شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

لنبدأ من هنا!
جاد العنداري يهجر بلاد العم سام ليعيش الشاعرية السينمائية في بلد

جاد العنداري يهجر بلاد العم سام ليعيش الشاعرية السينمائية في بلد "الكم أرزة"

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

ثقافة

الأربعاء 26 يناير 202203:22 م

من المُفترض أن ينتهي تصوير هذا الفيلم المُرتقب الذي من أجله استقال من وظيفته المرموقة، كمُخطّط مدني في وزارة النقل في ولاية كاليفورنيا الأميركيّة، قبل أن يُعلن الصيف عن اتخاذه الشمس رفيقة أمينة له، أو ربما استقال من الوظيفة المرموقة ليُحوّل الأفلام لصلة وصل بينه وبين واقع يُريده شاعريّ الطلة، "غنائيّ الهوى"! ومن المُحتمل جداً أن يكون قد هجر الأمان في بلاد العم سام، ليعيش زهو هذا البلد الذي يُدعى لبنان وجمال (سرّياليّة؟) "هالكم أرزة" فيه "يالّلي عاجقين الكون".

والأكيد أن المُخرج اللبناني الشاب جاد العنداري (35 عاماً) يروي نوادر روحه بأسلوب مخملي لا يخلو من الألم الشهيّ. فقد أثبت ذلك من خلال الشريط الوثائقي الذي صوّره في العام 2019 في قرية والدته، بزبدين، بعنوان "وجاق". إذ رسم ابن فالوغا خطوطه ولوّن حبكته وكأنه عمل فنّي يُجاور الشاعريّة، أوقصيدة روحانيّة تأسر الحياة القرويّة اللبنانيّة ببساطة مُحببة وموجعة في آن.

وعُرض الشريط في مهرجان الأفلام العربيّة الذي أقيم في "مسرح روكسي" في سان فرانسيسكو، وهي أقدم صالة عرض في الولايات المتحدة، وحاز على جائزة أفضل شريط وثائقي في "مهرجان مونتريال" للأفلام.

من المُفترض أن ينتهي جاد العنداري تصوير الفيلم "محمود" المُرتقب الذي من أجله استقال من وظيفته المرموقة، كمُخطّط مدني في وزارة النقل في ولاية كاليفورنيا الأميركيّة، قبل أن يُعلن الصيف عن اتخاذه الشمس رفيقة أمينة له

تصوير "محمود"

وسيبدأ تصوير "محمود" (أقلّه، هذا هو العنوان المبدأي للعمل الأقرب إلى رحلة داخليّة نقوم بها جميعاً، قبل أن نتصالح مع هذا الوهم الجميل الذي يُدعى الحياة) في الأول من آذار/ مارس، ليستمر ما يُقارب 25 يوماً في المتن الأعلى، وتحديداً في قُرى بزبدين وفرنايل وفالوغا البعيدة حوالي 43 كم من العاصمة بيروت.

يقول عنداري بصوته الهادئ حتى السكون إن العمل الحالي هو روائي، وقد كتب قصّته بنفسه، مُنطلقاً من رجل يعيش حياة الفقر التي باتت تُميز لبنان وتضعه في خريطة المنسيين. والأكيد أن القصّة، بحسب الشاب، ملحميّة تُجاور الفانتازيا من دون أن تغض الطرف عن حديقة الدراما التي يصعب الابتعاد عن قضبانها الحديديّة.

وخلال ما يُقارب ال55 دقيقة، سنُرافق "محمود" في مواجهاته الضارية مع نفسه. وسيكون كل واحد منّا الشاهد على غرقه في رواق المخدرات ودهاليسها. وسننساب في إتجاه هلوساته  وترنّحه على إيقاع العنف والجنس المُتطرّف وغير المُستتر. وسنفهم مع تطوّر الأحداث، أن العودة إلى الحياة البسيطة وعناق الطبيعة من العناصر التي تُسعف الغريق كما تُسعفنا جميعاً.

"الفيلم يُسلّط الضوء على دورة الحياة ويرتكز على قصيدة قديمة أو سلسلة قصائد قصيرة تُتلى  في مدرسة الZen الصينيّة وتُستعمل في الطقوس البوذيّة لوصف المراحل التي يمر فيها الإنسان قبل أن يصل إلى مرحلة التنوير. وتطل بعنوان The Ten Bulls(الثيران العشرة)".

يقول عنداري بصوته الهادئ حتى السكون إن العمل الحالي هو روائي، وقد كتب قصّته بنفسه، مُنطلقاً من رجل يعيش حياة الفقر التي باتت تُميز لبنان وتضعه في خريطة المنسيين

هو فيلمه  الروائي الطويل الأول، "وهي في المرتبة الأولى قصة مجتمع يعيش الكثير من الألم. ألمه يُجاور التطرّف ولا يخلو من الإرتباك )والإلتباس؟). ورحلة البطل هي رحلة داخليّة بكل تأكيد ولكنها تنصهر بالآلام المبرحة التي يرتديها لبنان ثوب أيامه".

وجاد يعمل على هذا الفيلم منذ فترة طويلة، وقد إستقر مؤقتاً في البلد منذ 8 أشهر، هو المولود في لوس أنجلوس. "بالنسبة لي، فإن الفيلم تجربة شخصيّة وعميقة تستريح على الروحانيّة. لقد هجرت كل شيء في الحياة لأدخل عالم السينما. سرد القصص يُسعدني. وعلى الرغم من كل ما يحدث في لبنان، أنه لشرف عظيم أن أكون هنا خلال هذه المرحلة الدقيقة والتاريخيّة".

 وكان العنداري قد أنجز فيلمه القصير الأول Pawn، في العام 2017، مُنطلقاً من تأثره بصاحب آخر منتدى للشطرنج في نيويورك، الفلسطيني عماد خشان، الذي يصفه الشاب بـ"My Hero". وقد صوّر الفيلم في المنتدى الذي يحمل اسم Chess Forum والقائم في شارع طومسون الشهير، وقام ببطولته الكاتب والصحافي العراقي صموئيل شمعون (عراقي في باريس).


 وتتمحور القصة على أحد قدامى المحاربين العراقيين الذي يجد السلام الداخلي الذي يُراوغه ذات مساء نيويوركي بارد، عندما يضع القدر في طريقه صاحب مُنتدى للشطرنج، لصاحبه العراقي الحكيم.

وعن العنداري يقول لنا خشان من نيويورك إن "عدسته شاعريّة، وهو يملك الحس الغنائي لدى سرده للقصص السينمائيّة. أعماله أشبه بالوليمة الباذخة والمُترفة التي تُشبع العقل والروح والحواس".

ولأن العنداري دعانا لنُعيش بعض ومضات هاربة من كواليس التصوير المُرتقب في بداية الربيع، سيكون لنا معه لقاء آخر. إذ لا بد من اختبار الشاعريّة الغنائيّة الفخمة كوليمة تليق بها الشراهة والنهم، First Hand.

إنضمّ/ي إنضمّ/ي

رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

Website by WhiteBeard