شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

ادعم/ ي الصحافة الحرّة!
محاولات لتسييس القضية... عمّ يغتصب ابنة شقيقه في غزة بسبب الميراث

محاولات لتسييس القضية... عمّ يغتصب ابنة شقيقه في غزة بسبب الميراث

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

حياة

السبت 13 نوفمبر 202102:29 م

تفاصيل مروّعة تكشفت خلال الساعات الماضية عن فصول جريمة اغتصاب طفلة دون الرابعة في مدينة رفح (جنوب قطاع غزة)، والفاعل هو عمها. وهذا ما أثار غضباً واسعاً أطلقت على إثره دعوات إلى تشديد العقوبات في جرائم الاعتداء على الأطفال وإقرار قانون حماية الأسرة.

قبل أيام، تردد أن طفلة غزّية في عمر الثالثة والنصف تعرضت للاغتصاب وهي الآن ترقد في المستشفى في حالة مزرية، دون تبيان هوية الجاني. عقب التحقيقات، أفادت شرطة القطاع، الجمعة 12 تشرين الثاني/ نوفمبر، بأنها تابعت "الجريمة النكراء" المتمثلة في "اعتداء شاب على طفلة تبلغ من العمر أربعة أعوام من نفس العائلة"، مبرزةً أنها فتحت "تحقيقاً فورياً" وقبضت على الجاني.

انتقام لأجل الميراث

لكن بيان "تبرؤ" من عائلة غنّام (سويلم) التي تنتمي إليها الطفلة الضحية والمغتصب، كشف عن هوية الجاني بشكل لا لبس فيه إذ اتضح أنه "سامر بشير عمر غنّام" عمّ الطفلة ويعمل نقيباً في الشرطة وقيل أيضاً إنه "قيادي في كتائب عز الدين القسام".

عدا أنها تبرّأت من المجرم، ناشدت عائلة غنّام "الجهات الحكومية المسؤولة التعجيل بالقصاص لتنفيذ شرع الله فيه". كما تمنت على الجميع "إتباع سبل الحكمة في معالجة هذا المصاب الجلل وعدم أخذ أبناء العائلة بهذا الجرم".

والد الطفلة هو الآخر نشر بياناً ناشد فيه الجميع عدم الحديث عن الجريمة، وإن كانت "على سبيل الدعاء أو الشفقة". قال: "لقد عانيت منذ وقوع تلك الجريمة النكراء آلاماً لا يعلمها إلا الله، إلا أن ما زاد من أوجاعي هو المنشورات التي ملأت صفحات الفيسبوك هنا وهناك، وتناقل الأخبار والأحاديث التي تنهش في عرضي، وتزيد من جراحي".

ونفى الأب مسؤوليته عن أي محاولات لتصفية حسابات سياسية باستغلال القضية، في إشارة ربط البعض بين عمل المغتصب في شرطة حماس. "أرفض بشكل قاطع أن يتم الزج باسمي وباسم ابنتي في أي خلافات سياسية، أو لخدمة أهداف حزبية"، شدد الأب.

ونقلت وكالة أمد للإعلام الفلسطينية عن جيران أن العم أقدم على جريمته انتقاماً من شقيقه بسبب "خلاف على ميراث يتمثل في محال تجارية في سوق مدينة رفح"، ما جعله يحاول قتل شقيقه وبعدما فشل في ذلك توعد بأن يجعله "يبكي على أغلى ما لديه". أضافت الوكالة أن الطفلة أعيدت إلى المنزل عقب يوم ونصف من الحادث وأن أسرتها تتكتم على تدهور وضعها الصحي.

العائلة تتبرأ من المغتصب… عمّ يغتصب ابنة شقيقه (ثلاث سنوات ونصف) في رفح انتقاماً من أخيه. انتقادات لتعامل شرطة غزة مع الحادث وخاصة بعد بيان "ضعيف ومضلل" ضد المجرم الذي يعد نقيباً فيها

في غضون ذلك، صرّح وزير التنمية الاجتماعية في حكومة السلطة الفلسطينية، أحمد مجدلاني، أن طواقم وزارته العاملة في قطاع غزة تتابع مجريات القضية للوقوف على تفاصيل الحادث واتخاذ أفضل التدابير التي تحقق المصلحة الفضلى للطفلة المعتدى عليها. وناشد حكومة غزة أولاً إيقاع أقسى عقوبة بحق الجاني ليكون عبرة لغيره، وثانياً عدم عرقلة عمل مرشدي وزارة التنمية لما فيه مصلحة الطفلة وذويها.

مطالبات بـ"قانون حماية الأسرة"

أثارت الحادثة غضباً واسعاً واستدعت مطالبات واسعة بإقرار قانون الحماية الأسرية وتغليظ العقوبات في مثل هذه الجرائم، وسط مخاوف من "تهاون" الشرطة مع المجرم الذي يعد عنصراً فيها. وتداول معلقون صورة المغتصب في زي الشرطة.

في تعقيب على بيان الشرطة، قالت الناشطة الحقوقية الفلسطينية فاطمة عاشور على فيسبوك إنه "ضعيف ومضلل" لأن المغتصب هو عم الطفلة الضحية، وليس "شاباً". كما شددت على أن الجريمة ينبغي أن يكون توصيفها الصريح "اغتصاباً" وليس "اعتداءً"، موضحةً أن القضية "قضية رأي عام، ومن حقنا أن نعرف الحقيقة". 

عبّرت عاشور عن أسفها قائلةً إن "الطفلة المغتصبة لم تكن الأولى ولن تكون بكل أسف الأخيرة"، مضيفةً أن "هناك أطفالاً ذكوراً يتم اغتصابهم وسفاح قربى وتحرشات واغتصابات وقتلاً للنساء في غزة والضفة والداخل (المحتل)"، يجب أن يتحمل المشرّع وأجهزة العدالة المسؤولية لمواجهتها.

وقال الناشط الحقوقي رامي محسن إنه تابع ملابسات الجريمة "بقلق وصدمة بالغتين"، معتبراً أنها "ظاهرة غريبة على تقاليد وأعراف مجتمعنا". وبينما رحّب بسرعة كشف الأجهزة الأمنية لملابسات الجريمة، حث الناشط الحقوقي الشرطة في غزة على "التعامل بجدية مع هذا النمط من الجرائم، كونه يشكل تعدياً سافراً على حقوق الطفولة… وينطوي على تهديد للسلم الأهلي والمجتمعي".

من جانبه، أوضح المحامي عبد الله شرشرة أن قانون العقوبات الفلسطيني رقم 74 لسنة 1936 "قديم للغاية، وفي كل مرة يثبت أنه لا يستجيب بشكل فعّال لحالات العنف الأسري، كونه لا يجرمّ بشكل واضح جريمة سفاح القربى التي يطبق فيها نص المادة 152".

"العقوبة المنصوص عليها في القانون غير كافية وليست رادعة"... حقوقيون وناشطون يطالبون بإقرار قانون حماية الأسرة لوضع عقوبات رادعة في الحالات التي يكون المعتدي فيها "ولي الدم"

تنص هذه المادة على أن "كل من واقع أنثى مواقعة غير مشروعة دون رضاها باستعمال القوة أو بتهديدها بالقتل أو بإيقاع أذى جسماني بليغ أو واقعها وهي فاقدة الشعور أو في حالة أخرى تجعلها عاجزة عن المقاومة، يعتبر أنه قد ارتكب جناية ويعاقب بالحبس لمدة 10 سنوات".

في هذا السياق، دعت المحامية رندة الزقزوق إلى سرعة إقرار "قانون حماية الأسرة" كـ"مطلب وطني وحاجة مجتمعية" لمواكبة هذا النوع من الجرائم التي يكون فيها الجاني هو "ولي الدم الذي كان من باب أولى أن يوفر الحماية" لضحيته. دعت الزقزوق إلى الضغط المجتمعي على صناع القرار لإقرار القانون. 

الناشط المجتمعي فؤاد بنات رأى الحل في إيقاع أقصى العقوبة على الجاني وعدم السماح بتدخل الحلول العشائرية في مثل هذه القضايا. "نحن الآن أمام استحقاق حقيقي يتطلب تفعيل قانون حماية الأسرة دون تأخير"، أردف. 

ولفت الناشط المجتمعي إياد أبو حجير إلى أن "العقوبة المنصوص عليها في القانون غير كافية وليست رادعة"، محذراً من أن "تدخل الوجهاء والمخاتير ولجان الإصلاح في مثل هذه الحالات بالذات يكون سلبياً تماماً وعلى حساب الضحية".

وأعرب أبو حجير عن حزنه لأن "ثقافة المجتمع في مثل هذه القضايا - رغم التعاطف مع الضحية- هي ثقافة قاسية لا تتقبل الضحية ولا أفراد أسرتها مستقبلاً، وسيجدون أنفسهم يعيشون في عزلة اجتماعية شبه كاملة".

وطالب تبعاً لذلك إلى نشر الوعي بأن "الضحية دائماً لا ذنب لها حتى لو كانت كبيرة، ويجب توجيه اللوم للجاني وإيقاع أقسى عقوبة ممكنة بحقه".


رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

Website by WhiteBeard
Popup Image