منح "إقامة ذهبية" للأجانب في البحرين إذا كانوا يملكون المال أو المؤهلات أو المواهب، حسب ما أعلنت وزارة الداخلية البحرينية، التي لم تخفِ في بيان صادر لها، أن الهدف وراء هذا القرار يأتي ضمن خطة "التعافي الاقتصادي"، سيسهم في "تعزيز تنافسية البحرين ودعم مسارات التطوير في مختلف القطاعات الاقتصادية والاستثمارية والخدماتية واستقطاب الكفاءات وفتح المجال لها للحصول على إقامة دائمة في مملكة البحرين لهم ولعائلاتهم، حسب تصريح هشام آل خليفة، وكيل وزارة الداخلية لشؤون الجنسية والجوازات والإقامة.
منح "إقامة ذهبية" للأجانب في البحرين إذا كانوا يملكون المال أو المؤهلات أو المواهب.
ويمكن لأصحاب "الإقامة الذهبية" إصدار تأشيرة التحاق للزوج أو الزوجة، والأبناء، والوالدين، كما يحق لهم العمل في البحرين، وتُجدَّد إلى أجل غير مسمى بشرط استمرار أهلية الشخص لاستحقاق الإقامة الذهبية، إذ تُمنح هذه الإقامة للموظفين أو المتقاعدين الذين أقاموا في البلاد أكثر من خمس سنوات متصلة، ومتوسط راتبهم الشهري يبلغ ألفي دينار بحريني (5،319 دولاراً أمريكياً) أو أكثر خلال تلك المدة، بالإضافة إلى أصحاب العقارات الذين يمتلكون عقاراً أو مجموعة عقارات في البلد بقيمة لا تقل عن مئتي ألف دينار بحريني (531 ألف دولار أمريكي)، والموهوبون/ ات الذين يستوفون الشروط للاستفادة من الإقامة الذهبية، من دون توضيح هذه الظروف.
يأتي هذا القرار البحريني بعد أشهر عدة من إعلان الإمارات العربية المتحدة، عن "الإقامة الذهبية" في تموز/ يوليو 2021، لـ"أصحاب الكفاءات العلمية والخبرات المتميزة"، وفي تشرين الثاني/ نوفمبر من العام نفسه تمت إضافة عدد أكبر من المؤهلين للحصول على الإقامة الذهبية، كالحاصلين على شهادات الدكتوراه، والأطباء، والمهندسين في مجالات هندسة الكمبيوتر والإلكترونيات والبرمجة والكهرباء والتكنولوجيا الحيوية، ومتفوقي الجامعات المعتمدة من الدولة بمعدل 3.8، وأكثر.
يمكن لأصحاب "الإقامة الذهبية" إصدار تأشيرة التحاق للزوج أو الزوجة، والأبناء، والوالدين، كما يحق لهم العمل في البحرين، وتُجدَّد إلى أجل غير مسمى بشرط استمرار أهلية الشخص لاستحقاقها، إذ تُمنح هذه الإقامة للموظفين أو المتقاعدين الذين أقاموا في البلاد أكثر من خمس سنوات متصلة، ومتوسط راتبهم الشهري يبلغ ألفي دينار بحريني أو أكثر خلال تلك المدة
وقد رحبت جمعية رجال الأعمال البحرينية بالقرار "الذي يشجع البيئة الاستثمارية ويعززها في قطاعات أهمها القطاع السياحي والعقاري وتجارة التجزئة، بما يرفد الاقتصاد الوطني ويلبّي تطلعات القطاع التجاري في البحرين"، في تصريح صحافي، كما أشارت إلى أن القرار "سيحرّك السوق المحلي ويجذب مستثمرين عقاريين جدداً ويخلق بيئةً تنافسيةً في القطاع العقاري الذي يُعدّ أحد أبرز ركائز الاقتصاد الوطني".
في المقابل، لقي القرار الكثير من النقد، فرأى السياسي البحريني المعارض، إبراهيم شريف، المشروع بأنه "يحوّل الوطن بأكمله إلى فندق للإيجار، فليس مطلوباً من صاحب الإقامة الذهبية الاستثمار في مصنع، أو توظيف بحريني واحد، أو نقل خبرته العملية. كل ما هو مطلوب منه هو أن يؤجر أو يستثمر في عقار" كما عبّر عبر حسابه على تويتر.
يُذكر أن البحرين حازت على المركز الأول عالمياً كأفضل الوجهات التي يختارها المغتربون للعيش والعمل، وفقاً لتقرير إكسبات إنسايدر الصادر عن منظمة إنترنيشنز الدولية، ولعامين متتالين (2018- 2019)، إذ بينّت الدكتورة رنا بنت عيسى آل خليفة، الأمين العام لمجلس التعليم العالي، في بيان صحافي، أن "الإقامة الذهبية ستكون لها انعكاسات إيجابية كبيرة على قطاع التعليم العالي، وستسهم في توفير شريحة مهمة سواء من المستثمرين في قطاع التعليم العالي، أو من الدارسين في الجامعات البحرينية".
لقي القرار الكثير من النقد، فرأى السياسي البحريني المعارض، إبراهيم شريف، المشروع بأنه "يحوّل الوطن بأكمله إلى فندق للإيجار"
استنساخ غير مدروس
وعبّرت النائبة في مجلس النواب البحريني، كلثم الحايكي، عن رفضها المطلق لهذا القرار الذي عدّته متسارعاً وغير مدروس، وقالت في حديث إلى رصيف22: "لا أرى استفادةً حقيقيةً على المستوى الاقتصادي، فالاشتراطات أتت على ما يبدو لجذب أصحاب الأموال، حتى أنها لم تشترط تقديمهم أي إضافة إلى الاقتصاد البحريني".
وأبدت استغرابها بأن "تُقدَّم التسهيلات للأجانب ولا يتم تقديمها للمواطنين، وأصبحنا نفاخر بتحقيق مراتب متقدمة في تصنيف البحرين كواجهة مثلى لإقامة الأجانب على حساب أن تحقق البحرين مراتب متقدمةً في دخل الفرد وزيادة رفاهته، وهذا أمر بحاجة إلى إعادة النظر فيه وترتيب الأولويات".
فيما يرى الناشط السياسي البحريني، محمد خليل، أن الاقامة الذهبية "استنساخ غير مدروس لخطوة الإمارات العربية المتحدة، وبصورة مشوّهة، إذ إنها تعتمد بشكل أساسي على امتلاك الأجنبي راتباً محدداً أو عقاراً بقيمة محددة، وهو أمر لا يحقق أي إضافة إنتاجية أو ثقافية أو علمية ولا حتى على صعيد الاستثمار، فامتلاك راتب تقاعدي معيّن أو عقار بقيمة معيّنة لا تنتج عنه إضافة استثمارية إلى الاقتصاد البحريني، ولا يؤسس لقيمة مضافة إلى المجتمع البحريني".
وعبّر خليل عن خوفه من أن ينتج عن القرار "تهديد بأزمات على صعيد النسيج الاجتماعي والهوية الوطنية والثقافية للبلد، وإمعان في تمكين الأجانب، 'من دون حاجة وبلا دراسة جدوى'، على حساب المواطنين وتنمية طاقاتهم ورعاية احتياجاتهم الأساسية واستنزاف للبنية التحتية ومختلف القطاعات الصحية والتعليمية، بل سيتعدى الأمر لتكون البحرين ممراً لكل من يرغب في الدخول إلى السوق الخليجية والتهرب من اشتراطات تأشيرة العمل لدول الخليج الأخرى، وستسهّل له التأشيرة الذهبية ممارسة أعماله في دول الخليج من دون تسجيل أي فائدة اقتصادية للبلد".
ووصف مجيد العلوي، وزير العمل السابق، القرار بأنه "موجة تسونامي مخيفة تهدد التركيبة السكانية والهوية الثقافية العربية والإسلامية للمنطقة. لن يكون من السهل يوماً التراجع عن الحقوق المدنية والسياسية لمستحقِّيها".
ويشاركهم الرأي المحامي علي يحيى، قائلاً: "تعتقد الحكومة البحرينية بأن فكرة الإقامة الذهبية قد تعزز بيئة الاستثمار في البلد، وذلك بتقديمها كميزة للأجانب الذين يملكون مدخولاتٍ ماليةً عاليةً، ولا شك أن تعزيز البيئة الاستثمارية في البلدان هي هدف مهم لزيادة التنمية الاقتصادية، إلّا أن الأهم هو ما ينعكس على رفاهة المواطن ورفعة المجتمع كونه الهدف الأول للسياسات الحكومية، فهل إعطاء هذه المميزات للأجنبي سينعكس وظائف جديدةً للمواطنين؟ شخصياً أشك في ذلك بالنظر إلى الميزات التي تحملها تلك الإقامة".
وأضاف في حديث إلى رصيف22: "هناك أضرار واضحة من السياسات العامة من إعطاء ميزات تفضيلية للأجنبي على حساب المواطن، وتصب 'الإقامة الذهبية في التوجه ذاته، والذي تلاحَظ أضراره جليةً على المواطن في الحصول على فرص العمل، وكذلك على التاجر البحريني الذي ما عاد قادراً على مجاراة الأجنبي".
المحامي علي يحيى: "هناك أضرار واضحة من السياسات العامة من إعطاء ميزات تفضيلية للأجنبي على حساب المواطن، وتصب 'الإقامة الذهبية' في التوجه ذاته، والذي تلاحَظ أضراره جليةً على المواطن في الحصول على فرص العمل، وكذلك على التاجر البحريني الذي ما عاد قادراً على مجاراة الأجنبي"
تفضيل الأجنبي والأجنبية
وعبّرت ناشطة نسوية بحرينية، فضّلت عدم ذكر اسمها، عن تفاجئها بهذا القرار، خاصةً مع تواتر عدد غير متناهٍ من الحملات المتعلقة بحقوق أبناء المرأة البحرينية بالحصول على الجنسية البحرينية والحقوق المنبثقة منها تبعاً لنص المادة 18 من دستور مملكة البحرين. وأضافت في حديث إلى رصيف22: "أنه وفي ظل الصمت المدوي من الجهات الحكومية حول حقوق أبناء المرأة البحرينية المهملة والمنسية، قررت الحكومة منح الإقامة الذهبية بهدف خلق نوع من الاستقرار في نفوس المقيمين في المملكة".
وتابعت: "من المفارقات الغريبة أن الوافدة غير البحرينية المؤهلة للحصول على هذه التسهيلات، وجودها مؤقت في البلد ولها وطن آخر، بينما المرأة البحرينية لا وطن لها غير البحرين، وتالياً هي من تحتاج إلى الاستقرار وضمان حصولها وحصول عائلتها على الحقوق المدنية والسياسية كاملةً. ومسارعة الحكومة بتقديم التسهيلات للأولى هو تجاهل صارخ للثانية، والأغرب أننا اليوم في صدد الإعلان عن هذه الإقامة، أصبحنا وكأننا نطالب بمساواة المواطن بالأجنبي!".
ناشطة نسوية بحرينية: "من المفارقات الغريبة أن الوافدة غير البحرينية المؤهلة للحصول على هذه التسهيلات، وجودها مؤقت في البلد ولها وطن آخر، بينما المرأة البحرينية لا وطن لها غير البحرين"
وطالبت الناشطة بـ"أن تقوم الحكومة بالالتفات إلى حقوق أبناء البلد، ومنح الجنسية لأبناء المرأة البحرينية، حالها في ذلك من حال أبناء الرجل البحريني، وتطبيق نصوص الدستور البحريني تحقيقاً للعدالة الاجتماعية".
وفي ردة فعلها على القرار، قالت رئيسة مركز "تفوق الاستشاري للتنمية" الذي يقود حملاتٍ لإعطاء البحرينية المزيد من الحقوق ومساواتها بالرجل البحريني، مريم الرويعي: "يجب ألا تمنع سياسة الدولة التي تحاول أن تطور الوضع الاقتصادي، وتصدر قانوناً يعطي الأجنبي الحق في الإقامة إذا كان قد عمل خمس سنوات في البحرين، ودخله ألفا دينار فما فوق، من أن تنظر بعدالة إلى البحرينيات اللواتي يتجاوز دخلهن الألفي دينار ولكن لا يستطعن كفالة أبنائهن وأزواجهن غير البحرينيين. إنها مفارقة".
وطالبت الرويعي بتعديل المادة الرابعة من قانون الجنسية البحرينية للعام 1963، بإضافة عبارة "أو أم" ليتساوى حق الأم البحرينية مع الأب البحريني في نقل الجنسية إلى الأبناء، وتالياً يحصلون على الحقوق كافة التي ترتّبها الجنسية، وأن تُعامل المواطنة البحرينية المتزوجة من غير البحريني كمواطن درجة أولى مثلها مثل الرجل، وليس كمواطنة درجة ثانية، تعاقَب لأنها مارست حقها الإنساني في اختيار شريك حياتها وتالياً تقضي عمرها بمرارة وشعور بالذنب لأنها ترى أبناءها محرومين من التمتع بجنسية والدتهم وتالياً ليست لهم أي حقوق".
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
مستخدم مجهول -
منذ 5 أيامربما نشهد خلال السنوات القادمة بدء منافسة بين تلك المؤسسات التعليمية الاهلية للوصول الى المراتب...
مستخدم مجهول -
منذ 5 أيامحرفيا هذا المقال قال كل اللي في قلبي
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعبكيت كثيرا وانا اقرأ المقال وبالذات ان هذا تماما ماحصل معي واطفالي بعد الانفصال , بكيت كانه...
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ أسبوعرائع. الله يرجعك قريبا. شوقتيني ارجع روح على صور.
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعحبيت اللغة.
أحضان دافئة -
منذ اسبوعينمقال رائع فعلا وواقعي