شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

قدّم/ ي دعمك!
فيديو لفريق قفز نسائي على أنغام عربية يثير غضب المتشددين في إيران ‏

فيديو لفريق قفز نسائي على أنغام عربية يثير غضب المتشددين في إيران ‏

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

حياة

الأربعاء 30 مارس 202204:19 م

عجت في الأیام الماضیة مواقع التواصل الاجتماعي في إيران، بفیدیو یظهر مجموعة فتیات ‏یؤدین ‏ریاضة القفز علی المنطة (‏JUMPING‏) فی مدینة ماهْشهر بمحافظة خوزستان ‏جنوب ‏غرب إیران، وحظي الفیدیو بإقبال کبیر من قبل مستخدمي مواقع التواصل الاجتماعي.‏

ظهرت في الفیدیو فتیات یقفزن علی منطات علی أنغام موسیقی عربیة، تشبه أنغام الدبكة، وهن یرتدین ‏حجاباً کان ‏أشبه بالشماغ الرجالي، وزیاً أسود موحداً.‏ وصُور هذا الفیدیو علی شاطئ مدینة ماهشهر دون ‏تواجد أیة متفرجین‎.‎

ومنذ انتشار الفیدیو الریاضي الذي کان یوحي بأنه عربي النمط، والذي حظي ‏بإقبال واسع، ‏کانت هناك مخاوف من معاقبة أولئك الفتیات، وهو الرد المتوقع ‏في مثل هالذه أحداث في إیران، ‏وذلك بسبب توجهات المتشددين في التعامل مع المرأة، ‏خصوصاً مع نشاطاتها الریاضیة، ومن ‏جهة أخرى بسبب الحساسية التي تثيرها الأعمال والأنشطة التي تعتبرها السلطات أنها تروج ‏للثقافة العربية في خوزستان. وتحققت فعلاً تلك التوقعات بعد انتشار الفیدیو.‏

أصدر مجلس الإعلان عن مواقف منظمة الباسیج الطلابیة (المنظمة التطوعیة التابعة ‏للحرس ‏الثوري الإيراني) بیاناً جاء فیه: "للأسف شهدنا في الأیام الأخیرة إنتاجَ ‏وبث فیدیو یظهر مشاهد ‏مخالفة للمعاییر الاجتماعیة بذریعة ممارسة ریاضة القفز ‏النسائیة علی شاطئ ماهْشَهر من قبل ‏أعضاء لجنة الترویج للریاضة الجماعیة ‏للمدینة.‏ الاستخدام غیر الصحیح للموسیقی والقیام ‏بحرکات جماعیة في ‏مکان عام لیس لائقاً للمرأة، وذلك بالإضافة إلی استخدامهن الرموز القومیة ‏‏(الشماغ العربي) الذي أحزن حشد ‏الموالین وعشائر ماهشهر".‏

"الجمهوریة الإسلامیة لدیها حلول للجمیع ‏بمختلف الرغبات وإنها لا تسمح بممارسة المحرمات، ‏فإذا کنا مؤیدین للجمهوریة ‏الإسلامیة علینا أیضاً الامتثال لسیاسات النظام"

وأضاف البيان: "کما أن بث صور هذا العمل المناهض للثقافة في الفضاء الافتراضي مهد إلی ‏استغلاله ‏من قبل التیارات المعاندة (المعارضة) وضرب الاستقرار النفسي للمرأة. فيُطالب مجلس ‏إعلان مواقف منظمة الباسیج الطلابیة من الجهات المسئولة، خصوصاً ‏دائرة الشباب والریاضة، ‏ومرکز الأمر بالمعروف والنهي عن المنکر، وأیضاً مجلس ‏الثقافة العامة، والأجهزة الأمنیة ‏والقضائیة في المدینة بمعاقبة القائمین علی إنتاج ‏وتوزیع الفیدیو المخالف للمعاییر الاجتماعیة، ‏وتقدیم المسئولین المعنیین الاعتذار ‏لأهالي مدینة ماهشهر وأُسر الشهداء، ثم دراسة قضیة التغلغل ‏الثقافي ودور العملاء ‏في تعزیز تیار التغلغل الثقافي علی مستوی مدينة ماهشهر. وسننتظر نتیجة ‏مطالباتنا هذه"‏.‏

وفي هذا السياق، أصدر أمین مرکز الأمر بالمعروف والنهي عن المنکر في محافظة خوزستان ‏بیاناً أکد فیه: "هناك من یستغل غفلة وعدم رقابة المسئولین المعنیین ‏ویقوم بإنشاء مجموعات، ‏منها فریق القفز في میناء الإمام الخمیني ومدینة ماهشهر ‏الذي تسبب في جرح مشاعر أسر ‏الشهداء وضحایا ومعوقین الحرب ورجال الدین ‏والمرجعیة الدینیة. ونحن ممتنون لأصدقائنا ‏الأعزاء في منظمة الباسیج الطلابیة ‏لمدینة ماهشهر لاتخاذهم موقفاً وإصدارهم بیاناً، کما أننا ‏ممتنون لأئمة الجمعة الذین ‏أخذوا موقفاً تجاه ذلك". ‏

هذا وأضاف مركز الأمر بالمعروف إن "القفز هو ریاضة کوریة نمت للأسف الشدید تحت ‏غطاء غفلة ‏المسئولین المعنیین، حيث تم إنشاء مجموعات للأطفال والناشئات والکبار ‏علی ‏مستوی البلاد، وهذه المجموعات تعمل حالیاً وتقوم بمختلف المناسبات کـذکری مولد ‏الأئمة ‏وذکری انتصار الثورة الإسلامیة بالرقص تحت غطاء الریاضة النسویة، وتعرض ‏النساء ‏أنفسهن في الشواطئ ویمارسن الریاضة بطریقة لا تناسب صورة الثورة الإسلامیة. ‏کان ‏من الممکن ممارسة هذه الریاضة في نادي ریاضي نسائي یحمل ترخیصاً، حيث ليس ‏هناك من ‏یعارض ریاضة النساء". ‏

أكد المركز أيضاً في بيانه: "نحن لا نسمح بجرح مشاعر أسر الشهداء ‏ومناهضة أسس الثورة ‏الإسلامیة، وعلی رئیس دائرة الشباب والریاضة أن یتحمل ‏مسئولیته وعلی تلك السیدة التي قامت ‏بالأمر بکل وقاحة أن تتحمل مسئولیتها. ونحن ‏نطالب بإلغاء ترخیص تلك السیدة وعلیها الاعتذار ‏للشعب وأسر الشهداء والشعب ‏الثوري. وعلی المسئولین تحمل المسئولیة وإلا ستتم متابعة الأمر ‏من ‏خلال الجهات القضائیة ومعاقبتهم".‏

ونفذ المتشددون في إيران، تهدیداتهم، وعبروا عن معارضتهم للفیدیو الذي وصفوه بـ‏‏"المخالف ‏للمعاییر"، عبر منبر صلاة الجمعة، حيث قال إمام جمعة مدينة ماهشهر أمیر محمدی ‏بور في خطبة صلاة الجمعة يوم 25 آذار/مارس 2022:

"انتشر خلال ‏عطلة نوروز في ‏الفضاء الافتراضي فیدیو لفتیات یرقصن علی الشاطئ، وکان ‏حجابهن من شماغ العشائر (إشارة ‏إلی العشائر العربیة). قمنا بمتابعة الأمر من ‏خلال مدربة الفریق فأجابت بأن ما ظهر في الفیدیو ‏هو نوع من الریاضة وتحدثت ‏عن فوائدها، ولکنها لم تعلم بأن عملها حلال أم حرام. وفي ‏استفتاء من مراجع الدين تبین ‏لنا أن کل المراجع لا یجیزون للمرأة القیام بمثل هذه الحرکات أمام ‏الرجل الغیر ‏محرم. بالتالي أخبرنا مدربة النادي إن کان هناك تصریحاً یجیز ممارسة ‏هذه ‏الریاضة في الجمهوریة الإسلامیة فیجب ممارستها في النادي بعیداً عن أعین الرجل ‏الغیر ‏محرم کما لا یجوز لهن التصویر". ‏

‏"الجمهوریة الإسلامیة لدیها حلول للجمیع ‏بمختلف الرغبات، وإنها لا تسمح بممارسة المحرمات، ‏فإذا کنا مؤیدین للجمهوریة ‏الإسلامیة علینا أیضاً الامتثال لسیاسات النظام"؛ هكذا اختتم خطيب ‏جمعة ماهشهر تصريحاتِه.‏

تحقق فعلاً ما کان یثیر قلق النشطاء ومستخدمي مواقع التواصل الاجتماعي، وحصدت ‏ضغوط ‏المتشددين نتائجها، حیث نشر الاعلام الإيراني يوم 28 آذار/مارس 2022، ‏أخباراً ‏وصوراً من تبادل الرسائل بین جهات رسمیة حیال الأمر.‏


وفی إحدی تلك الرسائل الصادرة عن المدیر العام لدائرة الشباب والریاضة لمحافظة ‏خوزستان، ‏حمید بنی تمیم، إلی رئیس لجان الریاضات الجماعیة في المحافظة جاء: "بعد بث فیدیو ممارسة ‏القفز علی المنطة لفتیات مدینة ماهشهر دون ‏الالتزام بالأجندة الرسمیة، من الضروري حجب کل ‏من المدربتین، آسیة دیناري ‏وآمنة کعبي، عن العمل".‏

وجاء في رسالة أخری وجهها رئیس دائرة الشباب والریاضة لمدینة ماهشهر، ‏غُلامرضا ‏خنفري، إلی رئیس الریاضات العامة في المدینة: "صُدرت أوامر ابتداءً من يوم ‏‏28 ‏آذار/مارس 2022 بألا یجوز إنتاج وبث فیدیو ریاضي فردي أو جماعي ‏قبل التنسیق مع ‏اللجنة المتبعة، وإن حدث هذا فإن المسئولیة ستکون موجهة إلی ‏رئاسة اللجنة".‏

وإعتبر مستخدمو مواقع التواصل الاجتماعي، هذه الردود بأنها مشابهة لسیاسة طالبان ‏في ‏أفغانستان تجاه المرأة، معبرین عن دهشتهم أمام رد المسئولین علی نشاط قامت به فتیات، ‏وهن ‏یرتدین الحجاب الکامل.‏

وردت آمنة كعبي، مدربة الفريق، في منشور على حساب الفريق في إنستغرام، على ‏الحادث، وعبرت عن شكرها للداعمين، ولأهالي محافظة خوزستان، ولعرب المحافظة، وأكدت ‏بأنها تفخر بما تقوم به، ورغم كل ما حدث من ضغوط، سيواصل فريقها طريقه ونشاطه.‏

ولم تكن هذه المرة الأولی التي یتم فیها ردع النشاط الریاضي النسائي في إیران، فمنذ ‏انتصار ‏الثورة الإسلامیة حتی الآن هناك إشکالیة في دخول المرأة ملعبَ کرة ‏القدم لمشاهدة المباریات. ورغم ضغوط الفیفا والانتقادات والاحتجاجات والمطالبات الواسعة ‏في الداخل لازالت ‏المرأة غیر قادرة علی التواجد في الملعب كالرجال بسهولة.‏

لم تكن هذه المرة الأولی التي یتم فیها ردع النشاط الریاضي النسائي في إیران، فمنذ ‏انتصار ‏الثورة الإسلامیة حتی الآن هناك إشکالیة في دخول المرأة ملعبَ کرة ‏القدم لمشاهدة المباریات 

وکان آخر مصاديق ذلك، والذي أثار جدلاً واسعاً في البلاد، هو ما حدث يوم الثلاثاء ‏‏29 ‏آذار/مارس 2022، حیث تم منع النساء من الدخول إلی ملعب الإمام الرضا في مدينة مشهد، ‏الذي کان یحتضن مباراة ‏إیران ولبنان في تصفيات كأس العالم 2022 عن قارة آسيا، وذلك رغم ‏ابتیاعهن تذاکر الدخول من قبل.‏ كما واجهت القوات الأمنية، النساء، أمام الملعب، باستخدام رذاذ ‏الفلفل.‏

قیادة المرأة للدراجة الهوائیة والناریة أيضاً عمل محظور علی المرأة في إیران، ‏وواجه هذا ‏الأمر سابقاً وعند حدوثه نقداً لاذعاً من قبل المسئولین المتشددين. والأزیاء الریاضیة النسائية أیضاً ‏تتعرض لنقد هؤلاء المتشددين.‏

وتبقی هذه الأمور، بالإضافة إلی موضوع الحجاب، ونشاطات أخری، محظورة ‏علی المرأة في إيران، منها ‏الغناء والرقص، فهما نقطة اختلاف ونقاش محتدم في إیران. ‏

ویأمل النشطاء في مجال حقوق المرأة بتراجع هذه ‏الضغوط، بفضل مواقع التواصل الاجتماعي، ومع تصاعد وعي المرأة الإیرانیة ‏بحقوقها وحریتها، وتشديد المطالبات والانتقادات الشعبية، علی الرغم من أن هذا الأمل في ظل ‏الحکومة المحافظة الحالية یبقی ‏شبه معدوم.‏ ‏

هذا، ولا زالت النشاطات التي تتضمن رموز القوميات غير الفارسية في إيران، لا سيما العربية، ‏موضوعاً بالغ الحساسية في البلاد، رغم التحسن الطفيف في الوضع خلال السنوات الأخيرة.‏ 

إنضمّ/ي إنضمّ/ي

رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

Website by WhiteBeard