"حرام الناس تموت بسبب انقطاع الأكسجين. هذا إهمال ولا بد من محاسبة الفساد والمفسدين. حرام تكون أرواح الناس رخيصة".
بهذه الكلمات، عبّر المواطن الأردني الشاب نضال الطرزي على حسابه في فيسبوك عن استيائه لمقتل تسعة من مواطنيه في مستشفى السلط الحكومي جراء توقف إمدادات الأكسجين الذي كانوا يحتاجونه للبقاء على قيد الحياة، وذلك في آذار/ مارس 2021.
لم يكن الملازم المهندس في الجيش الأردني يدري أن هذه الكلمات ستتسبب في فصله من الخدمة، وتوقيفه مدة عام في سجن عسكري، علاوة على صدور حكم بسجنه خمس سنوات إضافية في سجن مدني، بينما المدانون بالفساد والتسبب في هلاك الأرواح التسعة لم تتجاوز عقوبتهم السجن ثلاث سنوات.
وكانت "حادثة السلط" قد تسببت في غضب واسع بالشارع الأردني وأدت إلى إقالة خمسة مسؤولين في وزارة الصحة وتوجيه تهم إليهم تتعلق بالإهمال، وتشكيل لجنة طبية عسكرية لكشف ملابسات الحادث عقب إعلان وزير الصحة نذير عبيدات استقالته.
"في مملكة الموز، الكلمة بتخوفهم كثير"... حُكم بسجن شاب أردني خمس سنوات، وفصله من عمله في الجيش الأردني لتعليقه على حادثة السلط بينما المدانون الخمسة بالتسبب في قتل تسعة أشخاص حُكِموا ثلاث سنوات فقط #بدنا_حق_نضال
لأنه عسكري؟
وشهدت مواقع التواصل الاجتماعي في الأردن آنذاك آلاف الآراء المستنكرة والتعليقات الغاضبة. لكن تعليق نضال أدى إلى توجيه خمس تهم إليه وهي بحسب عائلته: "التحريض والفتنة، والإساءة إلى المؤسسات العسكرية، وإطالة اللسان ضد الملك، وزعزعة الأمن الداخلي، وتقويض النظام".
لكن موقف نضال يعد أكثر حساسية إذ لفت فريق من الناشطين والمحامين الأردنيين إلى أن القوانين الأردنية تحظر على العسكريين التعليق على القضايا السياسية علناً وتفرض عليهم البقاء على الحياد، وهو ما يبرر للبعض العقوبة المشددة التي صدرت بحق الشاب.
في المقابل، يقول آخرون إن الشاب عبّر عن رأيٍ شخصي في قضية اجتماعية من خلال حساب خاص ولم يعلّق على قضية سياسية كي يُحاكم.
ويقبع نضال (29 عاماً) في السجن العسكري منذ 23 آذار/ مارس 2021. وفوجئت أسرته ببدء محاكمته في 2 تشرين الأول/ أكتوبر الماضي، وصدور الحكم في 9 كانون الثاني/ يناير الجاري، بسجنه خمس سنوات في سجن مدني لم يحدد بعد.
علاوة على توقيفه نحو سنة في سجن عسكري، وُجهت إلى نضال الطرزي خمس تهم هي "التحريض والفتنة، والإساءة إلى المؤسسات العسكرية، وإطالة اللسان ضد الملك، وزعزعة الأمن الداخلي، وتقويض النظام"، حُكم على إثرها خمس سنوات إضافية
ويحق لنضال الاستئناف على القرار خلال 15 يوماً من صدور الحكم، بحيث يمكن لمحكمة الاستئناف تأكيد الحكم أو تخفيفه أو إلغاؤه وتبرئة نضال.
وبينما تتسلم أسرة الملازم الشاب ملف القضية، الأربعاء 12 كانون الثاني/ يناير، لبدء إجراءات نقض الحكم، سيسمح لنضال بالعودة إلى عمله أسبوعين يقوم فيهما بإجراءات تسليم عهدته قبيل نقله إلى السجن المدني الذي سيقضي فيه محكوميته.
"مملكة الموز"
منذ صدور الحكم، دشنت عشيرة الطرزي التي ينتمي إليها نضال وسم #بدنا_حق_نضال، ناشدت عبره العاهل الأردني إنقاذ مستقبل الشاب ووقف الظلم الواقع عليه. وشارك مئات الأردنيين التغريد عبر الوسم معبّرين عن صدمتهم إزاء الحكم الذي وصفوه بـ"غير العادل" إذ يُعاقب مواطنٌ على "حبه للوطن" و"كلمة حق" أراد منها معاقبة الفاسدين. كتب أبو إلياس: "في مملكة الموز، الكلمة بتخوفهم كثير"، وسخر معلقون من تصريح لوزير الداخلية الأردني مازن الفراية أمام لجنة الحريات النيابية، قال فيه: "مستوى الحريات في الأردن ممتاز ولا يوجد سجين واحد على قضية حريات".
وغرّد الناشط الأردني علاء ملكاوي: "من عجائب وغرائب الأردن، مدير مستشفى السلط ينحكم في فاجعة الأكسجين التي ذهب ضحيتها تسعة أبرياء أقل من حكم المواطن نضال الذي انحكم خمس سنوات سجن وطرد من خدمته لمجرد كتب بحرقة تغريدة والمدير ثلاث سنوات. أي ظلم هذا الذي نعيشه".
عام 2018، خاطب العاهل الأردني الشباب: "إذا أردتم الإصلاح، فارفعوا صوتكم ولا تصمتوا". عام 2021، الشاب نضال الطرزي ينتقد الفساد في حادثة السلط، فيُسجَن عاماً في سجن عسكري، ويفصل من عمله، علاوة على خمس سنوات إضافية في سجن مدني
ورأى ملكاوي أن نضال طُرد من وظيفته وحكم بهذه العقوبة المشددة لأنه "صمتنا (الأردنيون) عن ظلم غيره سابقاً وتقبلنا الاستبداد والتجبر على العباد".
وهزأ كثيرون من دعوة العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني عام 2018 الشباب إلى التعبير عن آرائهم، قال: "إذا أردتم الإصلاح، فارفعوا صوتكم ولا تصمتوا"، قائلين إن "نضال سمع بهاي النصيحة شو صار؟ انحكم 5 سنين وانطرد من الخدمة العسكرية".
واستشهد معلقون بمنشور سابق لنضال في مناسبة عيد الجيش عام 2019، عبّر خلاله عن فخره الشديد بالانتماء للمؤسسة العسكرية وباعترافه بالتضحيات التي يقدمها أفراده، معتبرين ذلك دليلاً على حبه الخالص للوطن وعدم تعمده أي إساءة إلى الجيش الأردني.
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
مستخدم مجهول -
منذ يوممتى سوف تحصل النساء في إيران على حقوقهم ؟!
مستخدم مجهول -
منذ يومفاشيه دينيه التقدم عندهم هو التمسك بالتخلف
مستخدم مجهول -
منذ يومعظيم
Tester WhiteBeard -
منذ يومينtester.whitebeard@gmail.com
مستخدم مجهول -
منذ يومينعبث عبث
مقال عبث من صحفي المفروض في جريدة او موقع المفروض محايد يعني مش مكان لعرض الآراء...
مستخدم مجهول -
منذ 6 أيامرائع