شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

اشترك/ ي وشارك/ ي!
بطولة الصدفة والمكان والحظ... بدايات منسية لعمر الشريف

بطولة الصدفة والمكان والحظ... بدايات منسية لعمر الشريف

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

ثقافة

الأربعاء 13 أبريل 202211:06 ص


ساحر ومغامر استثنائي، استطاع بإصراره أن يغير مصيره، وفتح لنفسه وللممثلين العرب من بعده آفاقاً جديدة لم تكن في الحسبان، بعد صعوده الكبير في الولايات المتحدة الأمريكية التي ذهب إليها نجماً كبيراً قادماً من مصر، ليعود إليها كأحد أيقونات السينما في هوليوود، الإسكندري "ميشيل ديمتري شلهوب"، الذي عرفناه باسم "عمر الشريف".

تزامناً مع ذكرى ميلاده الـ90، في 10 نيسان/ إبريل من عام 1932، نعيد من جديد تأمل بداياته، بما يكتنفها من غموض وأسرار، في طريق صعوده إلى "هوليوود".

فيكتوريا كوليدج

كانت لحظة انطلاقة عمر الشريف الفنية الأولى مسرح مدارس  (كلية فيكتوريا) في الإسكندرية، المكان الذي قدم إلهامه الأول للورانس العرب، لاقتحام المجال الفني؛ حيث قدم هناك على خشبتها أول مسرحية من إنتاجه بعنوان "الدوق الخفي"، والتي ظل مختبئاً طوال عرضها بداخل صندوق.

بداية مسرح "فيكتوريا كوليدج" كانت عام 1902 مع تأسيس المدرسة بقرار من الحاكم البريطاني لمصر ايفريل بارينج، ولكن انضمام عمر الشريف إلى المدرسة جاء بعد ذلك بما يقارب 4 عقود، في عام 1940 كما تحدد ملفات كلية فيكتوريا.

ويكشف كتاب "كلية فيكتوريا.. صناعة الملوك والأمراء والمشاهير" للكاتبة الصحفية داليا عاصم، أن عمر الشريف استمر في المدرسة الشهيرة لمدة 9 سنوات حتى عام 1949، وتزامل فيها مع يوسف شاهين وأحمد رمزي والشيخ كمال أدهم وإيلي زمار.

أدخلته أمه مدرسة "كلية فيكتوريا" بعد زيادة وزنه، لأنها كانت تقدم أكلاً بشعاً، وكانت لحظاته الطفولية الأولى على مسرحها، تزامل هناك مع أشخاص باتوا نجوماً عندما كبروا جميعاً مثل أحمد رمزي، وتحسّنت صحته

ويقول سمير فهمي العلايلي، زميل مقعد الدراسة لعمر الشريف، في حديثه للباحثة داليا عاصم في الكتاب المذكور إن نجم السينما المصرية كان "قمة" في الأدب والأخلاق، و رياضياً ماهرتً، ولأنه كان طالباً في القسم الداخلي بالمدرسة، فقد تم نقله مع بقية الطلاب إلى القاهرة أثناء الحرب العالمية الثانية، وفي العاصمة تزامل مع إدوارد سعيد.

وتذكرالدونجوان تأثيرات "فيكتوريا كوليدج" في رحلة صعوده، خلال حديثه التلفزيوني ببرنامج "الجذور" الذي استعرض فيه سيرة حياته طوال 30 حلقة، وقال إنه كان سميناً عندما كان في العاشرة من عمره، ولذلك أدخلته أمه تلك المدرسة الإنجليزية التي تقدم طعاماً بشعاً من وجهة نظرها، وهو ما سيساهم في إنقاص وزنه.

والنتيجة، بحسب حديث الشريف، تحسن صحته النفسية والبدنية مع انضمامه للمدرسة، كما أتقن اللغة الإنجليزية.

يقول الشريف نصاً: "لولا تلك التطورات لما سنحت لي فرصة المشاركة في فيلم "لورانس العرب" ولما عرفت العالمية".

المصادفة وحدها هي التي فتحت رحلة الدونجوان إلى العالمية، لم تكن هناك خطة، ولكن جاء لقاء عمر الشريف في أوائل الستينيات بالمخرج العالمي ديفيد لين ليفتح الطريق على مصراعيه.

اكتشفه لين، وقدمه في العديد من الأفلام، وبعد نجاحه في فيلمه الأول "لورنس العرب" عام 1962، الذي لاقى شهرة جماهيرية كبيرة، استمر عمر مع المخرج ذاته، وقدم العديد من الأدوار في مجموعة أفلام لاقت نجاحاً جماهيرياً ونقدياً، أبرزها "دكتور زيفاجو"، وفي السبعينيات شارك في فيلم "الوادي الأخير" عام 1971، وفيلم "بذور التمر الهندي" عام 1974.

لعب القمار

مفتاح السحر في شخصية عمر الشريف أن ظاهرها مثل باطنها، هذا رجل لم يكن يخجل من شيء، اتهمه الكثيرون بنسيان مصر بسبب أضواء النجاح في هوليوود، بعد أن بقي في أمريكا طويلاً، ولم يكن أحد يعرف أن السبب يعود للعبة القمار التي اعتاد عليها.

وفي لحظة ما، قام بالتوقيع على عقد احتكار مع إحدى الشركات، ما تسبب في ابتعاده عن مصر لفترة طويلة، لم يستطع أن يعود فيها ليقدم أفلاماً سينمائية جديدة في مصر إلا في فترة الثمانينيات.

ولد عمر الشريف في عائلة مسيحية، تنتمي لطائفة الروم الكاثوليك، وهي طائفة مسيحية مشرقية تعود جذورها إلى الشام، ومنهم "آل تقلا" مؤسسو جريدة الأهرام، وخليل مطران، ويوسف شاهين، وهنري بركات، بحسب أمين عام المركز الماروني اللبناني للثقافة

الشاعر المصري من أصول لبنانية "جورج ضرغام"، أمين عام "المركز المارونى اللبنانى للثقافة" بالقاهرة، أشار في حديثه لنا إلى معلومة شائعة وخاطئة عن مسيرة عمر الشريف تتعلق بديانته.

يُشاع عنه في مصر أنه كان يهودياً قبل أن يشهر إسلامه، والواقع، بحسب ضرغام، أنه ولد في عائلة مسيحية، تنتمي لطائفة الروم الكاثوليك، وهي طائفة مسيحية مشرقية تعود جذورها إلى الشام، وقد اشتهر من أبنائها العديد من أعلام الثقافة والفن في مصر، منهم "آل تقلا" مؤسسو جريدة الأهرام، خليل مطران، يوسف شاهين، هنري بركات، فتوح نشاطي، بشارة واكيم، نجيب متري، الشاعر عادل الغضبان وغيرهم.

التكوين

وصل عمر الشريف طوال مسيرته الحافلة لمكانة لم يستطع أي ممثل عربي أن يحققها، ونال بعيداً عن نجاحاته الجماهيرية الكبيرة عشرات التكريمات والجوائز، من أبرزها التتويج بجائزة الجولدن جلوب لأفضل ممثل في فيلم دراما عام 1966 عن دوره في فيلم "دكتور زيفاجو"، كما توّج بجائزة الجولدن جلوب عن فئة أفضل ممثل مساعد عن دوره في "لورنس العرب"، وحصل على جائزة جولدن جلوب للنجم الصاعد بالمشاركة مع تيرينس ستامب، وكير دولاوبيتر أوتول، كما ترشح لجائزة الأوسكار لأفضل ممثل مساعد عام 1962 عن دوره في "لورانس العرب" ، بالإضافة لتتويجه بجائزة الأسد الذهبي من مهرجان فينسيا السينمائي عن مجمل أعماله.

الناقد السينمائي المصري، أمجد جمال، يرى أن "الحظ لعب دوراً كبيراً في وصول عمر الشريف للعالمية، لكن استمراره كان راجعاً في الأساس لقدرته الأكبر على الاندماج في مجتمعات غريبة عنه ومختلفة، ليس فقط في هوليوود، ولكن في فرنسا وبريطانيا وإيطاليا كذلك، فقد كان ممثلاً دولياً عابراً للبلدان بمعنى الكلمة، ساعده تعليمه الجيد وطلاقته في لغتين، ونشأته في بيئة دينية متسامحة فيها تقبُّل للاختلاف، وتشبعه بالثقافة الكوزموبوليتانية التي تزامنت مع نشأته، خاصة أن أسرته نفسها كان لها أصول غير مصرية".

ويتفق الناقد السينمائي خالد عبد العزيز مع أمجد جمال، إذ يقول: "أعتقد أن التكوين هو كلمة السر في نجومية عمر الشريف، ليس بتكوينه الجسماني أو الشكلي فحسب، من حيث تشبه ملامح وجهه مع الشرقية والغربية في نفس الوقت، فكأنه يحوي العالم في صفحة وجهه".

"كما أن تكوينه المعرفي والتعليمي على مر سنواته ساهم في تشكيل هذه النجومية، النشأة والبيئة وإتقان اللغات الأجنبية، وكوزموبولتانية الأسرة، كل ذلك جعله طيعاً في يد صناع السينما الأجانب، سواء في هوليوود أو في أوروبا".

وأرجعت ناهد صلاح، في حديث لنا عن عملها في كتاب "عمر الشريف... بطل أيامنا الحلوة"، أن تميزه الأسطوري يعود إلى المكان، أو المدن متعددة الثقافات التي تربى فيها، وتردد عليها، تقول: "التقيت بعمر الشريف ثلاث مرات، لقاء في القاهرة، ولقاءان في الإسكندرية، كان ذلك يكفي لكي تكتمل معرفتي بالإيقاع الـ"كوزموبوليتاني" لعمر الشريف، ابن المدن التي انتصرت للجوهر، واحتضنت التعددية". 


إنضمّ/ي إنضمّ/ي

رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

Website by WhiteBeard