أبرز المتغيرات

السنوات اللاحقة حملت الكثير من التغييرات الخاصة بأوضاع النساء داخل المملكة، واستقبلتها المرأة السعودية بحفاوة، وكأنها تعيش عصراً جديداً لم ترَه من قبل.

كانت المرأة السعودية تحتاج إلى وكيل رسمي لها حتى تتمكن من استثمار أموالها داخل بلدها، فجاء قرار وزارة التجارة السعودية بإلغاء شرط الوكيل، لكافة المؤسسات النسائية، بهدف دفع المرأة إلى المشاركة في عجلة الاقتصاد الوطني، إثر حملة نسائية أطلقتها سيدات أعمال سعوديات بعدما اختبرن أو شهدن على عمليات النصب والاحتيال بسبب نظام الوكيل الشرعي.

وسجل شهر آب/ أغسطس 2019، قراراً جديداً للحكومة يعكس تغيراتٍ واضحةً داخل المجتمع السعودي، إذ سُمح للمرأة السعودية التي تبلغ من العمر 21 عاماً وما فوق، باستخراج جواز سفر بنفسها، والسفر إلى الخارج من دون موافقة مسبقة من "ولي الأمر". ويُعَد هذا القرار ضمن مجموعة قرارات أخرى تستهدف دعم آليات الانفتاح الثقافي.

ومؤخراً، استفادت السعوديات من قرار تقليص صلاحيات هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، التي كانت تعمل بمثابة رقيب على سلوكيات البشر، وخاصةً النساء، فصرن حرّات في ارتداء الحجاب، أو خلعه.

وسُجّل قرار جديد في حزيران/ يونيو 2021، أصدرته وزارة الحج والعمرة، يسمح للمواطنات والمقيمات بأداء فريضة الحج من دون الحاجة إلى وجود محرم معهن، بشرط ذهابهنّ في مجموعات، والأمر نفسه في ما خص أداء مناسك العمرة.

"قوّة كانت تحلم بها"

تشيد مؤسِّسة موقع "كل الوطن"، أول صحيفة إلكترونية في السعودية، ورئيسة تحريره، هداية درويش، بالأمير محمد بن سلمان الذي ارتبطت هذه التغييرات بصعوده في المشهد السعودي منذ تعيينه ولياً للعهد.

تقول لرصيف22، إن "الأمير محمد وقف إلى جانب المرأة السعودية، وساعدها على دخول كافة الأعمال التي يمكن أن تشارك فيها، وهو أمر لم يسبقه إليه غيره".

وتضيف أن "وقوفه إلى جانب المرأة السعودية، منحها قوةً معنويةً عاليةً كانت تحلم بها، وانتظرتها سنواتٍ طويلةً"، كما منحها الفرصة الكبيرة لتمكين نفسها داخل المجتمع، والعمل في مختلف المجالات: "دعم سمو الأمير محمد بن سلمان منح المرأة السعودية قوةً كانت بحاجة إليها منذ سنوات طويلة".

"القرارات الأخيرة تساهم في بناء حقوق كاملة للأجيال الجديدة التي قد تشعر بالصدمة عندما نحكي لها عمّا كانت تتعرض له المرأة السعودية في السابق"

ترى درويش أن النساء السعوديات قادرات على الإبداع والعمل، وأتت قرارات الحكومة التي غيّرت أوضاعهن داخل المجتمع، لتمنحنّ "الكثير من القوة على العمل، والمشاركة في مختلف المجالات"، مشيرةً إلى أن قرارَي إلغاء الوكيل والمحرم، "هما خطوتان مهمتان منحتا المرأة القوة والقدرة على المشاركة في كافة الأمور التي تؤكد حجم قدراتها الكامنة طوال سنوات".

"عصر المرأة الذهبي"

"لا يختلف اثنان على أن ما حدث للمرأة السعودية من تقدّم ومن تمكين، جعلها تحيا عصرها الذهبي بلا شك"، تقول عضوة مجلس إدارة هيئة المسرح والفنون الأدائية في السعودية، ملحة عبد الله، لرصيف22.

وتؤكد أن النساء في المملكة حصدن الكثير من المكتسبات، سواء في ما يخص التمكين الاجتماعي، أو الفنون، وغير ذلك. وتعترض على الآراء التي تدّعي أن هذه الإصلاحات تخالف الإسلام، فبرأيها "ما اتّخذه سموّه من قرارات تدور في فلك العادات والتقاليد والدين الحنيف، ولا تخرج منها".

أثمرت التغيرات في أوضاع النساء عن تأثير على مسيرة عبد الله الشخصية، ففي سياقها عُيّنت عضوةً في مجلس إدارة هيئة المسرح والفنون الأدائية، هي التي تمتلك خبرة 30 عاماً من العمل في المسرح السعودي.

وتشيد بقرار إنشاء الهيئات المتعددة في وزارة الثقافة، والبدء بإنشاء أكاديمية للمسرح والفنون الأدائية، والعديد من المسارح، وترى أن هذه القرارات تعكس جهود النهوض بالدولة وبالشعب وبالفكر، وتعلّق: ""نحن الآن نحيا عصر التنوير".

"مرحلة نوعية"

النظرة الإيجابية الاحتفائية نفسها، تعبّر عنها رئيسة جمعية "حماية" لرعاية المعنَّفات والقاصرات في السعودية، سميرة الغامدي. تقول لرصيف22، إن السنوات الخمس الأخيرة لا تمكن مقارنتها بالسنوات الماضية كلها: "كانت مرحلةً انتقاليةً ونوعيةً في حياة كل امرأة سعودية، وليس في حياتي فحسب".

بالإضافة إلى قرار السماح للمرأة بقيادة السيارة، بعد أن "كانت السعودية الدولة الوحيدة التي لا تسمح للمرأة بقيادتها"، وقرار السماح للمرأة بالسفر وحدها الذي "يدعم تمكينها اجتماعياً"، تركّز الغامدي كثيراً على قرار إلغاء الوكيل، إذ "أصبحت المرأة تتحكم بثروتها، بدلاً من أن يديرها رجل"، و"كانت المرأة تحتاج إلى وكيل حتى تتمكن من رفع دعوى قضائية في المحكمة، وأصبحت الآن تفعل هذا وحدها، وهذا هو التمكين القانوني الذي كانت تحتاج إليه".

كان 24 حزيران/ يونيو 2018، أول يوم تقود فيه المرأة السعودية السيارة. ضجّت الصحف بهذا التغيير، وعدّه البعض نقلةً نوعيةً في تاريخ المرأة السعودية، ثم كرّت سبحة قرارات غيّرت واقع حياة النساء في السعودية

"القرارات تساهم في بناء حقوق كاملة للأجيال الجديدة التي قد تشعر بالصدمة عندما نحكي لها عمّا كانت تتعرض له المرأة في السابق"، تقول، مشيرةً إلى أن تمكين السعوديات "ليس عبارات إنشائيةً، أو جملاً إعلاميةً تقال من دون أن تُلمس في الواقع. نحن الذين نعيش في البلد، وعشنا في الماضي فيه، نرى ما يحدث من جديد الآن".

ثغرات يجب سدّها

"القوانين التي سُنّت حديثاً جيدة"، تؤكد الناشطة السعودية المقيمة في كندا، شعاع الزهراني، لرصيف22، لكن "توجد فيها ثغرات تمنع كل النساء من الاستفادة منها"، فالحقوق "مرهونة بقبول ولي الأمر، وبرفضه".

تذكر على سبيل المثال قرار قيادة السيارة، مشيرةً إلى أنه ليس باستطاعة أي امرأة الاستفادة منه، إذا اعترض ولي أمرها.

كما تعلّق على قرار السفر من دون محرم، بالقول: "نعم، تستطيع المرأة أن تسافر، لكنّها معرّضة لبلاغات التغيّب والعقوق في حال اعتراض الوالدين على سفرها، وتُسجَّل سابقة ضدها، وتُسجن أو توضع في دار الرعاية، المكان الذي لن تستطيع مغادرته إلا بموافقة ولي أمرها".

على الرغم من تحفظاتها على مسارات الأمور، تؤكد الزهراني أن "الوضع الحالي في السعودية جديد، ومختلف نسبياً، بالنسبة إلى بعض النساء السعوديات ممَّن يحظين بأسر منفتحة وداعمة، وهذا لا ينكره أحد".

وبرأيها، المرأة بحاجة إلى قوانين جديدة تعطيها المزيد من الحقوق، مثل حقها في منح أطفالها جنسيتها في حالة زواجها من أجنبي.

تنتقد الزهراني السعوديين الذين يعترضون على ما يحدث من تغيّرات، ويحاربون أي قرار يخص المرأة، "وإنْ كان وهمياً أو صورياً". تقول إن "معظم هؤلاء الأشخاص تشرّبوا رواية ولاية الرجل على المرأة، حتى عدّوها حقاً لا جدال فيه"، وتعرب عن أمنيتها بأن "يتغيّر الحال نحو الأفضل دائماً، وأن يصبح التمكين حقيقةً وواقعاً".


رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

Website by WhiteBeard
Popup Image