برغم الموجة القياسية من الإصابات التي سببها، يعتقد علماء أن طبيعة المتحور أوميكرون قد تكون مبشّرة بنهاية مفاجئة لجائحة كورونا، ربما في غضون أشهر.
مع تزايد الأدلة العلمية على أن أوميكرون يسبب أعراضاً خفيفة غالباً مع قدرة أكبر على الانتشار ومعدلات شفاء أعلى وحاجة أقل للتداوي في المستشفيات وحالات وفاة محدودة، زادت تساؤلات العلماء حول ما إذا كان أحدث متحور مثير للقلق يشكل بداية النهاية للوباء.
أثيرت تساؤلات أيضاً إذا كانت النهاية المحتملة للجائحة عن طريق اختفاء تام مفاجئ أو ظهور موسمي على نحو أشبه بنزلات البرد. علماً أن الأمثلة على اختفاء الفيروسات القاتلة بشكل تام كثيرة، إذ اختفت متلازمة الالتهاب التنفسي الحاد (سارس) -أحد أفراد عائلة الفيروس التاجي- من دون رجعة، وانحسرت حالات الإصابة بالإنفلونزا الإسبانية في عامها الثالث قبل قرن من الزمان.
"كلما زادت قدرة الفيروس على نقل العدوى تضاءل بمرور الوقت"... لماذا يتوقع علماء أن يكون أوميكرون بداية النهاية للجائحة برغم الموجة القياسية من الإصابات التي تسبب بها؟
بعض الأصوات الأقل تفاؤلاً يعتقد أنه سيسدل الستار على الجائحة مهما زاد أوميكرون الأمر تعقيداً ولو كان ذلك عن طريق اعتياد البشر "التعايش مع فيروس لا يزول" على أسوأ تقدير. وثمة احتمال أن تُعلن منظمة الصحة العالمية انتهاء الجائحة لدى انخفاض حالات الإصابة بالفيروس أو على الأقل انخفاض الحالات الخطيرة والوفيات.
علامات مبشّرة
من العوامل التي يطمئن إليها العلماء رغم القدرة الكبيرة لأوميكرون على نشر العدوى، أن هناك أساساً يستند إليه العالم في محاربته. فلا يحتاج إلى البداية من الصفر بعد توفر لقاحات تدرأ الأعراض الخطيرة وإن كانت لا تمنع العدوى بشكل تام.
وتقول مونيكا غاندي، أخصائية المناعة في جامعة كاليفورنيا: "نحن الآن في مرحلة مختلفة تماماً. الفيروس سيكون دائماً معنا، لكن آمل أن يتسبب هذا المتحور في نشر المناعة (المكتسبة من العدوى السابقة) بحيث يُخمد شدة الوباء".
ويعلق تيتسو ناكاياما، الأكاديمي في معهد كيتاساتو الياباني لعلوم الحياة: "كلما زادت قدرة الفيروس على نقل العدوى، تضاءل بشكل طبيعي مع مرور الوقت".
ويضيف: "ذات يوم، قد يتسبب متحور جديد لفيروس كورونا في الإصابة بما هو أشبه بنزلة برد، وربما يختفي تماماً مثل سارس (أحد أفراد عائلة الفيروس التاجي التي ينتمي إليها كورونا)".
لكن ماساهيكو أوكادا، الأستاذ الفخري في جامعة نييغاتا اليابانية، يشترط لاختفاء كورونا مطلع عام 2023 -حسب تقديره- التزام التدابير الوقائية مثل الابتعاد عن التجمعات وارتداء أقنعة الوجه.
"التعايش مع فيروس لا يزول" و/ أو اختفاء تام مفاجئ مثل سارس و/ أو التحول إلى عدوى موسمية أقل خطورة… أبرز السيناريوهات التي يقترحها العلماء لنهاية وباء كوفيد_19، لكن الحذر ما يزال مطلوباً
ويتوقع خبير الأمراض المعدية في هارفارد، ستيفن كيسلر، أن تنتهي الفترة الوبائية ببلوغ "حالة من الاستقرار المقبول" في التعامل مع كوفيد-19، مضيفاً: "أعتقد أننا سنصل إلى نقطة يكون فيها سارس كوف 2 مستوطناً مثل الإنفلونزا".
يتفق معه ألبرت كو، أخصائي الأمراض المعدية في كلية ييل الأمريكية للصحة العامة، يقول "بالتأكيد سيبقى كوفيد معنا للأبد. لن نتمكن أبداً من اجتثاثه أو إقصائه، لذا علينا تحديد أهدافنا في التعامل معه".
وفي 20 كانون الأول/ ديسمبر الماضي، قال مايكل راين، المدير التنفيذي لبرنامج الطوارئ الصحي التابع لمنظمة الصحة العالمية: "نتوقع أن نرى هذا الفيروس يدخل مرحلة انتقال بحيث سيكون موجوداً فترة طويلة، ربما مع مستويات أقل من التفشي الموسمي أو يحدث من وقت لآخر بين السكان، لا سيما مع ظهور المتغيرات الجديدة".
الحذر مطلوب
برغم كل ما سبق، يشدد العلماء على عدم الاستهانة بالمتحور الشديد التفشّي، لا سيّما أنه يحتوي على عدد كبير من الطفرات التي تمكنه من الانتشار مرتين ضعفَيْ المتحور دلتا على الأقل، وهذا ما يزيد قدرته على الإصابة حتى للملقحين.
"نحن الآن في مرحلة مختلفة تماماً. الفيروس سيكون دائماً معنا، لكن آمل أن يتسبب هذا المتحور في نشر المناعة (المكتسبة من العدوى السابقة) بحيث يخمد شدة الوباء"
ووجدت أبحاث أجرتها إمبريال كوليدج لندن حديثاً أن خطر الإصابة المتكررة بأوميكرون تزيد بنحو أربع إلى خمس مرات مقارنةً بنظيره دلتا، إذ يستطيع أوميكرون التغلب على المناعة التي يكتسبها الجسم من عدوى سابقة أو بعد تلقي جرعتين من اللقاح.
أمر آخر يستدعي الحذر هو أن العدد الهائل من حالات أوميكرون قد يربك أنظمة الرعاية الصحية، وبخاصة في دول الشرق الأوسط وشمال أفريقيا. وذلك بسبب عدم المساواة في عمليات التلقيح ضد كورونا إذ يهدد بطء تلقيح أعداد أكبر من الناس بظهور عدة متحورات مثيرة للقلق.
عن ذلك يقول ناكاياما: "هناك أشخاص غير مُلقحين في أفريقيا وجنوب شرقي آسيا سيظلون يمثلون مستودعات للعدوى فترة طويلة ما لم يجرِ تطعيمهم أو اكتسابهم مناعة قوية عبر الإصابة".
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ 15 ساعةمقال مدغدغ للانسانية التي فينا. جميل.
Ahmed Adel -
منذ 3 أياممقال رائع كالعادة
بسمه الشامي -
منذ أسبوععزيزتي
لم تكن عائلة ونيس مثاليه وكانوا يرتكبون الأخطاء ولكن يقدمون لنا طريقه لحلها في كل حلقه...
نسرين الحميدي -
منذ أسبوعلا اعتقد ان القانون وحقوق المرأة هو الحل لحماية المرأة من التعنيف بقدر الدعم النفسي للنساء للدفاع...
مستخدم مجهول -
منذ اسبوعيناخيرا مقال مهم يمس هموم حقيقيه للإنسان العربي ، شكرا جزيلا للكاتبه.
mohamed amr -
منذ اسبوعينمقالة جميلة أوي