لعبت الإذاعة دوراً حاسماً في مسيرة حياة فؤاد المهندس الفنية في جميع مراحلها؛ كانت البداية ملتبسة بعض الشيء، ولكنها كانت أيضاً مواتية؛ ليس فقط لأن شقيقته هي الإذاعية الكبيرة صفية المهندس، وزوجها الإذاعي الرائد محمد محمود شعبان "بابا شارو"، كانا عظيمي النفوذ والتأثير، ولكن بالأساس لسببين إضافيين:
فهو (فؤاد) أولاً، قد طرقها في الوقت الذي كانت الصحف تنشر تصريحات لوزير الإرشاد القومي وعضو مجلس قيادة الثورة، الصاغ صلاح سالم، قال فيها: "إن المذيعيين هم مرآة الإذاعة، والإذاعة هي مرآة الدولة"، ثم هو (فؤاد) ثانياً، قد بدأ العمل فيها من خلال برنامج "ساعة لقلبك" الذي بدأ البث في تلك الأيام، ومنذ حلقاته الأولى، حقق البرنامج نجاحاً جماهيرياً كبيراً، ساهم في تعريف المستمعين بعدد كبير من الممثلين الشباب وقتها، والذين أضحوا نجوماً للكوميديا طوال ثلاثة عقود تالية.
وقد بدأ "ساعة لقلبك" كبرنامج أسبوعي يقدم في فقرات "السهرة"، ثم تحول مع تنامي جماهيريته لبرنامج يومي، وقد تميز بأن تسجيله يتم على خشبة مسرح وفي وجود جمهور، ولهذا يُسمع في حلقاته تفاعل الجمهور مع الممثلين وضحكاته، ما ينشأ عنه حالة تماهٍ غير واعٍ بين المستمع وبين الأصوات الضاحكة المسجلة، حتى لتبدو مشاعر المستمع مجرد صدى لأصوات الجمهور المشارك في التسجيل، والمفارقة أن هذه الصيغة هي الأقرب لوظيفة المرآة.
تزامن ظهور فؤاد المهندس في مرآة الدولة، مع حدث ذي تأثير بالغ في الكثير من الوقائع التي جرت بعده. ففي الأيام الأولى من صيف 1953، كان ضباط الجيش الذين استولوا على حكم البلاد يتجهزون لخطوة حاسمة
لنحو عقد كامل كانت الإذاعة مرتكزاً لا يمكن لفؤاد المهندس أن يتخلى عنه مهما كانت إغراءات المسرح أو السينما، أو حتى التلفزيون وفرقه المسرحية التي تفتحت فيها قدراته الكوميديا المتنوعة، فهو يطرق آذان المستمعين مرتين في اليوم، في الصباح وفي المساء.
ثم إن الإذاعة هي التي قادته للوقوف أمام الزعيم ومصافحته، وها هو فؤاد يستعيد بعض التفاصيل:
من الدقيقة 1:41 إلى الدقيقة 4:01
الرئيس والمشير
تزامن ظهور فؤاد المهندس في مرآة الدولة، مع حدث ذي تأثير بالغ في الكثير من الوقائع التي جرت بعده. ففي الأيام الأولى من صيف 1953، كان ضباط الجيش الذين استولوا على حكم البلاد يتجهزون لخطوة حاسمة.
كان البكباشي (المقدم) جمال عبد الناصر، كما يقر كل رفاقه، هو مركز حركة الضباط الأحرار، وأكثرهم اتصالاً بالضباط والقوى السياسية المختلفة، قبل 23 يوليو 1952، وظل أكثرهم اتصالاً بمختلف الضباط بعد الحركة، مدركاً أن قوته تأتي من صلته الوثيقة بزملائه في مختلف الأسلحة، وكانت علاقته المميزة للغاية بالصاغ (الرائد) عبد الحكيم عامر هي العامل الحاسم في خططه المقبلة، فقد رغب في تعيينه قائداً عاما للقوات المسلحة، بدلا من نجيب الذي كان حريصاً على تعزيز صلته بضباط الجيش ومداومة زيارة وحداتهم، بالإضافة إلى أن شعبيته قد وصلت إلى درجة الخطورة على زملائه في مجلس قيادة الثورة.
وكانت خطة عبد الناصر المتمثلة في ترقية الصاغ عبد الحكيم عامر إلى رتبة لواء تتناقض تماماً مع انضباط القوات المسلحة، وتتنافر مع طبيعة الضباط الذين تمثل الأقدمية عندهم شيئاً مقدساً. وكان أن أعلنت الجمهورية يوم 18 يونيه 1953، وعين محمد نجيب رئيساً للجمهورية، مع احتفاظه بمنصب رئيس الوزراء وتخليه عن منصبي وزير الحربية وقائد عام القوات المسلحة. وكان أول قرار جمهوري يوقعه نجيب، قرار تعيين عبد الحكيم عامر قائداً عاماً للقوات المسلحة، بعد ترقيته إلى رتبة اللواء.
قُوبل هذا التعيين بمعارضة مكتومة بين ضباط الجيش، ولكن من دون تعبير إيجابي؛ فلم يستقل من المئات من أصحاب الرتب الأقدم، الذين قفز فوقهم عبد الحكيم عامر، إلا اللواء حسين محمود، قائد السلاح الجوي.
كانت معارضة محمد نجيب في العلن وعلى مسمع من الجميع، ولكن اعتراضات باقي أعضاء مجلس قيادة الثورة ظلت صامتة.
"مراكز القوى تعمدت إنهاء أسطورة إسماعيل ياسين لتمهيد الساحة لظهور الفنان الراحل فؤاد المهندس"
عبد اللطيف البغدادي يذكر في مذكراته أنه عد الترقية "مناورة من عبد الناصر لتعزيز نفوذه الشخصي، فعبد الحكيم صديقه الحميم، ولا بد أنهما معاً سوف يتكاتفان ضد باقي أعضاء المجلس، أما خالد محيى الدين، فذكر في مذكراته أن استقالة اللواء الجوي حسن محمود جاءت لأنه "يعتبر أن رتبة اللواء رتبة محترمة، وأنه لا يجوز التلاعب بالرتب العسكرية"، ثم يذكر أن نجيب كان يعتمد في علاقاته بالجيش على هذه القيادات التقليدية، وأن غيابها سيتيح لعبد الناصر وعامر، أن يحل رجالهما محل المستقلين".
ويذكر محمد الجوادي، في كتابه "مذكرات قادة العسكرية المصرية 67- 72 في أعقاب النكسة"، عند تناوله مذكرات الفريق أول محمد صدقي محمود (الذي كان قائدا للطيران في حرب 5 يونيه 1967)، أنه "بعد قيام الثورة كان صدقي محمود من الذين بقوا يخدمون في سلاح الطيران، وكان له موقف بارز من تأييد (أو على الأقل: قبول) ترقية عبد الحكيم عامر إلى رتبة لواء، فبينما استقال قائد القوات الجوية احتجاجاً، فإنه رفع صوته بتأييد هذه الترقية الاستثنائية.
وهكذا أصبح الفريق صدقي محمود قائداً للقوات الجوية منذ نهاية يونيو 1953، أي أن أقدميته في هذا المنصب كانت تناظر أقدمية المشير عبد الحكيم عامر في القيادة العامة للقوات المسلحة!!".
بعد خمس سنوات، أصدر الرئيس جمال عبد الناصر قراراً جمهورياً، بترقية اللواء عبد الحكيم عامر، القائد العام للقوات المسلحة، إلى رتبة فريق، وتضمن القرار أيضاً ترقية محمد صدقي محمود لرتبة فريق.
ثم بعد بضعة أشهر أصدر عبد الناصر قراراً آخر بترقية عامر لرتبة مشير وصدقي محمود لرتبة فريق أول.
التنحي... فبركة أم تلقائية
الظهور الثاني، الذي تكشف عنه وثيقة مصورة لفؤاد أمام الرئيس والمشير، جرت في يناير 1967، وكان معه هذه المرة الممثلة الصاعدة بقوة طاغية نحو صدارة النجومية، زوجته شويكار.
بين يناير ويونيه، قدم الثنائي فيلمين "أخطر رجل في العالم، الراجل ده حيجنني"، ثم وقعت هزيمة 5 يونيو المدوية، وأُعلن عن تنحي المشير عن جميع مناصبه، كما أعلن الرئيس أيضاً عن تنحيه، فخرجت مظاهرات تطالبه بالعدول عن قراره، ثم أُعلن عن انتحار المشير في 11 سبتمبر، وعرض للثنائي فؤاد وشويكار، بعدها بثلاثة أيام، فيلم "إجازة غرام".
عن مظاهرات التنحي، يذكر المخرج حسام الدين مصطفي، مخرج فيلم "شنبو في المصيدة"، الآتي:
من الدقيقة: 6:10 إلى نهاية المقطع
ويذكر ثروت عكاشة، الذي كان نائباً لرئيس مجلس الوزراء ووزيراً للثقافة وقتها، في كتابه "مذكراتي في السياسة والثقافة" الرأيين المتعارضين: كانت المظاهرات عفوية تماماً، بل كانت مدبرة من بدايتها لنهايتها، ثم يذكر الآتي: "البعض يرى أن عبد الناصر لم يكن صادقاً في إعلانه تنحّيه، وإنما كانت مناورة حاكها هو مع الاتحاد الاشتراكي الذي تولى حشد الجماهير في الشوارع وتنظيم المسيرات الشعبية بحيث تبدأ بمجرد انتهائه من إلقاء خطابه.
وعن نفسي، فأنا لا أستطيع الجمع بين وجهتي النظر المتعارضتين هاتين في هذا الأمر، إلا من خلال تصور أن القائمين على الاتحاد الاشتراكي، أو أصحاب المصلحة في بقاء عبد الناصر، قد انتهزوا حدوث هذا المد الشعبي التلقائي المذهل وغير المتوقع، فسارعوا بركوب الموجة وإضفاء التنظيم على الحركة الشعبية بما بين أيديهم من إمكانيات مادية وسياسية في جميع أنحاء البلاد، فإذا هذا التنظيم يبدو على السطح وكأنه الأصل في تحرك الجماهير".
لا صدقي ولا الغول عبد الناصر هو المسؤول
في 20 فبراير 1967، قضت المحكمة العسكرية بمعاقبة قادة الطيران في هزيمة "نكسة" 5 يونيو 1967 وهم: الفريق صدقى محمود بالسجن 15 سنة، وبراءة كل من جمال عفيفي، وعبد الحميد الدغيدي، وسجن إسماعيل لبيب 10 سنوات، والسجن 15 سنة والطرد من الخدمة العسكرية للواء متقاعد صدقى الغول، والأشغال الشاقة المؤبدة لثلاثة ضباط، اثنان برتبة عقيد، وواحد ملازم، والحبس سنة مع الشغل لملازم، والطرد من الخدمة لنقيب وملازم.
في اليوم التالي، خرجت مظاهرات من بعض المصانع والجامعات، تندد بهزالة تلك الأحكام، وكان من بين الهتافات التي ردّدها المتظاهرون، هتاف: "لا صدقي ولا الغول... عبد الناصر هو المسؤول".
ويذكر الجوادي أن الفريق أول محمد صدقي محمود كان "بمثابة كبش الفداء الأول لهزيمة 1967ـ وقد قُدّم للمحاكمة مرتين: في الأولى كان متهماً بخمسة اتهامات، وقد برّأته المحكمة من أربعة من هذه الاتهامات، وأدانته في اتهام واحد فقط يتعلق بتقديراته المبدئية لنسبة الخسائر التي يتعرض لها سلاح الطيران المصري إذا ما تلقى الضربة الأولى، وما يمكن لهذا السلاح أن يؤديه بعد هذا، وأن يحققه من خسائر على الجانب الآخر، وقد حكمت عليه المحكمة في هذا الاتهام بالسجن 15 عاماً، ثم حكمت عليه المحكمة الثانية بالسجن 25 عاماً.
شخصية نافذة
كان الثنائي فؤاد وشويكار قد افتتحا عام 1968 بفيلم "مطاردة غرامية" (12 يناير)، وفي نهاية العام كانا قد حققا نجاحاً وانتشاراً مذهلاً، فقد عُرضت لهما ثمانية أفلام، ما يعني أنهما قدما حوالي خُمس الأفلام التي قدمتها السينما المصرية في ذلك العام. صحيح أن فؤاد شارك في عام 1963 بالتمثيل في تسعة أفلام، لكنه كان لا زال يؤدي أدواراً ثانوية، أما في 1968 فكان النجم دون منازعة ذات معنى.
عام 1968 كان استثنائياً بصورة مطلقة في مسيرة كل من فؤاد وشويكار، فهل كانت "الوصية" عاملاً خفياً في ذلك؟
يذكر موقع "السينما كوم" أن العرض الأول لفيلم "شنبو في المصيدة" كان يوم 2 سبتمبر 1968، و"أن نجاحة وحصوله على المركز الاول من حيث الإيرادات أثار استياء النقاد والمثقفين؛ حيث تفوق على أفلام عُدت من أفضل ما قدمت السينما العربية طوال تاريخها
يصاغ السؤال بطريقة مغايرة وشخصية وملتوية: هل ثمة شخصية نافذة ساهمت في دفع الثنائي إلى القمة، منفردين، لسبب متعلق بطرف دون الآخر؟ ويطرح بوضوح: هل شويكار هي السبب، في قوة الدفع؟
هناك بعض القرائن: قرينة ضعيفة ذكرها نجل فؤاد المهندس، حين أشار إلى عمق الصداقة التي كانت تربط والده وسكرتير عبد الناصر الشخصي، محمد أحمد، وقرينة أقوى، وهي قرينة "الوصية"، فيذكر أنه لم يسبق، ولم يلحق، أن عرضت مسرحية في حفل رسمي يحضره عبد الناصر وتغني فيه أم كلثوم.
ثم يُتعمق في هذه القرينة، فيشير إلى أن ذلك كان في حفل عيد الشرطة، وأن شعراوي جمعة، الذي دخل الوزارة في عام 1964 كوزير دولة ثم تولى الداخلية في وزارة صدقي سليمان (سبتمبر 1966)، هو المسؤول عن تنظيمه، ثم يُتعمق أكثر فيُذكر أن جمعة كان على علاقة لصيقة بالفن والفنانين، بحكم منصبه الوزاري أولاً، ثم ثانياً بحكم منصبه السياسي في الاتحاد الاشتراكي العربي (التنظيم السياسي العلنى والشرعي والوحيد في البلاد) وفي تنظيم طليعة الاشتراكيين (التنظيم السري، والشرعي، في نفس الوقت؛ بحكم أن رئيسه الأعلى هو الرئيس جمال عبد الناصر شخصياً!)، ثم ثالثاً، وربما الأهم، بحكم ذائقته النفسية والشخصية.
فيما يلي مقطع تتحدث فيه أرملة المخرج السينمائي ياسين إسماعيل يس (نجل نجم الكوميديا المشهور)، وابنتها، عما يبدو أنهما تعرفانه عن "العامل الخفي"، بعض المواقع الخبرية كانت قد كتبت عن هذا المقطع الجملة التالية: "مراكز القوى تعمدت إنهاء أسطورة إسماعيل ياسين لتمهيد الساحة لظهور الفنان الراحل فؤاد المهندس"، لكن السيدة تنفي أن يكون فؤاد وراء ذلك، ما يجعل الخاطر يتجه إلى شريكته في النجاح!
سقوط النظام
في الفصل الثالث عشر من مذكراته والمعنون "صحوة التغيير"، ذكر عكاشة أن عبد الناصر وصف ما حدث في 5 يونيو 1967 بأنها هزيمة عسكرية، وأن مرارتها "تعادل في هوانها هزيمة العرب أمام الصليبيين منذ تسعة قرون".
حدث بهذا الزخم التاريخي، كيف عالجه الرئيس؟
ينقل، عكاشة ما قاله جمال عبد الناصر في جلسة مجلس الوزراء في 26 يوليه 1967: "لقد سقط نظامنا يوم 9 يونيه، وأنا لا أوافق مَنْ يقول بأن المظاهرات التي خرجت كانت إعراباً عن الثقة بالنظام".
في جلسة تالية، قال: "نحن نبدأ بداية جديدة"، ويقرر عكاشة أن عبد الناصر كان "يتصف بصفتين". لا يمكن التفكير، هنا، في الأولى؛ فهي متصلة بمفهوم غامض، و"غيبي"، متعلق بـ "المهابة/ الكاريزما"، أما الثانية فدالة، حيث يقرر عكاشة أن عبد الناصر كان يجمع "بين المتناقضات وبين الشيء وضدّه عند اختيار رجاله، فلم يكن بينهم قط، على امتداد فترة حكمه، أي تآلف أو تناسق إلا فيما بين أعضاء الشلل الذين تجمع بينهم المصالح المتبادلة".
ثقة عبد الناصر في قدرته على مواصلة فاعلية هذه الصفة الشخصية ظهرت جلية في الأشهر التي تلت الهزيمة، فهو إذ يقرر أمام وزرائه أن النظام قد سقط مع اليوم الأخير للحرب، يجرؤ على الإدعاء بقدرته على البدء في إقامة نظام جديد، بل يتجاوز كل تصور حين يقترح على الوزراء أن ينشأ بنفسه "حزب أقلية يحصي على الأغلبية أخطاءها".
يمكن تخيل مدى تضافر الجهود من أجل علاج مرارة الشعب المصري، وقد يكون هناك من يجرؤ على تخيل والدي طفل الإسكندرية الثاكلين، وهما يسمعان "شنبو في المصيدة"، أو يعلمان أن جمهور "أبي فوق الشجرة" كان يتبارى ويتنازع في إحصاء عدد القبلات "الفعلي" في الفيلم
الجميع يؤكد أن تنظيمات السلطة، العلنية منها (الاتحاد الاشتراكي العربي، منظمة الشباب الاشتراكي)، والسرية (طليعة الاشتراكيين) لعبت دوراً في مظاهرات 9- 10 يونيه 1967، المطالِبة بعدول الرئيس عن قراره بالتنحي، ثم يختلفون: هل كان دور المخطط والمنظم والموجه للمظاهرات، أم أنه كان دور المواكبة لها، فقط؟
يتكرر الأمر مع المظاهرات التي انطلقت فور صدور أحكام المحكمة العسكرية (21 فبراير 1968)، لكن الفريق الذي يعظم دور هذه التنظيمات سيكون أكبر هذه المرة.
يوم 10 يونيه 1967، كان جمال عبد الناصر مهموماً بمهمة واحدة: السيطرة على القوات المسلحة، أو بتعبير آخر، تصفية إرث المشير؛ فقد كان الرئيس ممنوعاً، في حياة المشير، من التدخل في أي شأن من شؤون القوات المسلحة مهما صَغُر.
هكذا كانت المظاهرات (فبراير 1968) فرصة وطاقة هائلة للجم أي توصيف للهزيمة مغاير لكونها "هزيمة عسكرية" يتحملها العسكريون.
كانت تنظيمات السلطة كلها في انتظار صدور الأحكام على القيادات العسكرية، وتوقع ردود فعل لم يكن يحتاج لحنكة أو مصادر معلومات.
يكشف أحمد شرف، في كتابه "براءة سياسية" جانباً مما فعله بعض أعضاء منظمة الشباب الاشتراكي (تنظيم أنشأه عبدالناصر في 21 يوليو 1966) تلك الأيام، ففي مساء 22 فبراير عُقدت اجتماعات وصدرت تكليفات: "الدفع للخروج من الجامعة للشارع، ولكن تحت قيادة كتلة متحركة وسط المظاهرة، تدفع بالمظاهرة لأن تكون واضحة في تبنى خط التغيير الثوري واستمرار الثورة، ومشاركة الجماهير في السلطة وفي عملية إزالة آثار العدوان"، وكان أمين المنظمة أحمد كامل، واضحاً في تكليفاته: "إذا كان اتجاه الطلبة عدم الخروج للشارع، يجب ألا تكون أنت ومجموعتك خالقين لهذا الدافع، فمهمتنا ليست إنشاء التظاهرات الجماهيرية".
وخرجت التظاهرات إلى الشارع، وظن الرئيس أن آوان القطاف قد جاء في 30 مارس، حين ألقى بيانه في ذلك اليوم، وقد افتتحه بهذه الجملة: "الآن يصبح في إمكاننا أن نتطلع إلى المستقبل".
النظام الذي أعلن رئيسه أمام مجلس وزرائه، في 26 يونيه 1967، أنه سقط في 9 يونيه، يتطلع رئيسه نفسه إلى المستقبل، بعد نحو عشرة أشهر، ليس هذا فقط، بل يبدو أن المرارة التي ليس لها مثيل إلا مرارة عمرها تسعة قرون، قد زالت.
في مطلع مارس، الذي صدر، في الـ 30 منه، بيان "التطلع للمستقبل"، كانت دور العرض تعرض للثنائي فؤاد وشويكار فيلم "عالم مضحك جداً"، وبعد يومين من "التطلع للمستقبل"، عرض لهما فيلم "مراتي مجنونة مجنونة مجنونة".
بين "الضحك" و"الجنون"، صدر إذن بيان 30 مارس. في بيانه إلى "الأمة"، أخبر جمال عبد الناصر المواطنين أنه كانت في البلاد "مراكز قوى"، وأنها وقفت في طريق عملية التصحيح، ثم صادر على أسئلة تترتب منطقياً عن هذين الكشفين، من نوعية: متى، وكيف، ولماذا، ومن، وأين؟ والأهم ما هي مسؤولية الزعيم نفسه، وجاءت المصادرة استخفافاً تماماً، وسخرية من مثل هذه الأسئلة، فظهور مراكز القوى "من طبيعة الأمور وطبيعة النفوس"، أي إنها ليست من طبيعة النظام، ولا طبيعة قيادته.
حيلة "مراكز القوى"، كانت محاولة مستميتة لبعث "نظام 9 يونيه" الميت، لكنها كانت في الأساس تمهيداً للمهمة التالية لبناء النظام الجديد: الدفاع عن جبهة الصمود الشعبي، وألا يعلو صوت فوق صوت المعركة. ولا يمكن أن تفهم "المعركة" إلا على أنها معركة بعث نظام مات، وهو مستحيل، أو إقامة نظام جديد على جثته، وهو ما حاوله عبد الناصر حتى نوفمبر.
الزعيم وراء شنبو
ذكر الصحفي الفني طارق الشناوي، على مدار السنوات الست الماضية، في أكثر من مطبوعة وأكثر من برنامج تلفزيوني، أن مسلسل "شنبو في المصيدة" جاء بناء على تكليفات من جمال عبد الناصر شخصياً.
وجاءت تصورات الشناوي، قريبة مما ذكره عبد الناصر لوزرائه عن "مرارة" الهزيمة "العسكرية"، التي "تعادل في هوانها هزيمة العرب أمام الصليبيين منذ تسعة قرون"، واستنتج أن "الزعيم" كان "غاضباً من "النكت" التي ملأت الشارع ضد قواته المسلحة"، وأنه "طلب من الإعلام ألا يظل متجهماً وحزيناً، وأن يبعث روح الطمأنينة في نفوس المواطنين". ثم استشهد الشناوي بما جاء في رسالة درية شرف الدين للدكتوراة من أن "الرئيس منح الضوء الأخضر لزيادة هامش الانتقاد".
والمدهش أن فؤاد المهندس لعب الدور الأهم في المهمتين المتناقضتين، عبر مرآة الدولة، في نفس الوقت بالضبط. كان "شنبو" الذي يُذاع عقب انطلاق مدفع الإفطار مباشرة، للفرفشة وإزالة المرارة، وكان برنامجه الصباحي "كلمتين وبس" هامش للانتقاد.
وفي الموقع الرسمي لـ "الهيئة الوطنية للإعلام"، نقرأ "كلمتين وبس: برنامج إذاعي بدأه الفنان القدير فؤاد المهندس في سنة 1968، وعالج في هذا البرنامج سلبيات الشعب المصري والحكومة المصرية والروتين، وكان المصريون يبدأون يومهم بالاستماع لهذا البرنامج في الساعة الثامنة الا خمس دقائق يومياً". كلمتان فقط، في خمس دقائق، هامش انتقاد، موجه بالأساس لـ "تقريع" الشعب المصري على سلبياته، وروتين الحكومة، أي الموظف الصغير.
ومن بين الآلاف الحلقات اختارت "الهيئة الوطنية للإعلام"، على صفحتها في عام 2017 هذه الحلقة "الكلمة الحلوة"، التي من الواضح أنها أُذيعت بعد 21 سبتمبر 1971، لأنها تبدأ بجملة "إذاعة جمهورية مصر العربية"، واسم الدولة لم يتغير من "الجمهورية الغربية المتحدة" إلى جمهورية مصر العربية، إلا عقب نشر الدستور المصري "الدائم" في ذلك اليوم.
القيادة والحكم
كتب الكثيرون ممن شاركوا مشاركة فعالة، أو شاهدوا وعاصروا مظاهرات فبراير 1968، عن أسبابها ووقائعها ونتائجها، فكتب عبد الغفار شكر، وهو أحد قيادات منظمة الشباب الاشتراكي، في أغسطس 2018، تحت عنوان "شهادة على ثورة مبكرة... انتفاضة 1968 في الجامعات المصرية"، مؤكداً أن "هزيمة يونيو 1967 أدت إلى تقليص دور منظمة الشباب الاشتراكي.
ولم تعد للنظام القدرة على مواصلة إعداد الشباب فكرياً وسياسياً وتنظيمياً للقيادة، فترتب على الوضع الجديد انسحاب معظم القيادات الفاعلة من المنظمة".
أما الفقرة الأهم التي ذكرها شكر في مقاله، بمناسبة مرور نصف قرن على تلك "الانتفاضة"، فهي التي ذكر فيها أن "جمال عبد الناصر اضطر إلى دعوة اللجنة المركزية للاتحاد الاشتراكي للاجتماع لمناقشة الوضع، حيث استمع إلى تقرير شامل حول المظاهرات والشعارات التي رفعتها والمطالب التي نادت بها.
وتعقيباً على هذا التقرير، قال جمال عبد الناصر: "من الواضح أن هؤلاء الشباب يريدون الديمقراطية وتغييرات في الحكم تحقق ذلك، وليس مجرد إعادة محاكمة قيادات الطيران". وفي نهاية المناقشات قال: "أنا في رأيي إن إحنا مش قادرين نقود الطلبة، ولازم نواجه الأمور بصراحة وبوضوح. فإذا لم نكن قادرين على القيادة، فيجب أن نحكم وأن نوقف نشاط المنظمة في الجامعات المصرية وإخضاعها لقيادة الاتحاد الاشتراكي. إن الأوضاع التي تمر بها البلاد تحتم علينا أن نقوم بواجبنا في الحكم ولا ننتظر إلى حين توفر القدرة على القيادة من خلال العمل السياسي".
نتذكر بلا شك أن منظمة الشباب الاشتراكي أنشأها عبد الناصر في 21 يوليو 1966، وها هو بعد أقل من عامين يريد أن يوقف نشاطها. الأهم أن يعلن نزوله من رتبة "القيادة" والعمل السياسي من خلال تنظيمات علنية وسرية، إلى منزلة الحاكم وأدواته الخشنة والمباشرة، وهذا فادح المعنى، وسيظهر مآله بعد بضعة أشهر فقط.
تلميذان
إذا كانت مظاهرات فبراير ضمن المتوقع، وربما مجهز لها أو مسيطر عليها، فإن مظاهرات نوفمبر كانت خارج كل هذا.
لا يتسع المجال إلا لمسألة واحدة، وهي حاسمة، تظهرها الصورة التالية، وهي نص ما قاله الرئيس جمال عبد الناصر في مجلس الوزراء في مساء يوم 25 نوفمبر 1968، تعليقاً على مظاهرات الطلاب في كلية الهندسة بجامعة الإسكندرية.
الرئيس جمال عبد الناصر يخوض محاولته الأخيرة: أقرّ بسقوط النظام الذي يرأسه في 9 يونيه 1967، وظن أنه قادر على بعثه من جديد بالسيطرة على القوات المسلحة، كما ظن أن مظاهرات فبراير 1968 يمكن أن تكون قوة دفع، لكنها كشفت أن هناك مطالب آخرى يستحيل أن ينفذها (الديمقراطية وتغييرات في الحكم تحقق ذلك)، وإلا بائت محاولته بالفشل في مهدها، فتراجع خطوتين في محاولته، متوقعاً أنه سيكون قادراً على القفز لتعويضهما عبر بيان "التطلع للمستقبل".
الخطوة الأولى أنه أقر أنه لم يعد يصلح للقيادة وأن عليه أن يحكم فقط، والثانية أنه توقف عن أي مسعى سياسي بعد ذلك، وعليه أن يتصرف كحاكم فقط.
وهكذا في مجلس وزرائه قال: كلمت شعراوي (وزير الداخلية) وكلمت لبيب (لبيب شفير، وزير التعليم العالي). وتصرف كحاكم: "طلع السلاح، من أول دقيقة استخدم السلاح".
وحدث ما أمر به الحاكم، ولم يجد نفعاً، فقال: "طلع الطيران"، فطارت الطائرات فوق الطلاب والمتظاهرين في شوارع مدينة الإسكندرية، وكانت النتيجة: قتل ستة عشر مواطناً: ثلاثة طلاب، اثني عشر من سكان مدينة الإسكندرية، وطفل عمره من نفس عمر جمال عبد الناصر حين شارك للمرة الأولى في مظاهرة في مدينة الإسكندرية.
كلمات الزعيم، الرئيس، الحاكم، المواطن، جمال حسين عبد الناصر كانت مذهلة الدلالة مساء ذلك اليوم، ليس لأنه يقول: "نغلق الجامعة حتى نهاية العمر"، ولا لأنه يأمر "الضرب من أول دقيقة"، المذهل حقاً، أين وضع نفسه وأين وضع متظاهري الإسكندرية. فللتدليل على صواب "استراتجيته" لمواجهة التظاهرات، تذكر خبرته وهو تلميذ، وقال لوزرائه: "العساكر حتى أيام مظاهرتنا كانوا بيسيبوا العصايا وبيضربونا بالطوب؛ لأنه ما يقدرش يطولني بالعصايا، وأنا أقدر أطوله بالطوب!"
نقرأ في الموقع الرسمي للرئيس جمال عبد الناصر، ما ذكره في حوار أجراه معه دافيد مورجان، مندوب صحيفة الصنداى تايمز، في 18 يونيه 1962، عما حدث له حينما كان تلميذاً في مدرسة رأس التين الثانوية بالإسكندرية (1930): "كنت أعبر ميدان المنشية في الإسكندرية، حين وجدت اشتباكاً بين مظاهرة لبعض التلاميذ وبين قوات من البوليس، ولم أتردد في تقرير موقفي؛ فلقد انضممت على الفور إلى المتظاهرين، دون أن أعرف أي شئ عن السبب الذي كانوا يتظاهرون من أجله، ولقد شعرت أنني في غير حاجة إلى سؤال؛ لقد رأيت أفراداً من الجماهير في صدام مع السلطة، واتخذت موقفي دون تردد في الجانب المعادى للسلطة.
ومرت لحظات سيطرت فيها المظاهرة على الموقف، لكن سرعان ما جاءت إلى المكان الإمدادات؛ حمولة لوريين من رجال البوليس لتعزيز القوة، وهجمت علينا جماعتهم، وإني لأذكر أني- في محاولة يائسة- ألقيت حجراً، لكنهم أدركونا في لمح البصر، وحاولت أن أهرب، لكنى حين التفت هوت على رأسي عصا من عصي البوليس، تلتها ضربة ثانية حين سقطت، ثم شحنت إلى الحجز والدم يسيل من رأسي مع عدد من الطلبة الذين لم يستطيعوا الإفلات بالسرعة الكافية.
ولما كنت في قسم البوليس، وأخذوا يعالجون جراح رأسي؛ سألت عن سبب المظاهرة، فعرفت أنها مظاهرة نظمتها جماعة مصر الفتاة في ذلك الوقت للاحتجاج على سياسة الحكومة.
وقد دخلت السجن تلميذاً متحمساً، وخرجت منه مشحوناً بطاقة من الغضب".
هل وردت المفارقة في خاطر الرئيس وهو يحكي لوزرائه، ويأمرهم "بالضرب من أول دقيقة"، ثم عندما لا ينفع ذلك يأمر بتوجيه الطائرات؟
ربما.
المؤكد، كما يقول الرئيس للمراسل الصحفي الأجنبي، أنه "لم يتردد"، ثم أنه "في محاولة يائسة ألقى حجراً"، فقُبض عليه، ثم أنه حين خرج من السجن كان "مشحوناً بطاقة من الغضب".
الموقع الرسمي للرئيس جمال عبد الناصر يقدم لهذه الحكاية بهذه الجملة: "في تلك المدرسة تكون وجدان جمال عبد الناصر القومي؛ ففي عام 1930 استصدرت وزارة إسماعيل صدقي مرسوماً ملكياً بإلغاء دستور 1923 فثارت مظاهرات الطلبة تهتف بسقوط الاستعمار وبعودة الدستور".
هل يمكن تخيل حكاية تكوين وجدان تلميذ الإسكندرية في نوفمبر 1968؟
هذه محاولة: هزيمة (مرارتها عرفناها)، أحكام (عرفناها) مظاهرات (عرفناها) إلقاء القبض على آلاف من المواطنين (عرفناها)، سقوط قتلى بين المتظاهرين (عرفناها) كل هذه الوقائع تشكل إمكانيات تشكل وجدان الطفل.
وهذه محاولة ثانية: يجهل الطفل كل هذا، كان يمر عابراً بالمصادفة.
وهذه آخيرة: يعلمنا الموقع الرسمي للرئيس جمال عبد الناصر، أن التلميذ (جمال) لم يكف عن التظاهر، على الرغم من السجن، فالغضب يتصاعد داخله، في 1935 (كان قد انتقل برفقة عائلته إلى القاهرة) كتب في أحد دفاتره: "يا شباب 35 استيقظ من ثباتك، وواجه الموت والعذاب، في سبيل حرية مصر واستقلالها. أين النار التي تأججت في النفوس؟ وأين البراكين التي فاضت حممها، واشتعال لهيبها؟".
ربما كتب تلميذ الإسكندرية القتيل، في ذلك اليوم من نوفمبر 1968، كلمات مشابهة في دفتر ما قبل مقتله بساعات.
في مظاهرات 1935 نشرت الصحف أسماء المتظاهرين المصابين، وكان من بينهم التلميذ جمال، لكننا لا نعرف ما إذا كانت الصحف قد نشرت اسم تلميذ الإسكندرية القتيل، وهذا فارق بين الزمنين.
زمن إحصاء القتلى والقبلات
مفهوم، بالقطع، الدفع بأن تلميذ 1935 كان يتظاهر ضد سلطة مستبدة وضد قوات الاحتلال البريطاني، وأن تلميذ 1968 كان يتظاهر ضد حاكم "وطني" كان يترأس نظاماً سقط قبل أشهر، هذا دفع أصحاب المرارة القوية، أما مرارة جمال عبد الناصر فلا أظنها تحتمل المقارنة، ولذلك، فإن ثلاثين يوماً من الاستماع لصوت شويكار وهي تتصنع ميوعةً وتغنجاً مفرطين، وكلمات فؤاد المهندس التي تحلق في الهذيان واللامعنى، ليست كافية لعلاج مرارة الزعيم، لذلك كان حتمياً أن يرافق الصوت الصورة، فكان الفيلم الذي تعجل صانعوه عرضه قبل المسلسل.
أول حلقة من مسلسل "شنبو في المصيدة"، تمت إذاعتها في اليوم الأول من شهر رمضان المصادف 21 نوفمبر 1968، أي أن أوامر الرئيس جمال عبد الناصر لوزرائه: "الضرب من أول دقيقة، طلع الطيران"، صدرت في اليوم الذي أذيعت فيه الحلقة الخامسة، وها هي حتى تظهر القرينة على الفشل التام في العلاج.
يذكر موقع "السينما كوم" أن العرض الأول لفيلم "شنبو في المصيدة" كان يوم 2 سبتمبر 1968، و"أن نجاحة وحصوله على المركز الاول من حيث الإيرادات أثار استياء النقاد والمثقفين؛ حيث تفوق على أفلام عُدت من أفضل ما قدمت السينما العربية طوال تاريخها؛ وذلك كونه عملاً كوميدياً بسيطاً يعتمد على الإفيهات والمواقف الغريبة والغير مقنعة". ثم يقرر الموقع أن فيلم "أبي فوق الشجرة" نجح في إزاحته من قمة الإيرادات.
وحين نقرأ صفحة "أبي فوق الشجرة" على نفس الموقع، نعلم أن العرض الأول له كان في يوم 17 فبراير 1968، أي أن أسبوع عرضه الأول كان في ذروة مظاهرات فبراير، ثم نعلم أن الفيلم استمر عرضه في دور السينما 53 أسبوعاً، أي أنه عبر إلى السنة التالية، مغطياً على كل المظاهرات.
الآن يمكن تخيل مدى تضافر الجهود من أجل علاج مرارة الشعب المصري، وقد يكون هناك من يجرؤ على تخيل والدي طفل الإسكندرية الثاكلين، وهما يسمعان "شنبو في المصيدة"، أو يعلمان أن جمهور "أبي فوق الشجرة" كان يتبارى ويتنازع في إحصاء عدد القبلات "الفعلي" في الفيلم، الذي كانت لجان الاتحاد الاشتراكي العربي توزع تذاكر دخوله مجاناً على المواطنين، من خلال لجنة الصمود الشعبي التي شكلتها في مقراتها في الأحياء والمدن المصرية، لدعم معركة التحرير.
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
علامي وحدي -
منذ ساعتين??
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ 22 ساعةرائع. الله يرجعك قريبا. شوقتيني ارجع روح على صور.
مستخدم مجهول -
منذ يومحبيت اللغة.
أحضان دافئة -
منذ يومينمقال رائع فعلا وواقعي
مستخدم مجهول -
منذ 6 أياممقال جيد جدا
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعحب نفسك ولا تكره الاخر ولا تدخل في شؤونه الخاصة. سيمون