ومؤخراً، ثار الحديث في الشارع المصري عن تطور درامي في مسار "نادي كوكا كولا"، الصاعد إلى الدوري المصري في نسخته 2021/2022، وعن شرائه من قبل شركة يتشكّل مجلس إدارتها من مجموعة مستثمرين ينتمون جميعاً إلى حزب "مستقبل وطن" السياسي.
عرف المصريون كرة القدم للمرة الأولى، حينما شاهدوها في بعض شوارع القاهرة، بين أقدام جنود الاحتلال الإنكليزي، عام 1882، ثم انتشرت بعد ذلك بين جموع المصريين، وتأسس عدد من الأندية.
وجاء تأسيس الاتحاد المصري لكرة القدم في كانون الأول/ ديسمبر 1921، كنوع من أنواع النضال الوطني الباحث عن شخصية مصرية مستقلة، وسط أجواء الاحتجاجات الممتدة في البلاد منذ ثورة 1919، ما اضطر الاحتلال البريطاني إلى إعلان رفع الحماية عن مصر في 28 شباط/ فبراير 1922، لتكون بداية تشكيل أول اتحاد مصري لكرة القدم مرتبطة بالأصل بأوضاع سياسية.
عبد الحكيم عامر والزمالك
عقب قيام ثورة 23 تموز/ يوليو 1952، تغيّرت الكثير من الأوضاع في مصر بما فيها وضع اتحاد كرة القدم. فقد تولّى المشير عبد الحكيم عامر الذي كان شديد الحب لكرة القدم رئاسة اتحاد الكرة، عام 1958، ثم انتُخب عام 1960 رئيساً للاتحاد بالتزكية.
كتب الصحافي عبد الرحمن فهمي، في كتابه "حكايات رياضية"، قصةً عن تدخل عبد الحكيم عامر في واقعة مباراة لنادي الزمالك الذي كان يشجعه، وجعل من شقيقه حسن عامر رئيساً له: عام 1963، لعب الزمالك أمام نادي القناة، في كأس مصر، وشعر جمهور الزمالك بأن نهاية المباراة ليست لصالحهم، فألقى الجمهور الحجارة، والزجاجات الفارغة، على أرض الملعب، وكان حكم المباراة عميد علي قنديل، فهدد إدارة الزمالك باحتساب النتيجة لغير صالحهم، ما دفع أحد لاعبي الزمالك، وهو مجند، للإمساك برقبة الحكم، واجتمع اتحاد الكرة، وطلب عضو الاتحاد اللواء عبد الله رفعت، اتخاذ إجراءات ضد اللاعب، ونادي الزمالك، فاتخذ المشير عامر موقفاً مضاداً للواء، وأقسم في مكالمة هاتفية بينهما، على ألا يدخل رفعت أي ملعب كرة قدم مرة أخرى، حتى كمتفرج."زي ما قال الريّس"
عقب إجراء التعديلات الدستورية في مصر في 25 أيار/ مايو 2005، بدأت مرحلة جديدة، وعرفت البلاد للمرة الأولى الاقتراع السري المباشر، لا الاستفتاء، على بقاء رئيس الجمهورية، كما كان معمولاً به منذ تحويل مصر إلى جمهورية، وأُجريت أول انتخابات في مصر في أيلول/ سبتمبر من العام نفسه.
وعلى الرغم من ترشح الرئيس الراحل محمد حسني مبارك، في تلك الانتخابات، عدّ الشارع السياسي وقتها أن التعديلات هي مقدمة لتوريث الحكم لنجل الرئيس جمال مبارك، ودعم ذلك أن جمال بدأ يظهر في العديد من الفعاليات في ذلك الوقت، ليس السياسية فحسب، وإنما الرياضية أيضاً.
وكان نجل الرئيس دائم التشجيع لروابط كرة القدم "الألتراس"، في تلك الفترة، وكان يجري مداخلات في بعض القنوات الرياضية، مطالباً تلك الكيانات الجديدة على الساحة الكروية المصرية، بأن تظل في نطاق التشجيع الكروي، بعيداً عن المشاحنات في ما بينها.
ولم يقف الأمر عند نجل الرئيس، فعندما استضافت مصر بطولة كأس الأمم الإفريقية عام 2006، حرص الرئيس مبارك على حضور المباراة الأولى، والمباراة الختامية التي تُوّجت فيها مصر بلقب البطولة. وكانت صورة الرئيس مبارك وقرينته السيدة سوزان، خلال الاحتفال بفوز مصر من المقصورة الرئيسية، هي الصورة الأبرز المصاحبة للحدث.
وفي عامي 2008 و2010، كان نجلا الرئيس جمال وعلاء مبارك يصاحبان بعثة المنتخب في المباريات كلها. وعلى الرغم من الحراسة حولهما بالطبع، إلا أن إظهار صورهما وسط الجماهير كان متعمداً، وكانت بعض الفيديوهات تبث لمشجعين في جوارهم يرددون مقولة: "زي ما قال الريس منتخب مصر كويس".لكن الأحداث السياسية، وحالة الاحتقان عقب انتخابات البرلمان عام 2010، وخروج مصر من تصفيات كأس العالم، كان لها وقع آخر على نجلي الرئيس، على الرغم من استغلالهما الأحداث التي وقعت في السودان، عقب لقاء منتخبي مصر والجزائر، لصالحهما.
الجمهور يدفع الثمن
عام 2011، أصدر المدوّن المصري محمد جمال بشير كتاباً عن روابط الألتراس في مصر، وكيف ظهرت؟ تحدث الكتاب عن أن المدرّجات المصرية كانت تعاني من سوء تنظيم، قبل ظهور روابط الألتراس، ومع تطور التكنولوجيا وتوسع شبكات الإنترنت، ظهرت أول رابطة عرفت بـ"ALU"، وهي اختصار لاسم اتحاد محبي النادي الأهلي، وكانت بداية ذلك الظهور في مطلع الألفية الثالثة، وفي عام 2005، تكونت رابطة جديدة انشقت عن الرابطة الأولى، حملت اسم "AFC".
وخلال المشاركة في حضور مباريات النادي الأهلي، في تونس، تعرف بعض الأعضاء إلى مجموعات عربية من مؤسسي روابط الألتراس في تونس، وبعدها تأسست مجموعة ألتراس أهلاوي. ووفقاً للكاتب، فإن رابطة الألتراس "وايت نايتس" المساندة لنادي الزمالك، تأسست عام 2007، خلال مباراة الفريق أمام نادي القادسية الكويتي، ورفعت المجموعة علمها للمرة الأولى في العام ذاته، خلال مباراة الفريق أمام الهلال السوداني.
"استخدم نظام مبارك نجاح المنتخب المصري لسنوات طويلة في الترويج لنفسه، وأي سياسي يريد كسب الجماهير لا يمكنه الذهاب إلى الأهلي وإلا سيُغضب جماهير الزمالك، والعكس صحيح. والحل الأمثل بالمنتخب لأنه غطاء مثالي تجتمع حوله الفئات كلها"بعد ذلك، تحوّلت المدرّجات الخاصة بكل فريق، إلى كرنفال متنوع، بين الأغاني، والتشجيع، والأعلام، والهتافات. وكانت تُستخدم مكبّرات الصوت لتحميس الأعضاء، من خلال قادة المجموعات الذين كانوا يُعرفون بـ"الكابو".
كان بعض المحللين، في تلك الفترة، يرون أن وجود مجموعات الألتراس، هو الظهير الشبابي في قطاع الكرة لجمال مبارك، على غرار جمعية جيل المستقبل التي كانت الظهير الشبابي له، في تلك الفترة.
إلا أن الصدام الحقيقي، والتحول، هو ما ذكره محمد جمال بشير في كتابه عن مشاركة الألتراس في تظاهرات 25 كانون الثاني/ يناير 2011. فوفقاً للكاتب، ظهرت فيديوهات مجهولة المصدر ليلة 22 كانون الثاني/ يناير، توجه رسالة إلى المشاركين في يوم الثورة، وتطمئنهم بأن هناك فصيلاً قادراً على حمايتهم في الشوارع، من المواجهة المتوقعة مع قوات الأمن.
واستعرض الفيديو صدامات مجموعات الألتراس، خاصةً الأهلي والزمالك، مع الشرطة، واختتم الفيديو مشاهده بصدام أخير كان بطله جماهير الاتحاد الإسكندري، في مباراة لكرة السلة، هتفت خلالها الجماهير "تونس تونس"، في إشارة إلى الثورة التونسية.
ونُشرت على صفحات فيسبوك، يوم 24 كانون الثاني/ يناير، رسائل تبشر المشاركين في اليوم التالي، بنزول مجموعات الألتراس معهم، وفي عصر 25 كانون الثاني/ يناير، استطاع المتظاهرون تحديد هوية مجموعة من الشباب المحسوبين على الألتراس، من ملابسهم، وهتافاتهم، وتمركزهم عند مدخل شارع القصر العيني، وسقط شهيد من "الوايت نايتس"، في منطقة القائد إبراهيم، في الإسكندرية، يوم 26 كانون الثاني/ يناير.
ثم توالت مشاركات أعضاء روابط الألتراس في كثير من الفاعليات السياسية، وظهرت أغنيات لجماهير الألتراس لاقت ترحاباً شديداً من القوى السياسية، وأسفرت عن وضع مشجعي لعبة كرة القدم في مواجهة مع السلطة، كانت بدايتها اتهام ألتراس أهلاوي للسلطة، ممثلةً بالمجلس العسكري، بأنها وراء أحداث ستاد بور سعيد، في الأول من شباط/ فباير 2012، والتي راح ضحيتها 74 مشجعاً من مشجعي النادي الأهلي، خلال المباراة التي أقيمت بين الناديين الأهلي والمصري البور سعيدي.
وعبّرت الرابطة عن موقفها، بأغنية مناهضة للسلطة في تلك الفترة، وظلت فعاليات الرابطة المطالبة بالقصاص للشهداء حتى عام 2013، إلا أن الأوضاع السياسية، والتعامل الأمني العنيف مع المعترضين، أجبرا الرابطة على التوقف.وحُكم على 11 فرداً من المتهمين، في تلك القضية، بالإعدام عام 2013، وأُيّد الحكم عام 2017، إلا أن الروابط ظلت تشارك في الفعاليات الرياضية، وأصبح جمهورها مستهدفاً من قبل أجهزة الأمن، كما كان الحال قبل 2011، وأُلقي القبض على العديد من أعضاء الروابط المختلفة.
وفي الثامن من شباط/ فبراير 2015، حاول جمهور نادي الزمالك، ومنهم أعضاء في رابطة "الوايت نايتس"، حضور مباراة ناديهم مع نادي "إنبي"، بعدما أعلن رئيس النادي، في ذلك الوقت، مرتضى منصور وجود دعوات مجانية لخمسة آلاف شخص، بمناسبة عودة الجماهير إلى حضور المباريات، للمرة الأولى منذ أحداث بور سعيد. وعلى الرغم من حمل الكثيرين من الجمهور تذاكر للمباراة، إلا أن الشرطة أطلقت قنابل الغاز المسيل للدموع، ما أدى إلى تدافع بين الجماهير المحاولة الهرب، تسبب في سقوط 22 ضحية، معظمهم وقعوا في منطقة الممر الحديدي قرب البوابة المؤدية للستاد.
عقد تركي آل الشيخ صفقات ضمت العديد من اللاعبين، أبرزهم رمضان صبحي، إلى نادي "بيراميدز"، ما أثار حفيظة جمهور الأهلي الذي رفض ظهور منافس يخطف نجومه، وطالت آل الشيخ الكثير من الشتائم في أغلب مباريات الأهليوفي عام 2018، قررت روابط الألتراس حلّ نفسها. ففي أيار/ مايو من ذلك العام، نشرت صفحة ألتراس أهلاوي، بياناً مفاده أن الرابطة منذ تأسست في العام 2007، كان هدفها تشجيع النادي الأهلي ومساندته، داخل مصر وخارجها، وأنها، منذ تأسيسها، داعمة ومساندة للدولة المصرية، ولن تكون غير ذلك، ولذلك قررت حل نفسها، حتى لا يستغلها أحد استغلالاً سيئاً.
بدورهم، تجمّع بعض أعضاء رابطة "الوايت نايتس"، أمام مدرجات الدرجة الثالثة، وهي المخصصة لجماهير نادي الزمالك، وأشعلوا النار في شعارها، كدليل على حل الرابطة، وأعلنت الرابطة في بيان، احترامها للدولة المصرية، وأنها قررت حل نفسها احتراماً للقانون، وكخطوة على طريق عودة جماهير كرة القدم إلى المدرجات.
هكذا انتهت صفحة استمرت ما يزيد عن عشر سنوات، في ظل حديث في تلك الفترة، عن وجود منتمين إلى جماعات الإسلام السياسي، مثل جماعة الإخوان، وما يطلق عليه اسم "حازمون"، نسبة إلى الشيخ حازم صلاح أبو إسماعيل المحبوس حالياً، بين صفوف الجماهير.
تركي آل شيخ والأسيوطي
عام 2016، كان تركي آل شيخ، رئيس الهيئة العامة للترفيه في المملكة العربية السعودية حالياً، يحاول إيجاد مساحة له في الشارع المصري، ليس من خلال التقرب من فنانين والظهور في العديد من المناسبات العامة والخاصة، فحسب، ولكن بالتقرب من الشعب المصري نفسه. ولم يجد إلى ذلك سبيلاً، سوى الفريق الأكثر حباً في الشارع المصري، وهو النادي الأهلي.
تقرّب آل الشيخ من مجلس إدارة النادي الأهلي بقيادة محمود الخطيب، ودعمه، واستطاع الحصول على لقب "الرئيس الشرفي" للنادي، نظير تبرعات سخية، وتدخلات في صفقات اللاعبين، إلا أن هذه التدخلات تسببت في خلافات بينه وبين مجلس إدارة النادي، وصلت إلى تراشق الطرفين بالاتهامات.الخلاف بين النادي الأهلي وآل الشيخ، دفع الأخير إلى إيجاد موضع قدم له في الدوري المصري، من خلال تأسيس نادٍ يستطيع منافسة الأهلي، وانتزاع الدوري منه. وعلى الرغم من محاولات مرتضى منصور خطب ود آل الشيخ، ليحصل على جانب من التبرعات، لدعم ناديه الذي كان يمرّ بعدد من الأزمات المادية، إلا أن الأخير قرر أن يقدّم نادياً جديداً، ليقول للجميع إنه متحكم بالكرة المصرية.
وجد آل الشيخ ضالته في نادي الأسيوطي، وهو نادٍ مغمور صعد إلى الدوري الممتاز من دوري "المظاليم"، أو دوري الدرجة الثانية، في نيسان/ أبريل 2016، وفي حزيران/ يونيو من العام ذاته اشتراه، وغيّر اسمه إلى "بيراميدز"، وعيّن مجلس إدارة جديد للنادي برئاسة حسام البدري، المدير الفني الأسبق لفريق الكرة في النادي الأهلي.
وعقد آل الشيخ صفقات ضمت العديد من اللاعبين، أبرزهم رمضان صبحي، ما أثار حفيظة جمهور الأهلي الذي رفض ظهور منافس يخطف نجومه، وطالت آل الشيخ الكثير من الشتائم في أغلب مباريات الأهلي. وتكرر الأمر أيضاً من جمهور الزمالك، فعلى الرغم من منح النادي بقيادة مرتضى منصور، العضوية الشرفية لآل الشيخ، إلا أن الجمهور رفض الصفقات التي حاز بها "بيراميدز" أفضل لاعبي الزمالك.وفي مطلع موسم 2020، قرر آل شيخ الانسحاب من الكرة المصرية، بعد أن تحولت تجربة تقرّبه من الشعب المصري، إلى عداء لا ينتهي، وقام ببيع نادي "بيراميدز" إلى رجل الأعمال الإماراتي سالم سعيد الشامسي.
"فيوتشر إف سي"
عام 2020، أنشأ حزب مستقبل وطن، الحائز على الأغلبية البرلمانية، نادياً رياضياً يحمل الاسم ذاته، وصعد فريق الكرة إلى القسم الرابع من الدوري المصري، لكنه ما يزال بعيداً عن الوصول إلى الدوري الممتاز.
وعلى غرار نادي الأسيوطي، صعد نادي "كوكا كولا" إلى الدوري الممتاز، ليتم تغيير اسمه إلى نادي "فيوتشر إف سي"، وهو الاسم الذي سيطر خلال الأيام الأخيرة على حديث الأوساط الكروية، بعد الصفقات الكبيرة التي أجرتها إدارة الفريق، لضم لاعبين كبار من فرق الدوري المصري كافة. وسرت شائعات بأن نادي حزب مستقبل الوطن الذي لم يستطيع الصبر للصعود إلى الدوري الممتاز، اشترى النادي الصاعد.
وعلى الرغم من نفي الحزب تبعية النادي، إلا أن تشكيل مجلس إدارته يضم قيادات في الحزب، إذ يتكون من المهندس وليد زكي رئيساً، وأحمد شوبير نائباً للرئيس، والدكتور وليد دعبس أميناً للصندوق، وفي العضوية يوجد كل من النائب علاء عابد، والمهندس محمد حلاوة، والمهندس وائل طارق إسماعيل، والكابتن أيمن منصور، والدكتور شريف الجبلي، والكابتن أحمد نجم. ويشبه شعار النادي المعلن حتى الآن، شعار حزب مستقبل وطن.ويرى الناقد الرياضي محمد البرمي، أن تركيبة الجماهير في مصر، مختلفة كثيراً عن الكثير من الدوريات في العالم، لأن الكرة في مصر تدور في فلك قطبين، هما الأهلي والزمالك، وعليه، لا يحدث صدام أو تأثير ضخم إلا من خلالهما، ومَن يريد منافستهما، يجب أن يمتلك ظهيراً جماهيرياً، مثل الإسماعيلي، والمصري، والاتحاد السكندري، فهي فرق تملك تاريخاً جماهيرياً".
ويضيف البرمي: "لو عدنا بالتاريخ إلى الخلف قليلاً، لوجدنا تمتع مباريات القطبين مع تلك الأندية، بزخم جماهيري، كما أن تجارب رجال الأعمال في الأندية الشعبية، أفضل من تجاربهم مع أندية رجال الأعمال. على سبيل المثال، فإن تجارب سيد متولي، ويحيي الكومي، مع المصري والإسماعيلي، ومحمد مصيلحي مع الاتحاد، وفرج عامر مع سموحة، تجدها ناجحة، على الرغم من أن إنفاقهم لا يتجاوز ربع ما أنفقه بيراميدز، وهذا فقط للتدليل على قيمة الأندية هذه".
ويقول البرمي لرصيف22، إن الخروج عن هذا الإطار، واللجوء إلى شراء أندية جديدة، مثل الأسيوطي، وتحويله إلى بيراميدز، وكوكا كولا وتحويله إلى فيوتشر، هو اختيار فاشل منذ البداية، ولن يضيف أي شيء، فلا هي مدعومة برصيد وتاريخ، ولا بجماهير، "وتجربة بيراميدز ليست ببعيدة، فقد أنفق النادي نحو مليار جنيه، ثم لم يحصد شيئاً، لا في عهد تركي آل الشيخ، ولا في عهد سالم الشامسي".
ويتابع: "سواء فيوتشر، أو بيراميدز، أو أي نادٍ لا يمتلك قاعدة جماهيرية، لن يحظى بأي شعبية مهما بلغ حجم إنفاقه، بل العكس صحيح: ستكون هناك كراهية كبيرة له، والحل هو اللجوء إلى الأندية صاحبة الشعبية، فوقتها فقط، يمكنك أن تقف في وجه الأهلي والزمالك بشكل أو بآخر".
أما بخصوص امتلاك حزب، أو شخص سياسي، نادياً، فيري البرمي أن "هذا أمر غير مهم بنسبة كبيرة، فالأهم هو قدرته على إدارة النادي، وبالعكس يجب تشجيع الجميع على الاستثمار الرياضي، والتحول إلى دوري المحترفين، لكن الأزمة الوحيدة أن الاختيار دائماً خطأ، فإذا كانت لديك أندية بجماهير متغولة، مثل الأهلي والزمالك، فكيف تنافسها بنادٍ وليد، وبلا جماهير؟ ومن أين ستأتي بدوافع للاعبين؟ أنت تمنحهم الملايين من دون أي حساب. وما هي خطتك لمنافسة الأهلي والزمالك؟ ربما تنافس أندية فيوتشر، أو بيراميدز، على المراكز الأربعة الأولى، لكنها أبداً لن تنافس على الدوري، ولن تحصل عليه، لأنها لا تمتلك المقومات، والمال وحده ليس جاذباً للبطولات".
وفي رأي البرمي، "استخدم نظام مبارك نجاح المنتخب المصري لسنوات طويلة في الترويج لنفسه، فأي سياسي يريد كسب الجماهير لا يمكنه الذهاب إلى الأهلي، وإلا سيُغضب جماهير الزمالك، والعكس صحيح. والحل الأمثل كان ما فعله نظام مبارك، فالمنتخب غطاء مثالي تجتمع حوله الفئات الجماهيرية كلها، أما الأندية، فجماهير الأهلي والزمالك لا ترى إلا نفسها فقط، ولن ترى أي نادٍ آخر، ولن تقبل بأي نادٍ آخر يهددها. على سبيل المثال، انتفاضة جماهير الأهلي ضد بيراميدز، جاءت لشعور الجماهير بأنه عدو يهدد ناديهم، ويتعاقد مع لاعبيه المميزين، فحتى لو تولّت إدارة من الأهلي بيراميدز، فلن تقبله جماهير الأهلي، وبعض جماهير الزمالك شجعت بيراميدز نكاية بالأهلي، لكنها لو شعرت بتهديد مصالحها من بيراميدز، أو أي مولود جديد، فلن ترحّب به".
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
مستخدم مجهول -
منذ يومكل التوفيق ومقال رائع
Ahmad Tanany -
منذ 5 أيامتلخيص هايل ودسم لجانب مهم جداً من مسيرة الفكر البشري
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعلا يوجد اله او شئ بعد الموت
Mohammed Liswi -
منذ أسبوعأبدعت
نايف السيف الصقيل -
منذ أسبوعلا اقر ولا انكر الواقع والواقعة فكل الخيوط رمادية ومعقولة فيما يخص هذه القضية... بعيدا عن الحادثة...
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ اسبوعينمقال بديع ومثير للاهتمام، جعلني أفكر في أبعاد تغير صوتنا كعرب في خضم هذه المحن. أين صوت النفس من...