خرجت السلطات التركية بقرار فاجأت به آلاف اللاجئين السوريين المقيمين على أراضيها بموجب بطاقات الحماية المؤقتة. فبمهلٍ زمنية محدودة تهدد وجودهم بشكل قانوني في تركيا، وصلت إلى آلاف السوريين المقيمين في مختلف الولايات التركية، رسائلُ نصية من دائرة الهجرة التركية، خلال الأسابيع الماضية، تدعوهم إلى تثبيت عناوين سكنهم بشكلٍ عاجل.
المهل الزمنية التي حملتها الرسائل لبعض السوريين اختلفت في معظم الحالات، مع عدم توضيح آلية تحديث عناوين السكن، وهل يكون في دائرة الهجرة أو في دائرة النفوس، أو في كليهما. هذه الإجراءات الجديدة وضعت اللاجئين السوريين في تركيا، في حالة من القلق على مصيرهم، وأربكتهم لقصر المهل الممنوحة لهم، أو للعواقب التي فرضتها وزارة الداخلية التركية في قرارها الجديد على من تنقضي المهلة دون أن يسجّل عنوانه.
محمد (30 عاماً)، عامل إنشاءات، مقيم في ولاية إسطنبول منذ أكثر من ست سنوات تحت الحماية المؤقتة، يقول لرصيف22، إنه مجبَر هو وزوجته حالياً على تحديث بيانات عنوان سكنه الجديد في حيّ "بلاط" الواقع في منطقة الفاتح في إسطنبول، لدى دائرة الهجرة في المنطقة، وذلك خلال مهلة 60 يوماً، بقي منها 45 يوماً، حسب ما ذكرت إدارة الهجرة في رسالة أرسلتها إليه بتاريخ 16 شباط/ فبراير 2022.
أعلنت مديرية الهجرة التركية في 15 كانون الثاني/ يناير 2021، وقف منح الإقامة السياحية للأجانب المقيمين في منطقتَي الفاتح وإسنيورت في ولاية إسطنبول
وصلت الرسالة إلى محمد بعد أن أتت الشرطة إلى منزله القديم للتحقق من وجوده فيه، والذي لا تزال بيانات السكن الخاصة به مسجلةً عليه في دائرة الهجرة. عندما لم تجده الشرطة أبلغت إدارة الهجرة بالأمر، فأرسلت الأخيرة رسالةً إليه تقول فيها: "إن التحرّي الذي قامت به قوات الشرطة أو الدرك عن عنوان بيتك أظهر عدم وجودك في المكان المحدد، لذلك يجب عليك تحديث العنوان خلال 60 يوماً".
يشير محمد إلى أنه بموجب قرارات الهجرة الجديدة، فإنه مجبَرٌ على تحديث عنوان سكنه خلال هذه المهلة، وإلا ستقوم دائرة الهجرة في المقابل بإلغاء بطاقة الحماية المؤقتة "الكيملك" الخاصة به، أي الوثيقة الوحيدة التي تُجيز له البقاء بشكل قانوني في تركيا، أو قد يتعرّض للترحيل القسري إلى سوريا في حال إبطالها.
معوقات كثيرة
واللافت في الأمر، أن محمد يحاول منذ تسلّمه رسالة الهجرة حجز موعد لتحديث بيانات سكنه، ولكن حتى اللحظة لم تستجِب دائرة الهجرة في الفاتح لطلبه. وحتى عندما يحاول أن يُكرّر عملية حجز الموعد، فإن إشارةً تظهر له بأنه قدّم بالفعل طلباً في هذا الشأن، وعليه أن ينتظر لتصله رسالة الموعد.
يروي محمد أن زوجته المقيمة في تركيا بموجب إقامة سياحية، قصدت مركز الهجرة في حيّ "كومكابيه" في منطقة الفاتح في إسطنبول، لتسجيل عنوانها، لكنّ الموظف رفض ذلك من دون توضيح الأسباب، على الرغم من حيازتها على عقد إيجار يحمل اسمها وتوقيعها، بجانب اسمي وتوقيعي، بالإضافة إلى اسم صاحب المنزل وتوقيعه، ووجود فواتير باسمي، ودفتر عائلة تركي، يُثبت زواجها مني، كوننا متزوّجَين بموجب القانون المدني التركي، وعلى الرغم من أن جميع هذه المستندات مطلوبة أصلاً من دائرة الهجرة لغرض تسجيل عناوين السكن.
محمد مجبَرٌ على تحديث عنوان سكنه خلال 60 يوماً وإلا ستقوم دائرة الهجرة بإلغاء بطاقة الحماية المؤقتة الخاصة به، الوثيقة الوحيدة التي تُجيز له البقاء بشكل قانوني في تركيا
يقول: "اتصلنا أنا وزوجتي بمركز الاستعلامات المخصّص لاستفسارات الأجانب، وأخبرناهم بحالتنا، فأوضحوا لي عدم وجود أيّ حلّ أمامي في الوقت الحاضر إلا انتظار رسالة الموعد. أما زوجتي فعليها، حسب كلامهم، انتظار انتهاء صلاحية إقامتها السياحية الحالية، في 20 آذار/ مارس 2023، أي بعد أكثر من عام، حتى تتقدّم بطلب تجديد إقامة بعنوان سكنٍ خارج منطقة الفاتح، لتتمكن من تحديث عنوان سكنها، لأنهم لن يسجلوا المهاجرين في الفاتح بعد الآن، حتى وإن كانوا مسجلين هناك وحائزين على إقامات سياحية. ما يعني أنه من المحتمل أيضاً أن ترفض دائرة الهجرة تسجيل عنوان سكني الجديد حتى ولو أعطوني موعداً لوجود منزلنا في الفاتح".
إجراءات صارمة
منذ العام الماضي، اتخذت السلطات التركية إجراءات عدة مناهضة لوجود اللاجئين السوريين والمهاجرين الأجانب في منطقتَي الفاتح وإسنيورت. فقد أعلنت مديرية الهجرة التركية في بيان صادر عنها في 15 كانون الثاني/ يناير 2021، وقف منح الإقامة السياحية للأجانب المقيمين في منطقتَي الفاتح وإسنيورت في ولاية إسطنبول.
وفي 30 أيلول/ سبتمبر 2021، قال رئيس بلدية الفاتح، إرغون طوران، في لقاء صحافي أجراه مع قناة "خبر تورك" التركية: "لقد اتخذنا قراراً. حتى لو كان لديه تصريح إقامة قصيرة المدى، لا يمكن للأجنبي أن يستأجر منزلاً في الفاتح، ولا يجب أن يستقر المزيد من المهاجرين هنا".
وصرّح طوران المنتخب عن الحزب الحاكم، حزب العدالة والتنمية: "اتخذنا القرار في 17 كانون الثاني/ يناير 2021. كان طلبنا من وزارة الداخلية أن أي أجنبي لديه تصريح للعيش في إسطنبول، وأي أجنبي حتى لو كان لديه تصريح إقامة، سوري أو مهاجر آخر، لا يمكنه استئجار منزل في الفاتح"، مضيفاً خلال حديثه: "النسيج الاجتماعي التركي في الفاتح بدأ يتفكك بسبب كثرة المهاجرين من كل الجنسيات القاطنين في المنطقة، ولذلك يجب ألا يستقر المزيد منهم هنا بعد الآن".
قررت السلطات منع الأجانب الحاملين لكل أنواع الإقامات، والسوريين المسجلين في البلاد تحت الحماية المؤقتة، من تقييد نفوسهم في 16 ولايةً تركيةً، و800 حي في 52 ولايةً
وفي 22 شباط/ فبراير 2022، أعلنت السلطات التركية إيقاف تسجيل كافة المهاجرين في منطقتي الفاتح وإسنيورت في إسطنبول، وذلك بسبب تخطّي نسبتهم فيهما حاجز الـ25% مقارنةً بالسكان الأتراك. كما أفادت وسائل الإعلام التركية بأن الخطوة التالية التي ستُنفَّذ في إطار إجراءات "التخفيف" التي أطلقتها وزارة الداخلية في ما يتعلق بالسوريين، هي نقل بعض سكان المناطق ذات الكثافة السكانية العالية من المهاجرين، إلى مناطق ومحافظات أخرى مختلفة "بشكل طوعي".
وفي التاريخ نفسه، نقلت صحيفة "حرييت" قرار وزارة الداخلية، بمنع الأجانب الحاملين لكل أنواع الإقامات، والسوريين المسجلين في البلاد تحت الحماية المؤقتة، من تقييد نفوسهم في 16 ولايةً تركيةً، و800 حي في 52 ولايةً.
وقالت الصحيفة إنّه في حال تجاوز عدد السوريين 25% من السكان في مكان ما، تُغلق أماكن الإقامة لاستقبال طلبات تقييد النفوس فيها، حسب قرار وزارة الداخلية. وجاء في القرار، أن الولايات الـ16 التي حُظرت هي: إسطنبول، وأنقرة، وأنطاليا، وأيدن، وبورصة، وتشاناكالة، ودوزجة، وأدرنة، وهاتاي، وإزمير، وكركلاريلي، وكوجالي، وموغلا، وسكاريا، وتكيرداغ، ويالوفا، حسب الصحيفة.
ومن جهتها، ذكرت صحيفة "جمهورييت" التركية، في 18 شباط/ فبراير 2022، أن أكثر من أربعة آلاف و500 لاجئ سوري نُقلوا حتى الآن من منطقة ألتنداغ في العاصمة التركية أنقرة، المعروفة بتجمع اللاجئين السوريين وتمركزهم فيها، كما أغلقت السلطات التركية 177 محلاً تجارياً، بالإضافة إلى هدمها بناءً مهجوراً كان يستخدمه بعض السوريين، مشيرةً إلى أن الداخلية التركية بدأت هذه الخطوة في منطقة ألتنداغ، لأن الأخيرة اختيرت كمنطقة تجريبية لتطبيق المشروع، والذي من المخطط تطبيقه في جميع أنحاء البلاد.
العوائق مقابل العجز
عن أبرز العوائق التي يواجهها السوريون في عملية تسجيل عناوينهم، يقول المحامي السوري، أسامة عبد الرحمن، إن "المقيمين والمسجلين اليوم في المناطق والأحياء المغلقة أمام السوريين، عاجزون عن تسجيل أفرادٍ من عائلاتهم على عناوين إقامتهم. فالأولاد عاجزون عن تسجيل أهاليهم والعكس صحيح، والأزواج كذلك الأمر عاجزون عن تسجيل بعضهم، وإن كانوا قادمين من أحياء مجاورة في المدينة الواحدة".
هذا الأمر حسب عبد الرحمن، "ينطبق أيضاً في حالة تحديث عنوان سكنٍ جديد، فالموضوع هنا عائد إلى تقييم الموظف؛ قد يُسجّل فرداً من الأسرة ويمتنع عن تسجيل آخر لأن العدد المسموح به لإقامة الأجانب في المنطقة قد اكتمل".
في حال انقضاء هذه المهلة دون استطاعة السوري تسجيل عنوان سكنه أو تحديثه، سيتم إيقاف جميع الخدمات الخاصة بالحماية المؤقتة
أما في ما يخصّ المهل الزمنية، فيؤكد أن "المهلة تبدأ من 45 يوماً وتصل إلى 60 يوماً، وفي حال انقضاء هذه المهلة دون استطاعة السوري تسجيل عنوان سكنه أو تحديثه، سيتم إيقاف جميع الخدمات الخاصة بالحماية المؤقتة، مثل الطبابة والدراسة ومراجعة الدوائر الرسمية والحصول على وثائق ومستندات قانونية".
ويوضح المحامي السوري أن الحلّ الوحيد أمام السوريين في هذه الحالة، هو السعي إلى تحديث بيانات السكن، لافتاً إلى أن عمليات إبطال "الكمالك" لا تتم بشكلٍ اعتباطي في معظم الحالات، وأن هذه مسؤولية قانونية على الشخص تحمّلها في هذه الفترة، لأن أوضاع اللاجئين السوريين في تركيا تتجه نحو الأسوأ، حسب تعبيره.
إلغاء الإقامات وارد
خلال شهرَي كانون الثاني/ يناير وشباط/ فبراير 2022، ألغت إدارة الهجرة في إسطنبول بطاقات الحماية المؤقتة وإقامات عشرات اللاجئين السوريين والمهاجرين الأجانب للأسباب المذكورة، من دون إبلاغهم مسبقاً بالأمر، وكان من ضمنهم أحمد (34 عاماً)، عامل خياطة، ويقيم في إسطنبول منذ أربع سنوات بموجب بطاقة حماية مؤقتة حصل عليها العام الماضي فحسب.
يروي أحمد لرصيف22، أنه منذ انتقاله في بداية أيار/ مايو 2021، إلى منزله الجديد في منطقة إسنيورت في إسطنبول، حاول الحصول على موعدٍ في دائرة الهجرة عبر موقعها الإلكتروني لتحديث بيانات إقامته. فـ"أخذُ المواعيد عبر هذا الموقع قبل قصد دائرة الهجرة مخصص فحسب للسوريين من حملة بطاقات الحماية المؤقتة، وليس لمن لديهم إقامات سياحية، سواء أكانوا سوريين أو أجانب، لأن هؤلاء يستطيعون الذهاب لتحديث بياناتهم من دون موعد في الدائرة الحكومية نفسها".
ويُتابع: "لم تقُم دائرة الهجرة بتحديد هذا الموعد لي. لقد مرّت بالفعل عشرة أشهر على محاولاتي المتكررة للتقديم عليه. اتّبعت طرقاً عدة في هذا السبيل، حتى أني استعنتُ بمحامٍ وبمكتب تعقيب معاملات، ولم أنجح"، مشيراً إلى أن هذا الأمر أدى إلى انقضاء المهلة المحددة له منذ 15 كانون الأول/ ديسمبر 2021، من قبل السلطات التركية، والتي بلغت 45 يوماً فقط، من دون تمكّنه من تسجيل عنوانه الجديد، ليتفاجأ قبل أسبوع تقريباً وهو يحاول الوصول إلى قيوده في نظام الحكومي الإلكتروني (e-devlet) بإلغاء قيده، وعند استفساره عن المشكلة تبيّن أن السلطات التركية قامت بإبطال بطاقة الحماية المؤقتة الخاصة به من دون إبلاغه.
قصد أحمد الشهر الماضي دائرة الهجرة في إسنيورت، برفقة زوجته، وهي تونسية الجنسية، وتقيم معه في المنزل نفسه، ليحاول تحديث بيانات سكنه من دون موعدٍ، لكنّ الموظفين سمحوا لزوجته بدخول المبنى كونها حاملةً للإقامة السياحية، ولم يسمحوا له في المقابل بذلك، بل عاملوه كما في كلّ مرة يحاول فيها إتمام أي معاملةٍ إدارية روتينية، بعدائية، حسب تعبيره، ورفضوا الاستماع إليه وطردوه من أمام المبنى.
الرسائل التعجيزية
رسائلُ دوائر الهجرة النصّية، وصلت إلى بعض اللاجئين السوريين على الرغم من تحديثهم عناوين سكنهم بعد أسابيع انتظروا فيها مواعيدهم لهذا الغرض. أما النسبة الأكبر من السوريين فوقعت في أزمة التعجيز بالمهل الزمنية المحددة من قبل دوائر الهجرة في ظل الآلية الحالية لحجز المواعيد. إذ يحاولون منذ بدء تطبيق القرار الحصول على مواعيد عبر الموقع المخصص لذلك، لكن دائرة الهجرة لم تستجِب لطلبات معظمهم حتى الآن، والتي تستجيب عادةً وتحدد موعداً بعد نحو شهرين على أقل تقدير من تاريخ تقديم الطلب، وهو ما يعني احتمال انقضاء المهلة المحددة في الرسائل قبل أن يتمكّن الشخص من تعديل عنوانه.
خلال شهرَي كانون الثاني/ يناير وشباط/ فبراير 2022، ألغت إدارة الهجرة في إسطنبول بطاقات الحماية المؤقتة وإقامات عشرات اللاجئين السوريين والمهاجرين
ويؤدي عدم تسجيل عناوين سكن اللاجئين السوريين إلى إبطال بطاقة الحماية المؤقتة الخاصة بهم، بموجب القوانين الجديدة الصادرة عن إدارة الهجرة في إسطنبول.
ففي 7 كانون الأول/ ديسمبر 2021، أصدر منبر منظمات المجتمع المدني إنذاراً أخيراً من مديرية الهجرة التركية للسوريين حملة بطاقات الحماية المؤقتة لتسجيل عناوين سكنهم. وذلك على خلفية اجتماع عقده مدير إدارة الهجرة في إسطنبول، بايرام يالنسو، مع المؤسسات السورية الفاعلة في الولاية، بتاريخ 6 كانون الأول/ ديسمبر 2021، تصدّرت الحديث فيه ضرورة تسجيل العناوين لأصحاب بطاقة الحماية المؤقتة "الكيملك"، لأنه سيتم التحقق الأمني من وجود الأشخاص في العناوين المسجلة في النفوس في جميع أنحاء تركيا.
وأوضح مدير إدارة الهجرة بعض النقاط التي تجب مراعاتها والانتباه إليها ومنها: على الأشخاص حاملي الكيملك من إسطنبول الذين لم يقوموا بتثبيت عنوانهم في النفوس، الإسراع في ذلك، وفي حال لم يتم تسجيل العنوان ستقوم الهجرة بإرسال إنذار لهم، وفي حال عدم الاستجابة ستقوم الهجرة بتجميد الكيملك، وقد تصل الإجراءات إلى إلغائها. وبالنسبة إلى من انتقل إلى عنوان جديد في إسطنبول، فعليه الإسراع أيضاً في تثبيت عنوانه الجديد في النفوس، وإلا سيتم اتخاذ الإجراءات المذكورة.
ويُرجح أن تخلق قرارات وزارة الداخلية التركية الجديدة حول عرقلة تسجيل عناوين اللاجئين السوريين والمهاجرين الأجانب في بعض أحياء إسطنبول، وإقفال مئات المناطق أمامهم، أزمة سكن بالنسبة إلى الآلاف منهم، إذ بدأت بلديات بعض المدن التركية بمنع السوريين من تثبيت عناوين إقامتهم في أحياء محددة، ما يؤدي في الكثير من الأحيان إلى تفريق العائلة الواحدة المقيمة في المنزل نفسه.
يعاني المهاجرون والسوريون تحديداً من التضييق المتصاعد الذي يُمارس بحقهم في تركيا، ومؤخراً صار تسجيل عنوان السكن أزمة تُضاف إلى أزماتهم التي لا تُحصى، فبمهل سريعة ومع دوائر حكومية تتسم بالبيروقراطية، تفتح السلطات التركية الباب لإلغاء بطاقات الحماية بحق آلاف اللاجئين
لينا (28 عاماً)، موظفة تسويق إلكتروني، مقيمة مع والدتها في حي ألتنداغ في ولاية أنقرة، وقد وصلتا إلى تركيا قبل ثماني سنوات، وأقامتا خلال معظم هذه الفترة في إسطنبول ولكنهما اضطرتا عام 2019 إلى الانتقال إلى أنقرة بموجب القرارات التركية منذ ذلك الحين بترحيل اللاجئين السوريين الحاملين لبطاقات الحماية المؤقتة، إما إلى ولاياتهم الأصلية المسجلين فيها، أو ترحيل أولئك "المخالفين" إلى سوريا وإن كانت تشهد حرباً وأعمالاً عسكريةً تهدد حياتهم بخطر القتل أو الاعتقال.
عندما ذهبت لينا إلى مديرية النفوس في أنقرة لتثبيت عنوان سكنها، قام الموظف بتسجيل عنوان سكن والدتها في المنزل المستأجر باسمهما بموجب عقد إيجار رسمي موقّع أيضاً من قبل صاحب المنزل، ورفض أن يقوم بتسجيلها، متذرّعاً بأن الحيّ لم يعد متاحاً لمزيد من "الأجانب".
هذا يعني، حسب لينا، أنها ستضطر إلى الافتراق عن والدتها، والبحث عن منزل منفصل خارج المنطقة كون ألتنداغ أصبح محظوراً على السوريين، علّها تتمكن من إنقاذ "كيملكها" من الإبطال، وحماية نفسها من احتمال التعرّض لخطر الترحيل في حال حدوث ذلك.
في خطوة ليست الأولى من نوعها، تُعرّض السلطات التركية أكثر من ثلاثة ملايين و700 ألف لاجئ سوري تحت الحماية المؤقتة، حسب إحصائيات وزارة الداخلية التركية الأخيرة، لوضع كارثيّ قد يؤدي إلى مزيد من العنصرية وتعالي خطاب الكراهية على أبواب استحقاقات سياسية في البلاد، اعتادت المعارضة والحزب الحاكم أن تستثمرا خلالها في موضوع اللاجئين.
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
مستخدم مجهول -
منذ يومكل التوفيق ومقال رائع
Ahmad Tanany -
منذ 5 أيامتلخيص هايل ودسم لجانب مهم جداً من مسيرة الفكر البشري
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعلا يوجد اله او شئ بعد الموت
Mohammed Liswi -
منذ أسبوعأبدعت
نايف السيف الصقيل -
منذ أسبوعلا اقر ولا انكر الواقع والواقعة فكل الخيوط رمادية ومعقولة فيما يخص هذه القضية... بعيدا عن الحادثة...
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ اسبوعينمقال بديع ومثير للاهتمام، جعلني أفكر في أبعاد تغير صوتنا كعرب في خضم هذه المحن. أين صوت النفس من...