شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

ادعم/ ي الصحافة الحرّة!
أحدثهم

أحدثهم "سعيد زاغة"... من دون تبرير... فنانو فلسطين مرفوضون في مصر

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

ثقافة

الخميس 21 أكتوبر 202106:26 م

 اثنتا عشرة ساعة قضاها المخرج الفلسطيني سعيد زاغة، محتجزاً في مطار القاهرة الدولي، ومحروماً من الماء والطعام، قبل أن يصطحبه ممثل لجهاز الشرطة المصرية إلى طائرة عادت به إلى لندن لتنفيذ قرار – غير قضائي- بالترحيل القسري عن مصر، ليعود سعيد من دون أن يتابع عروض الدورة الخامسة من مهرجان الجونة السينمائي الذي جاء زاغة إلى مصر بناء على دعوة من إدارته لحضور "منصة الجونة" التي توفر فرصة تمويل المشروعات السينمائية المتميزة.

ورداً على ما واجهه زاغة، أعلن الفنان الفلسطيني محمد بكري رفض حضور تكريمه في المهرجان نفسه، احتجاجاً على ما يتعرض له الفنانون الفلسطينيون عند مشاركتهم بالمهرجانات الفنية المصرية.

وجاء الإعلان عمَّا لاقاه زاغة من خلال منشور للناقدة علا الشيخ على فيسبوك الأحد، 17 أكتوبر/ تشرين الأول الجاري، ناشدت فيه المهرجانات والسلطات المصرية مراعاة الظروف الأمنية الخاصة التي يخضع لها الفنانون الفلسطينيون عند حضورهم إلى مصر. وكتبت الشيخ: "اعتبروه رجاء... عندما يتم دعوة سينمائي فلسطيني إلى أي مهرجان سينمائي عربي، يجب عليكم التأكيد أنه سيدخل تلك البلاد العربية، لا أن يتم حبسه في التخشيبة واقتياده كمجرم إلى الطائرة ومصادرة جواز سفره. السينمائي الفلسطيني ليس مجرماً".

اثنتا عشرة ساعة قضاها المخرج الفلسطيني سعيد زاغة، محتجزاً في مطار القاهرة الدولي، ومحروماً من الماء والطعام، قبل أن يصطحبه ممثل لجهاز الشرطة المصرية إلى طائرة عادت به إلى لندن لتنفيذ قرار – غير قضائي- بالترحيل القسري عن مصر

وعلق زاغة، واصفاً رحلته إلى مصر واحتجازه في مطار القاهرة بـ"تجربة مريرة ومهينة جداً"، فقد حرم من الماء طوال ست ساعات خلال احتجازه في المطار، قبل أن "يعطف أحد موظفي شركة الطيران بحاله"، بحسب قوله.

وكان من المقرر أن يشارك "زاغة" في الدورة الخامسة من مهرجان الجونة بمشروعه الروائي الطويل في مرحلة التطوير"حشيشستان"، ضمن منصة الجونة السينمائية.


وبحسب تعليقات زاغة، فقد اتبع الطرق القانونية وتوجه بناء على دعوة المهرجان إلى السفارة المصرية في لندن – حيث يقيم- للحصول على تاشيرة زيارة إلى مصر، وهناك أخبره المسؤولون أنه ليس بحاجة إلى تأشيرة للدخول إلى الأراضي المصرية، وهو ما يسري على حاملي الجنسيات الأوروبية الذين يحصلون على التأشيرات عند وصولهم إلى المطار.

وأشارت الشيخ إلى أن مدير المهرجان، انتشال التميمي، تواصل معها مؤكدًا أن زاغة تواصل مع السفارة في لندن، وأن السفارة أكّدت "عدم وجود مانع لدخوله البلاد".

المخرج الفلسطيني محمد بكري: "هذا رد فعل، من حيث المبدأ، على سوء معاملة الفنانين الفلسطينيين، بغض النظر عن جواز سفرهم... حان الوقت لمنح الفلسطينيين حقوقهم كاملة. هذا لا ينطبق فقط على الفنانين الفلسطينيين. أنا أشير إلى الفلسطينيين كلهم"

تضامن فلسطيني

في بيانه الذي أعلن فيه قرار الامتناع عن حضور تكريمه في مهرجان الجونة السينمائي قال الفنان الفلسطيني محمد بكري: "قررت عدم الذهاب إلى مهرجان الجونة السينمائي. هذا رد فعل، من حيث المبدأ، على سوء معاملة الفنانين الفلسطينيين، بغض النظر عن جواز سفرهم، سواء أكان أردنياً أم فلسطينياً أم إسرائيلياً أم أيّاً كان. حان الوقت لمنح الفلسطينيين حقوقهم كاملة... هذا لا ينطبق فقط على الفنانين الفلسطينيين. أنا أشير إلى الفلسطينيين كلهم". مضيفاً: "رأيت أبناء شعبي عالقين في مطارات العالم كله، وتحديداً في الدول العربية، تحت رحمة مسؤول في المطار. شاهدت أطفالاً جياعاً وأهلهم يفترشون أرض المطارات. وأحياناً عليهم الانتظار لأيام. أقول للسلطات كلها حول العالم، وتحديداً العربية منها: هذا يكفي. لقد نلنا كفايتنا! أقوم بما أقوم به الآن احتجاجاً على ما حدث معي سابقاً، وما حدث مع علي سليمان أيضاً. أحتج أيضاً على ما حدث مع سعيد زاغة أخيراً الذي احتجز 12 ساعة وتعرض للإذلال في مطار القاهرة، ثم رُحّل في نهاية المطاف. هذه كانت القشة التي قصمت ظهر البعير بالنسبة لي. لكنني الآن أعترض نيابة عن كل فلسطيني في هذا العالم".


وبينما لم يحمل صاحب فيلم "جنين جنين" المهرجان مسؤولية ما حدث، أمل أن تسعى إدارة الجونة إلى الكشف عمن يقف وراء الترحيل، قال: "لا أرغب في المخاطرة. أحترم المسؤولين عن المهرجان، وأحترم قرار المهرجان بتكريم عملي. لا خلاف على هذا. ومع ذلك، فإن هؤلاء الأشخاص (إدارة المهرجان) ليست لديهم سلطة لحماية واحترام ضيوفهم الفلسطينيين. ليس لديهم نفوذ على سلطات الموانئ. ربما لا ينبغي لهم دعوة الناس في المستقبل، وتجنيبهم الإذلال".

الفلسطينيون هدفاً... والسوريون أيضاً

الغضب الفلسطيني يأتي بعد سنوات من الوقائع المتكررة لمنع الفنانين الفلسطينيين من الدخول إلى مصر في مناسبات متفرقة، ارتبطت في معظمها بالمهرجانات السينمائية، وبخاصة مهرجان القاهرة السينمائي الدولي الذي شهدت دوراته في السنوات التالية على وفاة مؤسسه الراحل سعد الدين وهبة –صاحب الميول القومية- وقائع متكررة لمنع فنانين فلسطينيين، كان أبرزها منع نسرين فاعور بطلة فيلم "أمريكا"، إخراج شيرين دعيبس، من حضور عرض الفيلم، خلال دورة سنة 2009 من مهرجان القاهرة السينمائي، برغم أن الفيلم كان ينافس على جائزة الهرم الذهبي، ونسرين نفسها كانت تنافس على لقب أفضل ممثلة.


وقتذاك شهدت الصحف المصرية حملة للاحتجاج على منع الفنانين الفلسطينيين من حضور المهرجان واضطرت إدارة مهرجان القاهرة السينمائي الدولي إلى إصدار بيان تتذرع فيه بكون الفنانة الفلسطينية من عرب الداخل وتحمل الجنسية الإسرائيلية وأن منعها يتسق مع قرارات الاتحادات الفنية العربية بالمنع الكامل "لكافة أشكال التطبيع مع العدو الصهيوني"، وهو ما رد عليه فنانون وإعلاميون مصريون بتوضيح حقائق تتصل بفلسطينيي الداخل. وأدت الضعوط إلى تراجع السلطات الامنية في مصر عن قرار منع فاعور من دخول مصر، لتحضر المهرجان وتتسلم شهادة تقدير خاصة عن أدائها المتميز في حفل الختام.

مهرجان الجونة نفسه كان مسرحاً لواقعة شبيهة في العام 2018، حين وجه الدعوة إلى المخرج الفلسطيني علي سليمان للمشاركة في لجنة تحكيم الدورة الثانية للمهرجان، إلا أن السلطات الأمنية تصدت من جديد ومنعته من الدخول إلى مصر واحتجز في مطار الغردقة قبل ترحيله.

شهدت الصحف المصرية حملة للاحتجاج على منع الفنانين الفلسطينيين من حضور مهرجان القاهرة واضطرت إدارة المهرجان الدولي إلى إصدار بيان تتذرع فيه بكون بطلة فيلم "أمريكا" من عرب الداخل وتحمل الجنسية الإسرائيلية

ووصف المدير الفني للمهرجان المخرج أمير رمسيس ترحيل سليمان بـ"التعنت الشديد"، معلقاً في تصريحات صحافية رسمية: "إدارة المهرجان شعرت بحزن وإحباط شديدين، بسبب التعنت في التعامل مع علي سليمان، الذي يحبه ويقدره الجميع ويعرفون قيمته، لا في العالم العربي فقط ولكن في العالم كله".

ولم يكن سليمان الوحيد المستبعد في هذه الدورة، إذ رفضت السلطات المصرية وقتها إعطاء تأشيرة للمخرجة السورية سؤدد كعدان وفريق عمل فيلم "يوم أضعت ظلي"، الحاصل على جائزة أسد المستقبل "أفضل عمل فني أول" بمهرجان فينيسيا السينمائي.

مخرجة الفيلم كعدان أعربت حينذاك عن حزنها وفريق عمل الفيلم لعدم تمكنهم من حضور عرض الفيلم بمهرجان الجونة، إذ رفضت السلطات المصرية منح تاشيرات دخول لأي من طاقم عمل الفيلم.


وفي العام 2014 منعت السلطات دخول المخرج السوري محمد ملص إلى البلاد، لحضور تكريمه في مهرجان الاسكندرية السينمائي للمرة الثانية خلال أشهر قليلة.

كانت المرة الاولى لمنع ملص في العام 2014 ايضاً حين وصل إلى مطار القاهرة تمهيداً للانتقال إلى الإسماعيلية (شمال شرقي العاصمة) لرئاسة لجنة التحكيم في مهرجان الإسماعيلية للأفلام التسجيلية.

 وندد عدد من السينمائيين المصريين بمنع المخرج السوري وقالوا في بيان إن هذا بمثابة عودة لأساليب المنع وتقييد الحريات.

وتكرر التضييق على الفنانين السوريين الذين أعلنوا معارضة صريحة لنظام الرئيس السوري بشار الأسد عند وصولهم إلى مصر، وذلك بعد تغير النظام السياسي في نهاية يونيو/ حزيران 2013.

وفي العام التالي، 2015، منعت السلطات المصرية المخرج الفلسطيني العالمي هاني أبو أسعد، الذي نافست أفلامه على جائزة أوسكار افضل أجنبي مرتين "الجنة الآن وعمر" من حضور عرض فيلمه عمر في دور العرض المصرية، وذلك من دون إبداء أسباب. وتكرر رفض السلطات منح تأشيرات الدخول لأي من أبطال أو طاقم عمل الفيلم.


يعلق المخرج الفلسطيني فايق جرادة لرصيف22، واصفاً هذه الوقائع المتكررة بأنها "لن تؤثر على العلاقات المصرية الفلسطينية"، إذ يعتبر الشعب الفلسطيني أن مصر "هي العمود الفقري للقضية الفلسطينية والأمة العربية بأكملها. إلا أن ما حدث مع سعيد زاغة أمر جلل، وغير مفهوم أسبابه ودوافعه".

ويرى جرادة أنه برغم من العلاقات "الجيدة والوثيقة بين البلدين"، إلا أن "بعض الأحداث تقع"، وحمل المخرج الفلسطيني المسؤولية كاملة لمهرجان الجونة السينمائي وحده، قائلاً "الخطأ على إدارة مهرجان الجونة... كان يجب على الإدارة قبل أن تبعث بدعوة إلى المخرج الفلسطيني سعيد زاغة أن تعمل على ترتيب كافة الأمور الأمنية واللوجستية وغيرها بصفته ضيفاً على المهرجان".

ويواصل: "عندما تم احتجازه لم نسمع عن تحرك من قبل مهرجان الجونة. بغض النظر عن الموقف الأمني كان يجب أن تسأل وتستفسر إدارة المهرجان عن المدعوين وتعرف الموقف منهم من الناحية الأمنية. بكل تأكيد الخطأ على المهرجان في المقام الأول".

وحاول رصيف22 التواصل مع عدد من المسؤولين في حركتي فتح وحماس للتعرف على الإجراءات التي قد تتخذها السلطات الفلسطينية لمنع تكرار هذه الحوادث مستقبلاً، إلا أن المسؤولين، ومنهم عبداللطيف القانوع وحازم قاسم الناطقان باسم حركة حماس، وحسين حمايل المتحدث باسم حركة فتح، رفضوا جميعهم التعليق.


رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

WhatsApp Channel WhatsApp Channel
Website by WhiteBeard
Popup Image