أول غناء نسائي بين العرب كان لجاريتين يملكهما عبد الله ابن جدعان، وأهداهما إلى أمية ابن أبي الصلت، الذي سماهما "جرادتي عباد"، حسبما ذكر الأصفهاني في "الأغاني"، والنويري في "نهاية الأرب".
الصورة الذهنية التي وصلتنا عن الغناء النسائي في العصور الإسلامية الأولى والوسيطة، مرتبطة بالجواري بـ"القيان" أي "الجواري المغنيات"، وحملت الكثير من المؤلفات التاريخية المتعلقة بالغناء اسم "القيان" كمؤلَّف الجاحظ الذي جاء ضمن رسائله، ولكننا في هذه المقالة نسعى لتوضيح صورة مغايرة لذلك.
فمنذ القرن الهجري الأول، في مكة والمدينة المنورة وغيرها من المدن الإسلامية، احترف الغناء نساء مستقلات حرائر – بجانب القيان- من العربيات الأصليات، ومن الأجنبيات اللاتي ولدن بين العرب وتعربن وأسلمن، بل ومن نساء بيوت الخلافة نفسها.
ومن صحابة النبي من اعتاد الذهاب لمجالس المطربات، ومنهم من بكي وهو يستمع لغنائهن لفرط تأثره، كما سنوضح، وليس جديدًا أن نقول إن الخلفاء دعموا الغناء منذ العصر الأموي.
ومع ازدهار الغناء في العصر العباسي الأول، ووجه بتيار ديني متشدد، خاصة في عصر الخليفة المأمون (تـ218هـ - 833م)، حسبما رصدت الباحثة بجامعة البلمند كارين مخيبر في دراستها Gendering Emotions:Tạrab, Women and Musical Performance in Three Biographical Narratives from ‘The Book of Songs’.
هذا التيار المتشدد الذي اختلف مع المأمون حول أمور عقائدية مثل "خلق القرآن"، استخدم الغناء الذي شاع في قصور الحكم بل وفي شوارع بغداد، كوسيلة من وسائل التحريض على الخليفة، فوضِعت المؤلفات التي تحرّم الغناء مثل "ذم الملاهي" لابن أبي الدنيا، ووصل الأمر حد اقتحام بيوت بغداد للتفتيش عن القيان أو الآلات الموسيقية، خلال الاضطرابات في عصر المأمون.
الحساسية في العصر العباسي الأول، أنه كان عصر التدوين الإسلامي، وفيه وضعت أهم المصادر في علوم الحديث والتفسير، ومنها مثلا "صحيح البخاري" الذي توفي صاحبه في 256هـ. هذه المصادر التي صارت مرجعية لمن ألفوا في العلوم الإسلامية بعد ذلك.
وعموما، نفهم من كارين أن هناك تياران رئيسيان في التأليف الإسلامي تناولا مسألة الغناء النسائي:
الأول تعامل معه كوسيلة للفتنة والغواية، وتقوم به الجواري "القيان"، على اعتبار أن الجارية وظيفتها إمتاع سيدها بشتى الوسائل، وهذا التيار لم يحتفي بسير المطربات المستقلات ولم ينقلها بتفصيل.
أما التيار الثاني فقاده أبوالفرج الأصفهاني (تـ967م/355هـ) في موسوعته "الأغاني"، الذي احتفى بالمطربات، وفتح الباب لمن جاؤوا بعده لتناول سيرهن ومنجزاتهن الفنية.
الأصفهاني كان مؤرخًا، ولكنه أيضا كان شاعرًا وموسيقيًا، وربما كان ذلك سر حماسه لتقديم سير مطربات ومطربي القرون الإسلامية الثلاثة الأولى، حتى زمنه. ولكن الأمر لم يقف عند زمن الأصفهاني، فقد فرض الغناء نفسه على المؤرخين الذين تلوه فوثقوا سير المطربات سواء في عصورهم أو ما قبلها.
في السطور التالية نرصد سير أشهر المطربات المستقلات في التاريخ العربي الإسلامي، بداية من القرن الهجري الأول، وحتى عصر المماليك في مصر والشام.
ارتبط الغناء النسائي عند العرب بالجواري اللواتي يشتريهن السادة من النخّاسين، حتى أن الكثير من المؤلفات التاريخية عن أخبار الغناء حملت اسم "القيان" أي الجواري المغنيات، مثل "كتاب القيان" للجاحظ الذي جاء ضمن رسائله، و"كتاب القيان" لأبي الفرج الأصفهاني، وغيرهما
جميلة... أصل الغناء
كانت جميلة مطربة المدينة المنورة الأولى في صدر العهد الأموي، وهي أصل من أصُول الغناء العربي، تتلمذ على يديها مطربون ومطربات مشاهير، ومنهم معبد، ابن عَائِشَة، حبَّابة وسلّامة.
كانَ معبد (المطرب الشهير) يقول: لَولَا جميلة لم نكن نحن. وكانت جميلة تُقيّم المطربين الذين يتبارزون في الغناء أمامها فتفصل بينهم. وهناك موقف شهير اجتمع خلاله ابن سريج، الغريض، ابن مسجح، سلم بن محرز، معبد وابن عائشة، وأعد كلا منهم لحناً وغناه أمامها، وبعد أن سمعتهم أعطت كل واحد ملاحظاتها على غنائه.
تعلمت جميلة الغناء من الملحن والمطرب الفارسي الشهير سائب خاثر، وكان يسكن بجوار منزلها، حيث تقول: "أخذت عنه تلك النغمات فبنيت عليها غنائي فجاءت أَجود".
شيوع الغناء، خاصة منذ العهد الأموي، أي منذ القرن الهجري الأول، أدى إلى إتقانه من الحرائر المستقلات، سواء من العرب الأصليين، أو الأجنبيات اللاتي تعربن
كوّنت جميلة جوقة من الجواري، كن يصحبنها في العزف والغناء، أي لم يكن غناؤها مجرد ارتجال فردي على آلة واحدة، بل كانت تغني وبمصاحبتها أكثر من 12 عوداً تلعب عليها جواريها اللاتي دربتهن لأداء اللحن الذي وضعته.
وأقسمت جميلة ألا تغني إلاّ في دارها، وظلت هكذا يأتيها "أَشراف النَّاس" يستمعون لغنائها، ومن أهم ضيوفها الدائمين كان الصحابي عبد الله بن جعفر بن أبي طالب، وكان من أثرياء المدينة، ومن المقربين للخليفة معاوية بن أبي سفيان، وكان وسيطاً دائماً بين الخليفة وبين الناس، يقضي لهم حاجاتهم.
ولعلوّ مقامه، قررت جميلة أن تدفع كفارة عن يمينها لتستطيع أن تذهب إليه بيته وتغني، بدل أن يأتي هو إليها، فرفض وقال: لا أكلفك ذلك.
كانت جميلة الصوت لدرجة أن الشاعر المكي عمر ابن أبي ربيعة، ذهب إليها في ليلة ومعه أصحابه ليستمعوا لها، فغنّت من شعره:
ولقد قالت لجارات لها كالمها يلعبن في حجرتها/ خذن عني الظل لا يتبعني ومضت تسعى إلى قبتها ...
وخلال غنائها، شق عمر ثيابه لسفله لشدة طربه، وأمرت جميلة خدمها فأحضروا له ثياباً يلبسه فلبسها وانصرف، وبعدها أهداها 10 آلاف درهم و10 أثواب.
نالت المطربات المستقلات تقديراً كبيراً من المجتمعات العربية، وكن ذوات نفوذ كبير عند عوام الناس، وكثير من أصحاب السلطة، بل وبعض صحابة النبي
وحين ذهبت للحج، خرجت من المدينة في موكب مهيب، ومعها عدد من أشراف القوم، منهم الشاعر الشهير عوف ابن الأحوص، عمر ابن أبي ربيعة وغيرهما، إضافة إلى 50 جارية كانت تنفق عليهن جميعاً، وحين دخلت مكة لم يكن بالحجاز مغنية أو مغن حاذق إلا وكان في موكبها.
وخرج إليها أهل مكة يصطفون حول طريقها، لينعموا بمشاهدتها وموكبها الذي كان غاية في الفخامة.
وبعد أن حجت، طلب منها جماعة من أهل مكة عقد مجلس للغناء فرفضت، ولكن بعد عودتها إلى المدينة بحوالي 10 أيام، وبعد فراغها من توافد الناس للسلام عليها، عادت لعقد مجالس الغناء.
عزة الميلاء التي أبكت شاعر الرسول
قيل إن عزة أقدم من غنى الغناء الموقّع من نساء الحجاز، ولُقبت بـ"الميلاء" لتمايلها في مشيتها، وكانت أهم منافسة لجميلة في المدينة المنورة، وقال عنها معبد: "من أحسن النساء ضرباً على العود، مفطورة على الغناء، لا يعيبها أداؤه ولا صنعته ولا تأليفه".
تعلمت عزة الغناء على يد مغنية تسمى رائقة، ولكنها طورت أسلوبها الغنائي واللحني بفضل تعلمها على يد الأستاذين الفارسيين اللذين استوطنا المدينة المنورة: نشيط وثائب خاثر.
ويُفهم من الأخبار أنها تعلمت أيضاً من جميلة وتدرّبت على يديها، أو على الأقل كانت جميلة تعاملها معاملة الأستاذ للتلميذ؛ فمما يذكر أنها كانت في بيت جميلة تعزف وتغني مع القيان اللواتي يعزفن ويصاحبنها في الغناء، فطلبت جميلة منهن في ليلة أن يصمتن لتغني عزة بمفردها، فغنت أغنية تبدأ بـ:
تذكرتَ هنداً وأعصارَها ولم تقضِ نفسُك أوطارها
وبعد انتهائها قالت جميلة: "يا عزَّ إنك لباقية على الدهر، فهنيئاً لك حسن هذا الصوت مع جودة الغناء".
كانت عزة تعقد جلسات طرب عامة، يحضرها من يشاء من أهل المدينة، وخلالها كان لا يجرؤ أحد الجلساء أن يحرك رأسه، وكأن على رؤوسهم الطير، حسبما وصفها المغني الشهير طويس، وكان لها في منزلها خدم وقيان يعملن معها، وعلى يديها تعلّم كثير من المغنيين والمغنيات.
وكان الصحابيان حسان بن ثابت شاعر الرسول، والنعمان بن بشير، من أشد معجبيها، وهناك مواقف تبين أنهما كانا يبكيان أحيانا لشدة تأثرهما بغنائها.
أخت الخليفة الرشيد التي ردد المشاهير أغانيها
"ما اجتمع في جاهلية ولا إسلام أخ وأخت أحسن غناءً من إبراهيم بن المهدي وأخته عُليّة"، هكذا كان يقال عن عُليّة بنت المهدي الملقبة بـ"عبّاسة"، أخت الخليفة هارون الرشيد وشقيقة إبراهيم بن الخليفة المهدي، أحد أهمّ مطربي وملحني زمانه، وكانت عليّة تبارزه في الغناء.
كان هارون يحب غناءها، ومن المواقف الشهيرة لها معه، أنه كان مفتوناً بجارية، فغارت زوجته أم جعفر وشَكَت إلى علية، فوعدتها بأن تعيد الرشيد إليها، فنظمت شعراً ولحنته وأحضرت كل جواري أم جعفر إلى بيتها وحفظتهن أغنية أعدتها خصيصا للموقف، يقول مطلعها:
منفصل عني وما قلبي عنك بمنفصل/يا هاجري اليوم لمن نويت بعدي أن تصل
ثم اختارت علية وأم جعفر وقتاً مناسباً، ودخلتا على الرشيد ومعهن ألفي جارية يغنين بشكل جماعي الأغنية، فطرب الرشيد واستقبل زوجته وأخته بترحاب، وعاد إلى أم جعفر.
كان الصحابيان حسان بن ثابت شاعر الرسول والنعمان بن بشير، من أشد معجبي عزّة الملقبة بالميلاء، وهناك مواقف تبين أنهما كانا يبكيان أحيانا لشدة تأثرهما بغنائها
كانت علية من أسرة فنية، فبجانب إبراهيم كانت أمها أيضاً مغنية واسمها مكنونة، وكذلك كان أخيها يعقوب عازفاً على المزمار، وكثيراً ما انعقدت جلسات الطرب بينها وبين أخويها.
شاع غناؤها حتى إن مطربي العراق المشاهير رددوه بعد وفاتها، ومن ذلك أن محمد بن إسماعيل بن الخليفة موسى الهادي، كان عند الخليفة المعتصم يضرب على العود من خلف المغني عقيد، وبعد سماع المعتصم للأغنية، سأل: لمن هذا الشعر والغناء؟ فلم يرد عقيد، ولكن من تجرأ ورد كان بن موسى الهادي، فقال إن الأغنية لـعُلية.
عُلية كانت شاعرة وملحنة ومغنية، لكنها أحياناً كانت تشتري الألحان وتنسبها لنفسها؛ فقد حكى إسحاق الموصلي المغنى والملحن الأشهر لهذا العصر، أنه أعد لحناً يقول مطلعه:
سقيا لأرض إذا ما نِمتُ نبَّهني بعد الهدوِّ بها قرع النواقيس/كأن سوسنها في كل شارقة على الميادين أذناب الطواويس.
وكان إسحاق قد قرر غناءه في أول جلسة مع هارون الرشيد، فسمعت علية باللحن وأعجبت به، فقررت أن تصنع حيلة لتغنيه وتنسبه لنفسها، فأرسلت أحد خدمها فاعترض إسحاق في الشارع وقال له إن علية تريده لتأخذ رأيه في أغنية، فذهب إليها، ليجد حديثاً آخر.
في مصر الإسلامية، كان الغناء منذ عهد الدولة الفاطمية مهنة للتكسب، تحترفه المرأة -في قصور الحكم وخارجه
فاجأت علية إسحاق وطلبت أن يغني لحنه الجديد، واستعادته مرات حتى حفظته بأدائه وكلماته، ثم غنته هي وطلبت من إسحاق رأيه، فقال: ما خرق سمعي مثله. فأعطته 40 ألف درهم و40 ثوباً، كثمن للحن ليتنازل عنه لها، لأنها ستغنيه أمام الرشيد.
توفيت عُلية في عهد المأمون عام 210هـ، وقيل إن عدد ألحانها وصل إلى 73 لحناً.
عبيدة الطنبورية... فاتنة ردد ألحانها الكبار
كانت جميلة الصوت، واعترفوا لها بالأستاذية في العزف على آلة الطنبور في بغداد، خلال العصر العباسي الأول، وقال عنها الشاعر جحظة البرمكي: "لم يعرف في الدنيا امرأة أعظم منها في الطنبور". وقال عنها إسحاق الموصلي: "الطنبور إذا تجاوز عبيدة هذيان".
اشتهرت أغانيها لدرجة أن كبار مطربي بغداد المعاصرين لها رددوا ألحانها، ومنهم إسحاق الموصلي، الذي غنى لها أغنية تبدأ بـ "يا ذا الذي بعذابي ظل مفتخراً"، وكذلك غنى لها علوية ومخارق – المطربان الشهيران- أغنية "قريب غير مقترب".
مطربات الأندلس: ابنتا زرياب
حين هاجر الملحن والمغني الأشهر زرياب من بغداد ثم استقر بالأندلس، وأصبح من أكابر القوم وأكثرهم ثراءً ونفوذاً، أنشأ مدرسة للغناء في قرطبة سميت بـ"المدنيات"، وفيها تعلمت الكثيرات، ومنهن ابنتيه حمدونة وعُليّة.
اشتهرت حمدونة وبرعت، وشغف بها الوزير هاشم بن عبد العزيز وتزوجها، ويتوقع الدكتور هاني أبوالرب أن تكون قد ساعدت أسلم بن عبد العزي، أخو زوجها، في جمع أغاني أبيها في مجلد عنوانه "كتاب معروف في أغاني زرياب".
أما عليّة فكانت أقل براعة من أختها في الغناء، ولكنها عاشت أكثر منها ومن باقي أولاد زرياب وتلامذته، فكانت أستاذة صنعة الغناء في أواخر أيامها، وكان التلاميذ يأتوها ليتعلموا منها.
وممن تعلمن في مدرسة زرياب وأتقن الغناء كانت صبح البشكنجية – نحن هنا نتكلم عن المطربات المستقلات الحرائر- ولكنها وصلت لمنزلة كبيرة، حيث أصبحت شريكة في حكم للبلاد وكانت أم الخليفة هشام المؤيد.
كذلك كانت سيدة الأندلس الأشهر ولادة بنت الخليفة المستكفي، تغني وتضرب على العود في مجالسها الشهيرة، ولكنها كانت مشهورة بالأساس كشاعرة أكثر منها مغنية. وعموماً كانت بيوت الأندلس تغني، حتى قيل إن الآلات الموسيقية لم يخلو منها منزل هناك.
مطربات مصر... احتراف برعاية الدولة
في مصر الإسلامية، كان الغناء منذ عهد الدولة الفاطمية مهنة للتكسب، تحترفه المرأة -بخلاف القيان الموجودات في قصور الحكم- ولعل أشهر هؤلاء كانت نَسَب التي غنت للخليفة الفاطمي المستنصر:يا بني العباس رُدّوا (وفي رواية: صدّوا) مَلَك الأرض مَعَدُّ/ملككم كان معاراً والعواري تُسترد.
وكانت الأغنية بمناسبة نجاح تمرد الوزير البساسيري على الدولة العباسية، اعتقال الخليفة العباسي وإعلان التبعية للخليفة الفاطمي في القاهرة. ولفرح المستنصر بغناء نسب، أعطاها إقطاعاً ضخماً من الأراضي والبساتين، التي عرفت باسم "أرض طبالة" في القاهرة، نسبة لـ "نسب" التي كانت تُطَبل.
اشتهرت نسب بالعزف على الدفّ خلال غنائها، ومعها جوقة تردد معها. ووَصفُ المقريزي لها في "الخطط" يشير إلى أنها كانت من أساتذة طائفة المغاني، فقد قال إنها كانت "تسير أيام الموكب -وحولها طائفتها- وهي تضرب بالطبل".
وكان في مصر كياناً إدارياً للمغنيين، عُرف بـ"طائفة المغاني"، تحصل الدولة من أعضائه ضريبة سميت بـ"ضمان المغاني"، وكان لهذه الطائفة شارع في القاهرة تجتمع فيه وتباع به الآلات الموسيقية.
ولم يكن للطائفة نقيب أو زعيم، وإنما كان هناك فنانون كبار لهم نفوذ بين أعضائها من الرجال والنساء، وكان المغني الكبير يطلق عليه "أستاذ"، والمغنية المهمة يطلق عليها "الريِّسة"، وتبلورت هذه الطائفة ورسخت خلال العصر المملوكي، حسبما يوضح محمد قنديل البقلي في "الطرب".
ومن المطربات المستقلات في عهد المماليك اشتهرت خديجة الرحابية، ولقبت بالرحابية لتحديها ابن رحاب المغني الشهير وانتصارها عليه في الغناء. وكانت تغني في الميادين العامة بجانب غنائها في قصور الحكم، وحظيت بمكانة كبيرة في الدولة حسبما يؤكد المؤرخين.
وكذلك اشتهرت الريّسة خديجة أم خوخة، وكانت أهم مطربة بمنطقة "الدِكّة"، ومنهن أيضا الريسة دنيا البغدادي، والتي قيل إن السلطان الناصر محمد بن قلاوون تزوجها لشدة إعجابه بغنائها وجمالها.
وكانت بلاد الشام تابعة لدولة المماليك، وكان من السهل حين تشتهر مطربة في الشام تستدعى إلى قصر السلطان في مصر، كما حدث مع دنيا بنت الأقباعي، المغنية الدمشقية التي ذاع صيتها، فاستدعاها السلطان الناصر حسن للغناء، وكذلك وفدت على الملك الأشرف عام 779هـ - 1379م، وبناء على طلبها، أسقط الأشرف ضريبة المغاني عن مطربي ذاك الزمان.
المصادر: "الأغاني" للأصفهاني، " نهاية الأرب" للنويري، "الوافي بالوفيات" للصفدي، "نفخ الطيب" للمقري التلمساني، "الخطط" للمقريزي، "صبح الأعشى" للقلقشندي، "الدر المنثور في طبقات ربات الخدور" لزينب فواز، "زرياب وأثره في الحياة الاجتماعية والفنية في الأندلس" للدكتور هاني أبوالرب، "الطرب" لمحمد قنديل البقلي، "طائفة المغاني في مصر في العصر المملوكي" لمرفت عثمان حسن.
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
مستخدم مجهول -
منذ يومكل التوفيق ومقال رائع
Ahmad Tanany -
منذ 5 أيامتلخيص هايل ودسم لجانب مهم جداً من مسيرة الفكر البشري
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعلا يوجد اله او شئ بعد الموت
Mohammed Liswi -
منذ أسبوعأبدعت
نايف السيف الصقيل -
منذ أسبوعلا اقر ولا انكر الواقع والواقعة فكل الخيوط رمادية ومعقولة فيما يخص هذه القضية... بعيدا عن الحادثة...
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ اسبوعينمقال بديع ومثير للاهتمام، جعلني أفكر في أبعاد تغير صوتنا كعرب في خضم هذه المحن. أين صوت النفس من...