شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

اترك/ ي بصمَتك!
ماذا يمكن أن يفعل بنا الملل الزوجي أو

ماذا يمكن أن يفعل بنا الملل الزوجي أو "تآخي اللحم"؟

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

حياة

الأربعاء 1 ديسمبر 202103:07 م

علا صوتاهما، وكاد الجيران أن يسمعوا تفاصيل ذات خصوصية عالية في مجتمع محافظ. ولولا انسحاب علا (43 عاماً) من أمام زوجها رائد (54 عاماً) لعرف الجميع أنها لم تعد تلبي رغباته في السرير. والسبب في رأيه: "لم أعد أشعر بنشوة معها".

ساد صمت مهيب بعد جملته هذه، كسره بعبارة أشد وطأة بقوله "أؤمن اليوم بمقولة إن اللحم يتآخى، بت أشعر أنك أختي لا زوجتي، لذلك أريد الزواج مرة أخرى".

أمومتي أولاً

قررت علا الذهاب إلى بيت أهلها، وهي تقول "خليها تربيهم"، في إشارة إلى الزوجة الجديدة التي ينوي رائد الزواج بها قريباً.

وبصعوبة كبيرة وخجل شديد، تمكنت علا من التعبير عما تعانيه جراء الطريقة التي يتعامل بها زوجها مع جسدها خلال العلاقة الحميمة بينهما. تقول: "يجامعني كل ثلاثة أسابيع مرة، وفي كل مرة يتجاهل رغباتي الجنسية، فلا مداعبة ولا إثارة بل يريد تفريغ شهوته ليس إلا".

بين رائد وعلا مشهد قد يتكرر آلاف المرات في كل مكان، ليس في قطاع غزة حيث يسكنان، ويأتي بعد مرحلة من الألفة والاعتياد.

"بعد خمسة عشر سنة من الزواج، بدأت أشعر بأن التجاذب بين جسدي وجسد زوجي لم يعد موجوداً، ووصلت بي الأمور إلى النفور منه، ولكنني أم لأربعة أطفال، وهو أمر يجعلني لا أضع متطلباتي الجنسية أولاً بل أمومتي". هكذا تعاملت سعاد حربي (48 عاماً) مع "تآخي اللحم". تقول: "ليس أمامي خيارات كثيرة، فالطلاق مأساة للمرأة في مجتمعنا، وقد لا أتمكن من الزواج مرة أخرى، فأنا لست في مقتبل العمر".

بين فتور العلاقة بين الزوجين ومرحلة التآخي تنطوي تفاصيل حميمة قد يخجل البعض من ذكرها أو تفسيرها.

هل فعلاً يتآخى اللحم بعد فترة من الزواج والاعتياد؟ وكيف يبدأ هذا التآخي؟ وهل من علاج؟

الشعور بالملكية

يربط الأخصائي الاجتماعي حمدي علام (45 عاماً)، من الضفة الغربية، بين الشعور بالملكية والملل، يقول: "حين يشعر الزوج أو الزوجة بالتعوّد بعد الزواج، تتحول العلاقة إلى علاقة روتينية بحتة، لأن الشعور بالامتلاك يشعرهما بالزهد، وبالتالي لا يعود بحاجة إلى بذل المزيد من الجهد في سبيل الوصول إلى الشريك، وقد يصبح رصيد الحب صفراً إذا لم يقوِه الاهتمام الكافي".

ويعرّف علام "تآخي اللحم" بـ"الجمود الحسي"، ويوضح: "أي أن الزوجة والزوج يصبحان بمثابة أخ وأخته، لا يحركهما شيء، ولا يثيرهما أي نوع من الاتصال، وهنا تكمن الخطورة".

ويلقي الدكتور إبراهيم سكافي (طبيب نفسي) باللائمة على "طبيعة المجتمع العربي المحافظة"، التي تحصر إطار العلاقة الجنسية بالزواج، هذا النمط "يحدث التعود أو الروتين في العلاقة" وفق قوله.

ويضيف: "حين يبدأ التعود، يشعر الزوج بأن زوجته هي مثل أخته، أي غير مثيرة لا عاطفياً ولا جسدياً".

ينتقد سكافي طبيعة مجتمعاتنا المحافظة التي تحصر إطار العلاقة الجنسية في الزواج، ويمتدح شخصيات من يشعرون بالملل الزوجي بأنهم "غير روتينيين بل يحبون التغيير والمغامرة"

ويحلل سكافي التركيبة النفسية لمن يشعرون بـ"تآخي اللحم"، يقول: "هم أشخاص غير روتينيين بل يحبون التغيير والمغامرة والتنوع، وهنا نجد شخصية الزوج، وكذلك شخصية الزوجة، قابلة للتجديد".

ويضيف: "هنا يتدخل المجتمع لصالح الرجل، إذ يسمح له بالشكوى عالياً، على عكس المرأة. في مجتمع تطغى فيه السيطرة الذكورية، فإن الزوج هو الذي يرفع دائماً هذا الشعار في الشكوى، لكن الزوجة، التي يمثل لها الزواج نوعاً من الأمان الاجتماعي، فهي، وإن عانت من هذا الموضوع، تخمد غريزتها تحاشياً للوصم الاجتماعي، خصوصاً بعد الطلاق".

اشتهاء وملل

طرحت تساؤلات على موقع "كورا"، للتشارك المعرفي، بنسختيه العربية والإنجليزية حول "تآخي اللحم" أو الملل في العلاقة الحميمية.

في تصفحي لإجابة سؤال: "ألا تشعر بالملل من ممارسة الجنس مع امرأة واحدة طوال حياتك؟"، لاحظت أن إجابات الرجال تختلف عن النساء، فحامد الباجوري شبه الحميمية في العلاقات الزوجية بالطعام، وتساءل: هل تفقد استمتاعك ورغبتك وحبك وتفضيلك للطعام المحبب إليك عندما تشتهيه وتأكله وأنت جائع؟"

"وما رأيك إذا كان كل مرة يقدم إليك بطريقة مختلفة ومشهية أكثر من المرة السابقة؟".

وشبه الزوجة العاشقة بأنها مثل إضافة النكهات المحببة ذات المذاق الذي لا يقاوم.

ينصح سام بأن يلعب الزوجين ألعاباً جنسية، ويؤديا أدواراً خيالية أثناء ممارسة الحميمية، مثل: ممرضة ومريض، شرطي وسائق مسرع، ويحاولان لعب هذه الخيالات بأكثر من طريقة  

في حين رفضت حنين عبد الرحيم تشبيه العلاقة بالمأكولات، وتساءلت: "هل شعرت يوماً بالملل من ممارسة الحب مع شخصك المفضل طوال الحياة؟ أيمكن أن تضجر من عائلتك وسعادتك معهم على الرغم من أنهم لا يتغيرون؟".

في النسخة الإنجليزية لـ"كورا" لاحظت التنوع والانفتاح أكثر في التعامل مع الملل الزوجي.

ينصح سام مهراج، يعرّف نفسه بأنه مستثمر، بأن يلعب الزوجين ألعاباً جنسية، ويؤديا أدواراً، مثل: ممرضة ومريض، شرطي وسائق مسرع، وأن يحاولا لعب هذه الخيالات بأكثر من طريقة.

الزواج "التزام" و "تعهدات"، وليس مجرد علاقة.

ويرفض سام أن ينسحب أحد الزوجين من العلاقة دون بذل مجهود، فالزواج "التزام" و "تعهدات"، وليس مجرد علاقة.

أما برونو ليون، يعرّف نفسه بأنه طالب، فيرى أن الجنس جزء مهم من الزواج ولكنه ليس الأهم، والإحساس بالرغبة يختلف في كل مرحلة عمرية.

وينصح برونو الزوجين من الابتعاد عن الممارسات القابلة للتوقع على السرير، ويعود كل منهما بين فترة وأخرى إلى تجريب أشياء جديدة لتعود الإثارة، مشدداً على ضرورة بذل المجهود قبل أن يدفعهما الملل إلى إنهاء العلاقة.

العلاقة بين الذكر والأنثى، الجاذبية والملل والنفور، تراها خبيرة في الطاقة والتنويم الإيحائي، نبيلة رجب من غزة (58 عاماً) بشعور وخيال مختلفين، تقول: "للأجسام كيمياء، فإن طاقة الين (الأنثى) واليانغ (الذكر) قد لا تتآلف بل تتنافر، وهذه الطاقة لها قوانين معينة، قد لا يجد الإنسان لها تفسيراً سوى أنها نوع من الذبذبات المغناطيسية تسير في اتجاهات معينة، فحين يحدث الانسجام في هذه الطاقات يبدأ القرب والاهتمام والتواصل، والعكس صحيح".

ترى رجب أن بعض العلاقات يؤدي تأثيرها السيئ إلى الوفاة، الأمر الذي تفسره بـ"تصادم طاقة الأجساد".

بالعودة إلى الواقع، تستمر الكثير من الزيجات في مجتمعنا بلا جاذبية أو مغامرات، وتتعايش العديد من النساء مع أجواء الملل برغم متطلبات أزواجهن، وسط مجتمع لا يمنح أجسادهنّ مساحات كافية للحب أو الاختيار.


رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

Website by WhiteBeard
Popup Image