مشاهد الأطفال والنساء في الملاجئ، وتدفق المواطنين على قطارات اللجوء دفعا المزيد من المواطنين العرب إلى التعبير عن تعاطفهم مع الشعب الأوكراني في وجه العدوان الروسي الذي يدخل يومه الخامس.
وصباح الخميس 24 شباط/ فبراير، بدأ الهجوم الروسي "الشامل" على أوكرانيا. وتقول الأمم المتحدة إنه خلّف نحو 100 قتيل حتى الآن، غالبيتهم من الجانب الأوكراني. علاوة على تشريد الآلاف وتهجيرهم.
وعبّر عدد كبير من المواطنين العرب عن دعم الشعب الأوكراني الذي شُرد من منازله وتعرض للتهجير القسري إثر اشتداد الحرب، وكذلك عن دعم الرافضين للحرب والمتضررين منها في الشعب الروسي.
وأشاد مواطنون عرب على نحو خاص بتمسك الشعب الأوكراني بخيار المقاومة و"صموده" في الدفاع عن أرضه ضد الغزو الروسي. ولفت عراقيون وسوريون ويمنيون إلى أنهم من "أشد المتضامنين" مع المواطنين الأوكرانيين لأنهم ذاقوا عذابات الحرب ولا يتمنون تكرار مآسيهم مع أي شعب آخر.
وتجدر الإشارة إلى أن قسماً من المواطنين العرب عبّر صراحةً عن دعمه الحملة العسكرية الروسية وأظهر تفهماً للدوافع الروسية المزعومة التي أدت إلى شنّها.
وعن ذلك، قال الصحافي المصري جمال سلطان عبر تويتر: "غزو #أوكرانيا الهمجي، قسّم العرب، كالعادة، إلى قسمين: أنصار الديكتاتوريات أو النظم العسكرية انحازوا إلى الديكتاتور الروسي، وأنصار الديمقراطية والحريات والكرامة الإنسانية انحازوا إلى الشعب الأوكراني ودولته المعتدى عليها". ووصف هذا القسم الأخير بأنه "فرز ‘إنساني‘ نحتاجه لاستبصار مستقبل معاركنا من أجل الحرية".
بعض "أنصار الديكتاتوريات أو النظم العسكرية" دعموا بوتين… أظهر عدد كبير من المواطنين العرب تعاطفاً مع المتضررين من الحرب في الجانبين، وأشادوا بـ"صمود" الشعب الأوكراني
الوقوع في فخ العنصرية
في غضون ذلك، وقع بعض المسؤولين والمحللين الغربيين ووسائل الإعلام الغربية في فخ العنصرية لدى تركيزهم على دعم الأوكرانيين ووصفهم بـ"البيض ذوي العيون الزرق والشعر الأشقر"، ومقارنتهم بـ"اللاجئين من خلفيات غامضة" أو تسمية الشرق أوسطيين صراحةً.
وصرّح الرئيس البلغاري رومن راديف للصحافيين بأنه يرحب في بلاده باللاجئين الأوكرانيين قائلاً إنهم "ليسوا من اللاجئين الذين اعتدناهم. هؤلاء الأشخاص أوروبيون وهم أذكياء ومتعلمون. هذه ليست موجة من اللاجئين الذين اعتدناها، أشخاص لا نكون متأكدين من هويتهم، ولديهم ماضٍ غامض، بل قد يكونون إرهابيين...".
نائب المدعي العام الأوكراني، ديفيد ساكفاريلدزي، حل ضيفاً على "بي بي سي" من كييف، وقال: "الأمر مؤثر حقاً لأني أرى أشخاصاً أوروبيين بعيون زرق وشعر أشقر وأطفالهم يقتلون كل يوم بواسطة قوات بوتين".
وذكر مراسل شبكة "CBS" الإخبارية الأمريكية للشؤون الأجنبية، تشارلي أغاتا، في شرحه لتدهور الأوضاع في أوكرانيا، أن مئات الآلاف من الأشخاص يحاولون الفرار من البلاد أو الاختباء في الملاجئ، لافتاً إلى أن هذا يحدث في بلد ليس كـ"العراق أو أفغانستان اللتين شهدتا نزاعات عسكرية على مدى عقود" بل "في مدينة أوروبية متحضرة لم يكن متوقعاً أن تشهد أمراً كهذا".
أما مراسلة قناة "NBC" الإخبارية الأمريكية في بولندا، كيلي كوبيلا، فأوضحت في معرض ردها عن سبب ترحيب بولندا باللاجئين الأوكرانيين: "بصراحة، هؤلاء ليسوا لاجئين من سوريا، إنهم لاجئون أوكرانيون. إنهم مسيحيون، وبيض. هم مشابهون جداً (لنا)".
" إنهم مسيحيون، وبيض. هم مشابهون جداً (لنا)"... وقع بعض المسؤولين والمحللين الغربيين ووسائل الإعلام الغربية في فخ العنصرية لدى الدعوة إلى التعاطف مع الأوكرانيين لأنهم "متحضرون" وتمييزهم عن اللاجئين الشرق أوسطيين
وعبر قناة "BFM " الفرنسية الإخبارية، قال أحد المحللين: "إننا في القرن الـ21، وهذه مدينة أوروبية تقصف بصواريخ كروز وكأنما هي العراق أو أفغانستان، هل تتخيل ذلك؟". وقال آخر: "نحن هنا لا نتحدث عن تدفق من السوريين الفارين من الحرب… نحن نتحدث عن مواطنين أوروبيين".
وظهرت مراسلة قناة "ITV" البريطانية وهي تبكي قائلةً: "الآن، حدث ما لم يكن في الحسبان. وهذه ليست دولة نامية من دول العالم الثالث. هذه أوروبا!".
اللافت أن قناة "الجزيرة" القطرية، النسخة الإنجليزية، وقعت في الفخ نفسه إذ قال أحد ضيوف القناة: "ما هو مؤلم لدى النظر إليهم (اللاجئين الأوكرانيين)، مظهرهم. إنهم أناس متحضرون من أبناء الطبقة الوسطى. واضح جداً أنهم ليسوا لاجئين يحاولون الفرار من إحدى دول الشرق الأوسط أو شمال أفريقيا. إنهم مثل أي عائلة أوروبية ربما تعيش بجوارها".
في سياق متصل، ظهرت صور ومقاطع مصورة وتقارير إعلامية تشير إلى منح الأشخاص البيض أولوية ركوب القطارات المتجهة إلى بولندا واستبعاد أو تأخير ذوي البشرة السوداء أو ذوي الأصول الآسيوية.
تعقيباً على هذه العنصرية وعلى الازدواجية الغربية في التعامل مع اللاجئين والمهاجرين من خلفيات أوروبية وغير أوروبية، غرّدت الناشطة المصرية آية حجازي: "أنا بتضامن تماما مع الشعب الأوكراني وفخورة بمقاومته. في نفس الوقت، عندي (شعور) مرارة لتباين اهتمام الميديا والعالم بآلام العالم الأول/ الأوروبي وتجاهله التام لآلام العالم الثالث والشعوب السمراء والمسلمة".
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
مستخدم مجهول -
منذ يومينكل التوفيق ومقال رائع
Ahmad Tanany -
منذ 6 أيامتلخيص هايل ودسم لجانب مهم جداً من مسيرة الفكر البشري
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعلا يوجد اله او شئ بعد الموت
Mohammed Liswi -
منذ أسبوعأبدعت
نايف السيف الصقيل -
منذ أسبوعلا اقر ولا انكر الواقع والواقعة فكل الخيوط رمادية ومعقولة فيما يخص هذه القضية... بعيدا عن الحادثة...
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ اسبوعينمقال بديع ومثير للاهتمام، جعلني أفكر في أبعاد تغير صوتنا كعرب في خضم هذه المحن. أين صوت النفس من...