شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

قدّم/ ي دعمك!
امرأة تلعق الملح وتربّي الصبر

امرأة تلعق الملح وتربّي الصبر

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

مجاز

السبت 23 أكتوبر 202102:27 م

 الأبدية، طريق طويل إلى إيثاكا


1-

 من أجل كل المرات التي تدحرج فيها القمر

بمحاذاة سيارتي على الطرق الجبلية

أتحمّل هذا الليل.

2-

موحشٌ كالقبر -الشتاء في الجبال-

حنونٌ كخلاص.

3-

من فرط ما تكلمت نساء قريتنا عن مآسيهنّ

اخترت أن أصمت

كُنّ يتكلّمن عن ظلم أزواجهنّ، وكنت أسمع: المجد للألم.

كنّ أسيرات معاركهن الصغيرة

وكنت ذاهبة بالمستحيل إليك.

4-

صنعت أمّي من مأساتِها باحة خلفية

ليُمضي بها أولادها طفولتهم

كان هذا كلّ ما لديها، وكان لا بد أن نكبر.

من فرط ما تكلمت نساء قريتنا عن مآسيهنّ، اخترت أن أصمت. كُنّ يتكلّمن عن ظلم أزواجهنّ، وكنت أسمع: المجد للألم... مجاز في رصيف22

حصاة في داخلي

الحصاة التي كانت تسند الخابية في داخلي

نبتت تحتها زهرة

كلّ هذا الخراب يُعرّي ويُثمِل.

أنا الآن عارية، وأقف على قدمٍ واحدة.

فقدتُ يدي حين رفضت أن أكون ساعي بريد

يحمل رسالة من رجل ميْتٍ إلى رجل ميْتٍ آخر.

النساء لا يكتبن الرسائل

النساء فقط يوصلنها

ليحافظن على وصايا الأموات.

كيف لامرأة تقف على قدم واحدة أن تكون جسراً؟

أقف كجزيرة بالغة الصغر

وجِدَتْ لإنقاذ شخص واحد 

أتأمل هذا الكرنفال المَقيت

بشر يتراشقون بالألوان

ويُدهَشون لتلوّنهم!

يضحكون حتى تسيل دموعهم

ثم يتراشقون مجدداً

وأنا عارية.

اللون الوحيد الذي يحكم حياتي

هو لون الزهرة

التي نبتت تحت الحصاة

التي كانت تسند الخابية

في داخلي.

في انتظاركَ

عبثا أحاول الغناء في هذا الضجيج

صوتي يأتي من مكان بعيد

وينتهي فوق الحنجرة

حين أتكلم، أسمعه وحدي.

النساء لا يكتبن الرسائل
النساء فقط يوصلنها
ليحافظن على وصايا الأموات


أمشي وفي جيبي صورة لنا ونحن نبتسم

حين يسألونني من أنا

أريهم الصورة

حين يسألونني الى أين أودّ الذهاب

أشير بإصبعي إلى ابتسامتك.

العالمُ صلبٌ في صورتنا

وكلّ شيء خارجها

لزج ومتردّد.

من أين تأتي قدرة المتردّدين

على التدافع والرغبة والأخذ؟

الألم في الأمعاء الذي يسبّبه الفقد

لا علاقة له بالجوع

لم أعد أتناول خبزَ أمي منذ مدة

ولا عدت أصفع نفسي

كلما رأيت حروقَ أصابعها في انتظارك.

أنا ألعق الملح

فقط

وأربي الصبر.

نكهةٌ جديدةٌ للغربة

لا بدّ أن يأتيَ الموت ويعيدَ التفاصيل إلى حجمها

لقد ضخمنا التفاصيل كثيراً، واخترعنا شيطاناً كي يقطنها.

لولا الجوع

لولا صمت الأشجار

لولا ضياع هوية الآلهة

لَعَبَرَ التائهونَ إلى قلوبهم.

نكهة جديدة للغربة تلفني هذا المساء

كمن يلوّح لنفسه من خارج مبنى زجاجيّ

كمن يحفر في الأرض بحثاً عن أصله

فيصبحُ الهُوَّة التي صنعها.

 أنا التي خبرت الكمال وما بعده

أركع تحت أقدام قلبي

وأرجوه أن يأخذني

تحت جناح حكمته

كأني أذوب رغماً عني

كأني أحضنك بعد كلّ هذا الغياب

بذراع واحدة.

فقدتُ يدي حين رفضت أن أكون ساعي بريد، يحمل رسالة من رجل ميْتٍ إلى رجل ميْتٍ آخر. كيف لامرأة تقف على قدم واحدة أن تكون جسراً؟... مداز في رصيف22

مناراتٌ لتظليل الوقت

أجلس على حافة السرير بمواجهة المرآة

العسل يقطر من وجهي

والفقد من أطراف أصابعي

أحاول أن أبقى جميلة

أرمي هذا الحمل على ماسْكِ العسل.

لا أمانَ للوقت

الأيام تمرّ، وتجد الخطوط طريقها إلى وجهي.

يؤلمني بعدكَ، لا جديد في هذا

أعرف أنّي منارتك

وأنكَ في الرحلة القادمة ستتبع الضوء من بعيد

كي لا تتهشم على صخر الغربة العبثي.

تستهويني المنارات كثيراً

غرفها العالية المستديرة، ذات الستائر السميكة.

غالبا ما يصاب حراس المنارات بالجنون

غالبا ما ينتحرون

ولكنّ لي مع المنارات قصصاً أخرى

خيالات جامحة في المنارات البعيدة.

أتذوق عسل لهفتك قطرة قطرة

ويأتيني الموت

بغير جنونٍ ولا انتحار

يأتيني مسالما وشهياً

معلناً انتصاره على الوقت والفقد

وعلى خطوطِ وجهي.


رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

Website by WhiteBeard