عقب أيام من الاحتفاء الواسع به في الكويت ومواقع التواصل الاجتماعي العربية، شكك متابعون كثر في حقيقة انسحاب لاعب التنس الكويتي الناشئ محمد العوضي من منازلة لاعب إسرائيلي في البطولة التي نظمت في دبي خلال الأيام الماضية.
وقبل نحو أسبوع، أفادت صحف كويتية وعربية بأن العوضي (14 عاماً) انسحب من البطولة الدولية للمحترفين دون الـ14 عاماً في دبي بعدما أوقعته القرعة في منافسة مع لاعب إسرائيلي، مبرزةً أن قرار اللاعب ينسجم مع "توجّه الكويت، حكومة وشعباً، إلى دعم القضية الفلسطينية".
وراج الخبر سريعاً وحظي بإشادة لافتة من المغردين الكويتيين والعرب، لا سيّما الفلسطينيين، إذ اعتبروا موقفه مشرفاً يعكس اللحمة العربية الشعبية "في زمن التطبيع".
وخلال الساعات الماضية، دُشنت حملة لدعم اللاعب نُشرت خلالها مجموعة من اللوحات الدعائية الضخمة في شوارع الكويت تحمل عبارة "شكراً يا بطل"، مع صورة العوضي وتعريف خاطف بأنه لاعب المنتخب الكويتي للتنس.
لاقت الحملة استحسان معظم الكويتيين إذ غردت الكاتبة سعدية مفرح: "هكذا يدعم الشعب أبطاله ويعزز قناعاته ويرسخ إيمانه وإيمان الجيل كله بقضية الأمة".
وأصدرت حركة "حماس" الفلسطينية، صباح الجمعة 28 كانون الثاني/ يناير، بياناً، قالت فيه إنها "تقدر عالياً" تصرف اللاعب الذي "ينسجم مع ضمير الأمة ويسجل في قوائم الشرف والاعتزاز".
بعد أيامٍ من الاحتفاء الواسع به… أصوات تشكك في انسحاب لاعب التنس الكويتي #محمد_العوضي من منازلة لاعب إسرائيلي في بطولة رسمية احتضنتها دبي، ويتحدثون عن "تلاعب إعلامي" و"بطولة وهمية". أين الحقيقة؟
"بطولة وهمية"؟
لكن بالتزامن مع الاحتفاء الواسع بالعوضي، ظهرت أصوات تنفي صحة واقعة الانسحاب وتصف "بطولة" العوضي بأنها "وهمية"، موضحةً أنه خسر أمام لاعب سويسري وغادر من الأدوار التأهيلية.
في هذا الإطار قال الكاتب والمؤثر الكويتي يوسف جاسم رمضان إنه أجرى بحثاً "بحيادية" قاده إلى "الحقيقة" المتمثلة في أن اللاعب كان يشارك في مسابقتين في الوقت عينه، الأولى رسمية مصنفة ولم يصعد فيها للأدوار النهائية بعدما خسر مع لاعب سويسري في الأدوار التمهيدية، والثانية تجارية ترفيهية يشترك فيها اللاعب مقابل مبلغ مالي يدفعه وهي التي انسحب منها في الأدوار النهائية أمام لاعب إسرائيلي، بحسب زعمه.
وأضاف رمضان أن المحيطين بالطفل "قرروا دمج البطولتين لتحقيق إنجاز وطني بسبب معسكر ترفيهي"، معرباً عن حزنه من "التلاعب الإعلامي" وتسببه في "خلق بطولات وهمية"، ومشدداً على أن اللاعب "لا يُلام لأنه طفل... ولكن يلام كل من حوله".
وأشار إلى أنه قرر النشر لـ"إنصاف اللاعبين الكويتيين" الذين شاركوا في بطولة دبي. وختم: "إذا انسحبت وأنا ألعب ‘فيفا أونلاين‘ ضد لاعب صهيوني لا يجعلني بطلاً محلياً. قس على ذلك تلك البطولة التجارية".
وردّت سعدية مفرح على هذا الادعاء ونشرت مقالاً مستلاً من موقع بطولة "DUBAI BOWL TEN-PRO" يؤكد واقعة الانسحاب. ويُظهر الموقع الرسمي للبطولة، التي عقدت بين 17 و23 كانون الثاني/ يناير الجاري، أن العوضي انسحب من مواجهة اللاعب الإسرائيلي "إيلاد إيلنر" ضمن منافسات "الناشئين مواليد 2008".
وعقّبت مفرح: "فجأة، قرر بعض المتصهينين العرب اليوم التشكيك في إنجاز الفتى البطل #محمد_العوضي في بطولة التنس الأخيرة بـ#دبي، وفي رفضه المشرّف اللعب مع لاعب الكيان الصهيوني، لغاية خبيثة في نفوسهم. الحقيقة موجعة لهم ولم يجدوا سوى الكذب لمداراة خيبتهم!".
برغم تأكيد مسؤولين كويتيين أن انسحاب #محمد_العوضي جاء وفق "قرار جماعي" يتناغم مع موقف الدولة "الثابت والواضح" بعدم منازلة أي لاعب إسرائيلي، يرى منتقدون خطورةً في انفصال #الكويت عن "النسيج الخليجي" الذي بات مائلاً أكثر نحو #التطبيع
وكانت صحيفة "القبس" قد نقلت عن أمين صندوق الاتحاد الكويتي للتنس، علي الديحاني، الذي وصفته بأنه كان "رئيس الوفد المشاركة بالبطولة"، تأكيده انسحاب العوضي من "البطولة الدولية للمحترفين تحت 14 سنة بدبي" بموجب "قرار اتخذه اللاعب واتحاد التنس برئاسة الشيخ أحمد الجابر، الذي وجّه فوراً بالانسحاب من المباراة" كقرار "ثابت وواضح" في أي مناسبة تتعلق بمنازلة لاعب إسرائيلي.
وهو الأمر نفسه الذي صرّح به عبد الرضا الشطي، مدير منتخبات التنس في الكويت.
"الانسحاب ليس بطولة"
إلى ذلك، أحيا التشكيك في انسحاب العوضي الأصوات المنتقدة لفكرة الانسحاب من الأساس، والتي اعتبرت أنه لا يوجد "تطبيع رياضي"، وأنه كان يجدر باللاعب منازلة اللاعب الإسرائيلي والفوز عليه عوضاً عن الانسحاب.
وقال الكاتب الكويتي جاسم الجريّد: "لا يوجد شيء يدعو للفخر... إذا تعتبره عدو فالفوز عليه أفضل. الخوف من الخسارة من ‘إسرائيلي‘ أصعب من اللعب معاه كموقف. لا تنشئوا أبناء جبناء. وإسرائيل معترف بها دولياً رضينا ولا إنرضّينا!".
وانتقد الجريّد "الميزانية الضخمة" التي أُنفقت على لافتات الدعم للعوضي. ورأى أنه ليس من المحبّذ أن تأخذ الكويت موقفاً مغايراً لبقية الدول الخليجية التي شرع عدد منها في التطبيع مع إسرائيل.
وتابع: "يبون يفكرون بس هذي قضيتنا إحنا بروحنا يالكويتيين وما إلنا شغل بالخليج كله. شلون إحنا ما إلنا شغل بالخليج؟ إحنا نسيج واحدّ الخليج كله هالحين بدأ يبني جسور على الأقل في أدنى مستويات التواصل مع دولة إسرائيل… لازم نكون واقعيين".
يُذكر أن الكويت لا تزال مُتبنّيةً موقفاً حازماً من دعم القضية الفلسطينية، بينما تتجه حكومات عربية وخليجية نحو تطبيع العلاقات مع تل أبيب سراً وعلناً.
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
مستخدم مجهول -
منذ يومينكل التوفيق ومقال رائع
Ahmad Tanany -
منذ 6 أيامتلخيص هايل ودسم لجانب مهم جداً من مسيرة الفكر البشري
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعلا يوجد اله او شئ بعد الموت
Mohammed Liswi -
منذ أسبوعأبدعت
نايف السيف الصقيل -
منذ أسبوعلا اقر ولا انكر الواقع والواقعة فكل الخيوط رمادية ومعقولة فيما يخص هذه القضية... بعيدا عن الحادثة...
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ اسبوعينمقال بديع ومثير للاهتمام، جعلني أفكر في أبعاد تغير صوتنا كعرب في خضم هذه المحن. أين صوت النفس من...