انزلقت الأوضاع في ضاحية الكدرو في شمال العاصمة السودانية، نحو منحى خطير يهدد السلم الاجتماعي، ويعطي ملمحاً لإمكانية تحقق السيناريوهات المرعبة التي يقول بها خبراء حول أن كامل البلاد على شفا الحرب الأهلية.
وبدأت الأحداث التي أخذت طابعاً إثنياً في التصاعد بعد مقتل شاب من المنطقة على يد عصابة مسلحة، يُعتقَد أن أفرادها ينحدرون من دولة جنوب السودان، الأمر الذي ولّد ردة فعل غاضبة من أهالي الكدرو، بإغارتهم على مناطق السكن غير المنظّم (العشوائيات) التي يقطنها أفراد من جنوب السودان، وإخراجهم منها عنوة، ثم إضرام النار فيها.
وما فاقم من الوضع هو أن القوات الأمنية وبعد أن أبلغت الأهالي بعدم قدرتها على فعل شي إزاء التفلتات في المنطقة، حسب إفادات شهود عيان تحدثوا إلى رصيف22، بالإضافة إلى أنها تأخرت في الوصول إلى بؤرة الأحداث، ووصلت في المساء بعد القتل والحريق، وأنباء أخبار الحشد بين الطرفين.
الوضع في الخرطوم
الصورة المرعبة في الكدرو، لم تكن مختلفةً عمّا يحدث في بقية أنحاء العاصمة السودانية، فالعصابات المسلحة باتت تتحرك في وضح النهار وتقتل وتنهب وتسطو من دون أن تحرك قوى الأمن ساكناً.
وبات معظم السودانيين يخشون الخروج في الأمسيات، لا سيما سكان أطراف الخرطوم، إذ تنتشر العصابات المسلحة المعروفة شعبياً بـ"9 طويلة".
وزاد من الأخطار، انتشار قوات مسلحة كبيرة، تتبع للحركات المسلحة الموقعة على اتفاق سلام مع الحكومة، ويتهم أفرادها بالضلوع في عمليات النهب والسطو المسلح.
انزلقت الأوضاع في ضاحية الكدرو في شمال العاصمة السودانية، نحو منحى خطير يهدد السلم الاجتماعي، ويعطي ملمحاً لإمكانية تحقق السيناريوهات المرعبة التي يقول بها خبراء حول أن كامل البلاد على شفا الحرب الأهلية
أما ثالثة الأثافي، فتتمثل في تورط القوى الأمنية ذاتها في انتهاكات كبيرة ضد المواطنين، وثّقتها الكاميرات، والحكايات المتداولة في وسائل التواصل الاجتماعي، حد تدشين وسميّ "عسكر حرامية" و"قوات النهب المسلحة"، في تعريض بالجيش المعروف بـ"قوات الشعب المسلحة".
الوضع في الكدرو
في جولة لرصيف22 على ضاحية الكدرو، لاحظت الأحد هدوءاً مشوباً بالحذر، في ظل توقعات الأهالي بحدوث ردات فعل انتقامية من الجنوب سودانيين تجاه أهالي المنطقة.
وعطلت مدارس عدةفي المنطقة الدراسة خشيةً على الطلاب، فيما بدت الحركة في الطريق الرئيس المكتظ بالمتاجر هادئةً، في ظل حركة ضعيفة من الرواد والمشترين.
وفي جولة لرصيف22 على المنطقة، وجدنا أن أكبر مخاوفهم تتمثل في أن تشهد الكدرو عملياتٍ انتقاميةً من كلا المجموعتين، بعد أن أطلق طرفاها دعوات للمناصرين من المناطق المجاورة للتدخل لصالح الحسم.
في المقابل، ينفي محمد كمال، صفة العنصرية عن تحركات أهالي المنطقة، ويقول إنهم مارسوا حقهم في الدفاع عن النفس، والحفاظ على أمنهم بعد تفشي ظاهرة السطو المسلح، ووصولها إلى حد سقوط أربعة من أبنائهم على يد المجموعات المتفلتة القاطنة في العشوائيات في غضون أسبوعين فقط.
وتابع: نحن اليوم مع معاملة الجنوب سودانيين كأجانب، أو إبعادهم عن البلاد بعدما تورط كثيرون منهم في سلوكيات إجرامية، ومع طرد عناصر الحركات المسلحة الذين يعملون على نقل الصراع في دارفور إلى قلب الخرطوم.
لكن محمود أتيم، المنتمي إلى منطقة جبال النوبة، يقول بوجود طابع إثني وعنصري في هجمات الأهالي، إذ يتم القتل والتنكيل على الهوية، ويؤخذ الأبرياء بجريرة المجرمين.
وقال إنه بعد سنوات من السكن في المنطقة، يخشى للمرة الأولى على أطفاله من هجمات بربرية، يؤخذ فيها القانون باليد.
توسع رقعة الصراع
أكبر مترتب على ما جرى في الكدرو يتمثل في إمكانية نقل الصراع إلى مناطق مجاورة.
ويشكو الخبير الأمني، اللواء محمود المبروك، من تفشي ظاهرة أخذ القانون باليد مؤخراً في أوساط السودانيين، بدلاً من اللجوء إلى جهات حفظ القانون.
وقال المبروك إن ما فعله أهالي الكدرو يجعلهم تحت طائلة القانون، ويستدعي تدخلاً عاجلاً من السلطات لفرض هيبة الدولة.
يقال في السودان، إن ساسته يكررون أو يسمحون بتكرار الأفعال ذاتها مع توقع نتائج مغايرة، فالنظام العسكري انقلب على أنظمة الحكم المدني، مراراً وتكراراً، وأودي بالبلاد إلى انهيارات سياسية واقتصادية واجتماعية، ولذا من غير المستبعد أن يكون الأهالي أنفسهم مصابين بالداء ذاته
في المقابل، أكد على أهمية شروع قوات الشرطة في نشر الدوريات في مناطق الهشاشة الأمنية، والتعامل السريع والرادع مع المجرمين الذين يشوهون صورة البلاد.
بيد أن القيادي الشاب في تحالف قوى الحرية والتغيير، حاتم نجم الدين، يرى أن ما جرى في الكدرو، هو فعل ممنهج من قبل النظام الانقلابي، لإشاعة الفوضى، وحمل الناس على تقبل الحكم العسكري كونه المعادل الموضوعي للأمن.
وقال لرصيف22، إنه يتوقع مزيداً من الأزمات الأمنية المفتعلة، سواء بحضانة التشكيلات الإجرامية، أو بتشجيع التفلتات ذات الطابع الإثني والقبلي، لتثبيت أركان حكمهم.
خطر داهم
دعا الناشط في مجال السلم الاجتماعي، ميسرة ذو النون، إلى ضرورة تدخل الحكماء في أزمة الكدرو، وإخماد التوجهات العنصرية والجهوية بخطاب عقلاني، يعيد إلى السودانيين سيرتهم الأولى في التعايش السلمي.
وحذر ذو النون، من أن محاولة صبغ تفلتات أمنية بطابع عنصري، وعدّها تصدر عن مكونات سكانية بعينها، أمر ينذر بالخطر، مقرّاً للأهالي بالتصدي للمجموعات المتفلتة، ولكن داخل أطر القانون، ومن دون تجاوزات.
دائرة شريرة
يقال في السودان، إن ساسته يكررون أو يسمحون بتكرار الأفعال ذاتها مع توقع نتائج مغايرة، فالنظام العسكري انقلب على أنظمة الحكم المدني، مراراً وتكراراً، وأودي بالبلاد إلى انهيارات سياسية واقتصادية واجتماعية، ولذا من غير المستبعد أن يكون الأهالي أنفسهم مصابين بالداء ذاته، حين يكررون ما جرى من صراع ذي طابع إثني، كاد يدخل العاصمة في أتون حرب قبلية بعد مقتل زعيم الحركة الشعبية، د. جون قرنق دمبيور، في 2005... فمتى يتعلم السودانيون من أخطائهم؟
انضم/ي إلى المناقشة
مستخدم مجهول -
منذ 21 ساعةيعني اذا اليسا اللي عملت اغاني وفيديو كليبات عن العنف ضد النساء وقال حملت قضايا المرأة العربية، غنت ودافعت عن المغتصب سعد المجرد... قرطة منافقين.
Farah Alsa'di -
منذ يومرغم قديه الحادثة موجعة ومؤسفة إلا أني مبسوطة أنه هاي من المرات القليلة تقريباً اللي المجتمع الأردني بوقف فيها مع "المرأة" الضحية... عشان تعودنا يكون الحق عليها دايماً أكيد!
Line Itani -
منذ يومعجيب في بلد ومجتمع "محافظ" زي المصري انه يكون فيه حرمات على أشياء كثيرة بس الموت لا - ودا بس لأن فيها أرض ومصاري..
jessika valentine -
منذ يومينالمشكلة هي المجتمع واللغة انبثقت منه وتغذي هذا الفكر الذكوري. لن تتغير اللغة الا إذا نحن تغيرنا. وزيادة على الأمثلة التي قدمتها للغة العربية، الانكليزية ليست افضل حالا فيُقال للقميص الابيض الذي يُلبس تحت القمصان wife beater باللغة الانكليزية، والنق bitching. وعلى سيرة say no، يقول الذكور المتحدثون باللغة الانكليزية no means yes and yes means anal. على الدجاجة أن تكسر قوالب التربية لبيضها الإناث والذكور لان أحدا سواها لن يفعل.
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعit would be interesting to see reasons behind why government expenditure on education seems to be declining -- a decreasing need for spending or a decreasing interest in general?
Benjamin Lotto -
منذ أسبوعجدا مهم البحث