لأنه "من ليبيا يأتي كل جديد "، وربما كل غريب أيضاً، اكتشف أهل البلد الذي يستعد لأول انتخابات رئاسية في تاريخه قبل نهاية الشهر الجاري، أن رئيس وزراء حكومته عبد الحميد الدبيبة، أحد أبرز المرشحين لهذه الانتخابات - التي تواجه مصير التأجيل- زوّر في أوراقه الرسمية.
مستندات وأدلة
الفضيحة المتداولة في الإعلام الليبي طالت أيضاً نجمة الحكومة ووزيرة خارجيتها نجلاء المنقوش، التي لطالما احتفى بها الليبيون كأول امرأة في تاريخ البلاد تتولى هذا المنصب، بعد أن اتضح أنها هي الأخرى مزوِّرة.
اتهامات التزوير لا تلقى جزافاً، بل تدعمها مستندات ومراسلات بين الجهات الأكاديمية التي ادعى الدبيبة والمنقوش أنهما حاصلان على شهادات عليا منها.
الدبيبة الذى تولى منصب رئيس وزراء لحكومة الوحدة في مارس/ أذار الماضى، عقب ملتقى الحوار السياسي الليبي الذي رعته بعثة الأمم المتحدة في مدينة جنيف السويسرية العام الماضي، انبرى للدفاع عن نفسه، في محاولة يائسة لنفي الاتهامات الموجهة إليه بالتزوير والتلاعب في شهادته الجامعية.
تلقت الديبلوماسية الأمريكية ستيفاني وليامز مستشارة الأمين العام للأمم المتحدة في الشأن الليبي، مذكرة سرية وعاجلة من ناشطين ليبيين توصى بالتحقيق في شهادات الدبيبة الجامعية والأكاديمية
عبر موقع التواصل الاجتماعى فيسبوك، خرج الدبيبة قبل ساعات ليكتب أنه "يتعرض لحملة تشويه واسعة خلال هذه الأيام، وصلت إلى التشكيك في المستوى التعليمي، ودراسته الجامعية والعليا".
لم يكتف بتلك الكلمات، بل دعمها بنشر صور لشهادتي التخرج البكالوريوس والماجستير في مجال الهندسة المدنية، مدعياً أنه حصل عليهما من جامعة ريجينا الكندية.
لكن المفاجأة الكبرى أن مدير الجامعة أكد في مراسلات مع ناشطين ليبيين ووسائل إعلام محلية ليبية قصة تزوير الشهادة الجامعية، نفى قطعياً أي علاقة للجامعة بالدبيبة، وقال إن شهادة الأخير غير صحيحة ولا سجل رسمياً لها في الجامعة.
بطل الفضيحة
وانهالت الاتصالات الهاتفية ورسائل البريد الالكتروني من كل صوب وحدب على الجامعة للاستفسار عن صحة الشهادة، حاملة تساؤلات ملحة عما إذا كان الدبيبة قد نال بالفعل درجة الماجستير في الهندسة المدنية.
وفقاً للناشط حسام القماطي بطل فضيحة الدبيبة، كان رد الجامعة قاطعاً: "الدبيبة لم يدرس قط في جامعة ريجينا ولم يحصل على شهادة منها".
القصة بدأت بمعلومات رددها بعض المقربين من الدبيبة تؤكد أنه لم يدرس البكالوريس أو الماجستير في كندا، وأنه خريج دبلوم هندسة تطبيقية من طرابلس.
بيد أن باول ديدريك، مسؤول الإعلام والعلاقات العامة بجامعة ريجينا الكندية قال إنه بعد التحقق من سجلاتها، يستطيع التأكيد أن أحداً باسم عبد الحميد الدبيبة لم يحصل على درجة الماجستير من الجامعة أو أي شهادة أكاديمية أخرى.
مع انتهاكه قانون الانتخابات وتنصله من إقراره الخطي، فإن شبهة التزوير ظلت تلاحق الدبيبة وحكومته منذ اللحظة الأولى لاستلام عمله مع وزرائه في العاصمة طرابلس
تاريخ الدبيبة مع الانتهاكات
الدبيبة، رجل الأعمال القادم من مصراتة غرب البلاد، وأحد حلفاء تركيا في المشهد السياسى الليبي، بات رسمياً أحد المرشحين لخوض الانتخابات الرئاسية المقبلة، بعدما قدم أوراق ترشحه، قبل يوم واحد من إغلاق باب الترشح لأول انتخابات مباشرة لرئيس الدولة في تاريخ ليبيا.
خطوة الدبيبة اعتبرت استخفافاً بالمادة 12 من قانون الانتخابات الذي أقره مجلس النواب، وينص على ضرورة توقف المرشحين للرئاسة عن العمل قبل ثلاثة شهور من موعدها.
وشن الدبيبة هجوماً على مجلس النواب واتهمه بإصدار قوانين انتخابية معيبة لا تحظى بالتوافق، وحذّر من مشكلات كبيرة ستتعرض لها العملية الانتخابية من جراء ذلك.
يعتمد الدبيبة في هجومه على سحب المجلس الثقة منه في 21 سبتمبر/ أيلول الماضي، ويدعي أنه بات عملياً بلا منصب رسمي كون المجلس حوّله إلى رئيس لحكومة تسيير أعمال وقلص صلاحياته في إبرام عقود خارجية.
وكان الدبيبة قد تعهد خطياً أمام ملتقى جنيف الذي أتى به إلى منصبه أنه لن يترشح للانتخابات المقبلة أو لأي منصب لاحق في الدولة، علماً أن سيرته الذاتية التي قدمها إلى الملتقى تدعي حصوله على شهادة البكالوريوس في الهندسة المدنية عام 1989 ودرجة الماجستير في نفس التخصص عام 1992 من جامعة تورنتو الكندية، بدون أي ذكر لجامعة ريجينا التي يدور حولها الجدل.
وأظهرت شهادة موقعة من المركز الوطني لضمان جودة التعليم التابع لوزارة التعليم بحكومة الوحدة، أن الدبيبة قدّم، قبل أربعة أيام من إعلان ترشحه للانتخابات الرئاسية، معادلة رسمية لحصوله على درجة الماجستير من جامعة ريجينا الكندية عام 1990، في اختلاف واضح مع ما قدمه لملتقى جنيف.
وينص قانون الانتخابات الرئاسية على ضرورة حصول المرشحين على مؤهل جامعي على الأقل أو ما يعادله من جامعة معتمدة.
سري وعاجل
وتلقت الديبلوماسية الأمريكية ستيفاني وليامز التي عادت الى العاصمة الليبية طرابلس مستشارةً خاصة للأمين العام للأمم المتحدة في الشأن الليبي، مذكرة سرية وعاجلة من ناشطين ليبيين توصى بالتحقيق في شهادات الدبيبة الجامعية والأكاديمية.
ومع انتهاكه قانون الانتخابات وتنصله من إقراره الخطي، فإن شبهة التزوير ظلت تلاحق الدبيبة وحكومته منذ اللحظة الأولى لاستلام عمله مع وزرائه في العاصمة طرابلس.
وفي مارس/ آذار الماضي، اتضح أن بضعة وزراء في حكومة الوحدة تقدموا بسِير ذاتية مزورة، وهذا ما دفع هيئة الرقابة الإدارية، وهي أعلى سلطة رقابية في البلاد، للإعلان عن تدشين تحقيق رسمي لم تعلن نتائجه إلى الآن.
وكانت الهيئة قد طالبت الحكومة بتقديم هذه السير للتحقيق في شبهات تزوير طالت ادعاء وزراء في حكومة الدبيبة حصولهم على شهادات جامعية ومؤهلات علمية خلافاً للحقيقة وبما يخالف القانون.
ولم يعلن سليمان الشنطي رئيس الهيئة نتائج التحقيق في حقيقة المؤهلات العلمية المزوّرة، التي سبق لعقيلة صالح رئيس مجلس النواب أن كشف عنها قبل منح الدبيبة وحكومته الثقة.
آنذاك قال صالح، الذى يعد منافساً للدبيبة في الانتخابات الرئاسية أيضاً، أن هناك معلومات عن حصول أعضاء في الحكومة على شهادات مزوّرة.
قصة المنقوش
كلام صالح ثبت صحته على الأقل فيما يخص عدم حصول الوزيرة المنقوش على درجة الدكتوراه من إحدى الجامعات الأمريكية.
المنقوش التي تقدم نفسها على أنها دكتورة، اتضح أيضاً أنها قدمت معلومات غير صحيحة في هذا الخصوص، إذ ادعت أنها مسؤولة عن برنامج بناء السلام والقانون التقليدي في مركز الأديان العالمية والدبلوماسية وحل النزاعات بإحدى الجامعات الأمريكية.
إلّا أن الموقع كشف عن أنها مجرد "طالبة دكتوراه حالياً في كلية تحليل النزاعات وحلها ومحامية وأستاذة في القانون وممارسة في العدالة التصالحية والممارسات العرفية".
المنقوش التي عملت موظفة في المجلس الوطني الانتقالي الليبي، كانت باحثة في برنامج فولبرايت عندما حصلت على درجة الماجستير من مركز تابع لجامعة إيسترن مينونايت في فيرجينيا.
علي العابد أبو عزوم، الذي يشغل منصب وزير العمل بحكومة الوحدة، وزير آخر تحوم حول شهاداته الجامعية الشبهات، من بينها متابعته دورات في اللغة الإنجليزية من الجامعة الأمريكية بالقاهرة ودبلوم متخصص في النفط.
وهكذا، فإن الحكومة التي حصلت على ثقة مجلس النواب، في تصويت تاريخي، باتت في مهب الرياح بعدما راحت الفضائح تلاحقها الواحدة تلو الأخرى.
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
مستخدم مجهول -
منذ يوممتى سوف تحصل النساء في إيران على حقوقهم ؟!
مستخدم مجهول -
منذ يومينفاشيه دينيه التقدم عندهم هو التمسك بالتخلف
مستخدم مجهول -
منذ يومينعظيم
Tester WhiteBeard -
منذ يومينtester.whitebeard@gmail.com
مستخدم مجهول -
منذ يومينعبث عبث
مقال عبث من صحفي المفروض في جريدة او موقع المفروض محايد يعني مش مكان لعرض الآراء...
مستخدم مجهول -
منذ 6 أيامرائع