أطفال المهاجرين في السويد
ليست المرة الأولى التي نسمع فيها عن تدخّل السلطات الأوروبية لسحب الأطفال من العوائل المهاجرة، لكن الواضح أن ما يحصل في السويد حالياً لم يعد حدثاً هامشياً، إذا انتشر هاشتاغ "أوقفوا خطف أطفالنا"، احتجاجاً على ما تقوم به السلطات السويديّة التي توظّف حجّة "العائلة غير مؤهلة لتربية الأطفال" والخديعة والقوة، لسحب الأطفال من عائلاتهم ووضعهم مع أسر جديدة.
انتشر هاشتاغ "أوقفوا خطف أطفالنا" احتجاجاً على ما تقوم به السلطات السويديّة التي تسحب الأطفال من عائلاتهم ووضعهم مع أسر جديدة ممارسة لا يمكن وصفها إلا بالعنصرية والهيمنة الحيويّة
استُخدم لفظ اختطاف في الكثير من المقالات التي تتناول الموضوع، وأشير إلى أن الأمر يشبه عملية احتيال تشارك فيها الشرطة السويديّة، والهدف هو كسب الأسر المضيفة لرواتب شهرية عالية تدفعها الدولة للأسرة مقابل الأطفال الجدد الذين تستقبلهم، وقال البعض الآخر إن العملية تتجاوز الربح الماديّ، وتهدف إلى "تنصير" أطفال المسلمين المهاجرين وإدخالهم في الديانة المسيحيّة.
لا نحاول الدفاع عن السويد، خصوصاً أن هناك العديد من الكتب والتحقيقات الصحفية التي تفضح فساد مؤسسات الخدمات الاجتماعية ورعاية الأسرة، ولا يمكن لنا إلا التعاطف مع الأُسر، حتى لو كانت نتائج التحقيقات التي يقال إن "مكتب السوسيال" يقوم بها تفيد أن هناك خطراً على الطفل ولابد من فصله عن أسرته، لكن، ما هو مشترك في هذه الأخبار هو توريط الأهل في الأدوية والعقاقير النفسية، واتهامهم بعدم التوازن، كما أن عبارة "اتضح وثبت وجود خطر على الطفل" التي وردت في الرد الذي انتشر على الصفحة الرسميّة للحكومة السويديّة غامضة، ما هو الخطر المقصود بدقة، الجسدي، النفسي؟
لن نخوض في التفاصيل والحيثيات، لكن هذه الممارسات تحتاج لتدخل طارئ من قبل الجمعيات، خصوصاً أن الأسرة التي توسم بعدم الأهلية، تحرم من أطفالها الحاليين وأي طفل قادم، أشبه بسياسة لـ"تعقيم" العائلة المهاجرة، وحرمناها من الاستمرار في البلد الجديد، هذه الممارسة لا يمكن وصفها إلا بالعنصرية والهيمنة الحيويّة.
استعراض رعب "الطفولة"
لم يعد يمر أسبوع دون أن نسمع ونرى فيه طفلاً في نفق على وشك الاختناق (المغرب) وآخر يجلد أمام أعيننا (سوريا)، وآخر ميت برداً أو غرقاً، لتتحول شاشات التلفاز ووسائل التواصل الاجتماعي إلى ما يشبه الاستعراض لشرور العالم التي أصبحت مركّزة على الأطفال، الفئة الأضعف والأقل قدرة على الفعل، وهذا بالضبط ما نحاول انتقاده، استعراض الطفولة الموشكة على الموت يتركنا في رعب دائم.
لم يعد خوفنا على أنفسنا، بل على احتمالات استمرارنا في العالم، وكأن العالم لم يعد صالحاً كي نستمر فيه، كل طفل مهدد بشكل أو آخر أن يتحول إلى "تريند" يملؤنا بالتعاطف والحزن ثم الرعب من هكذا عالم، لا توفر شروره أحد.
نكتب هنا إلى الأشرار، العدميين، اللاإنسانيين، أن استهدفوا البالغين من الرجال والنساء، تهديد الأطفال بهذا الشكل وتحويلهم إلى سلعة للفزع قد يقسم القشة الأخيرة التي يستند عليها ما تبقى من إنسانيتنا، لا نمتلك ما نقوله سوى: اتركوا مستقبلاً لأطفالكم أنتم، أولئك الذين سيرثون مكاسبكم، اتركوا أملاً لهم أو حتى وهماً بأن العالم سيكون أفضل.
أين الانتقادات الموجهة إلى الهند التي تمنع الحجاب في الجامعات؟
عادة ما يتم استهداف فرنسا العلمانية بالشتم والانتقاد والتآمر على الإسلام في حال اقتربت من مواضيع الحجاب واللباس وحريتهما، لكن الغريب هو غياب الحملات التي تطال إقليم كازانتاكا في الهند، الذي مُنع فيه ارتداء الحجاب ضمن الحرم الجامعي، ما اضطر الكثير من الطالبات إلى خلع الحجاب في قاعات الدرس ومواجهة التهديدات والمتظاهرين المتعصبين على أبواب الجامعة.
هذه الانتقائية في الدفاع عن الإسلام تثير الريبة والشك، فهل الهندوس مباح لهم ما هو مباح لغيرهم، أم أن مسلمي الهند "خارج الحسبة"؟ نحاول السخرية من الأصوات التي تختار معاركها للدفاع عن "الدين" بناء على حسابات سياسية واندفاعات عاطفيّة، لا على أساس حقوق الأفراد في ممارسة شعائرهم الدينيّة، ولا الحفاظ على حقوق أتباع الدين الحنيف.
نطالب (ساخرين) شيوخ الأزهر والديار المقدسة بالانتفاض والإفتاء والتهكم على الهندوس، ونطلب من الإمارات أن لا تتدخل أبداً ولا تفتح باب اللجوء، فتاريخها بتسليم الأقليات المسلمة للحكومات القمعية غير مشرف، ولتكتف بمحاربة الدرونات الحوثية التي تفسد صور السلفي التي يلتقطها السياح.
نحاول السخرية من الأصوات التي تختار معاركها للدفاع عن "الدين" بناء على حسابات سياسية واندفاعات عاطفيّة، لا على أساس حقوق الأفراد في ممارسة شعائرهم الدينيّة، ولا الحفاظ على حقوق أتباع الدين الحنيف
سر الطاولة الفرنسية-الروسية
أخذت صورة الطاولة العملاقة التي جمعت الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون ونظريه الروسي فلاديمير بوتين، حيزاً من النقاش والتأويل أكثر ما ناله اللقاء بين الاثنين، وبدأت التحليلات السيميولوجية لمعانيها، وعلاقة "القيصر الروسي" مع "الديك الفرنسي" الذي رفض أن يخضع لفحصPCR في روسيا خوفاً على حمضه النووي.
هذه ليست المرة الأولى التي تتحفنا فيها البروباغاندا الروسية، فبوتين سلط كلباً على أنجيلا ميركل حين قامت بزيارته، وترك بشار الأسد في الخلف متجاهلاً إياه حين زار سوريا لتفقد الأراضي الجديدة التي خضعت لسيادته، وهذه الطاولة وكل معانيها جزء من هذه السياسية التي أصبحت مملة، دبلوماسية العلامات هذه لا تصلح سوى لإنتاج الـMEMES والدعابات الذكية والمتحذلقة أو شديدة السذاجة، لذا، نرجو من بوتين تغيير فريق العلاقات العامة والسوشال ميديا، كوننا أصبنا بالملل.
نريد فريقاً مشابهاً لذاك الذي امتلكه دونالد ترامب، الذي ملأ نهاراتنا دراما وأكشن وتصريحات مثيرة للجدل وشتائم متنوعة، علَّ ذلك يغير من تدفق الأخبار أمامنا، فلا مانع لدينا من "محتوى جديد" بين أخبار الأطفال الموتى واللقاحات الجديدة لكوفيد 19.
في معاداة الساميّة والإعلام الجديد
لن نخوض في معاني كلمة سامية وتوظيفها السياسي وكيف استُثني العرب (الساميون أيضاً) منها وانحصرت باليهود، لكن نشير إلى أن تجريم معاداتها، أي شتم أو انتقاد اليهود وتعييرهم، يمكن تفهمه، بسبب تاريخ أوروبا في الحرب العالمية الثانية، لكن تجريم معاداة إسرائيل كما حصل سابقاً في فرنسا شأن شديد الإشكاليّة، ويجعل اليهود وإسرائيل أشبه بطوطم لا يجوز المساس به.
لكن، يبدو أن الموضوع أصبح وسيلة لتلقين أصحاب الرأي السياسي درساً، خصوصاً في ألمانيا، إذ قامت قناة دويتشه فيله الألمانيّة بفصل 5 صحفيين تحت تهمة "معاداة الساميّة داخل المؤسسة"، بسبب تعليقات كتبوها على وسائل التواصل الاجتماعي، إلى جانب تحيز في اختيار الضيوف، وغيرها من العبارات الرنانة الخاصة بالمهنية وأصول ممارسة المهنة.
يكشف لنا الحدث السابق عن السياسات التي تتبعها القنوات العربية التابعة لوزارات الخارجية التي تبث من أوروبا، وطبيعة الرسائل التي ترغب بنقلها حين التعامل مع الصراعات في المنطقة العربيّة، لذا نطلب من إدارة هذه القنوات وضع سياسات مشابهة لتلك التي تجرّم معاداة الساميّة، كنصرة الأسدية، دعم حزب الله، مسايرة الديكتاتورية المصرية، تملق المملكة السعوديّة والمحن على الإمارات العربية المتحدة، بوصفها ممارسات غير مهنيّة، ولا بد أن تتشابه عقوبتها مع عقوبة معاداة الساميّة، وإن كان الذنب الأوروبي بخصوص المحارق ما زال إلى الآن يهيمن على السلطات في أوروبا ويتحكم بكيفية تعاملها مع اليهود وإسرائيل، لابد إذن من إبراز الذنب الأوروبي في دعم ديكتاتوريات المنطقة وتوظيفه في ذات السياقات التي تظهر فيها تهمة "معاداة الساميّة".
تحدي العفّة: الدعوة الرقيقة إلى مكارم الأخلاق
تجاهل محررو ومحررات المقتطف بداية الأمر كل ما يتعلق بتحدي العفّة الذي انطلق في السعوديّة، لكن يبدو أن الأمر جديّ، وهناك تصريحات ومشاركين وغير ذلك، وهذا ما أثار حفيظتنا، لا انتصاراً للبورونوغرافيا، بل للإشارة إلى أنها لم تعد حصراً على المواقع الإباحيّة، هي منتشرة في كلّ مكان، الانصياع فعلياً إلى تحدي العفّة والانقطاع الكلي عنها، يعني فعلياً عدم مشاهدة أي شيء، سواء كنا نتحدث عن الأخبار أو وسائل التواصل الاجتماعي أو الأفلام التقليدية.
البورنوغرافيا تسللت ثم انتشرت في كل المساحات الجديّة، العالم كله يستعرض مآسيه وأفراحه ومتعه بصورة بورنوغرافية، يكفي البحث قليلاً في المواقع البورونوغرافية لتظهر أمامنا معظم تقارير الأخبار وصور الجثث من اليمن وسوريا، التي يتم التعامل معها كمنتجات بورنوغرافية، أي أن الأمر لم يعد يتوقف على أجساد عارية ترهز وتنكح، كل ما ينتهك الجسد الإنسانيّ بفجاجة حد تلبد الإحساس هو بورنوغرافيا.
ننصح القائمين على تحدي العفة بتقديم قائمة دقيقة بالأشياء التي يجب التوقف عن مشاهدتها، وإلا هناك بعض المتهورين الذين سيأخذون الأمر على محمل الجد، وينقطعون كلياً عن العالم وما يحدث به.
الانتحار في العراق سببه الشال الإيراني والتركي
لا يمكن تجاهل مأساة ارتفاع معدلات انتحار الفتيات في العراق، لكن الملفت والذي لم نستطع في المقتطف تجاهله، هو طبيعة جندرة هذا الموضوع ثم تسييسه، إذ نقرأ أن الانتحار بين الشبان يسهّله انتشار السلاح، وهذا شأن منطقي، أما بالنسبة للفتيات، فالأداة المستخدمة هي "الشال" أو غطاء الرأس الذي تستخدمه الفتيات لشنق أنفسهن، لكن الساخر في الموضوع (لا نعلم إن كان الأمر مقصوداً أم لا) هو أن نقرأ العبارة التالية: "ويباع هذا الغطاء في الأسواق المحلية بسعر يبدأ من دولارين، ويستورد من تركيا وإيران ودول أخرى".
كما يتضح الاستخفاف في التعامل مع هذه المأساة حين قراءة التصريح التالي لضابط وزارة الداخلية العراقيّة، إذ يقول: "لجوء النساء، وخاصة الفتيات، إلى الانتحار بتلك الطريقة، يأتي بسبب عدم إجادتهن غالباً لاستخدام السلاح، وتوفر غطاء الرأس الذي يعد جزءاً من اللباس اليومي، ولا يمكن منعهن من استخدامه أو ارتدائه من قبل ذويهن".
لا نعلم إن كان الضابط يمثل جهود وزارة الداخلية بأكملها للوقوف في وجه هذه الظاهرة، ولا أهمية الوزارة نفسها في التعامل مع هذه الظاهرة التي من المفترض أن تكون من اختصاص الجمعيات والأطباء النفسيين، لكن ضمن منطق الخبر السابق، التخلّص من الشالات القادمة تركيا وإيران سيؤدي إلى انخفاض معدلات الانتحار بين الفتيات بصورة ملحوظة، وهذ شأن نظن أنه من الممكن إنجازه، يكفي فقط إيقاف استيراد الشالات حتى يحل جزء كبير من المشكلة، ولتكتفي الفتيات بالشالات المصنوعة محلياً، لكن الواضح أن الأخيرة لا تصلح للانتحار وقد تتمزق حين تعليقها بالسقف! لذا نرجو من إدارة الاستيراد والتصدير من القائمين على المعابر الحدودية العراقية ضبط تدفق الشالات التركية والإيرانيّة، لا لشيء، بل صوناً لحيوات من تبقى من النساء في العراق.
* يعبّر المقال عن وجهة نظر الكاتب/ة وليس بالضرورة عن رأي رصيف22
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
مستخدم مجهول -
منذ يومكل التوفيق ومقال رائع
Ahmad Tanany -
منذ 5 أيامتلخيص هايل ودسم لجانب مهم جداً من مسيرة الفكر البشري
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعلا يوجد اله او شئ بعد الموت
Mohammed Liswi -
منذ أسبوعأبدعت
نايف السيف الصقيل -
منذ أسبوعلا اقر ولا انكر الواقع والواقعة فكل الخيوط رمادية ومعقولة فيما يخص هذه القضية... بعيدا عن الحادثة...
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ اسبوعينمقال بديع ومثير للاهتمام، جعلني أفكر في أبعاد تغير صوتنا كعرب في خضم هذه المحن. أين صوت النفس من...