"فالآن لينظر فرعون رجلاً بصيراً وحكيماً ويجعله على أرض مصر. يفعل فرعون فيوكل نظاراً على الأرض، ويأخذ خمس غلة أرض مصر في سبع سُنى الشبع، فيجمعون جميع طعام هذه السنين الجيدة القادمة، ويخزنون قمحاً تحت يد فرعون طعاماً في المدن ويحفظونه. فيكون الطعام ذخيرة للأرض لسبع سُنى الجوع التي تكون في أرض مصر، فلا تنقرض الأرض بالجوع" سفر التكوين- أصحاح 41 من الكتاب المقدس.
يعد هذا النص التوراتي السابق على نص مثيل من القرآن الكريم نصاً مؤسساً للمقولة التي استقرت في كتب الدراسات الاجتماعية المقررة على طلبة المدارس في مصر، وهي أن مصر كانت يوماً "سلة غذاء العالم".
ظلت مصر تحتل هذا الموقع آلاف السنوات، يطعم قمحها العالم القديم ويسقي شعيرها المختمر نبلاءه. حتى وإن صادفها الجوع أحيانا كانت تعود إلى موقعها خلال سنوات معدودات، فكيف حدث التراجع وصولاً إلى الوضع الحالي؟
وفقاً للحكاية التوراتية والقرآنية الشهيرة، رأى حاكم مصر حلماً فيه سبع بقرات سمان تأكلهن سبع بقرات عجاف، فتذكر ساقي "الفرعون" الشاب العبراني مفسر الأحلام الذي كان معه في "العنبر" فجاء به الحاكم ليفسر له يوسف بن يعقوب وينصح بأخذ خمس ما تنتجه البلاد من قمح في سنوات الوفرة واختزانها ليأكل منها الناس في سنوات الجوع. وبنى الحاكم تحت إشراف الشاب العبراني صوامع ضخمة لاختزان الغلال، صارت مصدر غذاء لمصر والبلاد المحيطة. وتمضي الحكاية القرآنية والتوراتية لتسرد انتقام يوسف وإخضاعه لأخوته قم مسامحتهم واستقدامهم وبنيهم ليعيشوا في مصر حتى وقع لاحقاً خروجهم الكبير.
تذكر كتب التاريخ أن قمح مصر وشعيرها كانا يطعمان ويسقيان الامبراطورية الرومانية خلال فترة الاحتلال التي طالت ما يزيد على 600 عام، وقبلها كانت سفن الغلال تسير من ميناء الأسكندرية إلى مدن اليونان القديم. وتذكر الكتب نفسها أن موقع مصر وكونها "سلة غذاء العالم" كانا سببين كافيين لجعلها مطمعا للغزاة.
ظلت مصر تحتل هذا الموقع آلاف السنوات، يطعم قمحها العالم القديم ويسقي شعيرها المختمر نبلاءه. عرفت مصر خلال تلك السنوات الجوع أحياناً بسبب سوء تدبير الحكام وفساد التجار في فترات الانهيار، لكنها كانت تعود لتحتل موقعها إلى أن جاء القرن العشرين لتبدأ رحلة مصر في توسُّل صفقات القمح الرخيصة كي تطعم شعبها، فكيف حدث الانهيار؟
البحث عن صفقة قمح
فجر الخميس 24 شباط/فبراير الماضي، بدأ الهجوم الروسي على أوكرانيا، وسرعان ما بدأت التكهنات والتخوفات حول أزمة قمح مقبلة في مصر، أحد أكبر مستوردي القمح في العالم، كونها تعتمد على روسيا وأوكرانيا في تغطية قسم كبير من وارداتها من تلك السلعة الاستراتيجية التي يعتمد عليها الأمن الغذائي للمصريين، كون الخبز المصنوع من القمح هو عماد طعامهم. ووفقاً لدراسة حديثة لوزارة الزراعة المصرية سيطرت الدولتان على 80% من واردات مصر من القمح في العام 2020.
وبحسب بيانات الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، فإن واردات مصر من القمح سجلت 2.4 مليار دولار خلال الـ11 شهرا الأولى من عام 2021، وجاءت روسيا على رأس الدول التي استوردت القاهرة هذه السلعة منها، بقيمة 1.2 مليار دولار، بكمية بلغت 4.2 مليون طن، أي نسبة %69.4 من إجمالي الواردات، وجاءت أوكرانيا في المرتبة الثانية بقيمة 694.4 مليون دولار، بكمية 651.4 ألف طن، أي بنسبة 10.7%.
واعترف وزير المالية المصري، محمد معيط، في مقابلة يوم 6 آذار/مارس الجاري، مع "الشرق بلومبرج"، أن ارتفاع أسعار القمح في الأسواق العالمية، سيؤدي إلى زيادة تكلفة واردات البلاد من هذه السلعة بقيمة تتراوح ما بين 12 إلى 15 مليار جنيه، في ميزانية العام المالي الحالي 2021 – 2022.
وبناء على ما سبق، بدأت الدولة المصرية في وضع حلول للأزمة الحالية؛ وذكر السفير نادر سعد، المتحدث باسم مجلس الوزراء، في تصريحات تليفزيونية، أن مصر لديها مخزون استراتيجي من القمح يقترب من 5 ملايين طن موجودين في الصوامع والمطاحن، وسينضم إليهم بداية من 15 نيسان/أبريل المقبل، القمح المحلي، مع بدء موسم الحصاد. إلا أن التوقع الأخير بات محل شك رغم القرارات الإلزامية بسبب إصرار الحكومة المصرية على شراء القمح من الفلاحين بأسعار تقل عن سعر القمح المستورد ما بين 752 إلى 2625 جنيهاً، فيما يطالب الفلاحون برفع سعر توريد القمح بنسبة 22% من السعر الذي تعرضه الحكومة. في وقت ترتفع فيه أسعار الأسمدة والأعلاف والمحروقات وتكلفة العمالة، وكلها عناصر تدخل في عملية زراعة وجني القمح.
وتبني الحكومة تقديراتها على استلام القمح الذي ينتجه الفلاحون المصريون لكي تغطي الاحتياج المحلي لمدة 9 أشهر. إلا أنه في ظل الوضع الحالي، لم يعد من المؤكد أن الحكومة ستكون قادرة على الوفاء بتلك التقديرات، في وقت تتناقص فيها مصادرها من العملة الصعبة ويصير الحصول على صفقة قمح رخيصة تتناسب مع الوضع المالي لمصر أمراً صعباً.
تاريخ الجوع والضرائب
فرضت الضرائب على المصريين في عصر الرومان للوفاء بالتزامات السلطات تجاه الإمبراطورية. من بين تلك الالتزامات، وفقاً لما ذكره محمد علي في مؤلفه "حضارة الرومان"، أن تمد مصر الإمبراطورية بثلث احتياجاتها السنوية من الغلال، ما يعني أن مصر كانت تحقق الاكتفاء الذاتي من تلك السلعة.
لم يتوقف الأمر عند هذا الحد، وإنما بعد ذلك كما يقول أحمد عبد الرازق، في مؤلفه "تاريخ وآثار مصر الإسلامية من الفتح العربي حتى نهاية العصر الفاطمي": "من الواضح أن مصر كانت بالنسبة للدولة البيزنطية بمثابة سلة الخبز التي تمد الدولة بالمؤن اللازمة".
ظلت مصر رائدة في هذا المجال طويلاً، إلا أنها في منتصف القرن العشرين، على الأرجح، بدأت في فقدان هذه المنزلة، وتحولت الدولة إلى النقيض تماما.
السياسات التصديرية المصرية التي جعلت أولوية الزراعة للفراولة والموالح على حساب القمح للاستفادة من أرباح التصدير، أثبتت فشلها؛ إلا ان الدولة استمرت فيها وصولاً إلى الأزمة الحالية
في مقال يشبه الدراسة، كتب الباحث المختص في علم الاجتماع الريفي الدكتور صقر النور، عن أثر السياسات التصديرية للدولة المصرية في التأثير على قدرتها من تحقيق قدر من الاكتفاء الذاتي فيما يتصل بالقمح والأعلاف.
ويستند الباحث المختص إلى بيانات حكومية تظهر فشل السياسات التصديرية المصرية التي تعتمد على التوسع في الحاصلات الزراعية القابلة للتصدير، مثل الموالح والفواكه وعلى رأسها الفراولة، في مقابل تقليل المساحات المخصصة لزراعة القمح والأعلاف على أن تستفيد الدولة من فارق الربح من العملة الصعبة الذي تجنيه بين عمليتي التصدير والاستيراد.
يقول صقر النور أن تلك السياسة أثبتت فشلها منذ العام 2007 إلا أن الدولة المصرية لا تزال مستمرة في تبنيها. وتتعرض هذه السياسة حاليا إلى ضربة إفشال جديدة، ليس فقط لأن مصر لن تجني موارد موارد كافية من فارق التصدير بسبب الغلاء الذي ضرب اسعار القمح، بل ولأن المستورد الأساسي للموالح والفراولة المصرية هي روسيا نفسها التي باتت تعاني حصاراً اقتصادياً جراء العقوبات، قد يؤثر على قدرتها على شراء الحاصلات المصرية.
أزمة لم تحدث منذ عهد يوسف!
تشير المراجع والمصادر المختلفة إلى أن مصر على مدار تاريخها مرت بالعديد من الأزمات التي تسببت في اختفاء القمح أو زيادة أسعاره بصورة كبيرة، سببت مجاعات في أحيان كثيرة.
ولنبدأ من عصر الدولة الفاطمية، الذي أوردت أميرة الشيخ فرحات في مؤلفها "الفاطميون (تاريخهم وآثارهم في مصر)"، بعضا من الأزمات التي حدثت خلاله، قائلة: "لأول مرة منذ الفتح العربي تورد المصادر التاريخية قصة مكررة للسنوات السبع العجاف، وإن زادت هذه المرة إلى 9 سنوات، بدأت في عام 341 هـ/ 952 م، وكان سببها كثرة الفئران التي أكلت المحاصيل، وتواكب ذلك مع انخفاض الفيضان، فارتفعت الأسعار، وظل منسوب النيل منخفضا حتى عام 349 هـ/ 960 م، واستمر بالتالي ارتفاع الأسعار، وبلغت هذه الأزمة أوجها سنة 343 هـ/ 954 م، حتى اختفى القمح من الأسواق، فثار الناس وكسروا منبر جامع الفسطاط".
وخلال هذا العصر أيضاً، وقعت أزمة أخرى عرفت بـ"الشدة المستنصرية"، في عهد المستنصر بالله الفاطمي (55 هـ/ 1160 م - 567هـ/ 1171م)، أشار إليها ساويرس بن المقفع، في الجزء الثالث من مؤلفه "تاريخ مصر من خلال مخطوطة تاريخ البطاركة"، بقوله: "اجتاحت مصر مجاعة لمدة سبع سنوات بدأت في عام 457 هـ، واشتهرت باسم الشدة المستنصرية، يقال إنه لم يحدث مثلها منذ زمن يوسف عليه السلام، بسبب قصور مياه الفيضان".
وفي هذه الأثناء وفقا لما نقل المؤلف عن المقريزي، مثل أحد الأغنياء أمام المستنصر، ليشكو من أنه اشترى أردبا من القمح (يساوي 150 كيلو جرام في مصر) بسبعين ديناراً، فنهبه منه العامة حتى لم يبق منه سوى سبعين حبة قمح، أي كل حبة بدينار واحد.
ويصف محمود السعدني، ما حدث آنذاك، في مؤلفه "مصر من تاني"، بقوله: "نشبت المجاعة أظافرها في البلاد واستمرت سبع سنين، وأكل الناس بعضهم، وبيع فيها القمح بثمانين ديناراً، وأكل الناس الميتة والكلاب والقطط". ويتضح أن المصادر التاريخية اختلفت في تحديد السعر على وجه الدقة في هذه الفترة؛ إذ ذكر البعض أن السعر وصل إلى 120 دينار للأردب الواحد.
وعاشت البلاد مجاعتين أخريين في عهد الخليفة الآمر بأحكام الله (495 – 524 هـ / 1101 – 1130 م)، وقعت أولاهما في وزارة الأفضل بن بدر الجمالي بسبب نقص فيضان النيل، ونقل ساويرس بن المقفع رأيين في هذه الأزمة، الأول عن المقريزي الذي ذكر أن سعر القمح وصل آنذاك إلى أن أصبح "كل مائة أردب بمائة وثلاثين ديناراً".
ووفقا للمؤلف، حدثت مجاعة في خلافة الحافظ لدين الله (524 – 544 / 1130 – 1149)، لكنها كانت طويلة نسبياً؛ إذ استمرت ثلاث سنوات من 536 – 538 هـ، وصحبها وباء في العامين الأولين وبلغ مداه في عام 537ه، وهو ما يتناسب مع انتشار الطاعون الأسود في مختلف أطراف العالم القديم، وكان ابتداء ذلك في شهر شعبان سنة 536 هـ/ 1142 م، فبلغ سعر القمح تسعين درهماً للأردب الواحد، بسبب الانخفاض النسبي لماء الفيضان.
وبالانتقال إلى العصر المملوكي، نجد أن الدولة مرت بعدة أزمات مشابهة، منها ما أورده بلقاسم الطبابي، في الجزء الأول من كتابه "الموت في مصر والشام.. النكبات الديمغرافية في العهد المملوكي"، ويقول فيه: "متوسط سعر القمح حسب ما ذكره العمري (المؤرخ ابن فضل الله العمري) في أيامه هو 15 درهما للأردب، لكن سعره تضاعف عدة مرات ما بين محرم 693 هـ/ديسمبر 1293، وربيع الأول 695 هـ/كانون الثاني – يناير 1296 من 13 درهما إلى ما بين 150 و160 للأردب الواحد، في حين أن سعره في الأوضاع العادية لا يتعدى 2.5 درهما، بسبب المجاعات والأوبئة واحتكار التجار".
العثمانيون... رحلة معاناة طويلة
ولعل أشد فترات المعاناة، هي فترة حكم العثمانيين للمصريين منذ منتصف القرن الرابع عشر، إذ شهد حكمهم وخاصة في القرنين الـ17 والـ18 الكثير من الأزمات والمجاعات، وزادت الأسعار بشكل كبير، ما أدى إلى غضب الرعية وتظاهرهم ضد الدولة في أحيان كثيرة.
ويشير جمال كمال محمود، في مؤلفه "الخبز في مصر العثمانية"، إلى تلك الحقبة، بقوله: "في عهد محمد باشا النيشانجي (1721 – 1725) غلت الأسعار، وارتفع سعر القمح ارتفاعاً حاداً، بعدما شهدت البلاد فيضاناً سيئاً في عام 1722، وبسبب ندرة هذه السلعة حدث هياج شعبي في الأسكندرية، وعندما بلغ سعر أردب القمح في القاهرة 180 بارة (أقدم عملة عثمانية) ثارت الرعية بدورها، ورجم المتظاهرون السناجق (ممثلي الدولة في الإدارات)، والمتوجهين إلى عقد اجتماع في الديوان بالحجارة".
وبحسب المؤلف، استشرى الطاعون في شهر آذار/مارس 1723، وكان له تأثير سلبي بين سكان الدلتا، وأفضى تدهور البارة إلى ارتفاع الأسعار، واشتد الغلاء في العام التالي (1924)؛ لأن منسوب المياه كان منخفضا، فوصل سعر أردب القمح في صيف ذلك العام إلى 480 بارة، وعم البؤس الشديد مدينة القاهرة".
الهجوم على الجامع الأزهر
ويكشف جمال محمود، أنه في 3 ربيع الأول 1137 هـ/ 20 تشرين الثاني/نوفمبر عام 1724، ثارت الرعية فأغلقوا المحال ونهبوا الأسواق، وهاجموا الجامع الأزهر في أثناء إلقاء الدروس، بسبب المجاعة والغلاء.
وعلى الرغم من استمرار الغلاء لفترات متقطعة، فإن الرخاء عاد في عام 1730، ليصير متوسط سعر القمح في الفترة بين عامي 1730 و1740 مستقرا عن 56 بارة، إلا أن أزمة غلاء كبيرة وقعت بين عامي 1741 و1742 وتراوح سعر الأردب الواحد بين 220 و240 بارة.
وتسبب الفيضان المنخفض عام 1758 في حدوث مجاعة خلال العام التالي مباشرة، فبلغ سعر أردب القمح 255 بارة، وتزامن معه طاعون شديد كان يحصد يوميا في القاهرة نحو 5000 نفس بحسب "محمود"، ولم تنته الكارثة سوى في عام 1760، ليعود الرخاء سريعا.
ومنيت البلاد بأزمات اقتصادية في الربع الأخير من القرن الثامن عشر، فاقمتها الاضطرابات السياسية والصراعات العسكرية، التي اشتدت أكثر بوصول الحملة الفرنسية على مصر عام 1798، ففي عامي 1783 و1784 جاء موسمان زراعيان سيئان؛ لأن منسوب الفيضان خلال صيف 1783 كان دون حد الوفاء، وانحسرت المياه سريعاً قبل أن تروي أراضي الصعيد والدلتا، وسرعان ما نتج من ذلك غلاء الأسعار الذي كانت آثاره سيئة للغاية، فوصل سعر أردب القمح إلى نحو 900 بارة، وهو ما لم يحدث من قبل.
وعن هذه الأزمة، قال الجبرتي: "قصر مد النيل وانهبط قبل الصليب بسرعة، فشرقت الأراضي القبلية والبحرية، وعزت الغلال بسبب ذلك، وبسبب نهب الأمراء وانقطاع الوارد من الجهة القبلية، وشطح سعر القمح إلى عشرة ريالات للأردب واشتد جوع الفقراء".
وإذا كانت عدوى الطاعون انتهت في تلك الفترة، فقد عاد الغلاء إلى الظهور سريعا، وذلك بسبب انخفاض الفيضان حتى جاء شهر أيلول/سبتمبر 1791، فارتفع سعر أردب القمح من 180 إلى 540 بارة، فضج الفقراء، وخشي مراد بك وإبراهيم بك (كبار مماليك الدولة العثمانية) ثورتهم فاجتهدا في العمل على تخفيض الأسعار، ومما زاد الأمر سوءاً تكرار انخفاض منسوب الفيضان فاستمر سعر القمح في الارتفاع، "حتى بلغ حداً لم يسجله على الإطلاق، فبيع بـ1620 بارة".
ويعلق مؤلف "الخبز في العصر العثماني"، على ذلك، قائلا: "يقف الجبرتي كمؤرخ فذ لتلك الحوادث التي عاصرها، ورآها رؤي العين، فيورد عن حوادث شهر المحرم 1207 هـ/ 1792 ما نصه: (والأمر في شدة من الغلاء وتتابع المظالم، وخراب البلاد وشتات أهلها، وانتشارهم بالمدينة حتى ملأوا الأسواق والأزقة رجالاً ونساءً وأطفالاً، يبكون ويصيحون ليلاً ونهاراً من الجوع، ويموت من الناس في كل يوم جملة كثيرة من الجوع)".
ويؤكد المؤلف أن وصول الغلال من الدولة العثمانية (الغلال الرومية)، حسن إلى حد ما الموقف العصيب، في نهاية عام 1792، غير أن أردب القمح في العام التالي بلغ الحد الأقصى لسعره 720 بارة، ولم تتحسن الأوضاع إلا في شهر آب/أغسطس عندما جاء فيضان النيل وافياً، وخرج المحصول جيدا، لكن لم يقدر لمصر أن تنهض من هذه الأزمة التي دامت نحو 10 سنوات متتالية دون توقف، وظل الحد الأقصى والمتوسط لسعر القمح مرتفع ارتفاعاً شاذاً حتى وصول الحملة الفرنسية في نهاية القرن (1798 - 1801).
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
مستخدم مجهول -
منذ يومكل التوفيق ومقال رائع
Ahmad Tanany -
منذ 5 أيامتلخيص هايل ودسم لجانب مهم جداً من مسيرة الفكر البشري
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعلا يوجد اله او شئ بعد الموت
Mohammed Liswi -
منذ أسبوعأبدعت
نايف السيف الصقيل -
منذ أسبوعلا اقر ولا انكر الواقع والواقعة فكل الخيوط رمادية ومعقولة فيما يخص هذه القضية... بعيدا عن الحادثة...
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ اسبوعينمقال بديع ومثير للاهتمام، جعلني أفكر في أبعاد تغير صوتنا كعرب في خضم هذه المحن. أين صوت النفس من...