شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

ساهم/ ي في صياغة المستقبل!
لا خصوصية في الأردن... حياة المواطن الشخصية مباحة للأمن

لا خصوصية في الأردن... حياة المواطن الشخصية مباحة للأمن

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

حياة

الخميس 20 يناير 202204:21 م


يسعى الناس عادةً إلى حماية خصوصياتهم الرقميّة بشتى الطرق، ويزداد الحرص على ذلك تزامناً مع نشاط الشخص المعني، أو سرّية مصادره، ويرى البعض أن استخدام نظام IOS، يساهم في زيادة الأمان والحماية الرقمية، إلا أنَّ الأمر كان مختلفاً حين تفاجأت المحامية الحقوقية الأردنية هالة عاهد، باختراق هاتفها المحمول منذ آذار/ مارس 2021، بعد أن واجهت مشكلاتٍ متكررةً في هاتفها، لتعرف باختراقه عقب فحصه من خلال منظمة "فرونت لاين ديفندرز"، وهو ما شكّل صدمةً وقلقًا لديها من إمكانيّة تعرّض مصادرها أو عائلتها أو أصدقائِها للخطر، حسب تصريحاتٍ صحافيّة.

نشطت عاهد، في العديد من القضايا الحقوقيّة والنسوية، وعُرف عنها دفاعها عن حقوق المرأة والعمال وحريّة الرأي والتعبير، بالإضافة إلى أنها عضوة في الفريق القانوني الذي يدافع عن نقابة المعلمين الأردنيين على خلفيّة حلّها من قِبل الحكومة، قبل عامين، إثر احتجاجات سابقةٍ للمعلمين، وهو ما يثير التساؤلات حول مصير الحريات والمدافعين عنها في الأردن، خاصةً وأنَّها المرة الأولى التي يتم فيها توثيق حالة اختراقٍ بهذا الشكل.

ولم يحدد التقرير المنشور، الجهة المسؤولة عن اختراق هاتف المحامية، إلا أنَّ برنامج بيغاسوس طُوِّر من قبل شركة "إن إس أو" الإسرائيلية المتخصصة في مجال المراقبة، والذي يُعدُّ من برامج التجسس باهظة الثمن، حسب قائمة أسعار عام 2016، وفقًا لموقع "FAST COMPANY".

أول حالة موثّقة للخصوصية

يقول المدير التنفيذي في الجمعية الأردنية للمصدر المفتوح، "جوسا"، عيسى محاسنة، لرصيف22، إنها "المرة الأولى التي يتم فيها توثيق الاختراق باستخدام هذا البرنامج، ولكن من المستحيل أن هاتفاً واحداً فقط في الأردن تم اختراقه".

ويضيف أن برنامج بيغاسوس يعمل على استغلال بعض الثغرات الأمنية، أو الفجوات المتعلقة بالأمن الرقمي في نظام هواتف IOS، والتي يتم زرع برمجية الاختراق عن طريقها، من دون الحاجة إلى الدخول إلى روابط معيّنة، أو تلقّي مكالمات من أحد، "Zero Click"، وهو ما تقوم "جوسا" بمعرفته، وحلّ مشكلات الاختراق الحاصلة.

"على الدولة ضمان الحفاظ على خصوصيّة مواطنيها، وعدم تعرّضهم لأي اختراق، وذلك عن طريق إنفاذ القانون، وفي حال كان الاختراق خارجياً، فمسؤوليتها أن تحمي أمنها السيبراني"

وفي ما يتعلق بتأثير الاختراق على المواطنين، يرى المحاسنة، أن على الدولة ضمان الحفاظ على خصوصيّة مواطنيها، وعدم تعرّضهم لأي اختراق، وذلك عن طريق إنفاذ القانون، وفي حال كان الاختراق خارجياً، فمسؤوليتها أن تحمي أمنها السيبراني، مؤكداً أن "ضمان الحق بالخصوصيّة، هو ضمان لكل الحريات الأخرى، لأن من يتمتع بالخصوصيّة سيتمتع ببقيّة الحقوق والحريات؛ لذا كل دولة ملزمة بأن تحمي خصوصيّة مواطنيها".

الدولة وحماية الخصوصية

وترى المديرة التنفيذيّة لمركز العدل للمساعدة القانونية، هديل عبد العزيز، خلال حديثها إلى رصيف22، أنَّ الدولة معنيّة بفتح تحقيق، وحماية الأفراد، خاصةً وأنَّ ما حدث يُعدُّ انتهاكاً لحق الفرد، ووسيلةً لتغيير المسارات السياسية، قائلةً: "حتى السياسيون معرّضون لهذا".

وتتابع بأن هذه الممارسات تؤثر على قدرة الناشطين والسياسين والحقوقيين وكل من يعمل في العمل العام، ليتم التأثير عليهم من خلال اختراق خصوصيّتهم، والحديث عنها، ما يشكّل ضغطاً يؤثر على العمل العام.

"الاتفاقيات الدولية تحمي الحق بالخصوصيّة، ويختلف التطبيق من دولةٍ إلى أُخرى، إلا أنَّ الإجراءات التي قد تتّبعها الحكومة لحماية الاختراق الذي حصل للحقوقية غير مُطبّق واقعياً، خاصةً إذا كانت الشركة إسرائيلية"

وتشير عبد العزيز إلى إمكانيّة وجود الكثير من الحالات التي تمَّ اختراقها، إلا أنها المرة الأولى التي يتم الحديث عنها بهذا الشكل، ويصدر تقرير يوثّق هذا الانتهاك، خاصةً وأنَّ الدستور الأردني ينص على حق الشخص في الخصوصيّة.

ومن جانبه، يقول مستشار حقوق الإنسان رياض صُبح، لرصيف22، إن الاتفاقيات الدولية تحمي الحق بالخصوصيّة، ويختلف التطبيق من دولةٍ إلى أُخرى، إلا أنَّ الإجراءات التي قد تتّبعها الحكومة لحماية الاختراق الذي حصل للحقوقية غير مُطبّق واقعياً، خاصةً إذا كانت الشركة إسرائيليةً، حسب تعبيره.

ويضيف أن أي شخص سيرفض أن يكون مراقباً خارج نطاق القانون من قبل دولته، لذا فإن الأمر سيزداد سوءاً حين تكون هناك دولة أُخرى تتولى الرقابة عليه، لافتاً إلى أنه "من حق أي إنسان الاطلاع على البيانات الخاصة بأي إنسان في حالتين؛ أن يكون الأمر إذنه، وهو الذي عرضها عليه بشكلٍ طوعيّ، أو أن يكون بأمرٍ قضائي من دون كشف المعلومات للعلن".

وكان رئيس مركز حماية وحرية الصحافيين، نضال منصور، قد طالب الحكومة بالتحقيق في التجسس على الحقوقية والتحقق ممن وضع نظام الاختراق والتجسس "بيغاسوس" على هاتفها لمراقبتها، وإعلان النتيجة؛ لأن "السكوت عن هذه الجريمة اعتداء علينا جميعاً وانتهاك لحقوقنا".

الخصوصية والحريات

وتؤكد المحامية والناشطة الحقوقية إيناس زايد، لرصيف22، وجود قوانين أردنية تحمي خصوصية المواطنين، مثل قانون العقوبات الذي يحمي المعلومات السرّية، ومن الواجب أن تكون الحماية للمحامين مشددةً، نظراً لطبيعة عملهم التي تحتوي معلوماتٍ متعلقةً بالموكّل، وسرّيته، والتي ينص القانون على حمايتها بشكل مشدد.

وتضيف أنَّ آلية الحماية تختلف حسب الجهة المخترقة، فالتعرّض للاختراق من قِبل شخص داخل عمان، يفرض محاسبته بشكل قانوني فحسب، سواء إذا كانت جهةً رسميةً أو لم تكن، أما إذا كانت جهةً خارجيةً، فيجب على الدولة بالكامل التحرّك ومخاطبة الدولة الأُخرى التي تم فيها الاختراق، للإجابة على سؤال: "لماذا تخترقون مواطنيّ؟".

وتصف زايد ما حدث بـ"التضييق والانتهاك لحرية الناشطين وحقوقهم"، خاصةً وأنها ترى أنها سياسة تخويف لبقية الناشطين، وكأنه يتم إخبارهم بشكل غير مباشر: "سيتم اختراق حواسيبكم، وإذا حاولتم فتح أحد الملفات سيتم الضغط عليكم"، وهذا ما يؤثر في مسار الحقوق والحريات في الأردن، لذا يتوجب دعم مؤسسات المجتمع المدني لهؤلاء الحقوقيين حتى لا يتم وضعهم في موقف قانوني يضعفهم، على حدّ تعبيرها.

تواصل رصيف22، مع المركز الوطني للأمن السيبراني الأردني الذي تأسس عام 2020، للحصول على ردّ منه، إلا أننا لم نتلقَ أي إجابة، بالإضافة إلى التواصل مع الناطق باسم الحكومة الأردنية، فيصل الشبول، الذي لم يُجِب على اتصالاتنا كذلك، خاصةً وأن لا موقف أردنياً رسمياً حتى الآن إزاء هذا الاختراق.

وكان مجلس النواب الأردني قد أقرَّ تعريفاً للأمن السيبراني، بأنه "الفعل أو الهجوم الذي يشكل خطراً على البيانات أو المعلومات أو نظم المعلومات أو الشبكة المعلوماتية أو البنى التحتية المرتبطة بها، ويتطلب استجابةً لإيقافه أو للتخفيف من العواقب أو الآثار المترتبة عليه".

فيما كان مرصد "سيفيكوس" الذي يقوم بتصنيف الحريات الأساسية في 197 دولة وإقليماً، وتتبّعها، قد خفّض تصنيف الأردن من "معوّق"، إلى "قمعي"، خلال تقريره الذي صدر العام الماضي، وتصنيف "قمعي" هو ثاني أسوأ تصنيف يمكن أن تحصل عليه دولة؛ وهو يعني تقييد الحريات المدنية بشكلٍ كبير، وأن أي شخص ينتقد السلطات يتعرض للمضايقة والاعتقال والسجن.

هذا فيما أكد وزير الداخلية، مازن الفراية، خلال مداخلة له في لجنة الحريات النيابيّة، أن مستوى الحريات في الأردن ممتاز، إذ لا يوجد سجين واحد بسبب قضية حريات.


رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

Website by WhiteBeard
Popup Image