شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

ضمّ/ ي صوتك إلينا!
الغزو الروسي لأوكرانيا...

الغزو الروسي لأوكرانيا... "عقاب" موسكو في دمشق أيضاً

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

سياسة

الاثنين 28 فبراير 202202:43 م

تمتد آثار الغزو الروسي لأوكرانيا إلى ملفات عدة، من بينها الملف السوري المرتبط ارتباطاً مباشراً بكل من روسيا وإيران. فما إن بدأ الغزو، حتى أعلن رئيس النظام السوري، بشار الأسد، دعمه لروسيا عبر اتصال هاتفي بالرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، قال فيه وفق وكالة الأنباء السورية الرسمية "سانا"، إن الخطوة الروسية "تصحيح للتاريخ".

التأثيرات المتوقعة تشمل المسارين، السياسي والاقتصادي، فالعقوبات المتزايدة من قبل الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد الأوروبي على روسيا ستؤثر بشكل مباشر على الاقتصاد السوري المنهك أصلاً، كما أن سوريا ستكون ورقةً للتفاوض على الطاولة بين روسيا والولايات المتحدة الأمريكية في الأيام المقبلة.

العقوبات المتزايدة من قبل الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد الأوروبي على روسيا ستؤثر بشكل مباشر على الاقتصاد السوري المنهك أصلاً

ويدُرك النظام السوري التأثير الاقتصادي تحديداً، وسرعان ما أعلن عبر مجلس الوزراء عن "استجابته للتطورات الحاصلة في ملف الأزمة الأوكرانية"، وذلك للتخطيط المسبق لإدارة التداعيات المحتملة، حسب ما نقلت الصفحة الرسمية لرئاسة مجلس الوزراء في سوريا في "فيسبوك".

تأثير سياسي محدود

حاول النظام السوري تصوير نفسه كـ"شريك سياسي" لروسيا في حربها على أوكرانيا، وبدا هذا الأمر جلياً في تصريحات المسؤولين السوريين، من رئيس النظام السوري بشار الأسد، إلى وزير خارجيته فيصل المقداد، وصولاً إلى نائب المقداد، بشار الجعفري، وكلهم أدلوا بتصريحات داعمة للرئيس الروسي، بل وصل الأمر بالجعفري للقول إن النظام السوري "استعد قبل شهرين لبناء علاقات مع إقليمَي دونيستك ولوغانسك".

التأثير السياسي يكمن فعلياً في أن الملف السوري ربما يكون "ورقة تفاوض" بيد الروس في أي مفاوضات مقبلة حول أوكرانيا، خاصةً مع سيطرة القوات الروسية على مرفأ طرطوس على ساحل البحر الأبيض المتوسط، وهو ما يمثل وصول روسيا إلى "المياه الدافئة".

إلا أن هذه النظرية ليست بالضرورة صحيحةً في المطلق، إذ يرى المحلل السياسي حسن النيفي، في حديث إلى رصيف22، إنه وعلى الرغم من وجود تقاطعات عديدة بين دور روسيا في كل من سوريا وأوكرانيا، إلا أن هذه التقاطعات "لا توحي بتلازم التحرك الروسي في دمشق وكييف معاً".

ويأتي رأي النيفي بحكم أن الملف السوري بات مرتبطاً بمسارات محددة كجنيف وأستانة ولقاءات اللجنة الدستورية، وبناءً عليه من المستبعد وفق ما يقول، أن نشهد تحركاً مفاجئاً في تلك المسارات.

وكان مبعوث الأمم المتحدة إلى سوريا، غير بيدرسون، قال بعد لقائه وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف في موسكو في 24 شباط/ فبراير الحالي، إنه يأمل بألا تؤثر الأحداث الدولية الأخيرة على الأمور المتعلقة بسوريا.

التأثير السياسي يكمن فعلياً في أن الملف السوري ربما يكون "ورقة تفاوض" بيد الروس في أي مفاوضات مقبلة حول أوكرانيا

وتدل تصريحات بيدرسون على ارتباط الملف السوري -ولو بشكل غير مباشر- بالملف الأوكراني، خاصةً مع ارتباطه سابقاً بملفات إقليمية، كملفي ليبيا وكاراباخ في الصراع بين أذربيجان وأرمينيا، ودخول الملف كورقة تبادلية بين اللاعبين الدوليين والإقليميين.

هذا الارتباط يعني أن الرد الأمريكي-الأوروبي على الغزو الروسي ربما يكون في سوريا، وليس من الضروري أن يكون هذا الرد عسكرياً بشكل مباشر. إلا أن النيفي يستبعد فكرة الرد في سوريا، "إذ يمكن القول إن التغوّل الروسي في سوريا جاء نتيجةً للتفويض الأمريكي الروسي، وتالياً فات أوان الرد هناك".

ويضيف: "لا توجد معطيات تشير إلى احتمال عودة المشهد السوري إلى واجهة الأحداث، والسبب أن المعارضة وبحكم دورها الوظيفي، لا تمتلك أي مبادرة من شأنها أن تجعل القضية السورية ذات حضور في المشهد الدولي، وعليه لا يمكن التعويل على العوامل الخارجية".

اقتصاد منهك... وبعد

تمثل روسيا منفذاً لتخفيف أثر العقوبات الدولية على النظام السوري، لذا فإن العقوبات الجديدة التي استهدفت روسيا بعد غزوها أوكرانيا تمثّل مصاعب اقتصاديةً للنظام، الذي يملك بدوره اقتصاداً منهكاً.

ووصل سعر صرف الدولار أمام الليرة السورية إلى ثلاثة آلاف و660 ليرةً للدولار الواحد، وفق موقع "الليرة اليوم" المتخصص في أسعار الصرف والعملات، فيما سبق وقدرت الأمم المتحدة أن 90% من السوريين يعيشون تحت خط الفقر.

وأعلنت رئاسة مجلس الوزراء في حكومة النظام السوري في 24 من شباط/ فبراير الحالي، عن حزمة قرارات جديدة وصفتها بـ"الضرورة الحتمية للتماشي مع متطلبات المرحلة"، وشملت القرارات في ما يخص القطاع المالي والمصرفي، "الترشيد في الإنفاق العام والترشيد في تخصيص القطع لتلبية الاحتياجات"، معترفةً في البيان الذي نشرته على صفحتها الرسمية في "فيسبوك"، بالصعوبات التي تواجه الاقتصاد السوري جراء النقص في الموارد الأساسية كالنفط والقمح، وهاتان المادتان تحديداً تستوردهما حكومة النظام السوري من روسيا.

أعلن النظام السوري الشهر الحالي، عن حزمة قرارات جديدة وصفتها بـ"الضرورة الحتمية للتماشي مع متطلبات المرحلة"

يقول الباحث في الاقتصاد السياسي، يحيى السيد عمر لرصيف22، إن "الاقتصاد السوري بدأ بالتأثر بالغزو الروسي لأوكرانيا وفق بُعدين، الأول هو البعد العام (تأثر الاقتصاد العالمي بالغزو والذي يظهر من خلال ارتفاع أسعار حوامل الطاقة وارتفاع سعر الغذاء)، وهو ما سينهك الاقتصاد السوري المتعب أساساً".

أما البعد الثاني وفق السيد عمر، فيتمثل في أن الغزو والتوتر في البحر الأسود والتوتر الدولي سيصعدان من أزمة النظام السوري المحاصر، ما "سيؤثر بشكل مباشر في قدرته على توفير المستلزمات، كما أن النظام المصرفي الروسي يوفر للاقتصاد السوري بعض الخدمات، وفي ظل العقوبات الغربية على البنوك الروسية سيفقد النظام هذه الخدمات".

وحدة حال العقوبات

ويرى السيد عمر أن العقوبات على روسيا ربما تزيد من وضع النظام السيء، مشيراً إلى الاجتماع الذي عقدته رئاسة مجلس الوزراء، ما يدل على أن النظام يتوقع بأنه لن يكون في مأمن من تأثير هذه العقوبات.

من جهته، يقول الأكاديمي والاقتصادي السوري، فراس شعبو، لرصيف22، إن "التأثير بدأ مباشرةً، إذ أعلن النظام السوري عن حزمة تقشفية جديدة من خلال ضبط النفقات بشكل كبير"، ويضيف: "سوريا اتخذت قرارات على مستوى الإنفاق والدعم الحكوميين، وتالياً إزالة أي دعم جديد وحالات رفع الدعم ورفع الأسعار، عدا عن ارتفاع الدولار وارتفاع الأسعار بسبب حالة الفوضى العالمية بما يخص النفط والذهب وأسعار السلع، وبالتالي ستتأثر سوريا بطبيعة الحال بارتفاع الأسعار المرتفعة أصلاً فيها".

يُشير الواقع إلى أن دمشق ستتأثر كثيراً نتيجة الغزو الروسي لأوكرانيا، وكُل عقوبة تطال روسيا ستنعكس عليها، فضلاً عن أنها ورقة بيد بوتين يضعها على الطاولة في أي مفاوضات مُقبلة على خلفية غزوه 

وستعاني روسيا من عقوبات شديدة جداً، خاصةً إن حُيّدت نهائياً عن النظام المصرفي العالمي والقدرة على بيع الغاز والنفط الروسي، وعلى الرغم من ذلك، فإن شعبو، لا يميل إلى فكرة أن القوى الغربية ستفرض عقوبات أكبر -خاصةً أن روسيا هي جزء من النظام العالمي- عبر إخراجها من نظام "السويفت" الذي يقتضي التصدير والاستيراد بطبيعة الحال، فهذا يعني خسارة للنفط والغاز وغيره، وتالياً لو منعت القوى الغريبة روسيا من بيع الغاز، ستلجأ الأخيرة إلى بيعه في السوق السوداء بأضعاف ثمنه".

وعليه، يرى شعبو أن روسيا تدرك العقوبات الاقتصادية المقبلة وبعض المشكلات التي ستحصل في الاقتصاد الروسي، وربما حينها تكون سوريا ورقة تفاوض في أي ملف في الأيام القادمة وليست ورقة نفوذ، خاصةً مع وجود عقوبات كبيرة على سوريا بالإضافة إلى أنه لا يوجد رضا عالمي عنها.

من غير المعروف مدى تأثر النظام السوري بالعقوبات الجديدة على روسيا، إلا أن تعنت النظام وإعلانه الدعم لروسيا بشكل مباشر، وتشابك الملفات الدولية ببعضها البعض، أسباب تضعه على قائمة المتأثرين. 


رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

Website by WhiteBeard
Popup Image