آبل بمواجهة المفكات
لطالما امتلكت شركة آبل ومنتجاتها أسلوباً خاصاً في التعامل مع المستهلكين، فالدخول إلى واحد من متاجرها أشبه بولوج سفينة فضاء، كل شيء أملس، لامع وأبيض، نختار ما نريد، ندفع مبلغاً طائلاً، ثم نغادر واضعين Earpods بكل تعال. كل هذا يترافق مع حرماننا من امتلاك صلاحية اكتشاف ما يحويه "داخل" أي جهاز نشتريه، وكأننا أمام تكنولوجيا فضائيّة لا يفقهه بها إلا قلة قليلة، تتمثل بموظفي آبل النزقين، مُصطنعي اللطف، الذين نسلمهم الهاتف المعطوب ليعطونا غيره، دون أن نعرف ما هي المشكلة أو كيفية إصلاحها.
لكن، هذه "الهالة" كُسرت، إذ أعلنت آبل نيتها السماح للمستهلكين بإصلاح هواتفهم بأنفسهم، ما يعني تهشيم صورة الجهاز الفضائي العجائبي الذي يتمثل بالآيفون، وتحويله إلى أي هاتف آخر يحق لنا استكشافه وتبديل قطعه أو تخريبه. هذا التنازل، يهدد صورة آبل واحتكارها للعبقرية وحقوق "الإصلاح"، وللمصادفة، تزامن هذا الإعلان مع بيع طالب ماجستير هاتف آيفون معدل بـ 86 ألف دولار.
ما نحاول الإشارة إليه، هو غرور مستخدمي آبل الذي سيتحطم الآن أمام مفكات الفضوليين والمخربين، هذا الفضول الذي يترافق مع السذاجة عادة، وعبارات كـ"لا أحد يستطيع إصلاح الجهاز سوى الشركة، كونه هاتفاً فضائياً، لا يمكن لكم، أنتم الهواة والمبتذلون، المساس به".
التين والزيتون والبواسير
مذهل أسلوب تعامل النظام السوري مع الخطاب الديني، خصوصاً على لسان المفتي المقتنع أن سوريا مذكورة في القرآن في سورة التين، الشأن الذي أكده الممثل دريد لحام لاحقاً، قائلاً إن من بقي في سوريا هم التين والزيتون. لا نعلم حقيقة ما نقول، خصوصاً أن "رجالات" النظام يتفوهون بما لا يمكن تصوره. وكان رد "الأسد" هو عزل حسون و إلغاء منصب مفتي الجمهورية بأكمله، المثير للاهتمام أن هذا الشأن ترافق مع محاكمة السباحة السورية سارة ماديني في اليونان بتهمة الإتجار في البشر، وموت السوريين برداً على الحدود البيلاروسية وتحولهم إلى "قطيع" تهدد بيلاروسيا فيه أوروبا.
لطالما امتلكت شركة آبل ومنتجاتها أسلوباً خاصاً في التعامل مع المستهلكين، فالدخول إلى واحد من متاجرها أشبه بولوج سفينة فضاء، كل شيء أملس، لامع وأبيض، نختار ما نريد، ندفع مبلغاً طائلاً، ثم نغادر واضعين Earpods بكل تعال.
لكن، ربما هناك حكمة ما في اختيار حسون ولحام التلاعب بتأويل هذه الآية، وإسقاطها على أنفسهم، إذ نقرأ في تفسير الكشّاف للزمخشري، أن التين والزيتون "يقطعان البواسير"، وهنا يمكن أن نفهم اللغط: لحام وحسون كالبواسير في سوريا ، ألم شديد، عجز عن الحركة وإحراج ما بعده إحراج، وربما على الجميع فعلاً التهام التين والزيتون بكثرة للتخلص من هذين الباسورين إلى الأبد.
لا تقرب "القيصر" يا أردوغان
لا نفهم ما الذي يحصل مع أردوغان، سلطان... وعيناك، اعتقلت من يشتمك ويسخر منك... تفهمناك، رحّلت السوريين بسبب سخافات الموز... راعينا شرط البلاد واقتصادها، لكن أن تتطاول على عمر "القيصر" سليمان، واتهامه بأنه "عضو في منظمة إرهابية"؟! فهذا ما لا يمكن التسامح معه.
التهمة الوحيدة التي يمكن أن توجه لسليمان هي "إرهابه" قاعات الرقص، لا يوجد من لا يستطيع الرقص على موسيقاه الجزراوية-الإلكترونيّة، سليمان الذي لا ينزع نظاراته الشمسية حتى في أحلك القاعات ظلمة، مثير للجدل، لكنه ليس بإرهابي، ولا يشكل تهديداً لصورتك أو سمعتك يا موتور.
نغضب هنا، لأن لا بد من تحرك عالمي لأجل عمر سليمان، القشة الأخيرة في سوريا التي تغرق، بالرغم من كل الخلاف حوله لكنه يبقى سوريّاً، أضحَكَ وأرقَصَ الجميع في زمن الخوف والموت، نطالب السلطات التركية بإطلاق سراحه، وتعويضنا جميعاً عن الضرر النفسي الذي تسببوا به إثر تهديد "القيصر".
أزرق فرنسا الجديد
أعلنت الرئاسة الفرنسية تعديل اللون الأزرق في العلم الفرنسي، والعودة إلى اللون الكحلي (الأزرق الداكن) الذي كان مستخدماً قبل عام 1976، وأكد الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون أن السبب هو "التذكير بالبطولات التاريخية لبلاده منذ الثورة الفرنسيّة حتى الحرب العالمية الثانية".
هنا لا يمكننا سوى أن نفاجأ بكلمات ماكرون، متجاهلين كلياً بعض الإشاعات التي تقول إن الأزرق هو لون البرجوازية، خصوصاً أن هكذا حركة تمس رمزاً وطنياً يتمثل بالعلم، ربما إرضاء لليمين الفرنسي الذي يستعد للاستحمام بالعلم، لكن، من أجل التاريخ هنا قائمة ببعض "بطولات فرنسا":
1- أثناء الثورة الفرنسية، أعدمت المقصلة من الأبرياء ما لا يمكن أن يحصى عددهم، منهم لافوازييه، مكتشف الأوكسجين.
2- قتل الاحتلال الفرنسي في الجزائر الملايين، ورمى الكثير من الأبرياء في البحر وفي نهر السين دون أي تبرير واضح.
3- خلال الحرب العالمية الثانية، استسلم الفرنسيون أمام النازيين، ورحّلوا آلاف اليهود إلى معسكرات الاعتقال في بولندا وألمانيا.
4- حالياً، الجيش الفرنسي يتأمّل مواطنيه في مخيمات الاعتقال في سوريا من أجل إعدامهم رفضاً لمحاكمتهم في فرنسا بتهم الإرهاب.
لا نفهم ما الذي يحصل مع أردوغان، سلطان... وعيناك، اعتقلت من يشتمك ويسخر منك... تفهمناك، رحّلت السوريين بسبب سخافات الموز... راعينا شرط البلاد واقتصادها، لكن أن تتطاول على عمر "القيصر" سليمان، واتهامه بأنه "عضو في منظمة إرهابية"؟! فهذا ما لا يمكن التسامح معه
النووي السعوديّ
فاجأ رئيس الاستخبارات السعودية السابق، الأمير تركي الفيصل، المشاهدين بتصريحات غامضة حول ضرورة تطوير السعودية لقنبلة نووية تنافس بها إيران وتهددها. نفى فيصل وجود أمر كهذا، وأكد أن هذا رأيه الشخصي ولا يمثل الحكومة، لكن التصريحات هذه أشعلت تويتر حول حقيقة وجود هكذا قنبلة وضرورة امتلاك السعوديّة لها.
لم نُحدّد موقفنا بعد تجاه امتلاك السعوديّة قنبلة نووية ستغير موازين القوة في المنطقة، لكن ما نفكر به هو الشتاء النووي. ماذا لو كان هناك هكذا قنبلة، أو بنى تحتية لتطويرها، وتعرضت للتخريب أو انفجرت؟ كيف ستكون نهاية العالم في المنطقة؟ المشكلة أن المخيلة لم تسعفنا، لأن النظر إلى الشرق الأوسط لا يختلف كثيراً عن سيناريوهات نهاية العالم. سوريا ولبنان والعراق واليمن كلها بلدان منهارة، كما أن تَخيُّل شبه الجزيرة العربية بدون ناطحات سحاب و بنى تحتية أيضاً أمر لا تواجه المخيلة مشكلة به، فالصور موجودة ولا داعي لتصميمها رقمياً.
لكن الملفت هو في حال تلاشت المقدسات، ما البديل؟ نعلم أن الكعبة سيتم بناؤها مرة أخرى كما حصل سابقاً عدة مرات، لكن ماذا عما تبقى؟ في حال تلوث مياه زمزم ماذا سيشرب الحجاج؟ وفي حال تلاشي الصفا والمروة كيف سيسعى الحجاج؟ والأهم أين سيأخذ السياح صور سيلفي في الإمارات؟
فاجأ رئيس الاستخبارات السعودية السابق، الأمير تركي الفيصل، المشاهدين بتصريحات غامضة حول ضرورة تطوير السعودية لقنبلة نووية تنافس بها إيران وتهددها
المهارات المطلوبة من رئيس ليبيا الجديد
لا نعلم إن كان علينا الضحك أو الفزع حين مشاهدة سيف الإسلام القذافي وهو يقدم أوراق ترشيحه، إلى جانب خليفة حفتر الذي أيضاً أعلن تشرحه إلى رئاسة ليبيا. بالإمكان تفهم أسباب ترشيح حفتر، وكيف تمت صياغة قانون الانتخابات على قياسه بدعم من رئيس البرلمان عقيلة صالح، لكن ما لا نفهمه هو مؤهلات سيف الإسلام. لذا، وحرصاً منا على السيادة الوطنيّة الليبية، هنا قائمة ببعض المؤهلات التي يجب أن تتوافر بالرئيس الجديد، خصوصاً إن كان سيف الإسلام:
1- امتلاك حس بالناقة يمزج الصحراء مع الرياح يترافق ذلك مع أداء ديفا تمتلك حاشيتها و خيمتها.
2- توطيد العلاقات الدبلوماسية مع الغرب عبر تجهيز حقائب مليئة بالأموال جاهزة كي يحملها أي رئيس يريد الترشح في أوروبا، كحالة ساركوزي.
3- امتلاك بنية تحتية قادرة على إخفاء أي قائد سياسي أو مرجعية دينية لسنوات طويلة مع الحفاظ على احتمال الإنكار الكليّ.
4- ترهيب أمريكا وترعيبها عبر خطابات واستعراضات عسكريّة، والأهم، قدرة خطابية على التحدث لساعات في الأمم المتحدة دون توقف.
5- امتلاك حس دعابة ساخر.
هل هي حرب الفضاء حقاً؟
أعلنت الولايات المتحدة أن الصين اختبرت صاروخاً تفوق سرعته سرعة الصوت، وقادر على الدوران حول العالم، أي كل مكان على سطح الأرض يحتمل أن يكون هدفاً لهذا الصاروخ، في ذات الوقت، قامت روسيا بإطلاق صاروخ لإسقاط قمر صناعي قديم في الفضاء، ما أثار عاصفة من الجدل حول تجاهل روسيا لسلامة رواد الفضاء في المحطة الدوليّة، ولا يمكن هنا إلا أن نشير إلى استضافة الإمارات الدورة 73 للمؤتمر الدولي للفضاء.
الواضح أن الحلم بالرحيل عن الكوكب أصبح مهدداً، كون الفضاء تحول إلى مساحة للحرب والصراع على النفوذ والسيادة، إذ لم يعد يكفي خراب الأرض، بل لابد من تخريب كل احتمال للحياة في الكون. وهنا نقع في حيرة، أين المفر؟ الميتافيرس؟ ثقب أسود يبتلعنا جميعاً؟ كوريا الجنوبيّة؟ سوريا؟
نترك الباب أمام احتمالات مفتوحة للفرار، وبانتظار أي خارطة أو أي طريق قادر على إنقاذنا.
المقتطف الجديد يعبّر عن آراء كتّابه وكاتباته وليس بالضرورة عن رأي رصيف22
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ يومينمقال بديع ومثير للاهتمام، جعلني أفكر في أبعاد تغير صوتنا كعرب في خضم هذه المحن. أين صوت النفس من...
Nahidh Al-Rawi -
منذ 4 أيامتقول الزهراء كان الامام علي متنمرا في ذات الله ابحث عن المعلومه
بلال -
منذ 4 أيامحلو
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ 5 أيامالمؤرخ والكاتب يوڤال هراري يجيب عن نفس السؤال في خاتمة مقالك ويحذر من الذكاء الاصطناعي بوصفه الها...
HA NA -
منذ أسبوعمع الأسف
Mohammed Liswi -
منذ اسبوعينأبدعت بكل المقال والخاتمة أكثر من رائعة.