بدءاً من حزيران/ يونيو 2023، تفرض الإمارات "ضريبة اتحادية على أرباح الأعمال". هذه أحدث خطواتها نحو تقليل الاعتماد على النفط، وتفكيك نظام بلا ضرائب ساعد في جعلها نقطة جذب للشركات من جميع أنحاء العالم. وهو ما دفع خبراء ومراقبين إلى التحذير من افتقار البلد الخليجي إلى هذه الميزة.
والاثنين 31 كانون الثاني/ يناير المنقضي، أعلنت وزارة المالية الإماراتية "استحداث ضريبة اتحادية على أرباح الأعمال تسري على السنوات المالية التي تبدأ اعتباراً من أو بعد 1 يونيو 2023"، مشيرةً إلى أن هذا النظام الضريبي طُوِّرَ "مع مراعاة تقليل عبء الامتثال على الأعمال".
وفي التفاصيل، ورد أن احتساب ضريبة الشركات سيستند إلى بيانات الشركات المالية، مع بعض الاستثناءات والتعديلات ضمن نطاق محدود، بحيث تشمل ضريبة الشركات جميع الأعمال والأنشطة التجارية، عدا أنشطة استخراج الموارد الطبيعية التي ستبقى خاضعة لضريبة الشركات على مستوى كل إمارة.
علماً أن النسبة الأساسية للضريبة تبلغ 9% مقابل 0% على الأرباح الخاضعة للضريبة التي لا تتجاوز 375,000 درهم إماراتي (نحو 100 ألف دولار أمريكي)، في محاولة لدعم الأعمال الناشئة والأعمال الصغيرة.
ولن تُفرض أيضاً على الدخل الشخصي المُكتسب من الوظيفة، أو على أي دخل آخر شخصي يُكتسب عبر أنشطة الاستثمارات العقارية أو غيرها من الاستثمارات الأخرى، أو على أي دخل يكسبه الأفراد ولا ينشأ عن أعمال أو عن أي شكل آخر من أشكال النشاط التجاري المُرخص أو المسموح به في الدولة، وفق الوزارة الإماراتية.
"من بين الأقل في العالم" و"الأقل في المنطقة"... #الإمارات تستحدث ضريبة على أرباح الأعمال بنسبة "معقولة جداً في المعايير الدولية" اعتباراً من العام المقبل، مع "قواعد سخية لاستخدام الخسائر"
خبراء يحذّرون من آثار سلبية
وفي أول رد فعل، قالت وكالة "رويترز"، الثلاثاء 1 شباط/ فبراير، إن بورصات الإمارات تلونت باللون الأحمر، في إشارة إلى تراجع مؤشرات الأسهم الرئيسية، مرجعةً ذلك إلى "ضريبة أرباح الأعمال والتغيرات الجيوسياسية".
ونقلت الوكالة عن فيجاي فاليشا، كبير مسؤولي الاستثمار في Century Financial، قوله: "أتوقع أن تؤدي ضرائب على أرباح الأعمال إلى تقليل صافي ربح الشركات خارج المنطقة الحرة، على نحو يخلق اتجاهاً هبوطياً في السوق، وبخاصة في ظل التوترات الجيوسياسية المتزايدة بين الإمارات واليمن، والتي تلقي بثقلها على البورصات المحلية".
كان فاليشا يشير بذلك إلى اعتراض الإمارات، الاثنين، صاروخاً باليستياً حوثياً استهدف البلاد في ثالث هجوم من نوعه خلال أسبوعين.
وفي تصريح لوكالة "بلومبرغ"، قال محمد علي ياسين، الرئيس التنفيذي للإستراتيجيات في "الظبي كابيتال"، إن الضريبة "ستضرب بعض القطاعات أكثر من غيرها"، مضيفاً: "تدفع شركات الاتصالات والشركات العاملة في القطاع الخدمي رسوماً، بعضها يصل إلى 20% كما في حالة الفنادق. وبالنسبة إلى بعض الشركات، فإن ضريبة 9% سوف تنقلها من الربحية إلى الخسارة، ما قد يقلل من شهية المستثمرين ويُخفض سعر الأسهم. لذا سيتطلع الكثيرون إلى معرفة ما إذا كانت المدفوعات أو الرسوم قابلة للتغيير أيضاً".
أما ديفيد دالي، من Gulf Tax Accounting، فقال إن الخطوة ليست مفاجئة وإنما أتت "أبكر بكثير" مما توقع مجتمع الأعمال في دبي، لافتاً إلى وجود "قدر كبير من التفاصيل التي يجب الكشف عنها".
وقال عزت الدجاني، المدير التنفيذي لـIMCapital Partners، إنها "كانت مجرد مسألة وقت" قبل أن تحذو الإمارات حذو جاراتها الخليجيات وتفرض ضريبة كهذه، واصفاً نسبة الـ9% بأنها "معقولة جداً في المعايير الدولية". لكنه أضاف أن الشركات قد تلجأ إلى الاعتماد على قوة عاملة أصغر حجماً مع تنفيذ عمليات أكثر كفاءة للتعويض عن تأثير الضريبة على الأرباح.
واستطرد: "التحدي هو أن تظل دولة الإمارات قادرة على المنافسة إقليمياً وعالمياً على الرغم من نظام ضريبة الشركات الجديد".
وكان أفرين شاه، الرئيس التنفيذي لشركة "Revive" الاستشارية، أكثر تشاؤماً. قال إن الإمارات كانت بيئة جاذبة للمستثمرين بفضل نظامها الضريبي الملائم، و"التغييرات التنظيمية المرتقبة قد تسبب القلق للشركات العاملة هنا".
"ستضرب بعض القطاعات أكثر من غيرها" و"قد تسبب القلق للشركات العاملة هنا"... خبراء يحذّرون من تداعيات سلبية لاستحداث #الإمارات ضريبة على أرباح الأعمال. بمَ يرد المسؤولون الإماراتيون؟
بدوره، أوضح محمد أبو باشا، نائب رئيس قطاع البحوث في المجموعة المالية هيرميس، أنه لا يعتقد أن القرار "سيؤثر بشكل كبير" على قدرة الإمارات على جذب الاستثمارات. أولاً، لاستمرار شركات المناطق الحرة في التمتع بمزاياها الضريبية. ثانياً، لأن معظم دول الخليج الأخرى تفرض ضريبة على أرباح الشركات المتعددة الجنسيات، تصل إلى 20% في السعودية و15% في عُمان و10% في قطر
"تتوافق مع المتطلبات العالمية"
إلى ذلك، يُصر يونس حاجي الخوري، وكيل وزارة المالية الإماراتية، على أن النظام الضريبي الجديد "تنافسي" ومن شأنه أن "يعكس أفضل الممارسات على نحو يعزز مكانة دولة الإمارات كمحور رائد في العالم للأعمال والاستثمار"، لا سيّما أنه مقرون بوجود شبكة واسعة لاتفاقيات الازدواج الضريبي.
وتابع أن هذا النظام "يُمهد الطريق لدولة الإمارات من أجل مواجهة التحديات الناشئة عن رقمنة الاقتصاد العالمي ومسائل تآكل الوعاء الضريبي ونقل الأرباح الأخرى". وأضاف: "إدراكاً لأهمية الدور الذي تلعبه المناطق الحرة في رفد اقتصاد دولة الإمارات وقدرتها التنافسية، سيستمر نظام ضريبة الشركات في الدولة في تقديم حوافز ضريبة الشركات المقدمة حالياً للأعمال المُؤسسة في المناطق الحرة".
وأضاف الخوري: "نظراً لمكانة الإمارات كمحور أعمال رائد لن تفرض الضريبة المقتطعة عند المنبع على المدفوعات المحلية والخارجية (المدفوعات عبر الحدود)، ولن يخضع المستثمرون الأجانب الذين لا يمارسون أعمالهم في الدولة لضريبة الشركات". وأوضح: "ستُعفى الأعمال في الدولة من سداد الضريبة على الأرباح الرأسمالية وأرباح الأسهم المستلمة من حصصها المؤهلة، وسيُسمح بحسم الضرائب الأجنبية المدفوعة من ضريبة الشركات المستحقة لتحافظ على مكانتها كموقع للمقار الرئيسية للشركات".
وبيّن المسؤول المالي أن نظام ضريبة الشركات سيتضمن "قواعد سخية لاستخدام الخسائر"، علاوة على التعامل مع مجموعات الشركات ككيان ضريبي واحد أو تطبيق إعفاء على المجموعة الواحدة في ما يخص الخسائر والمعاملات بين المجموعات ومعاملات إعادة الهيكلة.
الضريبة الجديدة "تمكن الدولة من تنويع مصادر الدخل، وإيجاد موارد تضمن استدامة وتطور بيئة الأعمال التنافسية التي تميز دولة الإمارات على نحو يعود مباشرة على قطاع الأعمال"، كيف؟
في غضون ذلك، نقلت وسائل إعلام إماراتية عن خبراء قولهم إن الضريبة المستحدثة "من بين الأقل في العالم والأقل في المنطقة" و"تتوافق مع التوجهات الدولية" إذ وافقت 136 دولة في تشرين الأول/ أكتوبر الماضي على فرض نسبة ضريبة لا تقل عن 15% على الشركات المتعددة الجنسيات، وفق قولها. وزادت أن لدى الشركات بعض الوقت لإعادة التكيف مع النظام الضريبي الجديد.
ونقلت صحيفة "الاتحاد" المحلية عن محمد كرم، المدير العام لتطوير الأعمال الإقليمي لدى شركة "إنسينكراتور"، أن الضريبة الجديدة ستمكن الدولة من تنويع مصادر الدخل، وإيجاد موارد تضمن استدامة وتطور بيئة الأعمال التنافسية التي تميز دولة الإمارات على نحو يعود مباشرة على قطاع الأعمال عبر الإنفاق الحكومي على مشروعات البنية التحتية وتطوير الخدمات الحكومية، ما ينعكس إيجاباً على النشاط الاقتصادي ونمو الأعمال.
في حين قال الخبير المصرفي هشام المغربي للصحيفة إن الضريبة على أرباح الأعمال ستدعم أنشطة الاستثمار وتضمن التدفق الحر لرأس المال والتجارة والتمويل والخدمات.
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
مستخدم مجهول -
منذ 3 أيامكل التوفيق ومقال رائع
Ahmad Tanany -
منذ أسبوعتلخيص هايل ودسم لجانب مهم جداً من مسيرة الفكر البشري
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعلا يوجد اله او شئ بعد الموت
Mohammed Liswi -
منذ أسبوعأبدعت
نايف السيف الصقيل -
منذ أسبوعلا اقر ولا انكر الواقع والواقعة فكل الخيوط رمادية ومعقولة فيما يخص هذه القضية... بعيدا عن الحادثة...
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ اسبوعينمقال بديع ومثير للاهتمام، جعلني أفكر في أبعاد تغير صوتنا كعرب في خضم هذه المحن. أين صوت النفس من...