اعتقلت مصالح الأمن المغربي في مدينة أولاد تايمة، في إقليم تارودانت، المدوّن المعروف على مواقع التواصل الاجتماعي، والفاعل الحقوقي، حسن الحافة، يوم الثلاثاء 2 تشرين الثاني/ نوفمبر 2021، خلال محاولته تجديد بطاقة الهوية لدى مصالح الأمن الوطني، بسبب عدم دفعه غرامةً مالية بقيت في ذمته من حكم قضائي سابق، منذ سنة 2018، حين اكتُشف أن الحافة موضوع مذكرة بحث وطنية تم بموجبها وضعه رهن الحراسة. اعتقال يرى فيه كثيرون من الناشطين تضييقاً على الناشط الذي ينتمي إلى منطقة مهمشة، ولطالما انتقد السلطات، وعرف بتدويناته الساخرة حيناً، والجادة أحياناً، وكانت آخرها "خُلقنا لنعترض".
تدوينة قديمة
اعتُقل الحافة بسبب تدوينة عن قائد (مسؤول في وزارة الداخلية)، وزوجته، في قضية عُرفت بـ"القايد ومراتو"، والتي قضى بسببها شهرين في السجن، بعد أن قضت المحكمة الابتدائية في مدينة تارودانت، في حزيران/ يونيو سنة 2018، بالسجن النافذ في حق المدوّن لمدة شهر، وغرامة مالية قدرها عشرة آلاف درهم (نحو 1،100 دولار)، بعد متابعته بتهمة "السب، والقذف، وإهانة موظف عمومي"، قبل أن تقرر محكمة الاستئناف رفع العقوبة إلى شهرين حبساً نافذاً.
حسن الحافة، حراك 20 فبراير، 2012
وقد لقي المدوّن الحافة تضامناً واسعاً من طرف ناشطين حقوقيين، وصحافيين، وكذا من متابعيه على موقع التواصل الاجتماعي، معبّرين عن قلقهم تجاه اعتقاله، وعادّين أن الأمر مرتبط بنشاطه السياسي، إذ عُرف الحافة بحضوره القوي داخل الساحة الحقوقية السياسية، منذ ولوجه الجامعة، وخلال أيام حركة 20 شباط/ فبراير، والذي كان أحد أبرز وجوهه في منطقته التي ينحدر منها، فضلاً عن انخراطه إلى جانب جمعيات، وهيئات تضم عاطلين عن العمل من حاملي الشهادات العليا، ودفاعه عن توظيفهم في القطاع الحكومي، وكذا دفاعه عن قضايا المعتقلين السياسيين على خلفية حراك الريف، والذي وزع القضاء أحكاماً وُصفت بالقاسية في حق قادته.
لقي المدوّن المغربي حسن الحافة تضامناً واسعاً من طرف ناشطين حقوقيين، وصحافيين، معبّرين عن قلقهم تجاه اعتقاله
يقول الصحافي المغربي إسماعيل عزام عن اعتقال الحافة، في تدوينة على حسابه في فيسبوك: "تواصلت مع المحامي عبد العزيز أيت القويد، الذي كان قد ناب عن حسن الحافة عند اعتقاله عام 2015، بعد شكاية من مسؤول ترابي بتهمة القذف والتشهير. المحامي أكد لي أنه تم توقيف حسن الحافة في مدينة أولاد تايمة، عندما كان بصدد تجديد بطاقته الوطنية، بسبب عدم أداء غرامة قدرها عشرة آلاف درهم، لصالح الخزينة العامة للمملكة، وهي غرامة متعلقة بقضية الـ2015، علماً أن الحافة كان قد أدين في القضية نفسها بشهرين حبساً نافذاً".
ويضيف المتحدث: "نتيجة عدم الدفع، أضحى الحافة ملزماً بعقوبة ‘الإكراه البدني’، ومدة الحبس في حدها الأدنى 15 يوماً، وفي حدها الأقصى 21 يوماً، حسب المحامي الذي يعتقد أنها ستكون غالباً في الحد الأدنى، ويمكن لحسن تفادي الإكراه البدني، والخروج غداً، حسب ما أكد المحامي، في حالة التنسيق مع عائلته، والتوصل بشهادة الاحتياج من سلطات المنطقة (سبت الكردان)، حيث يسكن، لتأكيد أنه لا يزاول أيّ عمل، وشهادة أخرى من مصلحة الضرائب بأنه لا يؤدي أي ضريبة، ويمكن تقديم الوثيقتين إلى النيابة العامة بقصد الإفراج عنه".
"السجن أهون عليّ"
لكن المشكلة، يضيف المحامي حسب عزام، أنه على الرغم من التواصل مع حسن، عبر أفراد عائلته، فهو "يرفض هذا الحل، ويفضّل قضاء عقوبة الإكراه البدني!". كما أكد المحامي "أن هذه الوثائق يمكن لمعارف حسن الحصول عليها في أقرب وقت، لكن المشكلة في أنه يرفض ذلك، ولا يريد التعاون، وحسب ما فهمت فهو مقتنع بأن يقضي العقوبة"، يقول أيت القويد.
من جهته، الأستاذ الجامعي والمحلل السياسي، عمر شرقاوي، عبّر عن تضامنه في تدوينة قصيرة على فيسبوك، إذ قال: عوض البكاء على الأطلال، يجب أن نتضامن لأداء التعويض المحكوم به ضد الحافة، وأنا مستعد للتضامن، كما انتشرت تدوينات لناشطين حقوقيين ينددون فيها بما طال الحافة، مشددين على أن اعتقاله مرده إلى دفاعه عن الطبقات الشعبية المتضررة، من خلال منشورات ساخرة، والمشاركة في وقفات احتجاجية، وتأطير المواطنين في الساحات السياسية، وهذا ما اتجه إليه الناشط الحقوقي والمعتقل السابق، عبد العالي باحماد، المعروف بلقب بودا غسان، في تدوينةٍ عنونها ب"الحرية لابن الشعب حسن الحافة". وقال بودا: "على الرغم مما راكَمتُه من شواهد دراسية، واطلعتُ عليه من كتب وروايات، وحفظته ثم استظهرته من قصائد شعرية وخواطر متنوعة، يعتريني الخجل حين أقرأ مقالات هذا الشاب الذي أنهكه العمل الشاق، وضراوة مخططات النظام. أشعر وكأني مجرد حرف أمام محيط قريحته المعرفية المزدانة ببحر من المعارف، والمفاهيم، والمكتسبات النظرية، زد على ذلك، عاشرت عصارة من أدباء اللغة العربية وجهابذتها ودكاترتها، فلم أجد في أعمالهم ما يفوق كفاءة هذا الشاب ومخيلته، وللأسف بدل أن يُكافأ بوظيفة تليق به، وتوازي تخصصه، تطمع فيه الدولة بأن يمدها قسراً بغرامة مالية نتاج قضية رأي حوكم عليها قبل سنوات، ليختم تدوينته بالقول: الويل للعصـابة وكل من يحابيـــــها.
عوض البكاء على الأطلال، يجب أن نتضامن لأداء التعويض المحكوم به ضد الحافة، وأنا مستعد للتضامن. نشطاء يتضامنون مع المدون المغربي حسن الحافة
وقد نشرت صحيفة بديل المغربية، نقلاً عن مصادرها الخاصة، أن هذا الأخير جرى تقديمه يوم الأربعاء 3 تشرين الثاني/ نوفمبر، للنظر في تقديم الغرامة، وقد أفادت مصادر مقربة في حديثها لرصيف22، أن الحافة بعد رفضه دفع الغرامة المالية، وبعد تدخل والده، وحثّه إياه وإقناعه بقبول ذلك، أبدى موافقته لتقديم الغرامة، لتفادي دخول السجن، فيما يجري التنسيق، وفق المصدر ذاته، مع والده وأصدقائه الذين عبّروا عن تضامنهم، وعن رغبتهم في الدعم المادي، لجمع المبلغ المطلوب دفعه لصندوق المحكمة.
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
نُور السيبانِيّ -
منذ 21 ساعةالله!
عبد الغني المتوكل -
منذ يوموالله لم أعد أفهم شيء في هذه الحياة
مستخدم مجهول -
منذ يومرائع
مستخدم مجهول -
منذ 6 أيامكل التوفيق ومقال رائع
Ahmad Tanany -
منذ أسبوعتلخيص هايل ودسم لجانب مهم جداً من مسيرة الفكر البشري
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعلا يوجد اله او شئ بعد الموت