ظُهر يوم 20 فبراير 1910م، خرج بطرس غالي من مكتبه في مجلس الوزراء، وسار نحو سيارته في طريقه إلى منزله. حين فاجأه شاب نحيل الجسم، صغير السن، لم يتمُّ عامه الـ25 بعد، وأطلق عليه 6 رصاصات أصابته بجراحٍ جسيمة نُقل على أثرها إلى المستشفى. هناك، عجز الأطباء المصريون والإنجليز عن إنقاذ حياة رئيس وزراء مصر، فخرّ صريعاً، معلناً نجاح أول حالة اغتيال سياسي عرفتها مصر منذ مقتل القائد الفرنسي كليبر على يدي الطالب السوري سليمان الحلبي عام 1800م.
"بطل" هذه العملية الأبرز، هو واحد من أشهر الأسماء المتداولة على الساحة السياسية المصرية حتى الآن، وهو طالب الصيدلة إبراهيم الورداني. يقول الصحفي والمؤرخ صبري أبو المجد في كتابه "محمد فريد... ذكريات ومذكرات"، إنه عثر على وثائق تؤكد انتماء إبراهيم الورداني إلى جمعية وطنية مصرية عُرفت باسم "التضامن الأخوي".
شكّلت هذه الجمعية واحدة من الأساليب الحماسية التي اعتمدها الحزب الوطني كإحدى طُرق النضال ضد الإنجليز، وعبّرت عن عقيدته القومية المتطرفة في ضرورة دفع الإنجليز لمغادرة مصر بكافة الوسائل الممكنة، حتى لو تضمّنت قدراً كبيراً من العنف، وانضمّ إليها شباب صغار سيصيرون من كبار سياسيي مصر خلال الفترة اللاحقة، مثل أحمد ماهر (شغل منصب رئيس الوزراء)، وسليمان حافظ (وزير الداخلية ورئيس الوزراء بعد ثورة يوليو) ومحمود النقراشي (شغل منصب رئاسة الوزراء قبل ثورة يوليو).
يقول عبدالعزيز علي، أحد القادة التاريخيين للحزب الوطني، في مذكراته: "إيماناً من إيمان الحزب الوطني بأنه لابد للحق من قوة تسنده، رأى أقطاب الحزب الوطني أن يجهّزوا ويعدّوا من الشباب الوطني المؤمن فدائيين يسندون الحق، ويسارعون في فداء الوطن بأرواحهم، وهذا أول الشوط، وهكذا نبتت فكرة تكوين جمعية وطنية سرية باسم "جمعية التضامن الأخوي".
ووفقاً للشهادة، فإن هذه المجموعة عُهد بالإشراف عليها إلى عبداللطيف الصوفاني، الجراح إسماعيل صدقي، عبدالحميد سعيد وعبدالعزيز جاويش، وجميعهم من كبار رجالات الحزب الوطني.
في هذه الأثناء، شدّد الاحتلال الإنجليزي من قبضته على العمل السياسي في مصر، وتعرّضت كل العناصر الوطنية للمطاردة والتنكيل، ففضّل قادة الحزب الوطني أن يجري تأهيل القوام الرئيسي للجمعية خارج البلاد، فالورداني مثلاً قضى فترة تعليمه الرئيسية في إنجلترا وسويسرا، ومحمد فريد، رئيس الحزب الوطني نفسه، عاش آخر شطر من حياته في ألمانيا.
جماعة سرية
يقول عبدالمنعم إبراهيم في كتابه "المجتمع المصري بين الاغتيالات السياسية والإرهاب"، إن بعض القوى الوطنية في المصرية لجأت إلى أسلوب العنف ضد الإنجليز لإجبارهم على الخروج من البلاد، وفي سبيل تحقيق هذا الغرض استعانوا بالعمل السري لتنفيذ تلك الاغتيالات، فظهرت في البداية "جمعية الانتقام" التي نشطت في هذا المجال، حتى كُشف أمرها وقُبض على معظم أعضائها في 20 يونيو 1883م، أبرزهم سعد زغلول رئيس حزب الوفد فيما بعد.
بعدها ظهرت جمعية "التضامن الأخوي" التي كانت النواة التي تفرّعت منها الأنشطة السرية في مصر خلال الربع الأول من القرن العشرين، والتي نفّذت أشهر حادثة اغتيال سياسي شهدتها مصر، وهي قتل الورداني لرئيس الوزراء بطرس غالي.
ظهرت جمعية "التضامن الأخوي" التي كانت النواة التي تفرّعت منها الأنشطة السرية في مصر خلال الربع الأول من القرن العشرين، والتي نفّذت أشهر حادثة اغتيال سياسي شهدتها مصر، وهي قتل الورداني لرئيس الوزراء بطرس غالي
يقول سعيد عبدالله في كتابه "محمود فهمي النقراشي ودوره في السياسة المصرية"، إن تلك الجمعية تأسّست عام 1905م من 17 فرداً، هم أعضاؤها المؤسسون، توزّعوا بين طلاب يقيمون في الخارج -أغلبية- وبين أقلية من بعض موظفي الدولة المشتاقين للجلاء.
وبحسب سعيد، فإن هذه الجمعية تبنّت كافة مبادئ الحزب الوطني السياسية، مثل مبدأ "مصر للمصريين"، والعمل على وضع دستور للبلاد وضرورة التخلص من الاحتلال. الاختلاف الوحيد في حالة الجمعية، أن أعضاءها آمنوا بضرورة تحقيق هذه الأهداف بالقوة.
يكشف عبدالعزيز في مذكراته عن تجربته الشخصية في كيفية الانضمام لتلك الجمعية وهو بعد طالب في السنة الأولى من مدرسة عابدين الثانوية، بعدما حكى له صديقه له أنه منضم لجمعية سرية تستهدف "خدمة الوطن عن طريق تطهيره من الخونة وعملاء الاحتلال باغتيالهم". زكّى الصديق عبدالعزيز إلى قائد الشعبة الذي أخضع عبدالعزيز لرقابة سرية دقيقة، أعلن بعدها موافقته على ضمِّه.
وعلى غرار ما كان يجري في الجماعات الماسونية السرية وقتها، وما درجت على اتّباعه جماعة الإخوان المسلمين أيضاً، جرت مراسم حلف يمين غامضة لعبدالعزيز. يحكي أنه ذهب معصوب العينين إلى أحد المنازل، وهناك جلس في غرفة مظلمة تتردّد فيها "همهمة أنفاس، وصلصة سيوف، وقرقعة زناد"، قبل أن يأمره صوت قوي أن يتلو على مصحف ومسدس قسم الولاء للجماعة.
ردّد عبدالعزيز في رهبة: "أقسم بالله العظيم، أن أهب نفسي ومالي وما أملك فداء لوطني، وأن أنفّذ أوامر الجمعية دون تردد وبأمانة وإخلاص، وألا أفشي سرها، وألا أشرب الخمر، ولا أغشى الفجور، وإلا كان جزائي الإعدام، والله على ما أقول شهيد".
الجهاد خارج الحدود
في عام 1910م، اشتعلت نيران الحرب بين الليبيين بقيادة عمر المختار وبين قوات الاحتلال الإيطالي. تبنّى الحزب الوطني القضية الليبية بكل قوة، ونظّم حفلات التبرّع لجمع الأموال لصالح الليبيين، وشكّل اللجان التي استعانت بتلك الأموال لتزويد الطرابلسيين بالمال.
"أقسم بالله العظيم، أن أهب نفسي ومالي وما أملك فداءً لوطني، وأن أنفّذ أوامر الجمعية دون تردد وبأمانة وإخلاص، وألا أفشي سرها، وألا أشرب الخمر، ولا أغشى الفجور، وإلا كان جزائي الإعدام، والله على ما أقول شهيد"
وهنا يظهر الفارق بين نهج الزعيمين سعد زغلول (عضو حزب الأمة فحزب الوفد لاحقاً) ومصطفى كامل مؤسِّس الحزب الوطني؛ فالأول يتبنّى نهجاً قوميّاً بحتاً، يقنع بإعلاء الهوية الوطنية المصرية دون ربطها بأي تجمّعات أخرى، ولم يجد فائدة من الاهتمام بمشاكل الدول الأخرى ولو ربطتنا بهم وحدة اللغة أو الدين، لذا دعى الفيلسوف الليبرالي أحمد لطفي السيد، القُطب الرئيسي لهذا الفكر، مصر لالتزام الحياد في هذا القتال.
أما الثاني فكان لا يرى لمصر رِفعة إلا بارتباطها بمحيطها الإسلامي، وخاصةً الدولة العثمانية التي اعتبر وجودها حتمياً للأمة المصرية مهما بلغت مثالب الأتراك، لذا كانت انتفاضة رجال الحزب الوطني خلال الحرب في ليبيا لدعم "إخوانهم المجاهدين" منطقية، باعتبارها منطقة مسلمة تخضع للحماية العثمانية التي يدين لها أتباع مصطفى كامل بالولاء التام.
على رأس تلك الجهود ما قامت به شعبة جمعية التضامن في مدينة الإسكندرية، والتي ساهمت في تسهيل سفر الضباط الأتراك من الإسكندرية إلى طرابلس عبر الصحراء، وكذا فتح منافذ ثابتة لتزويد المجاهدين بالأسلحة والغذاء.
يحكي عبدالعزيز عن جهوده الشخصية في جمع التبرعات للمجاهدين، بعدما ألقى خطبة في المصلين داخل جامع قريته الصغيرة في محافظة بني سويف المصرية، حضّهم فيها على مساندة رجال المختار، فتبرّعوا جميعاً بـ300 جنيه. وبحسب كتاب سعيد، فإن محمود النقراشي (سيُصبح من أقطاب حزب الوفد، وسيترأّس الوزراء مرتين لاحقاً) كان من أبرز أعضاء "شعبة الإسكندرية"، ونشط تحديداً في تزويد أهالي طرابلس بالمساعدات خلال الحرب.
مقتل بطرس غالي
بلا شك، فإن النمو المُطرد لتلك الجمعية السرية ونجاحها في التفاعل إيجابياً مع الأزمة الليبية دفعا قيادتها للترتيب للقيام بأعمال أكبر وأكثر تأثيراً، فكانت واقعة اغتيال بطرس غالي.
في تلك الأجواء، كانت قضية مد امتياز إدارة الإنجليزي لقناة السويس قد اشتعلت، بعدما اقترح سعد زغلول مشروع قانون لزيادة فترة إدارة الإنجليز للقناة فتنتهي عام 1999م وليس 1965م، وفقاً لما كان مقرًّراً سلفاً.، وبسبب الجدل الدائر حول هذا المشروع، أصبح قضية رأي عام تصدّعت حولها الساحة السياسية المصرية وتصارعت.
لهذا، اعتبرت الجمعية الدموية أن ناظر النظار، بطرس غالي، سيكون هدفاً مثالياً للنيل من هذا المشروع وإخافة أعداء الحركة الوطنية، فبخلاف تحمّسه لمشروع زغلول المثير للجدل، امتلك غالي تاريخاً حافلاً في دعم الإنجليز، مثل توقيع اتفاقية السودان 1899م، التي سمحت للبريطانيين بمشاركة مصر في حُكمه، وكذا رئاسة محكمة دنشواي سنة 1906 التي عاقبت فلاحين عقوبات مغلظة بسبب تسببهم في وفاة جندي إنجليزي، وإصدار قانون المطبوعات المعادي للحريات، والذي نظّم المصريون مظاهرات عارمة ضده، فرّقتها قوى البوليس بالقوة وقبضت على عددٍ من المشاركين فيها، كان منهم إبراهيم الورداني الذي سيقود عملية اغتيال بطرس لاحقاً.
لم تثنِ "واقعة الورداني" أعضاء جمعية "التضامن الأخوي" عن التخطيط للمزيد من الاغتيالات التي رعاها جميعاً رجال الحزب الوطني تحت تأثير أجندتهم الوطنية المتطرّفة
بعد نجاحه في قتل غالي والقبض عليه، اعترف الورداني بأنه قام بتلك الجريمة دون تحريض من أحد، بدعوى أن رئيس وزراء مصر "خائن للوطن، وجزاء الخائن البتر". رغم ذلك، قُبض على العشرات من أعضاء جمعية التضامن، مثل: علي مراد، محمود أنيس، عبدالعزيز رفعت، محمود كمال، شفيق منصور (قائد شعبة القاهرة) وعبده البرقوقي، الذين أنكروا كل التهم الموجهة إليهم في النيابة مؤكدين في براءة أنهم "شركاء في جمعية تعاونية، لا شأن لها بتاتاً بالسياسة أو استخدام القوة". وفي أبريل 1910م، صدر قرار محكمة الجنايات بإعدام الورداني والبراءة لرفاقه الثمانية، وفي يونيو نُفِّذ حُكم الإعدام بحقِّ الورداني، فنعاه أحد أقطاب الحزب الوطني هو الشيخ علي الغاياتي في كتابه "وطنيتي"، بقوله: ماذا جرى في ساحة الديوان/ قتل الخئون مسدس الورداني/ طلقات نار أم طعان مهند/ فدوى نذير الموت في الأركان.
كتب الزعيم محمد فريد مقدمة هذا الكتاب بنفسه، وهو ما دفع السُلطات لمحاكمته -هو وصاحب الكتاب- لاحقاً، حيث صدر ضد فريد حُكم بالسجن، اضطر بسببه إلى الهرب خارج البلاد، حيث استكمل نشاطه في تدريب شباب المصريين المقيمين بالخارج على الأسلحة، ولم يعد إلى مصر حتى مات ودُفِن في ألمانيا.
وبسبب هذه الجريمة تحديداً، دشّن الإنجليز هيئة أمنية لمكافحة الجرائم السياسية عُرفت بِاسم "مكتب الخدمة السرية للعمل السياسي"، ترأّسه دونالد جراهام، المستشار الأمني البريطاني في وزارة الداخلية، وعمل بنشاط على حماية كبار السياسيين المصريين المتعاونين مع الإنجليز.
ووفقاً لمحسن محمد في كتابه "5 أيام هزت مصر"، ضغط الإنجليز على "الجمعية التشريعية" (الهيئة النيابية القائمة وقتها)، حتى سنّت القانون رقم 28 لسنة 1910م، والذي أضاف لقانون العقوبات المصرية المادة 47 مكرر، التي جرّمت الانضمام للجمعيات السرية.
كما مُنح رجال البوليس الحق في وضع المشتبه بهم تحت الرقابة لمدة طويلة قد تصل إلى 5 سنوات، يحقُّ لهم فيها نفيهم إلى جهات نائية، كالواحات، طيلة خضوعهم للمراقبة، وبموجب هذا القانون وُضع قرابة 12 ألف مصري داخل دائرة الاشتباه.
ورغم كل هذه الإجراءات البريطانية، فإن فاتورة الدم السياسي في مصر لم تتوقف، وإنما أخذت في التصاعد.
ضباط الشرطة يرعون نشاط الجمعية
يكشف الباحث السياسي أحمد مولانا في أطروحته "العلاقات الخفية بين أمن الدولة والاحتلال الإنجليزي"، أن بعض رجال الشرطة أدّوا دوراً كبيراً في دعم جمعية التضامن، فلم يتورّعوا عن المشاركة في تدريب أعضائها على استعمال السلاح، بل إنهم كانوا يستضيفون اجتماعاتها داخل الأقسام باعتبارها أكثر الأماكن بُعداً عن الشبهات.
الفشل المتواصل لجمعية "التضامن الأخوي" في تنفيذ أي عملية كبرى أصاب أعضاءها باليأس، فما بين من قرّر السفر إلى خارج القاهرة أو عدم الالتزام الحزبي أو الوفاة، انحلّت الجمعية ولم يبقَ فيها إلا نذر يسير
من أبرز هؤلاء الضباط كان الملازم أول محمد فؤاد عثمان، الذي كان يترأّس نقطة شرطة تقع على حدود مصر الغربية، وعبرها كان المتطوعون المصريون يتسللون إلى ليبيا لمساعدة مجاهديها بالمال والسلاح، هذه الخطوة أثارت الشكوك بحقِّه فصدر قرار بنقل عثمان إلى محافظة الشرقية البعيدة عن ليبيا.
نشاط عثمان وغيره زرع في صدور الإنجليز هاجساً بضرورة تطهير صفوف البوليس من العناصر القومية، وتحديداً التي تنتمي لأي جماعات سرية تنتهج العنف وسيلة للتعبير عن مطالبها.
المزيد من الاغتيالات
لم تثنِ "واقعة الورداني" أعضاء الجمعية عن التخطيط للمزيد من الاغتيالات التي رعاها جميعاً رجال الحزب الوطني تحت تأثير أجندتهم الوطنية المتطرّفة.
مثل محاولة قتل الخديوي عباس حلمي، ورئيس الوزراء محمد سعيد باشا عام 1912م، فيما عُرف بقضية "مؤامرة شُبرا"، والتي فشلت في تحقيق أهدافها لكن عُوقِب مخططوها الثلاثة؛ إمام واكد، محمود طاهر ومحمد عبدالسلام، بالسجن 15 سنة مع الشُغل.
ويعترف عبدالعزيز في مذكراته بمسؤولية "الجمعية" عن 3 حوادث اغتيال لاحقة لمحاولة التخلص من خديوي مصر، أبرز تلك الحوادث جرت عام 1914م حينما حاول عضو الجمعية، طالب الطب محمود مظهر، قتل الخديوي عباس حلمي الثاني -مرة أخرى- في الأستانة هذه المرة، لكن أنقذه أحد حراسه وقتل المهاجم بسيف.
في العام التالي، خلع الإنجليز الخديوي عباس عن عرشه بسبب انحيازه لألمانيا وتركيا خلال حربهما ضد الإنجليز، وعيّنوا بدلاً منه عمّه حسين كامل الذي منحوه لقب "سُلطان"، وهو ما وضع كامل في بؤرة اهتمامات "جمعية الاغتيالات"، بعدما اعتبر أعضاؤها أن مجرد قبوله المنصب خيانة يستحق القتل بسببها.
في أبريل 1915م، حاول عضو الجمعية محمد خليل قتل السلطان الجديد فأخطأه، ولاحقاً مثُل خليل أمام مجلس عسكري بريطاني وحُكم عليه بالإعدام.
لم يمنع هذا الفشل الجمعية من ملاحقة السلطان حسين مجدداً، وهذه المرة عبر شُعبة الإسكندرية التي خططت لإلقاء قنبلة على موكب السلطان، وهو في طريقه لأداء صلاة الجمعة، قاد هذه العملية شفيق منصور (ذكرنا سابقاً أنه سُجن على هامش قضية الورداني)، لكنه أخفق مجدداً.
بعدها حوّل أعضاء الجمعية أنظارهم صوب مسؤول أقل أهمية، وهو وزير الأوقاف إبراهيم فتحي، وهذه المرة استخدم صالح عبداللطيف الخنجر لتوجيه 3 طعنات نافذة إلى الوزير. وهذه المرة أيضاً لم يختلف السيناريو؛ نجى الضحية من الموت بأعجوبة وأُعدم المُنفذ.
يحكي عبدالعزيز، أن الفشل المتواصل للجمعية في تنفيذ أي عملية كبرى أصاب أعضاءها باليأس، فما بين من قرّر السفر إلى خارج القاهرة أو عدم الالتزام الحزبي أو الوفاة، انحلّت الجمعية ولم يبقَ فيها إلا نذر يسير، فقرّر عبدالعزيز تشكيل جمعية أخرى أكثر نشاطاً وتسير على نفس مبادئها.
اشتهرت هذه الجمعية الجديدة بلقب "رجال عنايت" (تضمن المتهمون شقيقين من عائلة عنايت) بقتل السير لي ستاك سردار (قائد) الجيش المصري في السودان عام 1924م، عبر إلقاء قنبلة على سيارته خلال خروجه من وزارة الحربية. وهو الحادث الذي كان له عواقب وخيمة على علاقة مصر بالإنجليز، بعدما فرضت لندن شروطاً مهينة على مصر عقاباً على هذه الجريمة، مسّت استقلالها ورسّخت الوجود البريطاني في السودان. شروط لم يستطع سعد زغلول قبولها، فاضطر للاستقالة من منصبه، وهكذا نجح رجال الحزب الوطني في الانتقام من عدوّهم اللدود من حيث لم يخططوا.
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
مستخدم مجهول -
منذ يومينكل التوفيق ومقال رائع
Ahmad Tanany -
منذ 6 أيامتلخيص هايل ودسم لجانب مهم جداً من مسيرة الفكر البشري
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعلا يوجد اله او شئ بعد الموت
Mohammed Liswi -
منذ أسبوعأبدعت
نايف السيف الصقيل -
منذ أسبوعلا اقر ولا انكر الواقع والواقعة فكل الخيوط رمادية ومعقولة فيما يخص هذه القضية... بعيدا عن الحادثة...
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ اسبوعينمقال بديع ومثير للاهتمام، جعلني أفكر في أبعاد تغير صوتنا كعرب في خضم هذه المحن. أين صوت النفس من...