شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

اشترك/ ي وشارك/ ي!
وُصف بـ

وُصف بـ"الصندوق الأسود" ولا يمكن الحصول على معلومات حقيقية عنه… مسجد النور في برلين

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

حياة

الخميس 21 أكتوبر 202101:10 م

في أطراف العاصمة الألمانية، ولمزيد من الدقة، في أطراف حي نويكولن، الذي تقطنه أعداد كبيرة من الجاليات الأجنبية، ولا سيما العربية والتركية، يقع مسجد النور الشهير في الإعلام الألماني، والمصنّف في قوائم هيئة حماية الدستور (الاستخبارات الداخلية الألمانية)، على أنّه تجمّع سلفي.

المسجد الذي يُعدّ مقصداً لكثير من مسلمي برلين، متهم باستمرار، على صفحات الصحف والمجلات الألمانية، بسبب خطب الجمعة التي تُلقى فيه، فيتم اتهام المسجد، والخطب، والدروس، بأنّها تخالف القانون الألماني، من دون أن تستطيع السلطات التأكد من ذلك، على الرغم من مراقبة المسجد بشكل دائم، من قبل مختلف السلطات الأمنية الألمانية، حتى أنّ رئيس بلدية حي نويكولن السابق، قد قال في تصريح صحافي، إنّ "البلدية لا يوجد لديها إمكانية للاطلاع على دروس القرآن، ودروس اللغة (العربية)، التي تُعقد في مسجد النور، ولذلك لا يمكننا سوى تخمين ما يحدث هناك".

رسم خريطة للمكان

يقع المسجد في جنوب حي نويكولن، خارج مركز المدينة (الدائرة A)، ويصعب الوصول إليه مصادفة، إذ يقوم البناء في شارع غير سكني، بين مجموعة من أبنية الشركات، ومرائب السيارات، وبالتحديد مقابل شركة "فيليب موريس" لصناعة التبغ، والمشهورة بتصنيعها لسجائر مالبورو.

يقع المسجد في جنوب حي نويكولن، خارج مركز المدينة، ويصعب الوصول إليه مصادفة، إذ يقوم البناء في شارع غير سكني، بين مجموعة من أبنية الشركات، ومرائب السيارات، وبالتحديد مقابل شركة "فيليب موريس" لصناعة التبغ، والمشهورة بتصنيعها لسجائر مالبورو

البناء المؤلف من أربعة طوابق في جانب، ومن طابقين في جانب آخر، والذي يخضع لأعمال ترميم في الوقت الحالي، لاستبدال لونه البني الترابي، بلونٍ أصفر، محاط بسور حديدي أسود، ويتألف من "مسجد النور" في جانبه الأيمن، ومن "مؤسسة النور النموذجية" في جانبه الأيسر، والتي تقدّم (حسب ما تقول اللافتة على مدخله)، دروس لغة عربية، ودورات في اللغة الألمانية، ودروس تقوية، فيما يقع المصلّى، وغرفة الإمام، إلى جانب المسجد المؤلف من طابقين.

يصل المصلّون والقاصدون، إلى المسجد، عبر طريق السيارات الخاصة، ومحطات النقل العمومية (الباصات وقطارات التي تُسمى بالـS-bahn)، وعادةً ما تكون أعدادهم كبيرة أيام الجمعة.

يكاد يكون مكان وجود المسجد رمزياً بشكل كبير، إذ يقع على هامش المجتمع، في مكان قَصيّ بعيد عن أعين سكّان المدينة، مختبئاً بين مباني شركات، ومصانع السيارات، ومرائبها.

مسجد النور، المصنّف في قوائم هيئة حماية الدستور (الاستخبارات الداخلية الألمانية)، على أنّه تجمّع سلفي.

انتقادات الإعلام الألماني

تمّ اتهام الجامع مراراً بأنّه يوجّه الشباب والأطفال نحو أيديولوجيات سلفية، ووُصف بأنّه "الصندوق الأسود"، لما يحتويه من أسرار لا يُمكن للسلطات الاطلاع عليها، وبأنّه يؤثر على تعليم الأطفال الذي يرتادونه لتلقي دروس دينية، ودروس في اللغة العربية، وحتى أنّه قد اتُهم سابقاً بتجنيد مقاتلين لصالح تنظيم الدولة الإسلامية "داعش".

بدأت هذه الانتقادات تظهر بشكل علني، وأكثر وضوحاً، بعد مقالة نشرتها صحيفة "تاغز شبيغل" في العام 2009، قالت فيها إنّ مسجد النور قد وجّه دعوة إلى أحد الدعاة، من أجل إلقاء خطبة في الجامع، وإنّ هذا الداعية معروف بمواقفه المعادية للمثلية الجنسية، مما دعا منظمات وأحزاب سياسية داعمة لحقوق المثليين، إلى توجيه انتقادات ورسائل إلى المسجد الذي قام بدوره بإلغاء الدعوة.

بعد تلك المقالة، ظهرت عشرات المقالات المعادية للمسجد، اتُهم فيها بتُهمٍ شتى، ووصل الأمر إلى عنونة صحيفة "برلينر مورغن بوست" لإحدى مقالاتها المنشورة في العام 2018، بـ"لماذا لم يُغلق مسجد النور في برلين بعد؟".

تتهم المقالات المنشورة في الإعلام الألماني هذه المؤسسة الدينية، بدعواتها إلى الجهاد، وبتحيّزها ضد المرأة، وعدم احترام حقوقها في الحياة والمجتمع، وبمعاداتها للسامية، ودعواتها لقتل اليهود، وإبادتهم، وبرفضها للمثلية الجنسية كحق طبيعي في الحياة، بالإضافة إلى أنّ مصادر تمويل المسجد-المؤسسة، غير معروفة، وخاصةً أنّها لا تتلقى تمويلاً حكومياً، لذلك لا يُمكن للحكومة معرفة مصادر الأموال التي يتلقاها.

لكن المسجد لم يصدر أي بيان، أو تصريح إعلامي، ينفي فيه عن نفسه التهم السابقة. يقول الصحافي الألماني كريستوف كادنباخ، لرصيف22، إنّه حاول منذ سنوات أن يعرف تفاصيل عمل المسجد، إلّا أنّه أحسّ بعدم قدرته على ذلك، لأنّ المكان والعاملين فيه يعيشون في دائرة مغلقة، ولا يستطيع أي أحد من الخارج، الدخول والوصول إليه.

على الرغم من لطفهم معه، وترحيبهم به، لم يستطع كادنباخ الحصول على أي معلومات حقيقية عن المسجد، وعن عمله، وعن الاتهامات التي تُوجَّه إليه.

تتهم المقالات المنشورة في الإعلام الألماني هذه المؤسسة الدينية، بدعواتها إلى الجهاد، وبتحيّزها ضد المرأة، وعدم احترام حقوقها في الحياة والمجتمع، وبمعاداتها للسامية، وبرفضها للمثلية الجنسية كحق طبيعي في الحياة

اعتداءات يمينية متطرفة

يتعرض الأجانب، وخاصةً العرب والمسلمين، إلى اعتداءات يمينية متطرفة، فمن هجمات على المساجد، والمقاهي، والمحال التجارية التي يملكها عرب وأتراك، وصولاً إلى حرق مخيمات اللاجئين، ومسجد النور في برلين لم يكن بمنأى عن هذه الحوادث.

على سبيل المثال، تعرّض المسجد في العام 2010 إلى عملية حرق متعمّدة، من قِبل أشخاص مجهولي الهوية، يُعتقد أنّهم من أنصار اليمين المتطرف النازي، من دون أن تقبض السلطات على المعتدين، على الرغم من تأكيدها على استمرار التحقيقات، حتى إلقاء القبض على الفاعلين.

لكن هذه الاعتداءات على العرب والمسلمين، لا تشكّل الصورة الوحيدة لمسلمي ألمانيا، إذ تتنوع المراكز الدينيّة المختلفة التي تمثل الطوائف الإسلاميّة كافة، الشيعية، والسنّية، والبهائيّة، وغيرها، وصولاً إلى مسجد تتولى فيه امرأة الإمامة. والجدير بالذكر، أنّ أعداد المسلمين في ألمانيا تبلغ ما بين 6.4% و6.7% من تعداد سكان البلاد.


رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

Website by WhiteBeard
Popup Image