شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

اشترك/ ي وشارك/ ي!
شوشانة ذماري... اليمنيّة التي أصبحت

شوشانة ذماري... اليمنيّة التي أصبحت "ملكة الغناء العبري"

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

ثقافة

الثلاثاء 4 يناير 202209:15 ص

مطلع القرن العشرين، ازدادت الإجراءات والقوانين المعادية لليهود في اليمن. على سبيل المثال، حُظر عليهم ركوب الخيول أو السير في الشوارع المعبّدة، ولم يُعترف بشهاداتهم ضد نظرائهم المسلمين في المحاكم.

في هذه الأثناء، بدأت هجرة يهود اليمن (تيمانيم) إلى فلسطين الانتدابية، وكانت الطفلة شوشانة ذماري المولودة عام 1923 في ذمار (جنوب العاصمة صنعاء) في عداد أوائل المهاجرين اليمنيين، وعمرها عام واحد.

في غضون سنوات، أُعلن تأسيس إسرائيل وأصبحت الطفلة اليمنية الأصل جزءاً من "المشروع الصهيوني"، ولاحقاً "ملكة الغناء العبري".

لم تكن ذماري الصوت اليمني الوحيد الذي غزا إسرائيل، بل نجح العديد من المهاجرين من أصول يمنية في حجز مكانتهم ضمن أهم الأصوات الغنائية في إسرائيل، أبرزهم: زوهر أرجوف (عورقبي) الملقب بـ"الملك"، ويزهر كوهين، وبوعاز شرعبي، وزيون قولان، وجالي عطري، ودانا إنترناشيونال، ومرجليت صنعاني، وعُفرا حازة.

جهودها لدعم إسرائيل

في فيلم إسرائيلي وثائقي من جزئين عنوانه "الملكة شوشانة"، يروي المخرجان موريس بن ماريو وكوبي فرج كيف أن قصة حياة ذماري الشخصية متداخلة مع تاريخ الحركة الصهيونية وإلى أي مدى كانت جزءاً من المشروع الصهيوني، وفق صحيفة هآرتس الإسرائيلية. 

هاجرت إلى أرض فلسطين وعمرها عام واحد وأصبحت جزءاً من "المشروع الصهيوني" وجمعت الأموال لإسرائيل الوليدة… قصة اليمنيّة شوشانة ذماري المتوّجة "ملكةً للغناء العبري"

كذلك يبرز العمل الذي استغرق إعداده أربع سنوات جهود ذماري لمصلحة إسرائيل في السنوات السابقة لإعلان تأسيسها بلوغاً إلى السنوات الأولى التي أعقبت ذلك. 

على سبيل المثال، في أيار/ مايو 1948، وبينما كانت المنظمات الصهيونية تعمل بشكل محموم على نقل عشرات الآلاف من اليهود الراغبين في الهجرة إلى أرض فلسطين، واحتُجِزوا آنذاك في معسكرات مكتظة في قبرص -تحايلاً على سياسة بريطانيا المتمثلة في منع هجرة اليهود- في ظروف صعبة اكتنفها البؤس والجوع أحياناً، أُحضِرت ذماري التي لم تكن تبلغ سوى 25 عاماً لتُطرب المهاجرين بصوتها الجميل وتخفف عليهم وطأة ما يعيشونه.

في العام نفسه، أصرت أن تُسهم بدور أكبر في إنشاء دولة إسرائيل الوليدة، فسافرت إلى الولايات المتحدة لأول مرة وشاركت في حفلات عدة هدفها جمع الأموال لإسرائيل.

بمرور الأيام، أصبحت ذماري المطربة الإسرائيلية الأولى من أصول غير أوروبية و"أسطورة إسرائيلية" تلقى الترحيب لدى جميع شرائح المجتمع الإسرائيلي.

وكثيراً ما عُدّت "المطربة الوطنية" عقب مسيرة فنية ممتدة نحو 70 عاماً فازت خلالها بجائزة إسرائيل لأفضل أغنية عبرية وبجوائز أخرى مرموقة عدة. مع ذلك، عبّرت في أغنيتها "في كروم اليمن" عن شوقها لوطنها الذي ولدت فيه.

جوانب شخصية لافتة

يتناول الفيلم الوثائقي بعض الجوانب الشخصية في حياة ذماري بدايةً من مرحلة الطفولة التي عاشت خلالها رفقة أهلها في ريشون لتسيون، مروراً ببدايتها الغناء ودق الطبول في سن مبكرة، ومرافقتها والدتها المغنية في المناسبات المختلفة الخاصة بالمجتمع اليمني في فلسطين.

قصة حياة ذماري الشخصية متداخلة مع تاريخ الحركة الصهيونية. عام 1948، سافرت إلى الولايات المتحدة لأول مرة وشاركت في حفلات هدفها جمع الأموال لإسرائيل، وتنقلت بين معسكرات المهاجرين للتخفيف عنهم وإسعادهم

ويتناول كذلك دراستها الغناء والتمثيل في تل أبيب وانطلاق شهرتها بفضل قوة صوتها ولهجتها العبرية اليمنية المميزة. وعلى الرغم من زواجها المبكر، في عمر الـ16، فإن الفيلم يسلط الضوء على تفضيلها الحياة المهنية على الحياة الأسرية، وانطلاقها في جولاتها الفنية فيما زوجها شلومو بوسمي يربي طفلتهما الوحيدة نافاه. ولم يهمل الفيلم ذكر تعدد علاقاتها العاطفية والجنسية بالرجال المحيطين بها بمن فيهم فنانون وملحنون ومؤلفو أغان.

ويختم صناع الفيلم بأن ذماري التي رحلت وحيدةً عام 2006 عن عمر ناهز 82 عاماً متأثرةً بإصابتها بالالتهاب الرئوي، لم تعانِ التمييز أو العنصرية بسبب أصولها اليمنية، معربين عن ألمهم لأن موسيقاها لم تعد قادرة على النفاذ إلى الأجيال المعاصرة أو جذب اهتمامهم، وإن كانت أول مطربة مهدت الطريق لنجاح جميع المطربات اللواتي أتين بعدها في إسرائيل.

على الرغم من قصتها الشخصية، تبقى قضية بيع، أو اختطاف، أو اختفاء أطفال اليهود اليمنيين، واحدة من أقدر القضايا على كشف تعقيدات العلاقة الاستعلائية بين المستوطنين اليهود الأشكناز في فلسطين، وبين اليهود العرب الآتين من العراق والمغرب واليمن وغيرها.

ولم تتضح إلى الآن الصورة كاملة حول مصير هؤلاء الأطفال الذين اختفوا وتدعي الرواية الإسرائيلية الرسمية أنهم ماتوا بسبب سوء التغذية والأمراض التي جاءوا بها، فيما يتهم ذووهم السلطات ببيعهم لليهود من أصول أوروبية لغرض التبني، أحياناً بدوافع "تنويرية" على غرار تربية الأطفال على التمدن والرقي بعيداً عن جهل وفقر ذويهم.


رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

Website by WhiteBeard
Popup Image