شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

اترك/ ي بصمَتك!
الأمن الوطني الفلسطيني في مخيمات لبنان... عسكر لمن وعلى من؟

الأمن الوطني الفلسطيني في مخيمات لبنان... عسكر لمن وعلى من؟

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

سياسة

الأربعاء 2 مارس 202203:02 م

حاول عمر (اسم مستعار)، المقيم في مخيم برج الشمالي الواقع في منطقة صور جنوب لبنان، أن يبني منزلاً يؤسس فيه عائلة. سعى إلى الحصول على ترخيص يسمح له بإدخال مواد البناء إلى المخيم، لكنه اصطدم بمنع الجيش اللبناني الذي لا يسمح بدخول هذه المواد إلى المخيم.

بعد محاولات فاشلة عدة بالتوسط للسماح له بإنجاز مهمّته، اضطر بعدها إلى التوجه نحو أحد مهربي مواد البناء إلى المخيم، واشترى حاجته بسعر أعلى مما هو متعارف. وضع كُل ما يملك من أجل أن يبني بيته، وما أن انتهى حتى تسلّم بلاغاً عبر القوّة الأمنية في المخيم بضرورة التوجه إلى ثكنة الجيش في صيدا، وتحديداً فرع المخابرات.

ذهب عمر، ليتفاجأ بأنهم يوجهون إليه تهمة مخالفة البناء، وتم توقيفه ولم يُفرج عنه لأشهر، وبكفالة مالية. يقول: "إن كانت القوى الأمنية داخل المخيمات معنيّةً بحماية الفلسطينيين والتواصل مع أجهزة أمن الدولة اللبنانية في هذا الأمر، وليست قادرةً على تأمين أدنى حق للفلسطينيين المقيمين في المخيمات، وهو البناء، وحماية أولئك الأشخاص الذين لم يرتكبوا جرماً يعاقب عليه القانون، فما ضرورة وجودها في المخيم؟".

تقوم قوات الأمن الوطني بحماية وضع المخيمات الفلسطينية في لبنان وترتيبه، والتواصل مع الجيش اللبناني لحل أية مشكلة تحصل

يروي أحد المقيمين في مخيم عين الحلوة، عن حادثة بيّنت له أن الأمن الفلسطيني لا يقوم بدوره. يُذكّر بعملية "قتل حسن أبو دبوس الذي اغتاله عنصر من عناصر فتح على خلفية ثأرية، إذ أطلق النار عليه في وضح النهار وأمام عدد من الشهود، وهو معروف لقوات الأمن الوطني، وطلب من مطلق النار التواري عن الأنظار، علماً أنه كان يجب تسليم القاتل إلى أجهزة أمن الدولة اللبنانية".

ويترتب على قوات الأمن الوطني الفلسطيني القيام بحماية وضع المخيمات الفلسطينية في لبنان وترتيبه، والتواصل مع الجيش اللبناني لحل أية مشكلة تحصل في المخيمات، كونها الجهة الشرعية والوطنية التي تقوم بحماية أمن المخيمات مع الأجهزة.

التشكيل وظروفه

يقول اللواء ماهر شباطية، إنه "بعد خروج منظمة التحرير من بيروت، وبعد اتفاق أوسلو عام 1993، والذي أفضى إلى إقامة سلطة وطنية فلسطينية، فيها ثلاث مؤسسات، منها مؤسسة الأمن الوطني الفلسطيني، الذي يجب أن يكون موجوداً حيث توجد التجمعات الفلسطينية، والذي كان في السابق اسمه جيش التحرير الفلسطيني، وكون لبنان قد ألغى الاتفاق على وجود الكفاح المسلح، صار الاتفاق على تغيير الاسم، وتحويله إلى قوات الأمن الوطني التي تقوم بحماية وضع المخيمات الفلسطينية في لبنان وترتيبه، والتواصل مع الجيش اللبناني لحل أية مشكلة تحصل في المخيمات، وقائد الأمن الوطني في لبنان هو أبو عرب، والتنسيق يتم مع الأمن الوطني الذي هو الجهة الشرعية والوطنية التي تقوم بحماية أمن المخيمات مع الأجهزة".

يتواجد الأمن الوطني على حواجز المخيمات كلها، وهناك تنسيق لحماية المخيم، وحماية حواجز الجيش اللبناني الموجودة على مداخل المخيمات

وحسب شبايطة، "لقد تعرضت المخيمات الفلسطينية، وتحديداً مخيم عين الحلوة للكثير من المشكلات، وعملت قوات الأمن الوطني على حماية المخيمات، وحاربت الإرهاب، فقوات الأمن الوطني موجودة على حواجز المخيمات كلها، وهناك تنسيق لحماية المخيم، وحماية حواجز الجيش اللبناني الموجودة على مداخل المخيمات الفلسطينية، فهي صمام الأمان، لمنع أي احتكاك".

الدور المفقود

علامات استفهام كثيرة يطرحها الفلسطينيون داخل المخيمات في لبنان حول دور الأمن الوطني لا سيما في ظل انعدام الأمن أو بالحد الأدنى تغاضيه عن الكثير من الأحداث التي يشعر معها الفلسطيني المقيم في المخيمات أنه وحده ولا سلطة تحميه؛ فهل فعلياً تُمارس الدور المنوط بها؟ وهل تحوّل بعضها إلى مجموعات تحمي متنفذين؟

في 12 كانون الأول/ ديسمبر الماضي، تم إطلاق النار على مشيّعين في مخيم برج الشمال، كانوا يُشيّعون ضحايا انفجار مخزن سلاح في المسجد، وقيل يومها إنه تابع لحركة حماس. يروي أحد الذين تواجدوا في أثناء التشييع ما حصل، ويقول: "قبل يوم من حصول المجزرة، حصل اتفاق أمني وطُلب من قوات الأمن الوطني أداء التحية العسكرية للشهيد، وكان من المفترض أن يحضر الجنازة سفير دولة فلسطين في لبنان، أشرف دبور، واللواء فتحي أبو العردات، ولكن تفاجأ الناس بعدم مشاركتهما".

يُعاني الفلسطينيون من انعدام الأمن في المخيمات، من دون أن يقوم الأمن الوطني بما هو مطلوب منه، ويشيرون إلى توّرطه في عمليات اغتيال وحماية متنفذين

في أثناء الجنازة، وقبل الوصول إلى المقبرة، يروي الشاهد: طُلب من الموجودين عدم إدخال السلاح إلى المقبرة، وبسبب منع قوات الأمن الوطني من الوصول إلى مكان الانفجار، أرادوا أن تكون هناك بلبلة في الجنازة، فأحد الأشخاص من قوات الأمن أطلق النار في اتجاه الناس، وهو معروف بالاسم من عائلة "دحويش"، ومن ثم تبعه إطلاق نار من على أسطح المنازل، وكان واضحاً أن قوات الأمن الوطني كانت قد جهزت نفسها".

أما بالنسبة إلى مرتكبي المجزرة، فقد سُلِّم البعض منهم إلى سلطات الدولة اللبنانية، لكن هناك آخرين لم يسلَّموا، وقد تمت الإشارة إلى تورط خمسة عشر شخصاً، ويقول الشاهد إن "الفيديوهات تثبت ذلك، علماً أن الذي بدأ بإطلاق النار كان يسير مع التابوت، وكان سلاحه موضوعاً في حقيبة خاصة، وعندما صار التابوت بالقرب من المقبرة بدأ بإطلاق النار".

سُلّم مطلق النار من آل "دحويش" في حينها، ومنذ أكثر من أسبوع تم تسليم أربعة أشخاص، فيما لا يزال كُثر من الذين شاركوا في ما حصل في أثناء التشييع طلقاء، حسب الشاهد.

أمن المخيّمات لمن؟

عقب حادثة الاغتيال التي أدت إلى مقتل ثلاثة شبان وإصابة نحو ثمانية أشخاص آخرين خلال جنازة تشييع الشاب حمزة شاهين، حمّلت حركة حماس قوات الأمن الوطني الفلسطيني في المخيم، المسؤولية المباشرة عما أسمتها جريمة القتل والاغتيال المتعمد في برج الشمالي، في حين نفى قائد تلك القوات الاتهامات، أو أن يكون مطلق النار من حركة التحرير الوطني الفلسطيني (فتح)، أو من عناصر قوات الأمن الوطني، وقالت حماس في بيان: "إن المشيّعين تعرضوا لإطلاق نار من قبل قوات الأمن الوطني، بشكل مباشر ومتعمد بهدف القتل من أسلحة رشاشة على المشاركين في موكب التشييع".

ازدادت تجاوزات الأمن الوطني بعد حادثة مخيم برج الشمالي التي راح ضحيتها 3 مدنيين، فيما بدت منظمة التحرير غائبة تماماً

يؤكد كُثر ممن يعيشون في مخيمات لبنان حصول تجاوزات عدة لقوات الأمن الوطني، ازدادت بعد المجزرة التي حصلت في أثناء التشييع في برج الشمالي، إذ ظهر غياب الموقف الرسمي الفلسطيني، المسؤول عن أمن المخيمات والوجود الفلسطيني في لبنان، وبدت منظمة التحرير الفلسطينية بما تمثله قوات الأمن الوطني الفلسطيني هشةً، ولم تكن على مستوى الحدث وعلى مستوى مسؤوليتها المفترضة عن المخيمات، وكذلك بعد اغتيال حسن أبو دبوس في حي الطوارئ في مخيم عين الحلوة، إذ عمدت إلى عدم تسليم مطلق النار كونه عنصراً من عناصر فتح.

يُعاني الفلسطينيون كثيراً، ويحاولون أن يصمدوا اليوم في ظل ضائقة اقتصادية كبيرة يمرّ بها لبنان، ولكنهم يعانون فوق كُل ذلك من غياب تام للأمن، ومن تجاوزات مَن من المفترض أن يحميهم، وتالياً يسألون: "من المسؤول عن حماية المخيمات الفلسطينية؟ وما الدور الفعلي المنوط بقوات الأمن الوطني؟". 


رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

Website by WhiteBeard
Popup Image