شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

ادعم/ ي الصحافة الحرّة!
لن يدعمها حلفاؤها... هل تتفرّد إسرائيل بتوجيه ضربة إلى إيران؟

لن يدعمها حلفاؤها... هل تتفرّد إسرائيل بتوجيه ضربة إلى إيران؟

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

سياسة

الأحد 12 ديسمبر 202110:11 ص

اجتمع مسؤولون أمريكيون وإسرائيليون رفيعو المستوى لمناقشة الخيارات الممكنة إذا لم تسفر المحادثات الجارية مع إيران لإحياء الاتفاق النووي لعام 2015 عن حل يطمئن الغرب إلى عدم تطويرها أسلحة نووية.

اللقاء الذي احتضنته واشنطن، ضمّ وزير الدفاع الأمريكي لويد أوستن ووزير خارجيته أنتوني بلينكن، ووزير الدفاع الإسرائيلي بيني غانتس، في 9 كانون الأول/ ديسمبر. ونقلت وكالات أنباء عالمية أن الجانبين ناقشا إجراء مناورات عسكرية مشتركة لمواجهة إيران.

عقب اللقاء، صرّح المتحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية، نيد برايس، بأن المسؤولين الأمريكيين كانوا "يناقشون تلك البدائل (العسكرية)"، مؤكداً "نناقش هذه الخيارات مع شركائنا المقربين، بمن فيهم الإسرائيليون".

في الأثناء، قال المتحدث باسم البنتاغون، جون كيربي، إن "الوزير (أوستين) قال إن الرئيس (الأمريكي جون) بايدن يريد أن تنجح الدبلوماسية وإذا فشلت فهو منفتح على النظر في خيارات أخرى، ولن أتكهن بطريقة أو بأخرى بما قد تكونه هذه الخيارات".

وأضاف: "لدينا وجود قوي في المنطقة، ولدينا مصالح أمنية وطنية أيضاً، ومهمة الوزير هي الدفاع عن مصالح الأمن القومي".

في غضون ذلك، قالت القناة 12 الإسرائيلية إن هجوماً أمريكياً محتملاً لن يستهدف منشأة نووية في إيران، بل موقعاً خارجياً مثل قاعدة إيرانية في اليمن، بحيث يكون الغرض من الضربة الضغط على الإيرانيين لإبداء بعض المرونة على طاولة المفاوضات النووية.

ونسبت صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية إلى مسؤولين أمريكيين قولهم إن بايدن طلب من مستشاره للأمن القومي، جيك سوليفان، مراجعة خطة البنتاغون للقيام بعمل عسكري إذا انهارت المساعي الدبلوماسية والسياسية مع طهران. 

في وقت سابق، أعلنت القوات الجوية الأمريكية نجاح اختبار قنبلة خارقة للتحصينات موجهة بالليزر، وهو نوع مصمم لاختراق حواجز صلبة كالتي بنتها إيران حول مواقعها النووية، والعديد منها مدفون في أعماق الجبال.

ومع ذلك، شدد مسؤولون في الإدارة الأمريكية على أن إشارة بايدن إلى الخيارات العسكرية والعقوبات كانت محاولة لإبلاغ طهران بأن صبر الولايات المتحدة بدأ ينفد من التباطؤ الإيراني في المفاوضات النووية الجارية في فيينا. 

واتهم بلينكن الحكومة الإيرانية الجديدة بأنها "لا تبدو جادة لعمل ما هو ضروري للعودة إلى الامتثال" للاتفاق النووي لعام 2015.

أمريكا منهمكة أكثر بالوضع في أوكرانيا والإمارات تسعى إلى مصالحة مع طهران… إسرائيل "قلقة" من تباطؤ المفاوضات مع إيران بينما يتقدم برنامجها النووي. فهل تغامر بتوجيه ضربة عسكرية بمفردها؟

عملية إسرائيلية؟

وأشار تقرير نيويورك تايمز إلى أن السلوك الصارم لإدارة بايدن كان يهدف أيضاً إلى "تهدئة" المسؤولين الإسرائيليين المحبطين من استمرار المفاوضات الدبلوماسية في ظل تقدم إيران في برنامجها النووي.

يجادل المسؤولون الإسرائيليون في جلسات خاصة بأن الإيرانيين يطورون برنامجهم النووي بينما يراهنون على أن الولايات المتحدة حريصة على تقليص الالتزامات الأمريكية في الشرق الأوسط، وغير متخلية عن محادثات فيينا من أجل عمل عسكري.

من هذا المنطلق، قالت الصحيفة الأمريكية إن رئيس الوزراء الإسرائيلي، نفتالي بينيت، أرسل وزير دفاعه ورئيس الموساد، دافيد برنياع، إلى واشنطن، هذا الأسبوع، حامليْن معلومات استخبارية جديدة عن أحدث مستوى في تخصيب اليورانيوم بلغه الإيرانيون.

وأضافت أن المسؤولين الإسرائيليين غادروا وهم قلقون من استمرار التواصل الدبلوماسي مع إيران على الرغم من تصريحات حادة للإدارة الأمريكية.

ويقول جيسون برودسكي، مدير السياسات في منظمة "متحدون ضد إيران النووية"، لرصيف22، إن "إيران أحرزت تقدماً في برنامجها النووي، وإذا استمر الوضع الراهن، فلن أستبعد العمل العسكري الإسرائيلي"، موضحاً أن "إسرائيل أيضاً تسعى إلى توجيه تهديد عسكري حقيقي لإيران لإجبارها على تقديم تنازلات بشأن برنامجها النووي".

في تشرين الأول/ أكتوبر الماضي، أفادت وسائل إعلام إسرائيلية بأن حكومة بينيت خصصت ما يُعادل 1.5 مليار دولار أمريكي لتوفير طائرات مسيرة وطائرات وقنابل خارقة للتحصينات لمواجهة إيران إذا لزم الأمر.

وفي الأسبوع الماضي، أفادت تقارير إعلامية إسرائيلية بأن الجيش الإسرائيلي يستعد لإجراء مناورات جوية ضخمة خلال الأشهر الستة المقبلة، تحاكي ضربة عسكرية محتملة ضد إيران، حيث تشارك فيها عشرات الطائرات المقاتلة، بما في ذلك من طرازي "إف-35" و"إف-16".

في السابق، تشاور المسؤولون الإسرائيليون والأمريكيون قبل شن هجومين سريين ضد إيران، الأول في حزيران/ يونيو الماضي ضد مصنع لبناء أجهزة طرد مركزي، والثاني في أيلول/ سبتمبر الماضي ضد قاعدة صواريخ، وفق ما ذكره أشخاص مطلعون لنيويورك تايمز.

وأضافت الصحيفة: "المسؤولون الإسرائيليون قلقون بشكل متزايد من أن تتوصل الولايات المتحدة في نهاية المطاف إلى اتفاق مع طهران، تسعى بعده إلى منع أجهزة المخابرات الإسرائيلية من تنفيذ هجمات تخريبية سرية" ضد الأهداف الإيرانية.

رئيس الوزراء الإسرائيلي أرسل وزير دفاعه ورئيس الموساد إلى واشنطن، هذا الأسبوع، حامليْن معلومات استخبارية جديدة عن أحدث مستوى في تخصيب اليورانيوم بلغه الإيرانيون.

ويريد القادة الإسرائيليون "ضمانة" من إدارة بايدن بأن واشنطن لن تسعى إلى كبح حملاتهم التخريبية السيبرانية ضد المنشآت الإيرانية، حتى لدو التوصل إلى اتفاق نووي جديد. 

ويعتقد بعض المسؤولين الإسرائيليين أن لهجماتهم السيبرانية آثاراً إستراتيجية وقد تكون أحد الأسباب التي دفعت الإيرانيين، وإنْ مؤقتاً، إلى العودة إلى طاولة المفاوضات.

ويعتبر الأمريكيون المؤيدون للنهج الإسرائيلي أن تخريب المنشآت الإيرانية سيبرانياً أقرب إلى "جز العشب"، وأنه خطوة ضرورية لإبقاء البرنامج النووي الإيراني قيد السيطرة. مع ذلك، هم يستبعدون أن تكون هذه الهجمات سبباً في وقف أبحاث طهران النووية، ويؤمنون بأن التوصل إلى اتفاق يتضمن تخفيف العقوبات هو الحل الجذري لصرف المسؤولين الإيرانيين عن مواصلة تطوير أسلحة نووية.

تحديات تعرقل ضرب طهران

في موازاة ذلك، يشير خبراء ومراقبون إلى تحديات عديدة تعرقل أي عملية عسكرية محتملة ضد إيران، بينها الخلاف الأمريكي مع تل أبيب على مدى اقتراب طهران من امتلاك قنبلة نووية، وانشغال واشنطن راهناً بالوضع في أوكرانيا، وشروع حلفاء لإسرائيل في تطبيع العلاقات مع طهران، وأبرزهم الإمارات.

في الأسبوع الماضي، التقى مستشار الأمن القومي الإماراتي طحنون بن زايد عدداً من المسؤولين الإيرانيين في زيارة نادرة لطهران، وهو ما أثار تساؤلات حول مدى قدرة تل أبيب على شن العملية العسكرية دون حلفائها في الخليج والولايات المتحدة.

وقال برودسكي إنه على الرغم من زيارة طحنون إلى طهران فإن ذلك لا يعني أن إسرائيل قد تم التخلي عنها وتركها وحدها في مواجهة إيران، مضيفاً أن إسرائيل أقامت شراكات مهمة نتيجة لاتفاقات أبراهام، التي شملت الإمارات والبحرين.

وأضاف: "رأينا تدريبات (إماراتية - إسرائيلية) عسكرية مشتركة وهناك تعاون أمني. بدأ حوار الإمارات مع إيران في عام 2019 وهو يهدف إلى فتح قنوات اتصال. لكن لا أتوقع مصالحة شاملة بين أبوظبي وطهران حيث تورطت إيران في وقت سابق من هذا العام في محاولات مؤامرات ضد سفارات إماراتية في أفريقيا".

وأكدت نيويورك تايمز وجود خلاف بين إسرائيل وأمريكا في التقييم الاستخباراتي حول المخزون النووي الإيراني وقدرته على صناعة القنابل الصغيرة نسبياً، والمدة التي سيستغرقها الإيرانيون لإنتاج سلاح إذا حصلوا على وقود نووي كافٍ.

الإسرائيليون يريدون من بايدن "ضمانة" لعدم كبح هجماتهم ضد إيران حتى لدى التوصل إلى اتفاق نووي. لكنه يخشى أن تنتقم طهران بضرب قواته في سوريا أو العراق

وبينما يعتقد المسؤولون الأمريكيون أنه طالما لم تطوّر إيران قنبلة فليس لديها برنامج عسكري نووي، مدللين على ذلك بأنها أوقفت البرنامج الحالي بعد عام 2003، يصر نظراؤهم الإسرائيليون على أن إيران واصلت جهودها السرية لبناء قنبلة منذ عام 2003.

تحدٍ آخر لفتت إليه نيويورك تايمز هو أن إيران قد ترد على أي ضربة عسكرية باستهداف القوات الأمريكية في سوريا أو العراق، وهو ما يعقّد التخطيط لأي ضربة محتملة.

وفي حين لا يعتقد برودسكي أن الانشغال الأمريكي بالوضع في أوكرانيا ليس له تأثير مباشر على الموقف من إيران، أشار إلى أن "إيران تعتقد أنها في وضع أقوى مما كانت عليه في عام 2015. ويرجع ذلك إلى تصورهم (الإيرانيين) بأن الولايات المتحدة تنسحب من الشرق الأوسط، وهو ما يتضح من الانسحاب الأمريكي من أفغانستان".

أما أفنير كوهين، وهو مؤرخ إسرائيلي وخبير في سياسات الردع النووي، فقال عبر صحيفة "هآرتس": "جاهل من يعتقد أن قوة خارجية، سواء كانت وكالة استخبارات أو جيشاً، يمكنها ردع بلد يبلغ عدد سكانه 85 مليوناً، مع بنية تحتية نووية وصناعية من النوع الموجود الآن في إيران".

إلى أين وصل برنامجها النووي؟

في تصريحات لصحيفة وول ستريت جورنال، الأسبوع الماضي، قال ويليام بيرنز، مدير وكالة المخابرات المركزية الأمريكية، إن الإيرانيين "يتباطؤون" في المفاوضات لأنهم "يحرزون تقدماً مطرداً في برنامجهم النووي، لا سيما تخصيب اليورانيوم بنسبة نقاوة وصلت إلى 60%". 

وقدّر خبراء أن الإيرانيين أصبحوا قريبين بهذه القدرة من الحد الذي يسمح بصنع قنابل نووية وهو التخصيب بنسبة نقاوة 90%.

وأوضح مسؤول بارز في الخارجية الأمريكية أن المفاوضين توقعوا أن تُظهر إيران "جديّة" في المحادثات التي جرت في فيينا، لكنهم فوجئوا بتراجع طهران حتى عن الوعود التي طرحتها خلال الجولات السابقة. وقال: "كل يوم يمر نقترب فيه من الوصول إلى استنتاج مفاده أنهم (الإيرانيون) لا يفكرون في العودة" إلى الاتفاق النووي في عهد الرئيس الأمريكي الأسبق باراك أوباما.

وفي بيان مشترك، قال دبلوماسيون بارزون من ألمانيا وبريطانيا وفرنسا إن إيران "سرّعت برنامجها النووي" و"تراجعت عن التقدم في الخيار الدبلوماسي".


رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

WhatsApp Channel WhatsApp Channel
Website by WhiteBeard