في خبر وصفته القناة 13 الإسرائيلية بـ"زلزال في المؤسسة"، استقال ثلاثة مسؤولين كبار من وكالة المخابرات الإسرائيلية (الموساد)، مع تلميح إلى احتمال إقدام مسؤول رابع بارز على نفس الخطوة التي قيل إنها جاءت رفضاً لـ"تغييرات تنظيمية" اتخذها رئيس الموساد الجديد دافيد برنياع (الشهير بـ"ديدي").
في حزيران/ يونيو الماضي، خلف برنياع المدير السابق للمؤسسة، يوسي كوهين، الذي ظل في المنصب منذ كانون الثاني/ يناير عام 2016 إذ يعتقد أن رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق بنيامين نتنياهو كان يرى فيه خير سلف في رئاسة الحكومة.
بشكل مفاجئ، في أيار/ مايو الماضي، أعلن نتنياهو عن تعيين برنياع خلفاً لكوهين، قائلاً إن هدفه الأول سيكون "منع إيران من امتلاك أسلحة نووية".
في تقريرها، أوضحت القناة الإسرائيلية أن المسؤولين المستقيلين تعادل درجاتهم الوظيفية رتبة لواء في الجيش الإسرائيلي، مبرزةً أنهم رئيس قسم التكنولوجيا ورئيس قسم العمليات ورئيس قسم مكافحة الإرهاب.
وفي التفاصيل، ذكرت أن برنياع قرر إعادة تقسيم المسؤوليات داخل وكالة التجسس، وإعادة تنظيم بعض الفروع القائمة ودمج أقسام أخرى.
"التغييرات" لإنعاش الموساد؟
في 16 تشرين الأول/ أكتوبر الماضي، أفادت صحيفة هآرتس الإسرائيلية بأن رئيس الموساد عقد، قبل ذلك ببضعة أسابيع، اجتماعاً لمجموعة من المتقاعدين الذين سبق أن شغلوا مناصب عليا، واستعرض معهم آخر التطورات والأهداف التي وضعها لنفسه وللوكالة.
وقال كاتب التقرير، المحلل الأمني الإسرائيلي يوسي ميلمان، إن الاجتماع يمثل "تغييراً منعشاً" للمؤسسة التي ظلت تحت إدارة يوسي كوهين خمس سنوات ونصف.
وأضاف ميلمان في تقريره: "لعقود من الزمن، كان رؤساء الموساد يجتمعون بشكل دوري مع المتقاعدين، ويراجعون أنشطتهم أمامهم. حتى لو لم تكشف المراجعات عن أسرار كبيرة، فقد أعطت إحساساً بالشراكة والامتنان والتقدير للمتقاعدين على سنوات عملهم الطويلة. وكان كوهين أنهى هذا التقليد، وامتنع عن لقاء المتقاعدين".
استقالة مسؤولين كبار و"إستراتيجية جديدة لإفريقيا" محورها تشاد... "زلزال" في الموساد إثر "تغييرات تنظيمية" استحدثها رئيس وكالة التجسس الجديد، دافيد برنياع
وكان برنياع، الذي عُيّن نائباً لرئيس جهاز الموساد عام 2018، يجهز دراساته الأكاديمية في الولايات المتحدة وعمل نائب مدير مصرف في تل أبيب، علاوة على نشاطه العسكري.
ووفق وصف مسؤولين كبار في الموساد، فإن برنياع "مصلح ومنفتح على التغييرات الهيكلية والتنظيمية والمهنية، وشخص غير متحفظ في نهجه وغير محافظ". ووصفته شخصيات بارزة سابقة في وكالة التجسس الإسرائيلية بأنه "صادق ونزيه".
"مؤامرة" استقدام إثيوبيين
على صعيد متصل، تزامن الإعلان عن استقالة مسؤولي الموساد الثلاثة مع خبر لافت آخر كشفته أيضاً "هآرتس" في الأسبوع الماضي. وهو أن إسرائيل جلبت سراً عشرات الإثيوبيين من إقليم تيغراي الذي يشهد حرباً طاحنة بين سكان الإقليم وقوات الحكومة الإثيوبية بقيادة رئيس الوزراء آبي أحمد. تبيّن لاحقاً أن معظم الإثيوبيين المستقدمين إلى تل أبيب ليسواً يهوداً.
وأكدت "هآرتس" أن غالبية الإثيوبيين، وعددهم 61، ليست لديهم جذور يهودية، وأن حياتهم لم تكن في خطر أيضاً يستدعي نقلهم إلى إسرائيل، ما دفع سلطة السكان والهجرة الإسرائيلية إلى اعتبار الأمر "مؤامرة"، فيما وصفته الصحيفة بأنه "فضيحة كبرى".
وكانت قد بدأت "عملية الإنقاذ" بناءً على طلب مواطن إسرائيلي من أصل إثيوبي، أراد إحضار زوجته السابقة "المسيحية" إلى إسرائيل. وصلت الزوجة مع زوجها الحالي وهو مسيحي أيضاً وثلاثة أطفال. من المستقدمين، تمكن أربعة من إثبات جذورهم اليهودية، علماً أن جميعهم كان قد قدموا معلومات خطية بأنهم يهود.
"إستراتيجية جديدة لإفريقيا"
أعقب "فشل" العملية السرية في إثيوبيا كشف موقع "إنتلجنس أونلاين" الفرنسي، في 25 تشرين الأول/ أكتوبر الماضي، أن رئيس الموساد الجديد وضع إستراتيجية جديدة لإفريقيا زعم التقرير أنها باتت من "أولويات" برنياع لا سيّما تشاد.
كانت تشاد وجهة رئيسية لبرنياع منذ توليه قيادة الموساد، إذ زار، في تموز/ يوليو الماضي، الدولة الواقعة في وسط إفريقيا، على الحدود مع دولتين لهما أهمية كبيرة لأجهزة المعلومات والأمن في تل أبيب ليبيا (من الشمال) والسودان (من الشرق).
وفي 7 تشرين الثاني /نوفمبر الجاري، أفادت وسائل إعلام إسرائيلية بأن الموساد أحبط سلسلة من الهجمات الإيرانية ضد أهداف إسرائيلية في عدة دول إفريقية، مشيرةً إلى أن المهاجمين من فيلق القدس الإيراني، حاولوا منذ شهور استهداف رجال أعمال إسرائيليين في السنغال وغانا، وإسرائيليين آخرين يقومون بجولات سفاري في تنزانيا.
بررت التقارير الإسرائيلية الهجمات الإيرانية المزعومة بمحاولة الانتقام لمقتل العالم النووي الإيراني محسن فخري زاده.
عقب استقدام 61 إثيوبياً من تيغراي إلى إسرائيل في عملية سريّة، تبين أن أربعة منهم فقط لديهم جذور يهودية وأن جميعهم لم يكونوا في خطر يستدعي نقلهم إلى تل أبيب. "فشل" جديد للموساد؟
"تجسس" في تركيا
في الأثناء، تواجه الموساد أزمة أخرى لكن في تركيا. قررت محكمة تركية، الجمعة 12 تشرين الثاني/ نوفمبر الجاري، تمديد توقيف زوجين إسرائيليين متهمين بالتجسس إثر تصويرهما قصر الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، 20 يوماً.
رفضت إسرائيل مزاعم التجسس وطلبت من السلطات التركية السماح بإجراء زيارة قنصلية عاجلة للزوجين. حالياً، تشهد القضية تصعيداً على الجانب الدبلوماسي بين أنقرة وتل أبيب، بحسب صحيفة "تايمز أوف إسرائيل".
فوجىء المسؤولون الإسرائيليون بقرار تمديد السجن إذ كانوا يتوقعون قراراً بترحيل الزوجين. لكن ممثلي الادعاء في تركيا أخبروا المحكمة أن الزوجين لم يصوّرا قصر أردوغان فحسب، بل أيضاً نقاط التفتيش وكاميرات المراقبة الأمنية القريبة، وأرسلا الصور إلى طرف ثالث.
على الجانب الآخر، يصر الزوجان، وكلاهما يعمل سائقاً، على أنهما صوّرا القصر لأنهما كانا مفتونين به، وأنهما أرسلاها إلى أقاربهما من دون أن يعلما أن ذلك غير قانوني.
وليس واضحاً كيف سيتصرف الموساد حيال هذه القضية في ظل ضغوط عائلة الزوجين لإطلاق سراحهما وعدم تحقق وعود المسؤولين بسرعة إتمام ذلك.
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
مستخدم مجهول -
منذ يومكل التوفيق ومقال رائع
Ahmad Tanany -
منذ 5 أيامتلخيص هايل ودسم لجانب مهم جداً من مسيرة الفكر البشري
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعلا يوجد اله او شئ بعد الموت
Mohammed Liswi -
منذ أسبوعأبدعت
نايف السيف الصقيل -
منذ أسبوعلا اقر ولا انكر الواقع والواقعة فكل الخيوط رمادية ومعقولة فيما يخص هذه القضية... بعيدا عن الحادثة...
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ اسبوعينمقال بديع ومثير للاهتمام، جعلني أفكر في أبعاد تغير صوتنا كعرب في خضم هذه المحن. أين صوت النفس من...