في مسيرة كلٍّ منهم، ما يكفي لكتابة حكايات عديدة يتصدرها اسم "فلسطين". تعرف منها أن جاكلين خوري، وصلاح جاهين، ومنى قطان، وسامية جاهين، هم أربعة أضلاع لبناء نضالي وفكري وثقافي وفني واحد، وأن الهم العربي كان الشاغل الأكثر تأثيراً في تلك المسيرة.
لربما نعرف الكثير عن مسيرة صلاح جاهين الرائعة، لكننا نعرف أقل عن مسيرة زوجته، منى قطّان، الفلسطينية التي وُلدت في حيفا لوالدين فلسطينيين، ووالدتها هي الصحافية الفلسطينية المعروفة، جاكلين خوري، أوّل مراسلة صحافية لجريدة الأهرام المصرية، وهي ذات باع طويل في التاريخ النضالي والصحافي.
صورة من منزل سامية جاهين في القاهرة
أنجبت جاكلين خوري ابنتها منى، في العام 1944، ووالدها هو رشيد خوري، رئيس بلدية حيفا قبل النكبة، التي مع حلولها، اضطرت العائلة إلى ترك المدينة، وخاصةً بيتهم في الحيّ الألماني.
لمعرفة حكاية منى قطّان، التقيت بابنتها، الفنانة سامية جاهين، وتحدثنا عن والدتها، وجدّتها، ووالدها صلاح جاهين؛ عن هذه العائلة، وجذورها ما بين فلسطين ومصر، وامتداداتها إلى اليوم، وإلى أطفال العائلة.
لربما نعرف الكثير عن مسيرة صلاح جاهين الرائعة، لكننا نعرف أقل عن مسيرة زوجته، منى قطّان، الفلسطينية التي وُلدت في حيفا لوالدين فلسطينيين، ووالدتها هي الصحافية الفلسطينية المعروفة، جاكلين خوري، أوّل مراسلة صحافية لجريدة الأهرام المصرية
تقول سامية لرصيف22: "كانت والدتي تحبّ الفنّ منذ صغرها. تقرأ الأدب والشعر، وعندما أتت مع والدتها إلى مصر، وهي صغيرة، امتزجت حياتها في المجال الثقافي، ودرست في الجامعة الأمريكية، ومن ثم الفنون المسرحية، وفي أثناء عمل جدتي جاكلين خوري في صحيفة الأهرام، كانت والدتي منى قطّان تزورها دوماً".
هذه الزيارات كانت باباً للتعرّف إلى صلاح جاهين، ونشأت بينهما علاقة صداقة وطيدة تحوّلت إلى حبّ، "لأنه كان دائماً باب دخولها إلى مصر الحقيقية، كما كانت تقول والدتي، التي تعرّفت من خلاله على حياة المصريين. كانت تسمّيه عرّاباً، فتح لها كل الأبواب المغلقة في الحبّ والحياة".
لم تكن منى قطّان عندما تعرّفت إلى صلاح جاهين قد تخرجت من الجامعة، ووقعت في حبّه، وعبّرت عن حبّها له، وعرفت حينها والدتها، جاكلين خوري، بمشاعر ابنتها تجاه صلاح، الذي يكبرها بثلاثة عشر عاماً تقريباً. عن هذا تقول سامية: "وعلى الرغم من رفض جدّتي، أصرّت والدتي على الارتباط به، فتزوجا وعاشا في شقة في شارع جامعة الدول العربية في حيّ المهندسين".
صلاح جاهين ومنى قطّان في سهرة خاصة
أحبّت المسرح أكثر من السينما
أحبت منى قطّان التمثيل، وكانت تحب المسرح أكثر من السينما والتلفزيون، ومثّلت في أعمال كثيرة، وخاصةً المسرح القومي. قدّمت أعمالاً مهمة، منها "الست هدى"، لأمير الشعراء أحمد شوقي، ومن أعمالها في السينما، "خلي بالك من زوزو"، و"أميرة حبي أنا"، وأكثر دور أحبّته، حسب حديث سامية، التي أحبّته هي بدورها أيضاً، كان دورها "شهرزاد"، في أول فوازير كتبها لها صلاح جاهين في 1970، شاركها بطولتها الفنان القدير عبد المنعم مدبولي، بعنوان لغز "الملكة شهرزاد"، إذ أخرجت فيه كل مواهبها المتنوعة. بعدها، شاركت في عدد من الأعمال التلفزيونية، مثل مسلسل "العفريتة"، ثم غيروا اسمه إلى "أهوه دا اللي مش ممكن أبداً"، وفي مسلسل "جنية من كوكب آخر"، الذي أظهر قدراتها التمثيلية.
تعيش القضية الفلسطينية كجزء أساسي في يوميات سامية جاهين، وحياتها، هي التي ترى أن الشعر والغناء وسيلتان مهمتان لإيصال رسالتها.
الانتماء إلى فلسطين
عن علاقتها بفلسطين، تقول سامية جاهين إن والدها هو الذي عمّق انتماء والدتها الفلسطينية، إلى القضية، وتتابع: "لم تكن في فترة مراهقتها تسمع كثيراً عن فلسطين، بسبب انشغال والدتها بعملها الصحافي. وعندما تزوجت والدي كان عمرها 19 عاماً، وكان معروفاً مدى اهتمامه بالقضية الفلسطينية، وكتاباته عنها، من ثم عرفت والدتي منى قطان من خلال هذا الاهتمام، كم أن فلسطين تحتاج إلى أبنائها، وتالياً بدأت تهتم بالقضية بشكل كبير جداً. فقالت في أكثر من مناسبة إن صلاح جاهين هو أحد من عمّقوا فكرة الانتماء الحقيقي إلى فلسطين، وعادت تفتش فى دفاتر العائلة، وتتمنى لو عاد بها الزمن لتزور الوطن، وتشاهد حيفا في الواقع، وليس كما تراها في الصور".
اعتزلت لتتفرغ لرعاية ابنتها
بعد رحيل صلاح جاهين، اعتزلت منى قطّان التمثيل، وتفرّغت لتربية ابنتها سامية، باستثناء بعض الأدوار، مثل دورها فى مسلسل "زيزينيا" مع أسامة أنور عكاشة. لكنها لم تستطع مواصلة العمل، بسبب انشغالها برعاية ابنتها، وعن هذا تقول سامية :"تخلت عن جزء كبير من أحلامها بسببي".
عن علاقتها بفلسطين، تقول سامية جاهين إن والدها هو الذي عمّق انتماء والدتها الفلسطينية، إلى القضية، وتتابع: "في أكثر من مناسبة قالت والدتي إن صلاح جاهين هو أحد من عمّقوا فكرة الانتماء الحقيقي إلى فلسطين، وعادت تفتش فى دفاتر العائلة، وتتمنى لو عاد بها الزمن لتزور الوطن"
ميراث لن يموت
سامية جاهين حالة فنية مختلفة، ورثت حب فلسطين، فقد نشأت وهي تسمع الحكايات عنها، من الجدة، والأم، والأب صلاح جاهين. عن هذا تقول: "نعم ورثت كل هذا، أحببت ولا زلت فلسطين، وطناً يعيش فينا، ونعيش به، أما الموسيقى والغناء فانخرطت فيهما وأنا طفلة، وتوطدت علاقتي بهما مع فرقة "إسكندريلا"، وفي الحقيقة مشاركتي في الفرقة جاءت بعد سنوات من مشاركتي في فرقة "الشارع"، إذ كنت أهتم بإلقاء الشعر والغناء".
سامية جاهين ووالدتها منى قطّان
تعيش القضية الفلسطينية كجزء أساسي في يوميات سامية جاهين، وحياتها، هي التي ترى أن الشعر والغناء وسيلتان مهمتان لإيصال رسالتها. لا ترى نفسها "مطربةً"، لكنها تحبّ الغناء، وتؤدي الأغاني التي تعبّر عنها. تركت فرقة "إسكندريلا" عام 2013، لكنها لم تتوقف عن ممارسة الفن. وتضيف: "ما زلت أشارك في الحكي والإلقاء، وأحياناً الغناء ضمن فرقة 'الورشة' المسرحية، بقيادة الفنان حسن الجريتلي، الذي يشجعني كثيراً، ويساعدني على تطوير أسلوبي في الحكي والأداء".
أنجبت جاكلين خوري ابنتها منى، في العام 1944، ووالدها هو رشيد خوري، رئيس بلدية حيفا قبل النكبة.
وعند سؤالي إياها عن الشعر، قالت إن موهبة الشعر لا تورَّث. وتضيف: "كل الشعراء العظماء تعبوا واجتهدوا ليصبحوا شعراء، ومنهم بهاء جاهين (ابن صلاح جاهين)، على الرغم من أنه كثيراً ما تتم مقارنته بوالدي، لأنه ابنه، ويكتب الشعر، مع أن لبهاء، على الرغم من تأثره بصلاح جاهين، صوته المميز جداً والمختلف تماماً عن كل الشعراء الذين سبقوه، حتى والده. أما أنا، فلم أحاول أن أكتب الشعر. كانت لي بعض المحاولات لكتابة القصة القصيرة، لكنها لم تستمر".
سامية جاهين وهي طفلة مع والدها صلاح جاهين
الأحفاد يحبّون الموسيقى
مسيرة الأجداد والجدات والآباء هل تستمر مع الأحفاد؟ تقول سامية جاهين: "ابنتي وابني لهما ميول فنية وموسيقية. ابنتي الكبرى بدأت تكشف لنا عن موهبتها، ولديها اهتمامات كثيرة بالفنون، إذ تحب الرسم والموسيقى، والعزف على البيانو، والغيتار مصحوباً بالغناء. ابني عمره ست سنوات، ويحب الموسيقى والرسم كثيراً، لكن لم يمارسهما بشكل فعلي".
في حديثنا عن الحكايات، ودورها المهم عبر الأجيال، تعمل سامية جاهين منذ سنوات في مشروعها "دي الحكاية"، والذي تهدف من خلاله إلى جمع قصص الأطفال التراثية، وإعادة صياغتها وسردها.
سامية جاهين تحكي حكايات للأطفال
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
علامي وحدي -
منذ 3 ساعات??
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ 23 ساعةرائع. الله يرجعك قريبا. شوقتيني ارجع روح على صور.
مستخدم مجهول -
منذ يومحبيت اللغة.
أحضان دافئة -
منذ يومينمقال رائع فعلا وواقعي
مستخدم مجهول -
منذ 6 أياممقال جيد جدا
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعحب نفسك ولا تكره الاخر ولا تدخل في شؤونه الخاصة. سيمون