شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

ضمّ/ ي صوتك إلينا!
عندما يتحول الجسد إلى

عندما يتحول الجسد إلى "وصمة عار" تلاحق المرأة وتحرمها المتعة

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

حياة

الجمعة 8 أبريل 202204:06 م

"انتبهي لطريقة جلوسك... أنتي فتاة"، "راقبي وزنك... وإلا لن تنالي نعمة الزواج"، "العادة السرية مضرة بالصحة... جسدك ملك شريكك فقط".

بهذة العبارات "تتعمّد" المرأة وتسير في رحلة الألف الميل الشاقة والمجبولة بالعار مع جسدها.

تتعلّم كيف تخجل من جسدها عبر مداراته، والتعامل معه حسب معايير دينية واجتماعية لم تُسأل إن كانت تتناسب معها، ونتحدث هنا عن التفاصيل الصغيرة والشائكة: من طول الشعر ولون الثياب إلى كيفية التعامل مع نظافة الجسد، مروراً بمرحلة الدورة الشهرية المفعمة أحياناً بالعار والخجل والخوف، نتيجة قلة المعلومات ومحدودية الخيارات وما ينتج عنه من حذر في التعامل مع جسدها وعلاقاتها.

هذا الشعور بالعار قد يرافقها وهي تمارس حقها في العادة السرية، فأصوات العيب والذنب تتضاعف حين تكون المتعة ممنوعة، وهكذا تكبر الأنثى ويكبر معها العار المتجلي بصور نمطية عن الجسد المثالي و الشريك المثالي وكيفية إرضائه كيلا يبحث عن الجنس والمتعة خارج العلاقة، في حين أنها تبقى أداة إشباع رغبات الغير ويكون جسدها مثل Pandora box، ممنوع من اللمس أو الاكتشاف إلا ممن يخال أنه "يملكه".

ماذا يفعل العار بجسد المرأة وبصحتها النفسية؟ وهل فعلاً اللذة محصورة بالعلاقة مع الشريك؟

جسد المرأة... لعنتها ومتعة الرجل

"أستمتع بجلسة النرجيلة مع صديقاتي أكثر بكثير من العلاقة الجنسية مع زوجي"، هذا ما باحت به هدى (اسم مستعار) كاشفة أنها تتمنى في قرارة نفسها لو أن زوجها يتوقف عن طلب الجنس منها، لأنه بنظرها "مؤلم وغير ضروري بعدما قررنا التوقف عن إنجاب المزيد من الأولاد".

وأوضحت السيدة الأربعينية، لرصيف22، أن الجنس بالنسبة إليها واجب يأتي ضمن مسؤوليات الزواج، مشيرة إلى أنها لم تستمتع به يوماً، لكنها تجد نفسها مضطرة للقيام به تفادياً لـ "النكد" الذي قد يصدر من زوجها، حسب ما قالت.

كثيرات هنّ النساء اللواتي يتشاركن وجهة نظر هدى للعملية الجنسية، ويعتبرن أن جسدهنّ أصبح "ملكاً خاصاً" للزوج، في الوقت الذي لا يعرفن عن ذلك الجسد شيئاً.

تكبر الأنثى ويكبر معها العار المتجلي بصور نمطية عن الجسد المثالي و الشريك المثالي وكيفية إرضائه كيلا يبحث عن الجنس والمتعة خارج العلاقة، في حين أنها تبقى أداة إشباع رغبات الغير ويكون جسدها مثل Pandora box، ممنوع من اللمس أو الاكتشاف إلا ممن يخال أنه "يملكه"

في تقرير حول الجنس في الزواج، تحت عنوان "الزواج: من مفتاح الجنس إلى مفتاح العزوبية"، تحدثت الكاتبة فلانجان عن تجارب نساء قررن التوقف عن ممارسة الجنس مع أزواجهنّ، إما لعدم الشعور بالرغبة في ذلك أو لعدم قدرتهنّ على الوصول إلى النشوة الجنسية، مشيرة إلى النظرة الاجتماعية التي تعتبر أن المرأة هي المسؤولة عن استقبال جسد الرجل وتوفير الجو المناسب للمتعة الجنسية.

via GIPHY

بحث آخر أشار إلى أن 75% من الرجال يصلون إلى النشوة الجنسية خلال العملية الجنسية، في حين أن 29% من النساء فقط يصلن إلى النشوة من خلال الإدخال، هذا وأعربت العديد من السيدات عن وصولهنّ إلى النشوة عن طريق قيام الشريك بإثارة البظر.

في محاولة لفهم الأسباب التي تدفع البعض إلى إهمال عملية الجماع، اعتبرت المتخصصة في الصحة الجنسية والعلاقات الزوجية، ليزا توماس، أن الجنس ينبغي أن يكون خياراً شخصياً لإمتاع الذات وليس خدمة نقدمها المرأة للآخر، مشددة على أهمية الحديث الصريح بين الشريكين حول رغباتهما ومخاوفهما، لخلق رابط من الثقة يبدد الخجل الذي قد يفسد المتعة في العلاقة الجنسية.

بالطبع كل تلك الإحصاءات والأبحاث عالمية، في حين تغيب الأرقام في المنطقة العربية لاعتبارات اجتماعية ودينية، ومحرمات تدور حول المسائل المتعلقة بجسد المرأة الذي تغيب التوعية عنه حتى في المدارس، الأمر الذي يمنع الأنثى من تخطي العيب في التعامل مع جسدها، فتجد نفسها مرغمة على القبول بمشاركته مع شخص آخر غريب عنها في الحاجات واللذات، أو تقرر العزوف عن الجنس، فتحرم نفسها من فرصة الغوص في عالم واسع من الاكتشافات والمتعة.

كيف تشارك المرأة جسدها الذي تجهله في الأصل؟

بالنسبة إلى إيمان، فإن اكتشافها لجسدها كان أمراً شاقاً، لأنها نشأت في بيئة محافظة لم يكن فيها أي توعية جنسية أو جسدية، لكن السفر أتاح لها الفرصة للتعرف على ذلك الجسد الذي يحتويها، ومن خلاله الغوص في عالم اللذات اللامحدودة: "كنت في الثالثة والثلاثين من عمري حين تجرأت على التمعن في تفاصيل جسدي. حينها بكيت من كل قلبي لأنني شعرت أنني امرأة جميلة وأستحق التمتع بجسدي".

تحدثت المهندسة الشابة عن التغيير الجذري الذي حدث لها عند اكتشافها لجسدها، بخاصة عند الانكباب على القراءة وحضور صفوف اليوغا لمساعدتها على الاسترخاء، ما أدى إلى تحررها في مسألة الجنس ومشاركة رغباتها مع شريكها دون خجل أو خوف، بخاصة وأنها من خلال اللمس باتت تعرف جيداً على نقاط الإثارة في جسدها.

via GIPHY

في هذا الصدد، تحدثت مارتا روزنسال، الطبيبة والباحثة في مسائل الجنس، عن تطور مفهوم العادة السرية، وكيف أنه، ورغم كونه حاجة عضوية طبيعية لاكتشاف الجسد، ما زال محاطاً بالمغالطات والصور النمطية التي من شأنها إيهام الشخص أن الإمتاع الذاتي للجسد قد يضر بالصحة أو بالعلاقة مع الآخر.

والحقيقة أن لمس الجسد واكتشافه وصولاً إلى النشوة الجنسية كلها أمور تساعد المرأة على تخطي الصور النمطية التي تسبب لها الشعور بالعار من شكل جسدها وتفاصيله، إذ إن ربط عملية اللمس الذاتي بالشعور الإيجابي باللذة يساعد الأنثى على إعادة خلق العلاقة الإيجابية مع ذاتها، الأمر الذي يؤثر إيجاباً على مشاركة جسدها الذي تحبه مع شخص آخر.

كثيرات هنّ النساء اللواتي يعتبرن أن جسدهنّ أصبح "ملكاً خاصاً" للزوج، في الوقت الذي لا يعرفن عن ذلك الجسد شيئاً

في سياق متصل، اعتبرت الطبيبة المسؤولة عن الجمعية الأميركية لتنظيم الأسرة، سارة فلاور، أن الشعور بالأمان حاجة أساسية للتعبير عن الحاجات والرغبات الجنسية، فالمرأة القادرة على التواصل مع جسدها بشكل طبيعي دون خجل تشعر بالاطمئنان لمشاركة رغباتها مع الشريك، ما يساعدها في الاستمتاع بالعملية الجنسية.

هذا وأشارت فلاور إلى أن التقليل من منسوب الخجل والعار وتعليم المرأة كيفية التواصل مع جسدها ليس الهدف منه الاستمتاع الجنسي فقط، بل تفادي الأمراض، من خلال التمتع بحدس داخلي ومتابعة حثيثة للتفاصيل الصحية، ما يؤثر إيجاباً على الصحة الجسدية والنفسية للمرأة.

في الختام، لا بدّ من الإشارة إلى أهمية النظر إلى مسألة اللذة الجنسية الذاتية لدى المرأة من منظور شامل، بحيث تكون باباً لاكتشاف محتواها الأول والأساسي، أي الجسد الذي ينعكس على سلوكياتها تجاهه.

إن كان سلوك المرأة سلبياً لجهة التعامل مع جسدها والنظر إليه على أنه "ملكية خاصة" لغيرها، فهذا يعني تفاقم الأمراض، نفسية وجسدية، جراء الضغط النفسي والشعور السلبي تجاه نفسها، أما في حال تبنت سلوكاً إيجابياً ونظرت إلى جسدها على أنه مصدر لذة ومتعة، فعندها تزداد لديها الرغبة في مشاركته مع من يستحق ودون الشعور بالخجل أو الذنب.  

إنضمّ/ي

رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

Website by WhiteBeard
Popup Image