شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

ضمّ/ ي صوتك إلينا!
يريد علاقات مع فتيات المدينة كلهن، وأن يتزوج فتاةً بلا تجارب

يريد علاقات مع فتيات المدينة كلهن، وأن يتزوج فتاةً بلا تجارب

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

رأي

الأربعاء 22 سبتمبر 202109:59 ص

لم يقتصر الاحتكار في المجتمع على الماديات، فرغبات الناس بها، لا تختلف كثيراً عن رغباتهم بالأمور المعنوية، إذ يقوم كثيرون منهم باحتكار أفعالٍ لهم وحدهم، يعدّونها غير محقّة، إن وقعت من قِبل غيرهم، وقد تُعدّ أحياناً، جرماً يدين مرتكبيها. وانطلاقاً من هذا الاحتكار، اعتاد كثيرون على إجراء اختبارات على الآخرين، ليروا مدى استعداد هؤلاء لارتكاب أخطاء في حقهم في المستقبل، أو القيام بأفعال لا يحبونها هم. ولأن أسباب ذلك كثيرة، يمكن أن نختصرها بفكرة الأمان والسلامة، إذ يفترضون أنهم سيحمون أنفسهم من غيرهم، من خلال اختبارهم، لمعرفة نواياهم تجاههم، ومدى استعدادهم للأذية، والغدر بهم.

لم أفكر يوماً في إجراء اختبار لأحد، ربما لأنه ليس لدي القلق الكافي من غدر الآخرين لي، لا سيما وأني لا أغامر في توطيد علاقتي بأي شخص لا أشعر بالراحة تجاهه، وكثيراً ما أعتمد على حدسي في ذلك، ونادراً جداً ما يخونني.

يخطر لي أحياناً، أن الآخرين يقومون باختبار غيرهم، لضعفٍ في أنفسهم، وعدم ثقة بالشخص الآخر، ولاستعداد داخليٍّ عندهم، للقيام بالأمر ذاته الذي يخافون منه، تجاه غيرهم.

أن يبيحَ الشاب لنفسه تعددَ التجارب والعلاقات، ويحرّمها على غيره، فهذا أمر أنانيٌّ، وغير عادل، ويكشف عن ازدواجيةٍ لديه. فإن كان يعدّه خطأً يفعله الآخر، إذاً هو مخطئ أيضاً ليفعله هو

كنت أعرف دائماً أن الناس يختبرون بعضهم، وأن المتزوجين والأحبة يفعلون ذلك أيضاً، ولم أقتنع بصحة هكذا اختبارات أبداً. فلطالما شعرت أني أستطيع التنبؤ بوقوع أي نوع من الغدر والخيانة، والإحساس بتغيّر الأشخاص تجاهي، واهتمامهم بي، ولا حاجة عندي إلى اختبارهم مسبقاً، بالإضافة إلى قناعتي بفكرة أن الزمن قد يغيّرهم، في ما بعد، مهما كانوا جيدين معي، في البداية. وقد حرصت دائماً على ترك مسافة أمان جيدة، بين من أشعر باستعدادهم لأذية غيرهم، كلهم، أو الذين لا يملكون قدراً كافياً من الطيبة تجاهي، أو حبّ الخير لي. وهكذا كنت أحمي نفسي دائماً، وأحدد درجة قوة علاقاتي بدقة، فأغلق معظم النوافذ التي تطلّ على نقاط ضعفي، لكيلا تكون طريقاً لإيذائي.

ولكن احتياطات الأمان التي قمت بها، لم تكن كافية دوماً، كي لا أقع في أحد الفخاخ التي ينصبها الآخرون. فبعد تعرفي إلى أحد الشبان، وفي لقائنا الثالث، تفاجأت بالحركات التي قام بها، لإمساك يدي، وشعري، والربت على قدمي، ومع كل حركة، كانت تتسع حدقتا عينيَّ، متسائلةً: لِمَ هذا؟ لِمَ تُختَرَق مساحتي الخاصة بهذه السرعة؟ فالوقت مازال مبكراً لذلك، وخصوصيتي أكثر حساسية من أن تتقبّل الأمر. هذه وقاحة! وعلى الرغم من هذا، لم أخبره بأني عددتُ الأمر برمته تصرفاً وقحاً، واكتفيت بردة فعل رافضة، بتلقائية وعفوية، بعد كل حركة.

بعد يومين، خطر في ذهني التالي: ماذا لو كان هذا اختباراً، كما يفعل كثيرون من الشبان؟ رجّحتُ الأمر، وأزعجني ذلك أكثر، وشعرتُ بالإهانة لتعرضي لموقف كهذا، فلم أتقبل فكرة أن أقع تحت الاختبار، ولم أكترث نهائياً بأني نجحتُ في اختباره، بل ما عناني في الأمر كله، أنه كان وقحاً ليختبرني. وبعد عشرة أيام، أكّد لي شكوكي كلها، على الرغم من أننا لم نتطرق إلى هذا الموضوع حرفياً.

حين أخبرتُ صديقتي بذلك، وأنا مستهجنة الأمر، قالت لي: "إيييه... الأمر عادي، الشبان جميعهم يفعلون ذلك، حتى زوجي فعل هذا، في لقائنا الأول، وصرختُ في وجهه حينها".

إن عدّوا أنفسهم متحررين من القيود، ومنادين بالحريات الشخصية، وأحراراً في إقامة العلاقات، فعليهم إذاً تطبيق تحررهم هذا على غيرهم، وإثبات عدم ادّعائهم، وكذبهم، في كونهم متحررين، وتقبّل الأخريات كما هنَّ بتجاربهنّ كاملةً

بعد مدة، صودف أن سمعتُ حديثاً لبعض الشبان ممن أعرفهم، حول هذا الأمر، وماذا يفعلون ليختبروا الفتاة، كي يتأكدوا إن كانت "سهلة المنال"، ومتعددة العلاقات، أم لا. فأحدهم يلجأ إلى الموبايل، ليراسل من تعجبه من حسابات وأرقام مجهولة، محاولاً التأكد من التزامها معه، والآخر صرّح بأنه يقوم بحركات "وسِخة"، حسب تعبيره، معهنَّ، ومِنْ تقَبُّلها للأمر، أو عدمه، تتبيّن له درجة تهذيبها وأخلاقها.

حين سمعتُ ذلك، شعرت بالقرف، وبكمِّ الغباء لديهم، فهل يُعدُّ هذا الاختبار مقياساً كافياً لمعرفة مدى التزام الفتاة بالأخلاق، أو بعدم وجود علاقات سابقة لها، أو بضعف ميولها إلى الخيانة، وإقامة علاقات عابرة، خارج بيت الزوجية في المستقبل؟ أليست هذه طريقة بدائية لمعرفة ذلك، وتدل على ضعف قدرات الشاب في معرفة الأخريات؟ فأين التقارب الفكري والعاطفي من هذا الأمر؟ وأين دور العقل في هذا؟ ألا يكون أقوى دليلاً على بقائها بالقرب منه، ووفائها أكثر؟

دائماً أجد أنه من النفاق أن يرفض الشاب المتعدد العلاقات الجنسية، الارتباط بفتاة لديها تجربة جنسية سابقة. فإذا أقام هكذا علاقات مع بعض الفتيات، فإنه عندما يقرر الزواج، يبحث عن فتاة أخرى. ولكن ما الذي يضمن له أن هذه الأخرى لا تملك تجارب سابقة؟ هل يكفي أنه لم يقم بعلاقة معها، لتكون بلا تجارب؟ ألا يجب عليهم أن يفهموا، هم الذين يخوضون العديد من التجارب الجنسية، أنهم حين لا يرتبطون بمن أقاموا معهنّ علاقة جسدية، فإنه من المرجّح أن يرتبطوا بفتاة من المجموعة الأخرى التي أقامت علاقة مع غيرهم؟ أم أن الأمر هو في بفكرة أنهم لا يعلمون هذا، فحسب؟

أن يبيحَ الشاب لنفسه تعددَ التجارب والعلاقات، ويحرّمها على غيره، فهذا أمر أنانيٌّ، وغير عادل، ويكشف عن ازدواجيةٍ لديه. فإن كان يعدّه خطأً يفعله الآخر، إذاً هو مخطئ أيضاً ليفعله هو.

يبدو الشاب في مجتمعاتنا، وكأنه يريد إقامة علاقات مع فتيات المدينة كلهن، وحين سيتزوج، يبحث عن فتاة بلا تجارب! من أين سيأتي بها، طالما سعى جاهداً مع ذكور المدينة، كي تخوض كثيرات من فتياتها علاقاتٍ معهم؟

من غير المنطقي، أن نحطّم قفير النحل، ثم نطالب بالعسل! فإن أراد الشبان فتيات بلا تجارب، عليهم ألا يقيموا علاقات مع فتيات المجتمع. أما إن عدّوا أنفسهم متحررين من القيود، ومنادين بالحريات الشخصية، وأحراراً في إقامة العلاقات، فعليهم إذاً تطبيق تحررهم هذا على غيرهم، وإثبات عدم ادّعائهم، وكذبهم، في كونهم متحررين، وتقبّل الأخريات كما هنَّ بتجاربهنّ كاملةً، كما يتقبّلنهم هن بتجاربهم، وربما من الأفضل أن يقتنعوا بضرورة بناء علاقة صحيحة وسليمة مع شريكاتهم، بدلاً من اتكالهم على تقييم ماضيهن، ليخططوا للمستقبل، ويبنوا علاقاتهم على هذا الأساس.


رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.



* يعبّر المقال عن وجهة نظر الكاتب/ة وليس بالضرورة عن رأي رصيف22

Website by WhiteBeard