شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

لنبدأ من هنا!

"معتقلات المنازل"... سعوديّات يروين تجاربهن مع القمع الأبوي والعنف الأُسري

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

حياة

الأربعاء 26 يناير 202205:49 م
Read in English:

“House arrest”: Saudi women speak up on domestic violence and patriarchal authority

"سجني يكاد يخلو من تعنيف جسدي صريح رغم بعض التهديدات من حين لآخر. سجني ربما لا يمسني مادياً بالضرورة لكنه يستنزف روحي ونفسيتي. سجني يقتل شغفي وآمالي. ويقتل أمنياتي ومواهبي وطموحاتي حتى طباعي. أصابني بالاكتئاب كثيراً والوسواس وآلاف العلل النفسية".

هذه واحدة من الشهادات التي وردت عبر وسم "معتقلات المنازل" الذي أطلقته ناشطات نسويات سعوديات، عبر تويتر، الأربعاء 26 كانون الثاني/ يناير، للمطالبة بإسقاط نظام ولاية الرجل ومنح النساء حقهن في التنقل والاستقلال وامتلاك القرار، ولكي تشعر كل سيدة وفتاة "حبيسة منزلها" أنها ليست بمفردها إذ بإمكانها أن تستمد القوة من تجارب الأخريات.

وللسعوديات تاريخ طويل من النضال ضد نظام ولاية الرجل المجحف الذي يمنح الأوصياء (الأب أو الأخ أو الزوج... ) الحق في التقرير نيابةً عن المرأة في ما خص التعليم والعمل والرعاية الصحية.

مع صعود ولي العهد الأمير محمد بن سلمان وتنفيذه "إصلاحات اجتماعية" عديدة منحت النساء قدراً أكبر من الحرية، تُصر سعوديات على أن حريتهن منقوصة وليس بإمكانهن الاستقلال من دون تعقب ذويهن لهن وتهديدهن بالإيداع في دور الرعاية والضيافة السيئة السمعة.

وعبر وسم "معتقلات المنازل"، كتبت وديان مفتتحةً التغريد: "ما زلت مُعتقلة، وهذا الحبس ما له مدة محددة. يمكن عمري كله راح يروح عبثاً بين هذه الجدران، لا الحكومة ناوية تسقط الولاية وبلاغاتها الكيدية ولا أهلي ناويين يتوقفون".

وتابعت: "ما أملك حرفاً واحداً للمواساة ولا أعرف كيف راح ننجو. أنا مسجونة وأعرف أن معظمنا يعيش هذه التجربة، وكل منا تتوقع أنها الوحيدة بس جميعنا نمر بهذا الخر** وهذه المهزلة. رغم اختلاف سجوننا وحدودنا فالخوف واحد والظلم واحد وإحساس العجز والغضب واحد".

"توثيق نسوي للعنف الأسري وتجارب الصراع والمقاومة والعنف داخل المنازل"... ناشطات سعوديات يُطلقن حملة لإسقاط ولاية الرجل تماماً ومنح #معتقلات_المنازل حرياتهن، ويروين تجاربهن المريرة في "السجن العائلي"

وروت آن: "سنّ أبوي العنف الجماعي والمنظّم في عائلة ممتدة، مستغلاً موقعه كرجل دين وعسكريّ يستخدم خبراته العسكريّة لتعنيف نساء العائلة. أي امرأة يكتشف لديها كعب أو عباية كتف تُحضر للمجلس، وتُعنّف بقية النساء معها".

وأضافت سيدة أخرى إلى قول آن: "الاعتقال المنزلي يطال حتى أبسط حقوق المرأة وحقوق الإنسان البديهية. وهو يعني الاعتداء عليكِ بكل أشكال العنف: نفسي وجسدي ومادي. كل حياتنا داخل السجون، وفي هذه السجون تُنتَهَك حرية المرأة كاملة".

وشبّهت إحداهن نفسها بـ"قطعة أثاث في غرفة" داخل "السجن العائلي"، فيما قالت أخرى بمرارة: "أكتب وأكتب وأمسح. ما في شي يوصف غضبي وعجزي في هالموضوع. تشوفين عمرك وشبابك يمضي بينما أنتِ محبوسة بين أربع جدران. أمر مرهق ومتعب. لعنة عليكم". 

وآثرت شابّة رواية قصة شقيقتها فكتبت: "والدي زوّر توقيع أختي الكبيرة في عقد زواجها وضربها على وجهها فكسر فكها ثم زور التقرير الطبي".

نضال "سياسي" لا شأن عائلي

وأصرت بضع مغردات عبر الوسم على التأكيد أن حرية النساء في المجتمع السعودي ليست شأناً عائلياً كما يدعي البعض دفاعاً عن الدولة، بل شأن سياسي. لذا تواجه الدولة، قبل الأسرة، محاولة المرأة انتزاع حريتها وحقوقها المسلوبة.

"سجني ربما لا يمسني مادياً بالضرورة لكنه يستنزف روحي ونفسيتي. سجني يقتل شغفي وآمالي، ويقتل أمنياتي ومواهبي وطموحاتي حتى طباعي. أصابني بالاكتئاب كثيراً والوسواس وآلاف العلل النفسية" #معتقلات_المنازل

قالت إحداهن: "باسم منع الاختلاط بالرجال جفّفت العائلة كرامتي لأربع وعشرين سنة في سجن المنزل. تحاول الآن دفعي للسجن الحكومي، وسلّمتني لرجال آخرين. حريتك شأن سياسي، ولو نزعت جزءاً منها بنفسك فستكونين بمواجهة الدولة قبل أبيك"، مضيفةً: "الدولة في متناول يد المعنّفين".

وعلّقت أخرى: "يخرج الرجل من المنزل إلى حيث يشاء من دون وجود بلاغ يهدده وشروط وتعقيدات. عكس المرأة التي يجب أن تحقق شروطاً معقدة تستنزفها أمام القانون لأنها امرأة. ما زالت النساء غير حرات، معتقلات المنازل، حتى لو كن بمنزل مستقل إذ تبقى المرأة المستقلة تحت عيون رجال الشارع ومالك البيت والحكومة".

واعتبرت عدة سيّدات أنهن مجلوبات إلى النضال من أجل حريتهن ولسن مخيرات في ذلك. أوضحت إحداهن: "في حين يستطيع الرجل أن يختار نضاله فإن النساء لا يخترن بيوتهن ولا عائلاتهن، بل لا يملكن قرارهن. فهن مجلوبات إلى النضال حتى لو لم يرغبن في ذلك. أعرف نساء كانت المنازل أرعب لهن من السجون والغرباء".

لو لم أكن معتقلة!

وتفاعلت نساء عربيات مع الوسم، وروين تجاربهن مع "الاعتقال المنزلي"، لافتات إلى أنه لا يقتصر على السعودية فقط. وردّت مغردات على من يرفض اعتبار المنازل سجوناً للنساء. فعددت إحداهن كيف غيّرها سجنها المنزلي جذرياً إذ "حطّم قدرتي عَلَىٰ التواصل البشريّ، غيّبني عن العالم، جهّلني وكأني في التسعين (عمراً). لا أعرف مَا تعرفه امرأة في مثل عمري، حياتها طبيعيّة، وَلا يرىٰ سجّاني أن الوقت حان كي أعيش حياة ‘طبيعيّة‘".

وكتبت شابّة: "لو لم أكن معتقلة لكنت كل صباح أخرج عند انبلاج النهار. لو لم أكن معتقلة لكنت كل يوم أزور حياً جديداً. لو لم أكن معتقلة لكان لي كرسي على عتبة بيتي كيدأراقب غروب الشمس وأنظر إلى المارة. لو لم أكن معتقلة لالتقطت صورة لكل شيء".

"برغم اختلاف سجوننا وحدودنا، فالخوف واحد والظلم واحد وإحساس العجز والغضب واحد"... إلى متى تبقى النساء #معتقلات_المنازل؟

وأشارت أخرى إلى أن "الحكومة نفسها تتعامل مع النساء كمعتقلات في المنازل، وإن حاولت أي امرأة الهروب من هذا المعتقل يُقدم أحدهم بلاغاً لإعادتها له". وأردفت: "المنازل هي سجون للنساء ولو أنها بألوان وأشكال مختلفة. المنازل هي سجون النساء ولو تم تغليفها بمفاهيم وتعاريف لطيفة. هي سجون وضعت لحبسهن وتغييبهن عن العالم". وتابعت: "لو كانت النساء غير معتقلات في المنازل لما تم وضع عراقيل لاستقلالهن. استقلالهن غير معترف فيه قانونياً".

واعتبر حساب "نحو وعي نسوي"، المعني بحقوق النساء وقضاياهن ويتابعه نحو 30 ألف شخص على تويتر، أن الوسم "توثيق نسوي للعنف الأسري وتجارب الصراع والمقاومة والعنف داخل المنازل" و"تأريخ وأرشفة نسوية تكشف من خلالها الرفيقات في السعودية سبل المقاومة النسوية المختلفة وآثار العنف والانتهاك داخل المنازل التي تفرضها سلطة الدولة الأبوية".


رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

Website by WhiteBeard
Popup Image