شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

اشترك/ ي وشارك/ ي!
استعداداً للانتخابات... الدبيبة

استعداداً للانتخابات... الدبيبة "يمنح" النفط الليبي إلى فرنسا

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

سياسة

الأربعاء 24 نوفمبر 202103:58 م

اندلع جدال بين رئيس حكومة الوحدة الليبية، عبد الحميد الدبيبة، ووزير النفط، محمد عون، على خلفية قرار الدبيبة المفاجئ بيع حصة من شركة الواحة للنفط المملوكة للدولة، والتي تُعدّ أكبر الشركات العاملة في مجال استكشاف النفط في ليبيا، وإنتاجه (59% تقريباً من الثروة النفطية المستخرَجة)، لصالح شركة توتال الفرنسية.

تحييد باريس

الصفقة التي يمكن إدراجها في إطار المماحكات السياسية بين الفرقاء الليبيين، اختلطت فيها رائحة النفط برائحة المال السياسي، إذ تُعدّ بمثابة رشاوى سياسية مقنّعة لفرنسا، مقابل سكوتها عن سعي الدبيبة إلى الفوز في الانتخابات الرئاسية المقبلة، على الرغم من أنه قانوناً، لا يمكنه الترشح لخوضها.

وكان لافتاً أنه قبل إعلان ترشحه، وتقديم أوراقه الرسمية إلى مقرّ مفوضية الانتخابات في العاصمة طرابلس، حرص الدبيبة على إنهاء الصفقة لضمان تحييد فرنسا، صاحبة الوجود العسكري في ليبيا، فضلاً عن نفوذ قوي في تشاد والنيجر، جارتي ليبيا، ولذلك شارك الرجل في المؤتمر الذي استضافته مؤخراً حول الأزمة الليبية.

فرنسا التي لعبت في السابق دوراً بارزاً في الإطاحة بالنظام السابق، ولديها وجود عسكري ومصالح بالجملة في تشاد والنيجر، تقود اتجاهاً غربياً يرفض خرق الدبيبة لتعهداته في ملتقى جنيف، وتضغط للحصول على امتيازات لشركاتها النفطية، في مواجهة إيطاليا وألمانيا.

الصفقة التي يمكن إدراجها في إطار المماحكات السياسية بين الفرقاء الليبيين، اختلطت فيها رائحة النفط برائحة المال السياسي، إذ تُعدّ بمثابة رشاوى سياسية مقنّعة لفرنسا، مقابل سكوتها عن سعي الدبيبة إلى الفوز في الانتخابات الرئاسية المقبلة

ووسط شبهات فساد مالي وادارى طال الصفقة المثيرة للجدل، دخل المجلس الرئاسي الليبي، برئاسة محمد المنفى، على خط هذه الأزمة التي تشعّبت دروبها بين حكومة الوحدة، ومجلس النواب، ومؤسسة النفط الحكومية.

استغلّ عبد الله اللافي، نائب المنفى، اجتماعه مع رئيس المؤسسة الوطنية للنفط، مصطفى صنع الله، للاستفسار عمّا يثار حول بيع حصص ليبيا من أسهمها في إحدى الشركات النفطية.

وقد نفى صنع الله أي علاقة لمؤسسة النفط بهذا الأمر، مؤكداً أنه "ليس من اختصاصها التصرّف، أو التنازل عن حصص ليبيا في المؤسسات والشركات، وأن المؤسسة تعمل من أجل تعزيز القدرات الإنتاجية، وتطوير أداء القطاع، لما فيه مصلحة البلاد".

بدوره، أكد اللافي على أهمية الحفاظ على قوة المؤسسة الوطنية للنفط وتماسكها، وضرورة إبعاد المؤسسة عن التجاذبات والصراعات السياسية كلها، لكون النفط هو قوت الليبيين جميعاً، وهو المصدر الوحيد لرزقهم.

مراحل الصفقة

ويتعلق الأمر ببيع حصة شركة هيس الأمريكية، في شركة الواحات للنفط، بقيمة 300 مليون دولار أمريكي، للشركة الفرنسية، إذ أكّد رئيس الوزراء الليبي المؤقت في رسالة وجهها إلى مدير الشركة بتاريخ التاسع من الشهر الجاري، موافقته على الصفقة، وشدد على ضرورة إتمامها بسرعة.

أصدر 56 من أعضاء مجلس النواب بياناً أعلنوا فيه بوضوح رفضهم صفقة الدبيبة مع شركة "توتال الفرنسية"، التي تُمثّل تفريطاً في قوت الليبيين، وعدّوا أنها تشكل ضرراً جسيماً على اقتصاد البلاد

وأصدر الدبيبة القرار رقم 522، وأبلغ فيه وزير النفط في حكومة الوحدة، محمد عون، بالموافقة على بيع الحصة، وحثّه على إتمام الصفقة.

وثائق مسرّبة

في المقابل، سرّب عون وثائق ومستندات رسمية لوسائل إعلام محلية متعلقة بالقضية، في محاولةٍ لإجبار الدبيبة على التراجع عن قراره.

وطبقاً لهذه المستندات، فإن عون يرفض منذ شهر تموز/ يوليو الماضي، الصفقة التي يسعى الدبيبة إلى عقدها منفرداً مع الشركة الفرنسية، ويطالب في المقابل بأن تشتري ليبيا هذه الحصة المربحة، بقيمة يمكن استعادتها خلال ثلاثة أشهر فقط، من الأرباح.

كما أوصى عون، الدبيبة، بعدم طرح الصفقة على شريك أجنبي آخر، وأن تشتري الدولة هذه الصفقة، كونها أولوية.

لكن رمضان أبو جناح، نائب الدبيبة، جادل في المقابل بأن قرار البيع هو إجراء قانوني تم بموافقة مجلس الوزراء.

وقد أصدر 56 من أعضاء مجلس النواب بياناً يعلنون فيه بوضوح رفضهم صفقة الدبيبة مع شركة "توتال الفرنسية"، التي تُمثّل تفريطاً في قوت الليبيين، وعدّوا أنها تشكل ضرراً جسيماً على اقتصاد البلاد.

وكان مجلس النواب الذي يتّخذ من مدينة طبرق في أقصى الشرق الليبي، مقرّاً له، قد أعلن في 20 تشرين الأول/ أكتوبر الماضي، سحب الثقة من الدبيبة، وتحويلها إلى مجرد حكومة لتسيير الأعمال، نازعاً منها صلاحيات إبرام صفقات واتفاقيات خارج نطاقها.

صراع الامتيازات بين فرنسا وإيطاليا

ومع ذلك، فقد أعلن الرئيس التنفيذي لشركة توتال الفرنسية، باتريك بويان، خلال قمة ليبيا للطاقة والاقتصاد 2021، التي عُقدت يوم الثلاثاء في العاصمة الليبية طرابلس، أن الشركة ستخصص ميزانيةً مقدّرةً بنحو 2 مليار دولار أمريكي، في مشروع الواحة النفطي، على نحوٍ من شأنه تعزيز الإنتاج بنحو مئة ألف برميل يومياً، وزيادة الإنتاج في حقل مبروك، بالإضافة إلى المساعدة في إنتاج 500 ميغاوات من الطاقة الشمسية، بعد توقيع اتفاقيتين منفصلتين مع حكومة الوحدة، والشركة العامة للكهرباء المملوكة لها.

ووسط صراع على امتيازات النفط التي تمتلكها الدولة الليبية، بين شركتي توتال الفرنسية، وإيني الإيطالية، نجحت الشركة الفرنسية في إقناع شركة هيس الأمريكية بالتنازل عن امتياز شركة الواحة للنفط الليبية، إذ أعلنت مؤسسة النفط الوطنية، التابعة لحكومة الوفاق السابقة برئاسة فائز السراج، موافقتها على الصفقة التي بموجبها استحوذت توتال على حصة ماراثون البالغة 16.33 في المئة، من امتيازات شركة الواحة، بصفقة قيمتها 450 مليون دولار.

المفارقة أنه في الوقت الذي يُستخدَم فيه النفط الليبي كورقة سياسية، تقدّم رئيس بعثة الأمم المتحدة في ليبيا، يان كوبيتش، باستقالته من منصبه، اعتراضاً على تدخل أطراف خارجية في العملية الانتخابية

ومنحت صفقة الدبيبه الشركة الفرنسية حق الوصول إلى احتياطاتٍ وموارد تتجاوز 500 مليون برميل من النفط، وإنتاج فوري لـ50 ألف برميل يومياً.

ورداً على تصريحات للرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، خلال العام الماضي، قال فيها إن بلاده لن تتخلى عن الرسوم الكاريكاتورية المسيئة للإسلام والنبي محمد صلى الله عليه وسلم، طالب المجلس الأعلى للدولة، حكومة الوفاق السابقة، بوقف التعامل الاقتصادي مع فرنسا، وإلغاء الصفقة.

واتّهم المجلس ماكرون، بالإساءة إلى أكثر من مليار ونصف مليار مسلم، ورأى أن ما صدر عنه من تصريحات ومواقف، يؤكد زيف الديمقراطية التي تدّعيها الجمهورية الفرنسية، والمقامة على جماجم الشعوب التي استعمرتها، ونهبت ثرواتها.

وتصاعدت حملة موجهة ضد فرنسا، وصلت الى حد المطالبة بمقاطعة منتجاتها في الأسواق الليبية، واعترض آنذاك رئيس المجلس، خالد المشري، على الصفقة، وطالب هيئة الرقابة الإدارية بإيقافها.

لكن في نهاية المطاف، استحوذت الشركة الفرنسية على الحصّة الأمريكية في حقول الواحة، بعدما التزمت باستثمار 650 مليون دولار في مشاريع تطوير هذه الامتيازات، وزيادة حجم الإنتاج بنحو 180 ألف برميل يومياً، وقدّمت أيضاً منحةً إضافيةً بمبلغ قدره 150 مليون دولار تُخصَّص لدعم برامج المسؤولية الاجتماعية والتنمية المستدامة، ومشاريعها.

المفارقة أنه في الوقت الذي يُستخدَم فيه النفط الليبي كورقة سياسية، تقدّم رئيس بعثة الأمم المتحدة في ليبيا، يان كوبيتش، باستقالته من منصبه، اعتراضاً على تدخل أطراف خارجية في العملية الانتخابية، وفقاً لتصريحات مصدر دبلوماسي لوسائل إعلام محلية ليبية.


رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

Website by WhiteBeard