شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

اترك/ ي بصمَتك!
تحذير: الحرس الثوري

تحذير: الحرس الثوري "يقترب" من امتلاك صواريخ تمكنه من ضرب أوروبا وأمريكا مباشرةً

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

سياسة

الجمعة 5 نوفمبر 202111:02 ص

لطالما أعلنت إيران رسمياً أن مدى صواريخها ألفا كيلو متر فحسب، لكن صور الأقمار الصناعية التي التقطت هذا العام أظهرت أن الحرس الثوري يقترب من امتلاك صواريخ باليستية عابرة للقارات.

تكشف صور الأقمار الصناعية أيضاً كيف توسع العمل في المنشآت التابعة للحرس الثوري في منطقة شاهرود (شمال إيران)، القريبة من موقع الإطلاق الرئيسي لوكالة الفضاء الإيرانية والتي تعد المجمع المركزي لبرنامج الفضاء العسكري الإيراني، بشكل مطرد على مدار العام الجاري.

هذا ما خلص إليه الباحث جون كرزيزانياك، محلل الأبحاث في برنامج عدم الانتشار والسياسة النووية الذي يركز على إيران وكوريا الشمالية في معهد "نيولاينز" المتخصص في تكنولوجيا الفضاء، والذي أكد أن توسع الحرس الثوري في تطوير صواريخ ذات قطر كبير تعمل بالوقود الصلب يزداد سرعةً.

ما خطورة صواريخ الوقود الصلب؟

ومن أبرز ميزات صواريخ الوقود الصلب إمكان استخدامها بشكل مزدوج: إطلاق الأقمار الصناعية إلى الفضاء أو كصواريخ باليستية، ما يعني أن الجهد المتسارع في المنشآت الإيرانية يقرب الحرس الثوري من امتلاك صواريخ عابرة للقارات.

في حال امتلاك هذه الصواريخ، قد يكون لدى إيران القدرة على ضرب أوروبا الغربية أو الولايات المتحدة بشكل مباشر، وهو ما من شأنه أن يغير على نحو كبير مخاطر أي مواجهة عسكرية محتملة حتى إذا استبعدت الأسلحة النووية، على وفق قول كرزيزانياك الذي يؤكد أن هذا الخيار بمفرده يوفر لإيران مستوى إضافياً من الردع يمنحها قدراً أكبر من حرية العمل في متابعة مصالحها في المنطقة.

وتتمتع صواريخ الوقود الصلب بالعديد من المزايا التشغيلية الأخرى مقارنة بتلك التي تعمل بالوقود السائل بخلاف الاستخدام المزدوج. من ذلك أنها أكثر أماناً لأن الوقود لا يتسرب، وأبسط في التركيب إذ لا تحتوي على أجزاء متحركة، وأسهل في التشغيل، وتتطلب وقتاً أقل للاستعداد للإطلاق، ولا تحتاج قافلة كبيرة لمرافقتها لأغراض الدعم والتزود بالوقود.

ويتوقع كرزيزانياك أنه حالما يتقن المهندسون الإيرانيون المحركات ذات القطر الكبير التي تعمل بالوقود الصلب، يصبح الوصول إلى نطاق أطول أمراً ممكناً.

توفر لطهران "مستوى إضافياً من الردع" و"قدراً أكبر من حرية العمل" بالمنطقة... تنبيه الإدارة الأمريكية إلى"زيادة اليقظة والاهتمام بمشكلة الصواريخ الإيرانية الآن" بينما لا يزال ممكناً منعها من تطوير صواريخ بالستية عابرة للقارات

برنامج الفضاء الإيراني

ولدى إيران جهدان متصلان بالفضاء. الأول هو البرنامج المدني الذي تديره وكالة الفضاء الإيرانية (ISA)، وهي جزء من وزارة تكنولوجيا المعلومات والاتصالات الإيرانية، والثاني عسكري وتديره منظمة جهاد للبحث والاكتفاء الذاتي التابعة للحرس الثوري.

يقول كرزيزانياك إن "ISA" أشبه بوكالة ناسا الأمريكية لعلوم الفضاء مع فرق في الإمكانات. فهي تهدف إلى إيصال البشر إلى الفضاء في نهاية المطاف، وإن كان هدفها الحالي، والأكثر تواضعاً، هو وضع أقمار صناعية في المدار عن طريق الصواريخ الناقلة.

في العام الماضي، أعلن الحرس الثوري نجاح إطلاق أول قمر صناعي مخصص للأغراض العسكرية نحو مدار حول الأرض، بعد فشل متكرر.

وفقاً للباحث في "نيولاينز"، فإن هذه الصواريخ الحاملة تُطور تحت ستار أهداف مدنية على غرار الوصول إلى الفضاء، لتكون بعيدة عن العقوبات الدولية المفروضة على طهران وضوابط التصدير. وتصمم وتنتج جميع مركبات الإطلاق الفضائية التابعة لـISA من خلال منظمة صناعات الفضاء الجوي والمجموعات الفرعية التابعة لها، وهي نفس المؤسسات المسؤولة عن بناء الصواريخ الإيرانية.

وتستخدم إيران تصميمين فقط لصواريخ الإطلاق الفضائية، وهما سفير و سيمرغ، وكلاهما مقتبس من صاروخ شهاب 3 الإيراني، ويظهر من تقنياتهما أنهما يتمتعان باستخدام مزدوج. بناء على ذلك، يعتقد خبراء وبعض المسؤولين الأمريكيين أن برنامج إيران لإطلاق صواريخ للفضاء ليس أكثر من غطاء لجهود تطوير الصواريخ البالستية العابرة للقارات.

لكن كرزيزانياك ينبه إلى أن سفير وسيمرغرلا يثيران القلق لأنهما نظامان كبيران، ومرهقان، ويحتاجان إلى ساعات أو إلى أيام للتزود بالوقود والاستعداد للإطلاق، وسيكونان هدفاً سهلاً لهجوم مضاد قبل الإطلاق. وعليه لا يمكن أن يكونا عابرين للقارات.

أما البرنامج الفضائي الإيراني الثاني التابع للحرس الثوري، فهو في اعتقاده الأخطر ويصعب تجميع أصوله. ويرجح أن هذا البرنامج بدأ في أواخر العقد الأول من القرن الحادي والعشرين في قاعدة تابعة للحرس الثوري الإيراني في الضواحي الغربية لطهران تسمى حامية شهيد موداريس.

في حال امتلاك إيران لها، قد يكون لدى الحرس الثوري القدرة على ضرب أوروبا أو الولايات المتحدة بشكل مباشر… ما خطورة صواريخ الوقود الصلب المزدوجة الاستخدام التي تطورها طهران؟

"أبو البرنامج الصاروخي الإيراني"

الرجل المسؤول عن إنشاء وتطوير هذا البرنامج كان حسن طهراني مقدم، الذي وصف بـ"عراب/ أبو البرنامج الصاروخي الإيراني".

كان مقدم ضابطاً في الحرس الثوري لم يتجاوز الخامسة والعشرين من عمره حين خضع عام 1984 لدروات تدريبية على أيدي خبراء سوريين في صناعة الصواريخ الحربية أملاً في نسخة التجربة وتدشين برنامج إيران الصاروخي، إبان الحرب مع العراق الذي كانت صواريخه تتهاوى فوق المدن الإيرانية.

في رأي جون، كان هدف هذا البرنامج تعزيز العمل على تكنولوجيا الصواريخ الطويلة المدى والوقود الصلب. في عام 2014، اعترف نائب قائد القوات الجوية في الحرس الثوري الإيراني مجيد موسوي بذلك عندما صرح بأن مقدم كان قد بدأ العمل على صواريخ الإطلاق الفضائي عقب قرار المرشد الأعلى آية الله علي خامنئي بتجاوز مدى الصواريخ الذي أعلنته طهران للمجتمع الدولي وهو ألفا كيلومتر.

أضاف موسوي آنذاك أن مقدم أراد مواصلة إحراز تقدم في مجال تكنولوجيا صواريخ الوقود الصلب.

قتل مقدم و38 من زملائه في انفجار عام 2011، لم يتضح إلى الآن إذا كان الانفجار حادثاً عرضياً أم عملاً تخريباً خارجياً. أفاد بيان رسمي بأن الانفجار وقع خلال نقل عتاد عسكري بينما ادعى شقيق مقدم في تصريحات صحافية أن الحادث وقع أثناء تجربة صاروخ عابر للقارات.

غلب الظن عقب مقتل مقدم أن خسارة رأس المال البشري المتمثل فيه وفي زملائه بالإضافة إلى تدمير جزء كبير من المنشأة نفسها قد يؤدي إلى اختفاء برنامج الحرس الثوري الإيراني تماماً.

لكن في عام 2018، اكتشف الباحثون في معهد ميدلبري للدراسات الدولية في مونتيري أنه قبل وفاته، كان مقدم قد أشرف على تطوير منشأة جديدة لمشروعه، تقع في شاهرود، وهو ما عزز الاعتقاد بأن البرنامج استمر بالفعل.

مع إطلاق صاروخ قاصد في 22 نيسان/ أبريل 2020، ثبُت أن برنامج الحرس الثوري الإيراني للفضاء مستمر. أكثر من ذلك، كان الإطلاق علامة على أشياء قادمة.

بعد ذلك بقليل، صرح قائد القوات الجوية في الحرس الثوري أمير علي حاج زاده في مقابلة مع التلفزيون الحكومي الإيراني بأن الإطلاق صمم لاختبار المرحلتين الثانية والثالثة للصاروخ، بما في ذلك محرك سلمان الجديد والمتطور التابع للحرس الثوري. وقال أيضاً إن عمليات الإطلاق المستقبلية ستستخدم صواريخ تعمل بالوقود الصلب حصراً.

وتشير التطورات الأخيرة في شاهرود إلى أن العمل جار لجعل هذا الهدف حقيقة واقعة.

تكشف صور الأقمار الصناعية للعام الجاري كيف توسع بشكل مطرد العمل في سبع منشآت للحرس الثوري في منطقة شاهرود (شمال إيران)، والتي تعد المجمع المركزي لبرنامج الفضاء العسكري الإيراني

ماذا يجري في شاهرود؟

وفي حزيران/ يونيو من العام الماضي، كشف تحقيق لوكالة رويترز عن منشأة إيران السرية لإنتاج مسحوق الألومنيوم لاستخدامه في تطوير محركات الصواريخ التي تعمل بالوقود الصلب. قال مسؤول إيراني سابق للوكالة إن المنشأة التابعة للحرس الثوري في جاجرم بإقليم خراسان الشمالي بشمال شرقي إيران تعمل من أكثر من خمس سنوات لغرض "الاستخدام العسكري".

وفي الآونة الأخيرة، لوحظ نشاط متسارع في خمس مناطق في شاهرود: منطقة الدعم الإداري، ومنطقة التخزين، ومنطقة إنتاج الوقود الصلب، ومنطقة منصة الاختبار، ومنصة الإطلاق.

في الطرف الشمالي الغربي من المجمع توجد نقطة الدخول الرئيسية إلى شاهرود، والتي تشمل المباني التي من المحتمل أن تكون مرتبطة بالدعم الإداري، بالإضافة إلى مسجد.

كان مجمع شاهرود موقع الاختبار الأول لصاروخ شهاب 3 في عام 1998، وبات محل اهتمام العديد من المحللين بعد تقرير في عام 2013 نُشر على موقع "Jane's Intelligence Review" وتحدث عن إنشاء منصة إطلاق جديدة ومنشآت أخرى أمكن رؤيتها في صور الأقمار الصناعية، لكن لم يربطها أحد ببرنامج الصواريخ الفضائية.

بحسب صور الأقمار الصناعية التي قدمتها شركة "Maxar Technologies"، كان يتم إنشاء مبنى جديد في هذه المنطقة، يبلغ طوله نحو 40 متراً وعرضه 30 متراً، بدأ في كانون الثاني/يناير 2021 واكتمل قبل أوائل تموز/ يوليو.

وتُظهر الصور الملتقطة في 3 نيسان/ أبريل الماضي خندقاً محتملاً يمتد في الاتجاه الجنوبي الشرقي من أحد المباني، علماً أنه بحلول تموز/ يوليو كان قد اختفى. وبالمثل، تُظهر صورة ملتقطة في الشهر ذاته خندقاً آخر محتملاً يمتد من مبنى إلى الشمال الشرقي، جنباً إلى جنب مع تدرج لطريق جديد يمتد في اتجاه موازٍ.

ويحتمل أن تكون المساحة البالغة 1.5 كيلومتر جنوب شرقي المنطقة الإدارية هي منطقة الإنتاج الرئيسية لمحركات الصواريخ التي تعمل بالوقود الصلب، نظراً إلى تدابير السلامة المعمول بها، وتشمل السواتر الترابية الكبيرة حول العديد من المباني.

منذ عام 2020، لوحظ أن المنطقة تتكون من نحو 23 مبنى، يبلغ ارتفاع أطولها خمسة طوابق على الأقل، ويمكن استخدامها لتجميع الصواريخ المتعددة المراحل نظراً لوقوعها بجوار حفرة صب واضحة.

خلال الأشهر الثمانية الأولى من عام 2021، كانت أعمال البناء جارية في سبعة مبانٍ جديدة على الأقل في هذه المنطقة. أكبرها هيكل (60 في 50 متراً) بسقف منحنٍ يشبه حظيرة طائرات كبيرة، لكن الغرض الدقيق منه غير واضح.

ويبلغ طول مبنى آخر جديد نحو 32 متراً ويشبه في شكله ثلاثة مبانٍ متجاورة موجودة مسبقاً. ويبدو أن جميعها عبارة عن مرائب لمركبات نقل القذائف الموجهة أو الصواريخ المجمعة.

في الجوار، بدأت أعمال الأساسات في سبعة مبانٍ يظهر نمط تصميمها أنها قد تكون مخازن إضافية إما لمركبات النقل أو المتفجرات.

وفي آذار/مارس الماضي، ظهرت ندبة حرق كبيرة في منطقة منصة اختبار محرك الصاروخ. كانت هذه هي المرة الأولى التي يستخدم فيها مهندسون إيرانيون منصة الاختبار هذه، وهي أكبر المنصات الأربع في هذه المنطقة، ما يشير إلى أنهم وصلوا إلى منعطف مهم من حيث حجم المحركات، وفقاً لتحليل كرزيزانياك.

كانت منصة الإطلاق أيضاً موقعاً لنشاط ملحوظ خلال عام 2021، على الرغم من عدم وجود أي عمليات إطلاق على ما يبدو.

في نهاية تحليله، وصل كرزيزانياك إلى استنتاج مفاده: الحرس الثوري سيواصل تكثيف جهوده لإنتاج محركات ذات قطر كبير تعمل بالوقود الصلب، ولن يكون مفاجئاً اختباره في المستقبل القريب صاروخاً مزدوج الاستخدام -الإطلاق الفضائي وتطبيقات القذائف.

وأضاف: "راهناً، لا تمتلك إيران في ترسانتها أي صواريخ قادرة على الوصول إلى أوروبا الغربية أو الولايات المتحدة. لكن إذا تمكن المهندسون الإيرانيون من إتقان تقنيات الصواريخ التي تعمل بالوقود الصلب لتطبيقات الإطلاق الفضائي، فسوف يمنح ذلك إيران قدرة كامنة على تطوير الصواريخ البالستية العابرة للقارات".

وحثّ كرزيزانياك صانعي السياسة الأمريكيين على "زيادة اليقظة والاهتمام بمشكلة الصواريخ الإيرانية الآن، بينما لا يزال ممكناً منع قدرة إيران على تطوير الصواريخ البالستية العابرة للقارات" عبر ضم برنامج إيران الصاروخي إلى المفاوضات المشتركة المرتقبة حول برنامجها النووي.

إنضمّ/ي إنضمّ/ي

رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

Website by WhiteBeard