أيدت المحكمة العليا في ولاية كارناتاكا (جنوب الهند)، الثلاثاء 15 آذار/ مارس، سياسة جديدة تحظر غطاء الرأس الديني في فصول الدراسة، قائلة إن الحجاب "ليس من الممارسات الدينية الأساسية في الإسلام"، في سابقة قضائية من شأنها أن تزيد التوتر بين المسلمين والهندوس.
خلال الأسابيع الماضية، احتدم الجدل حول حظر الحجاب في المدارس في الدولة ذات الأغلبية الهندوسية ولكن العلمانية دستورياً. وهو ما أثار نقاشاً محوره حقوق المسلمين الذين يخشون أن يحصل إقصاؤهم مجتمعياً كأقلية في الهند.
ويرى المسلمون في الهند أن القيود المفروضة على الحجاب "بمثابة تصعيد مقلق للقومية الهندوسية" في ظل حكومة رئيس الوزراء ناريندرا مودي، بينما يعتبرها آخرون نابعة من "الإسلاموفوبيا". ويشكل المسلمون 14% من سكان الهند البالغ عددهم 1.4 مليار نسمة. مع ذلك، يحتضن البلد الآسيوي ثاني أكبر عدد من السكان المسلمين في العالم، بعد إندونيسيا.
وطالما كان هناك هذا النقاش بشأن الحجاب الذي انقسم إلى ثلاثة أفرقاء، فريق يراه مجرد رمز للاحتشام، وفريق آخر يراه فرضاً كرمز ديني، وفريق ثالث يعتبره رمزاً لاضطهاد النساء والوصاية على أجسادهن. حتى حظر الحجاب في مناطق مختلفة من العالم، أثار ردود فعل متباينة بين فريق مرحب وآخر يعارض أي شكل من أشكال المصادرة على ما تختار المرأة أن ترتديه.
"بمثابة تصعيد مقلق للقومية الهندوسية"… محكمة ولاية هندية تؤيد حظر الحجاب في فصول الدراسة، قائلةً إن "القرآن لا ينص صراحةً على ارتداء الحجاب كممارسة روحية أساسية"، وطالبات مسلمات يقلن إن هذا ينتهك حريتهن الدينية وعلمانية الدولة
بداية الأزمة
اندلعت الضجة في كانون الثاني/ يناير الماضي حين قرر موظفو مدرسة ثانوية صغيرة تابعة للحكومة في أودوبي، وهي مدينة ساحلية في ولاية كارناتاكا، منع دخول الفتيات اللواتي يرتدين الحجاب، قائلين إنهن ينتهكن بذلك "قواعد الزي الرسمي" للمدرسة.
احتج الطلاب على هذا القرار بالتخييم وتلقي الدروس في الخارج، بحجة أنه كان يُسمح للطالبات المسلمات منذ فترة طويلة بارتداء الحجاب في المدرسة. تطور الأمر سريعاً إلى أن فرضت مدارس أخرى في الولاية حظراً مماثلاً، وهذا ما أطلق تظاهرات لمئات النساء المسلمات اعتراضاً على القرار.
في الوقت نفسه، ظهر حراك مضاد لطلاب هندوس ارتدوا "شالات الزعفران"، التي ترمز للقوميين الهندوس، ورددوا شعارات تعكس تعصبهم أيضاً.
في حرم إحدى المدارس الثانوية، تسلق فتى هندوسي سارية العلم ورفع علم بلون الزعفران وسط هتافات أصدقائه. وفي مناسبة أخرى، حاصرت مجموعة من الشبان الهندوس فتاة مسلمة محجبة وأطلقوا شعارات هندوسية، وردت عليهم: "الله أكبر، الله أكبر".
وفي محاولة للتهدئة، أغلقت الدولة المدارس والكليات ثلاثة أيام. ثم فرضت حظراً على ارتداء الحجاب في الفصول الدراسية بالولاية، معتبرةً أن "الملابس الدينية" في المدارس الحكومية "تعارض المساواة والنزاهة والقانون والنظام العام". وجادل محامو الولاية بأن القرآن لا ينص صراحةً على ارتداء الحجاب كممارسة روحية أساسية، لذا فإن حظره لا ينتهك الحرية الدينية.
في المقابل، يعتبر معارضو القرار أنه يميز بين النساء الهنديات على أساس الدين، ويتعارض مع القيم الهندية الأساسية المتعلقة بالتنوع واحترام الاختلاف. وأصر شيوخ على أن "الحجاب ليس حقنا فحسب، وإنما أمر من الله".
معتبرةً أن "الملابس الدينية" في المدارس الحكومية "تعارض المساواة والنزاهة والقانون والنظام العام"، حظرت ولاية كارناتاكا الهندية "الحجاب" في مدارسها وجامعاتها. لكن ذلك أثار مخاوف المسلمين الذين يشكلون 14% من سكان الهند من إقصائهم كأقلية
شعور بالضعف والخذلان
إزاء سياسة المنع الحكومية، استسلمت بعض الطالبات المسلمات وحضرن دروسهن ورؤوسهن مكشوفة. لكن أخريات رفضن وامتنعن عن الذهاب إلى المدارس والجامعات نحو شهرين، وقاطعن الامتحانات الفصلية.
من الممتنعات عن الدراسة عائشة أنور (19 عاماً) التي قالت لأسوشيتدبرس: "أشعر وكأن الجميع خذولونا".
في الأثناء، قررت طالبات أخريات انتهاج منحى أكثر إيجابية، فرفعت ستة منهن دعوى قضائية لإلغاء حظر الولاية، بحجة أن هذا الحظر ينتهك حقوق الطالبات المسلمات في التعليم وحرية ممارسة الشعائر الدينية. لكن المحكمة العليا أيدت السياسة الحكومية عوضاً عن ذلك.
علياء أسدي واحدة من الطالبات اللواتي رفعن الدعوى، قالت لأسوشيتدبرس: "أنا هندية ومسلمة. عندما أنظر للحكم من وجهة نظر مسلمة، أرى حجابي على المحك، وكهندية، أرى أن قيمي الدستورية انتهكت".
إزاء سياسة المنع الحكومية، استسلمت بعض الطالبات المسلمات وحضرن دروسهن ورؤوسهن مكشوفة. لكن أخريات رفضن وامتنعن عن الذهاب إلى المدارس والجامعات.
عقاباً على نشاطها المعارض لحظر الحجاب، نشر هندوس متعصبون بيانات أسدي الشخصية عبر مواقع التواصل الاجتماعي، وهو ما عرضها لسيل من المضايقات عبر الإنترنت. مع ذلك، بقيت مصرّة على ارتداء الحجاب.
وتجدر الإشارة إلى أن الهند ليس لديها تاريخ مع حظر الحجاب أو حتى فرض القيود عليه في الأماكن العامة، بل يعد ارتداء النساء الحجاب أمراً شائعاً في جميع أنحاء البلاد.
في غضون ذلك، يقول منتقدو رئيس الوزراء مودي إن الهند انحرفت عن الالتزام بالعلمانية حتى باتت منقسمة على أسس دينية منذ توليه الحكم عام 2014. وهم يضربون لذلك مثالاً حرص رئيس الوزراء وكبار المسؤولين في البلد على الطقوس والصلاة الهندوسية على شاشات التلفزيون، وهذا ما يؤدي إلى طمس الخط الفاصل بين الدين والدولة.
كذلك حذّرت مجموعات مراقبة حقوق الإنسان مثل هيومن رايتس ووتش والعفو الدولية من تصاعد الهجمات على المسلمين، لا سيّما على النساء المسلمات واللواتي يُعتبرن أكثر تهميشاً.
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
مستخدم مجهول -
منذ يوممتى سوف تحصل النساء في إيران على حقوقهم ؟!
مستخدم مجهول -
منذ يومينفاشيه دينيه التقدم عندهم هو التمسك بالتخلف
مستخدم مجهول -
منذ يومينعظيم
Tester WhiteBeard -
منذ يومينtester.whitebeard@gmail.com
مستخدم مجهول -
منذ يومينعبث عبث
مقال عبث من صحفي المفروض في جريدة او موقع المفروض محايد يعني مش مكان لعرض الآراء...
مستخدم مجهول -
منذ 6 أيامرائع