الأبدية، طريق طويل إلى إيثاكا
لهاث
أعرفُ ذاكَ اللهاثَ الآتي من بعيد.
لهاثٌ يصعدُ مناورَ الأبنيةِ
والأدراجَ
بلا انقطاع.
كاميرا في خلايا يديهِ
بين الشعرِ
والعُروق.
بين الندوبِ في جلدِهِ المجْدورِ،
حيثُ يُمسّدُ الموتُ
أطرافاً مستسلمة.
ويحضُرُ رصاصُ الليلِ
في اللهاثِ
كوحيدٍ بين آخرين،
كوحيدٍ بين كثيرين.
وتحضُرُ انفجاراتٌ ناحيةَ الأسواقِ
في اللهاث.
انفجاراتٌ بلا انقطاعٍ،
عميقةٌ في باطنِ الأرضِ
والزوايا المعتِمة.
أصواتٌ تتناسلُ
كالنوافذِ
والأضواءِ
والبؤرِ
والمباني.
ويحضُرُ هديرُ قطارٍ بعيدٍ
في اللهاث،
قطارٍ غادرَ منذ زمنٍ ولم يَعُد.
لكنّهُ قد يعودُ
من دون أن نتوقّعَ،
في الليلةِ
المُباغتة ...
في
الليلة
الغريبة.
تفل الصباح
إنّها الخامسةُ صباحاً
والعتمُ يابسٌ
في الهواءِ المُكهربِ الثقيلِ،
ناشفٌ في التّفْلِ الكثيفِ
على شفتَي نهارٍ مُتورّمتين.
ويحضُرُ هديرُ قطارٍ بعيدٍ، في اللهاث، قطارٍ غادرَ منذ زمنٍ ولم يَعُد، لكنّهُ قد يعودُ من دون أن نتوقّعَ، في الليلةِ، المُباغتة، في الليلة الغريبة... مجاز في رصيف22
الطائراتُ تُحلّقُ فوقَ رأسينا
منذ عصرِ أمس
بطيئةً ... بطيئة.
تعبُرُ فوقنا وتُقلُّ أشياءَ لا بدَّ،
أو لا تقلُّ شيئاً،
كما تقول،
سوى حُمولةِ الميكانيك
والصورِ القاتمةِ لتجوالِنا الوهميّ
في شارعِ الخامسةِ صباحاً
بينَ الوساوِسِ
والرؤى
ومخلّفاتِ الأحلام.
ذكرياتٌ تتراءى من بعيد.
أزهارٌ نابتةٌ في قعرِ بئرٍ،
أو في سِكّةِ قِطار.
صحو
نصحو في فضاءِ خامدٍ رَخْوٍ
تلُفّهُ ظلالٌ لا نذكُرُ أين التقيناها.
أطيافٌ من ذاكرةِ مكبّلةٍ
بأقفالِ بيوتٍ تركناها
وأضعنا عناوينَها.
ضوء
يطلُعُ الضوءُ من منجمٍ سحيقٍ
بين الأبنية.
نراقبُهُ معاً
وامضاً فوق مقبرةِ شاحناتٍ
تجثُمُ فوق مقبرةِ عرباتِ قطار.
هياكِلُ لَذّةِ مقهورةٍ
يهُزُّها بعُنفٍ
أمامَ أعيُننا
هديرُ السيّارات.
مَتاع الليل
لا أراكَ في عتمِ الخامسةِ صباحاً.
حاضرٌ أَمْ غائبٌ،
مُقبلٌ أمْ مدبرٌ،
تمشي مَعي.
أنظُرُ في الجهاتِ الفارغةِ حولي. مَتاعُ الليلِ ثقيلٌ ومتروكٌ على الأرضِ، وبقايا الأرواحِ مُبعثرةٌ في المداخلِ وعندَ أبوابِ المتاجرِ المقفلة... مجاز في رصيف22
أنظُرُ في الجهاتِ الفارغةِ حولي.
مَتاعُ الليلِ ثقيلٌ
ومتروكٌ على الأرضِ،
وبقايا الأرواحِ مُبعثرةٌ في المداخلِ
وعندَ أبوابِ المتاجرِ المقفلة.
ألمحُ نِثاراً منكَ أو سَراباً
يُلابسُ الهواءَ حول عيْنَيّ.
أُبصِرُ وهْماً
في مُروركَ الطيفيِّ المثقلِ دوْماً
بأحمالٍ هائلةٍ
من القلَق.
مطاردة
تختفي مع كلماتِكَ بين الأصوات.
ألمَحُكَ في شَقِّ جدارِ أخفينا تفاصيلَهُ بالصورِ
واللوحاتِ المسروقة.
×××
تتراءى في صَدْعِ بناءٍ
ينزُّ غُباراً أو مِلحاً
مُنذُ آخرِ قذيفة.
أو في حفرةٍ بطريقِ
الجبالِ الحزينةِ،
حيث توارى الثلجُ كقائدٍ ماتَ جنودُهُ
في منتصفِ المعركة.
أحاول عبثاً تفريقَكَ عن صوتكَ،
وأنفاسِكَ،
وظلّك.
مَنْ أنت!
مَنِ الصوت!
مَنِ الأنفاس!
ومَنِ الظلُّ
الذي يرتجفُ مِنْ أطرافِه!
رفرفةُ الثيابِ على الحبالِ تُنبئُ بأنّكَ هنا
ولا تريدُ النوم.
تومضُ أحياناً في الزوايا المهملةِ،
قدّيساً يشعُّ بين أضواءِ السيّاراتِ،
ولداً تائهاً
يمشي وحيداً على الرصيف.
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ يومرائع. الله يرجعك قريبا. شوقتيني ارجع روح على صور.
مستخدم مجهول -
منذ يومحبيت اللغة.
أحضان دافئة -
منذ يومينمقال رائع فعلا وواقعي
مستخدم مجهول -
منذ 6 أياممقال جيد جدا
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعحب نفسك ولا تكره الاخر ولا تدخل في شؤونه الخاصة. سيمون
Ayman Badawy -
منذ أسبوعخليك في نفسك وملكش دعوه بحريه الاخرين