أكدت دراسة حديثة أجراها الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء المصري في العام الماضي (2020)، ارتفاع حالات الطلاق المسجلة في هذا العام بنسبةٍ كبيرةٍ، فيما كشفت نتائج الدراسة أن الزواج الذي جاء عن طريق "الصالونات" كان الأكثر استقراراً والأطول عمراً، رغم أن الغالبية تنظر إلى هذا النوع من الزواج على أن "عمره قصير" وأنه يُقتل دوماً في مهده لغياب الحب بين الطرفين.
على الجانب الآخر من تلك الدراسة، خرجت نرفانا وجيه بكتاب "عريس صالونات" لترصد لنا 15 حكايةً مثيرةً لزيجاتٍ على طريقة "الصالونات"، فشلت بسبب أبطالها الذين تقدموا لفتيات بحثاً عن كثير من الأشياء، آخرها الحب والرغبة الحقيقية في تكوين أسرة.
في إحدى الحكايات رصدتُ كيف أن عريساً في أول لقاء له مع العروس المنتظرة تحرش بها، وطبعاً سارعتْ إلى أهلها لتروي لهم ما جرى معها، وانتهى مشروع الزواج حتى قبل أن يبدأ
تحكى نرفانا لرصيف22 عن تجربتها مع الكتاب وتقول: "كنتُ أتحدثُ مع إحدى صديقاتي عن تجربتي وتجارب صديقات لنا مع عرسان الصالونات. وبعد فترة وجدتها تطلب مني رصد تلك الحكايات في كتاب، والحقيقة أني انتهزتُ فترة الإجازة الإجبارية التي وضعنا فيها فيروس كوفيد19 بالبيوت، وبدأت برصد أهم الحكايات التي صادفتها، حتى استغرق مني الكتاب 7 أشهر ليخرج إلى النور".
تضيف نرفانا: "اخترت رصد 15 حكايةً فقط بالكتاب، لأنها الأغرب من بين كل الحكايات التي سمعتها وعشتها عن قرب، واخترت أن تكون بطلة كل الحكايات بنت واحدة باسم مستعار، شريهان، وهي من طبقةٍ متوسطةٍ مادياً واجتماعياً".
عملت نرفانا صحافية لفترة، وتركت المهنة بسبب بعض المشاكل التي تعرضت لها، وأجبرتها على الابتعاد عنها. وربما تكون المفاجأة الأكبر لكل من قرأ الكتاب أن حكاية نرفانا نفسها هي واحدة من بين الحكايات الخمسة عشر، ورغم تحفظها على كشف أى من الحكايات كانت تجربتها الخاصة، إلا أنها روت لنا كواليس أغرب زيجات الصالونات التي فشلت بسبب طباع "العرسان"، كما جاءت بالكتاب.
وتقول: "في إحدى الحكايات رصدتُ كيف أن عريساً في أول لقاء له مع العروس المنتظرة تحرش بها، وطبعاً سارعتْ إلى أهلها لتروي لهم ما جرى معها، وانتهى مشروع الزواج حتى قبل أن يبدأ. وهناك آخر ظل يتقدم لخطبة بنت 3 سنوات، وفي كل مرة كانت ترفضه، وبدلاً من أن يقتنع أنها لا تريده وأن الجواز مش غصب، ظل يضغط عليها وعلى أهلها ويقول لها 'إنتي مش هتطولي أصلا تتجوزي واحد زيي'، والبنت شافت الويل من أسرتها بين ضرب وإهانة حتى تقبل بهذا الزواج، وأخيراً وبعد 3 سنوات من الرفض اقتنعت أسرته بأن الفتاة لن تكون زوجة لابنهم مهما كان الثمن، وانسحبت للأبد".
حكايةً أخرى روتها نرفانا في الكتاب عن "عريس طفس"، كان كلما خرج مع العروس المنتظرة إلى أي مطعم، يذهب ليتفحص الطاولات الأخرى ويطلب من القائمين على المطعم أن يتذوق من الأطباق الموجودة على الطاولات المجاورة.
وتضيف نرفانا عن تلك الواقعة: "كان بيكسفها طبعاً قدام الناس كلها في كل مرة يخرجوا فيها مع بعض، ومن هنا رفضت الارتباط به. هناك أيضاً حالةٌ غريبةٌ جداً، لدرجة أن البعض لم يصدقها من فرط غرابتها، إذ تقدم شخص لخطبة فتاةٍ، وكان أول سؤال يسأله حين جلسا معاً أول مرة 'بتتفرجي على الهوت بيرد ولا لا؟'، وحين أخبرت الفتاة أهلها رفضوا ارتباطها به بشكل قاطع، والغريب أنه بعد فترة من الوقت التقت تلك الفتاة بصديقةٍ لها، وحين أخبرتها بما جرى معها فجرت لها الصديقة مفاجأةً لم تكن على البال، إذ أخبرتها أن هذا الشخص سبق وتقدم لفتاةٍ من صديقاتها، وأن السبب الذي أدى إلى فشل مشروع ارتباطهما، أنها فوجئت به في أحد الأيام يصطحبها بالسيارة إلى مكان شبه مهجور، وحاول اغتصابها، ونجت بأعجوبةٍ بعد أن تعالى صراخها لينقذها المارة".
وعن الحكايات الأخرى تكمل نرفانا لتقول: "واحدة من صديقاتي تقدم لها شخص، وكانت كل ما تتكلم يقولها أنتي غلط، يبقوا خارجين مع ناس ويتفتح أى موضوع، فلا بد وأن يغلطها فيه، يعني لو قالت البسلة خضراء يقولها غلط، كان يتعمد إحراجها أمام الجميع، وكان السبب الرئيسي وراء فشل خطوة الارتباط، لبنان".
سألتها وما دخل لبنان بعلاقة بين شاب مصري وفتاة مصرية؟ فشرحت: "في إحدى المرات، وبينما يجلسان مع عدد من الأصدقاء، اندلع شجار بين شاب وفتاةٍ على لبنان، وهل هو مذكرٌ أم مؤنثُ، فقالت الفتاة: مذكرٌ كالعراق والأردن واليمن والمغرب، ليرد: لا، مؤنث، بدليل أنهم بيقولوا لبنان ست الدني، فعادت إلى جوجل لتخرج بنتيجة تؤكد صحة إجابتها، ليشتعل الموقف بينهما ويقرر كل منهما أن يمضي مع إجابته إلى طريق آخر".
وتقول: "هناك أيضاً شاب آخر كان عايز البنت اللي تقدم لها هي اللي تصرف عليه، كان يتعمد أن يصحبها إلى أغلى المطاعم والكافيهات، وحين يأتي موعد الحساب، كان يتحجج بدخول الحمام، لدرجة أنه في إحدى المرات بقى بالحمام لنحو ساعتين، حتى تأكد أنها دفعت الحساب فعلاً".
بعد أن انتهت نرفانا من الكتاب صادفت الكثير من القصص التي تمنت رصدها في جزءٍ ثانٍ من "عريس صالونات"، ومنها حكاية شاب تقدم لفتاةٍ، وفي أول لقاء قال لها إن ملامحها تؤكد أنها عنيدة، فسألته كيف له أن يكتشف طباعها في أول لقاء، فقال إن إحساسه يؤكد ذلك، وبعدها كشف عن جانبٍ آخرٍ في شخصيته لم تتوقعه، وشدد لها على أنه في بيته "سي السيد" وإذا صادف وكسر أي شيء مثلاً فلا يصح لها أن تحاسبه، بينما إذا حدث العكس فسيكون حسابها عسيراً معه، والطريف أنها بعد أن رفضته عاد بعد فترة ليتقدم لها ويبرر موقفه في المرة الأولى بأنه كان "يختبرها".
تؤكد نرفانا أن هناك بعض حالات "زواج صالونات" ناجحة، مشيرة إلى أن هناك عدداً من العوامل التى تؤدي في الغالب إلى فشل هكذا زواج، ومنها "أن الطرفين بيكونوا عايزين يتجوزوا والسلام، أياً كانت الظروف، فتجد من مل من العيش في بيت أسرته، أو من تسعى للخلاص من ملاحقات الأهل، تقبل على تلك النوعية من الزواج، وبعد الارتباط رسمياً، تزيد طلبات الفتاة المادية، دون مراعاة لظروف الزوج، لأن زواجهما لم يكن نتيجة حب، أما هو فبمجرد أن يجد أخرى أجمل منها، يتركها ويخونها، هناك أيضاً سببٌ مهمٌ آخر وراء فشل زواج الصالونات سواء في مصر أو الدول الأخرى، وهو أن كلا الطرفين يُفاجئ بعد الزواج بطباعٍ معينة في الآخر، غير قادر على التعاطي معها أو تحملها، وهنا يبقى الحب سبباً مهماً في نجاح الزواج لأنه يعطي فرصة لإستمرار الحياة بينهما في مواجهة الظروف الصعبة والتي تجبر البعض على ترك الجمل بما حمل".
تضرب نرفانا المثل على النوعية الأخيرة، وتقول: "واحدة من صديقاتي تزوجت شاباً أقل منها مادياً، لكنها تركت عملها وسافرت معه إلى دولةٍ عربيةٍ ليحقق ذاته، وتخلت عن أحلامها وطموحاتها وبعد أن أصبح فى مركزٍ مرموقٍ، أرسلها وأولادهما الثلاث إلى مصر، ولم يعد يسأل عنهم أو حتى ينفق عليهم، ولولا أن أسرتها تنفق عليها لكانت ماتت من الجوع".
رد الفعل الكبير الذي تلقته نرفانا من الكثيرين على كتابها الأول "عريس صالونات" شجعها على خوض تجربة الكتابة من جديد، حيث وقعت مع دار نشر لطرح كتابين دفعةً واحدةً، ولكن هذه المرة بعيداً عن مشكلات البنات والزواج والطلاق.
بعد الارتباط رسمياً، تزيد طلبات الفتاة المادية، دون مراعاة لظروف الزوج، لأن زواجهما لم يكن نتيجة حب، أما هو فبمجرد أن يجد أخرى أجمل منها، يتركها ويخونها
تكمل نرفانا: "كنتُ أنوي طرح كتاب 'حكايات طلاق' بس هند صبري سبقتني. وكان هيبقى كتاب مميز يضم حكايات مثيرة من صديقاتي والجيران والعيلة".
وأخيراً، سألتها "إذا سألتكِ فتاة عن تجربة زواج الصالونات فكيف ستكون نصيحتك لها... هل تخوضُ التجربة أم تبتعد عنها؟"، فأجابت: "هقول لها شوفيه واقعدي معاه وجربي لأني أعرف ناس اتجوزت صالونات وكويسين جداً مع بعض، وناس تانية حرموا يتجوزوا أصلاً بسبب تلك التجارب التي أصابتهم بعقدة من الزواج".
وسألتها "ماذا عنكِ... هل يمكن أن تخوضي التجربة من جديد، ويكون زواجكِ على طريقة الصالونات"؟ فردت: "ممكن أخوض التجربة لكني أتمنى أن أتزوج عن حب".
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
مستخدم مجهول -
منذ يومكل التوفيق ومقال رائع
Ahmad Tanany -
منذ 5 أيامتلخيص هايل ودسم لجانب مهم جداً من مسيرة الفكر البشري
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعلا يوجد اله او شئ بعد الموت
Mohammed Liswi -
منذ أسبوعأبدعت
نايف السيف الصقيل -
منذ أسبوعلا اقر ولا انكر الواقع والواقعة فكل الخيوط رمادية ومعقولة فيما يخص هذه القضية... بعيدا عن الحادثة...
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ اسبوعينمقال بديع ومثير للاهتمام، جعلني أفكر في أبعاد تغير صوتنا كعرب في خضم هذه المحن. أين صوت النفس من...