تكثّف جماعات إسرائيلية متطرفة دعواتها بغية إدخال ما يُعرف بـ"قربان الفصح" وذبحه في باحات المسجد الأقصى، يوم الجمعة المقبل في إطار طقوس عيد الفصح العبري، وهو يُعد فرضاً لواقع جديد يمهد لتدشين "هيكل سليمان" المزعوم على أنقاض المسجد المقدس لدى المسلمين.
ووفق وكالة الأنباء والمعلومات الفلسطينية (وفا)، اقتحم عشرات المستوطنين المسجد الأقصى، تحت حماية الشرطة الإسرائيلية، صباح الثلاثاء 12 نيسان/ أبريل، و"أدوا طقوساً تلمودية ونفذوا جولات استفزازية في باحاته".
ويتعرض الأقصى بانتظام لاعتداءات المستوطنين واقتحاماتهم. علماً أن هذا الأمر يتكرر بوتيرة أكبر في فترة الأعياد اليهودية.
وأوضحت وفا أن الاقتحام الأخير أعقب تنفيذ عشرات المستوطنين، مساء الاثنين، "محاكاة كاملة لما يسمى بـ‘قربان الفصح‘" في منطقة القصور الأموية الملاصقة لأسوار المسجد الأقصى، استجابةً لـ"قمة حاخامية" عُقدت في الأقصى لمناقشة أداء طقوس الفصح اليهودي فيه.
ويتقاطع عيد الفصح العبري، الذي يستمر الاحتفال به سبعة أيام، هذا العام مع شهر رمضان الذي يشهد احتشاد آلاف المصلين الفلسطينيين ليلاً لأداء صلاة التراويح، وهو ما قد يهدد بحدوث صدام دموي غير مسبوق بين الجانبين في حال تنفيذ الجماعات المتطرفة مخططها.
"لفرض واقع جديد"... جماعات إسرائيلية متطرفة تحشد لأداء طقس "ذبح قرابين" عيد الفصح اليهودي في المسجد الأقصى تمهيداً لتدشين هيكلهم هناك، والرئاسة الفلسطينية تحذر من "تصعيد خطير لا يمكن السيطرة عليه"
وتشمل المراسم اليهودية المزمع عقدها في الأقصى إدخال "فطير العيد" غير المخمّر، وقراءة جماعية لمقاطع من "سفر الخروج"، ودخول طبقة "الكهنة" بلباس "التوبة" الأبيض، وذبح "قربان" العيد في باحاته، بحسب وفا. وذلك علاوة على محاولة إدخال "القربان" أو "دمه" لنثره على صحن الصخرة بدءاً من الخميس 14 نيسان/ أبريل حتى الجمعة 22 نيسان/ أبريل.
مكافأة مجزية لمن يفعلها
ورصدت حركة "العودة إلى جبل الهيكل" المتطرفة "مكافأة مالية" مجزية لمن ينجح في إدخال "قربان الفصح" إلى المسجد الأقصى خلال أيام العيد اليهودي، مبينةً أن "من يُحاول تقديم القربان ويفشل سيحصل على 400 شيكل (نحو 125 دولاراً أمريكياً)، ومن يحاول وينجح قليلاً سيحصل على 800 شيكل (250 دولاراً)، أما من ينجح في ذبح القربان في الأقصى فسيفوز بـ10 آلاف شيكل (أكثر من 3000 دولار)".
وورد في منشور الحركة: "الآن، يجب أن نضحي بحمل الفصح على جبل الهيكل حيث لا يزال قدس الأقداس قائماً لوضع حد للإرهاب وتحقيق السلام مع العلي الأعظم". كما شددت على أن تلك هي "الطريقة الوحيدة لكسب رضا الله وحمايته الشعب اليهودي من وباء الإرهاب الذي يضرب إسرائيل الآن، تماماً كما حدث عندما ‘جاوز‘ الله ببني إسرائيل في مصر في ليلة عيد الفصح الأولى".
وختمت: "حان الوقت لتغيير قواعد اللعبة. ولن تقرر حماس ولا الأردن ما إذا كان سيتم استئناف تقديم التضحيات - فهذا يعتمد علينا وحدنا. في يوم الجمعة المقبل، عيد الفصح، عشيةً، سنصل إلى الحرم القدسي من جميع أنحاء البلاد بالماعز والأغنام لتقديم الذبيحة في الوقت المحدد".
وعدّ الكثير من الفلسطينيين هذا التحرك "محاولة لفرض واقع جديد في المسجد الأقصى ومحيطه"، فيما لفت موقع "القدس" الفلسطيني إلى أن "جماعات الهيكل" أقامت خيمتين في ساحة القصور الأموية جنوب المسجد الأقصى استعداداً للاحتفالات المرتقبة الجمعة لذبح القرابين ونثر رمادها في "جبل الهيكل".
متطرفون إسرائيليون يحشدون لـ"ذبح القرابين" في المسجد الأقصى والفلسطينيون يردون بـ#في_الأقصى_اعتكافي… يتقاطع عيد الفصح اليهودي هذا العام مع شهر رمضان، وهو ما قد يهدد بحدوث مواجهة دموية غير مسبوقة بين الطرفين
و"جماعات الهيكل" هي كتلة متطرفة داخل اليمين الإسرائيلي ترى في إقامة الهيكل مكان المسجد الأقصى جوهر الوجود الصهيوني على أرض فلسطين.
الموقع الفلسطيني نقل عن موقع "اتحاد جماعات الهيكل" وجود "خطة وخطة أخرى بديلة" لتنفيذ المخطط المأمول منذ عقود.
ويتضمن المخطط المعلن عنه جلب الخراف للذبح من مزرعة محمية ومعقمة وبعيدة عن كل الشوائب، في الغور قرب أريحا، تمت تربيتها لهذه المناسبة. وتُشير الخطة الرئيسية إلى إتمام عملية الذبح وحرق "القرابين" وأخذ رمادها لنثره وسط شرق المسجد الأقصى. أما الخطة البديلة، في حال فشل الأولى، فتشمل نثر الرماد وإقامة طقوس واحتفالات خاصة في الساحة الخلفية مباشرة، والواقعة بين أسوار باب المغاربة والمسجد القبلي، حيث جرت المحاكاة الكاملة لهذه المراسم يوم الاثنين.
لماذا الآن؟
وكان طقس "ذبح القرابين" قد اندثر بزوال "الهيكل"، فيما يرى المتطرفون في إحيائه إحياءً معنوياً للهيكل المزعوم والتعامل مع مسجد قبة الصخرة على أنه الهيكل اليهودي، علماً أنه ما يزال رمزاً إسلامياً.
رصدت حركة "العودة إلى جبل الهيكل" المتطرفة "مكافأة مالية" مجزية لمن ينجح في إدخال "قربان الفصح" إلى المسجد الأقصى خلال أيام العيد اليهودي، قائلةً إنها "الطريقة الوحيدة لكسب رضا الله وحمايته الشعب اليهودي من وباء الإرهاب"
يستند أصحاب هذا الرأي من اليهود إلى الاعتقاد بأنه بعد انتهاء المنفى والعودة إلى أرض إسرائيل تصبح جميع التزامات التوراة، بما في ذلك طقوس الأعياد، واجبة التطبيق، كـ"ذبيحة الفصح" و"ختان الذكور".
خلال السنوات الماضية، عكف يهود على أداء مراسم الفصح اليهودي في القدس المحتلة مع "محاكاة نموذجية" لحمل يتم ذبحه وشوائه وإطعامه للمشاركين. ولم تتوقف يوماً محاولات متطرفين لإقامة مراسم ذبح القرابين داخل الحرم القدسي طوال هذه السنوات. علماً أن اليهود ليست لديهم أي تصاريح رسمية للصلاة هناك أو أداء المراسم الاحتفالية.
وبينما كانت الشرطة الإسرائيلية تمنع الأشخاص الذين يحاولون التسلل إلى داخل الحرم لذبح القربان هناك، وتتولى مسؤولية إبعادهم. نجح متطرفون إسرائيليون في إقامة مراسم ذبح القرابين على بعد أمتار من الأقصى للمرة الأولى عام 2018.
هذا العام، فإن الوضع مختلف ولا ينبغي أن يعوّل على منع الشرطة الإسرائيلية مواطنيها المتطرفين من تنفيذ خطوة كتلك، لأسباب عديدة، أبرزها الوضع الحرج الذي تمر به حكومة نفتالي بينيت بعدما خسرت الأغلبية في الكنيست وتواجه خطر حل الكنيست (البرلمان الإسرائيلي) والذهاب إلى انتخابات مبكرة.
عامل آخر قد يكون مؤثراً هو تكرار حوادث طعن وإطلاق النار على مواطنين إسرائيليين من قبل فلسطينيين في الفترة الأخيرة، وهذا ما أشعل الغضب في إسرائيل ضد الشرطة وزعزع الثقة بقدرتها على حماية مواطنيها.
إلى ذلك، هناك أصوات متفائلة تقول إن الشرطة الإسرائيلية ستتدخل هذا العام أيضاً لمنع المتطرفين من تنفيذ مخططهم تفادياً لخروج الأوضاع عن السيطرة.
"في الأقصى اعتكافي"
في تحرك مضاد، أُطلقت في فلسطين دعوات إلى التجمع والاحتشاد بكثرة في المسجد لمنع مخطط المتطرفين الإسرائيليين، وذلك تحت عنوان "في الأقصى اعتكافي".
وناشدت وزارة الأوقاف والشؤون الدينية في غزة "شد الرحال والاعتكاف في المسجد الأقصى" لمنع تنفيذ مخطط ذبح القرابين بساحات الأقصى.
في الأثناء، حذّرت رئاسة السلطة الفلسطينية من أن التهديد باقتحام المسجد الأقصى لذبح القرابين من قبل المتطرفين اليهود بحماية شرطة الاحتلال "سيؤدي إلى تصعيد خطير لا يمكن السيطرة عليه".
وهدد مصدر من "المقاومة الفلسطينية"، لم تُكشف هويته، في تصريح لقناة الجزيرة القطرية، بأن خطوة كهذه تعدّ "لعباً بالنار" و"تجاوزاً لجميع الخطوط الحمراء".رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
Apple User -
منذ 4 ساعاتHi
Apple User -
منذ 4 ساعاتHi
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ 3 أيامرائع. الله يرجعك قريبا. شوقتيني ارجع روح على صور.
مستخدم مجهول -
منذ 3 أيامحبيت اللغة.
أحضان دافئة -
منذ 4 أياممقال رائع فعلا وواقعي
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعمقال جيد جدا